القهوة العادية أم منزوعة الكافيين: أيهما أفضل؟ إليكِ أفضل النصائح للإستفادة من فوائدها
داكنة اللون، صُنعت لتمنح الصباح دلاله؛ مستقرةً في فنجانٍ أبيض على حافة شباك، تُحاكي برودة الشتاء بدفئها، وسماوية المطر وعذوبته بمذاقها. يراها المحبُّ دواءً للهوى والحنين والذكرى، نكهةٌ متجددّة ليس لكِ أن تملّي منها وإن أضحت عادةً صباحية نمارسها كل يوم؛ فهي مفتاح الصباح الذي تَكفُّ عقارب الوقت عن الحركة دونه.
فنجان قهوتي هو مستودع أسراري، الذي لا يخذلني حينما تتزاحم في صدري أوجاع الحياة؛ فرائحته تُنعشني، ودفؤه يحييني، ويجعلني أتمنى لو أنّ له يدين كي تكتمل لحظتي بضمة منه..
للأسف ليست هذه كلماتي، وإنما عباراتٌ جميلة وجدتها صدفةً لكتَابٍ مجهولين، أثناء بحثي عن بعض المقولات المتعلقة بالقهوة. قد يجدر بي التوقف هنا عن الكتابة، والإرتكان إلى كوب قهوةٍ منعش يُنسيني كل ما حولي، ويحملني معه إلى عوالم هؤلاء الأشخاص، الذين خرجوا بهذه العبارات الرائعة بعد ارتشافها.
لكن واجبي المهني يستلزم مني تأجيل هذه المتعة لبعض الوقت، ولحين الإنتهاء من التطرق لموضوع مقالة اليوم: القهوة العادية أم منزوعة الكافيين، أيهما أفضل؟
ما هي أنواع ومذاقات القهوة؟
يُخيَل للبعض أن القهوة نوعٌ واحد، لكن الحقيقة عكس ذلك؛ فهناك القهوة العربية، والتركية، والأثيوبية، والأمريكية، والبرازيلية وسواها العديد. كما أن هناك القهوة المُقطرَة، شرقية وغربية؛ وتشير المصادر إلى وجود حوالي 30 نوعًا من القهوة حول العالم.
تمتاز القهوة بمحتواها من الكافيين؛ وهو مادةٌ بلورية عديمة اللون، قلوية، وقريبة من البورين،وتُعتبر مادةً مُنبهة ومُنشطة. يوجد الكافيين أيضًا في الشاي، والمشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة، والكاكاو والشوكلاته؛ ويدخل الكافيين في تركيب بعض الأدوية مثل مثبطات الشهية، ومسكنات الألم، والأدوية الباردة، والمضادات الحيوية.
معدل الكمية المسموحة للبالغين من الكافيين هو 250-300 ملغ، أي ما يعادل 3 أكواب من القهوة. لكن ماذا عن الأشخاص الذين يعانون من حساسية الكافيين، أو لا يستطيعون تحمَل آثارها السلبية على معدتهم؟ الحل هنا يكمن في القهوة منزوعة الكافيين، والتي نتطرق إليها في السطور التالية..
ما هي القهوة منزوعة الكافيين؟
يتم صنع القهوة الخالية من الكافيين من حبوب القهوة العادية، والتي تمرَ بمرحلةٍ معينة لإزالة غالبية الكافيين منها. ولكن القهوة منزوعة الكافيين ليست خاليةً بشكل تام من الكافيين،ووحدة التقييم لنظام القهوة الخالية من الكافيين تدلَ على وجود أقل من 0.3٪ من الكافيين فيها.
كانت قهوة الديكافDecaf Coffee متوفرة تجاريًا لأول مرة في ألمانيا عام 1906. وقد صنعها لودويچ روزيليوس الذي اعتقد بأن والده قد توفيَ بسبب كثرة الكافيين، والذي جعل مهمته أن يخترع مزيجًا يحتوي على النكهة الكاملة بدون العنصر الذي اعتقد أنه كان "سمًا". لكنه وعن طريق الصدفة، وجد حلًا لجميع مشكلاته؛فخلال إحدى شحنات حبوب القهوة، سقط صندوقٌ في مياه البحر. وبعد تحميصه، اكتشف أن ماء البحر قد أزال معظم محتوى الكافيين من الحبوب. هذا الاكتشاف قاد روزيليوس لتسجيل براءة اختراعٍ لطريقة تحميص القهوة لإزالة الكافيين،ولاتزال هذه الطريقة مُعتمدة حتى يومنا هذا.
بعد أن تعرفنا على ماهية القهوة بشكلٍ عام، والقهوة منزوعة الكافيين بشكلٍ خاص؛ سنحاول الجواب الآن على سؤال المقالة، بناءً على معلومات جمعناها من عدة مصادر طبية وإخبارية موثوقة.
القهوة العادية أم منزوعة الكافيين: أيهما أفضل؟
لا يختلف إثنان على الفائدة الأسمى والأهم التي نجنيها من تناول القهوة: ألا وهي تنشيط الجسم والعقل، خصوصًا في الصباح أو عند الدراسة. وسواء نصحنا الخبراء بوجوب تأخير موعد احتساء القهوة فور الإستيقاظ لبعض الوقت، فإنهم لا ينهون عن تناول القهوة بالمطلق.
ذكرنا في بداية المقالة، أن معدل استهلاك القهوة (2 – 3 أكواب يوميًا) يمكن أن يكون آمنًا للكثيرين. ليس ذلك فحسب، بل أن هذه الأكواب تُسهم في توفير العديد من الفوائد، مثل خفض خطر الوفاة بسبب أمراضٍ عدة؛ مثل مرض السكري من النوع الثاني، أمراض القلب، السرطان والاضطرابات العصبية (المرتبطة بالدماغ). كما تُساهم القهوة في خفض معدل الإصابة بالنقرس وحصوات الكلى ومضاعفات الكبد. كذلك يرتبط تناول القهوة بزيادة التركيز وأوقات رد الفعل السريعة والتركيز الأفضل، بفضل محتواها من الكافيين.
القهوة فعالة أيضًا في مكافحة الزهايمر ومرض الباركنسون؛ تساعد على إنقاص الوزن؛ تحمي من الصداع وتُخفَف من حدته خاصةً الصداع النصفي في كثيرٍ من الأوقات، كما تجعل الرياضيين نشطين ومنتبهين على الدوام.
كل هذه الفوائد يجنيها الشخص الطبيعي الذي لا يعاني من مشكلاتٍ صحية تُعيق استمتاعه بالساحرة السوداء. نتحدث بشكلٍ خاص هنا عن الأفراد الذين يعانون من حساسية القهوة، وتحدث عند قيام جهاز المناعة بالتعامل مع الكافيين كمادةٍ ضارة، ليُصدر أجسامًا مضادة تُسمى بالغلوبيولين المناعي هـ (IgE)؛ ما يتسبب في ظهور أعراض الحساسية في غضون ساعة من تناول الكافيين، منها الشرى، تورم اللسان والشفاه، وحكة في اللسان والشفاه والفم. وفي الحالات الشديدة لهذه الحساسية، قد يتعرض الفرد للإصابة بالصدمة التأقية، التي تأتي على شكل صعوبةٍ في التنفس؛ السعال؛ صعوبة الكلام، وتسارع ضربات القلب.
كذلك الأمر، تزيد القهوة أحيانًا من الشعور بالقلق والتوتر، وزيادة العصبية لدى بعض الأفراد. كما أنها أحد أسباب الإصابة بالأرق وزيادة الوقت الذي يحتاجه الجسم للخلود إلى النوم؛ قد تتسبب الإصابة بعسر الهضم، أو القيء، أو حرقة المعدة لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية القهوة.
القهوة قد تتسبب بالإسهال أو تكوَن برازٍ رخو، ينتج عن زيادة حركة الأمعاء؛ كما قد تُفاقم داء الارتداد المعدي المريئي؛ إدمان القهوة؛ ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب؛ الحاجة للتبول بشكل متكرر، ما يزيد من خطر الإصابة بسلس البول.
إذا كنتِ عزيزتي ممن يعانون من بعض المشاكل الصحية التي ذكرناها أعلاه، لكنكِ لا ترغبين بالتخلي عن عادة تذوق القهوة؛ قد تكون القهوة منزوعة الكافيين بديلكِ المثالي.
لماذا؟ لأنها أقل احتواءً على الكافيين مقارنةً بالقهوة العادية، ما يمنحكِ جرعة إضافية من النشاط والصحة دون الإضرار بكِ. وتذكري عزيزتي أن للقهوة منزوعة الكافيين
إذ إن فوائد القهوة منزوعة الكافيين قد تتضمن الآتي:
- تقليل خطر الإصابة بمرض السكري.
- حماية الكبد من السمية.
- المحافظة على صحة جهاز القلب والأوعية الدموية، وذلك من خلال الحفاظ على صحة بطانة الأوعية الدموية التي تعمل على توسع وتضيَق الأوعية بشكلٍ أفضل؛ ما يضمن توفير الكمية المناسبة من الأكسجين، والدم الغني بالمغذيات، إلى جميع أجزاء الجسم.
- تعزيز وظائف الدماغ، تقليل خطر الإصابة بالخرف، الأمراض العصبية التنكسية (مثل: الزهايمر، ومرض باركنسون)، والحماية من التراجع العقلي نتيجة التقدم في العمر.
كيف تتناولين القهوة بطريقةٍ صحية؟
إذا لم تكوني تعانين عزيزتي من بعض الأمراض، مثل قرحة المعدة؛ ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول؛ الحمل، أو القلق الزائد وقلة النوم، يمكنكِ تناول القهوة سواء العادية أو منزوعة الكافيين، للإستفادة من فوائدها العديدة.
ولتحقيق ذلك وتجنب أضرار القهوة المحتملة، ينصحكِ الخبراء باتباع النصائح والإرشادات التالية:
- شرب القهوة بطريقةٍ معتدلة، أي بمعدل فنجانين كحد أقصى باليوم الواحد (تمامًا كما أفعلُ منذ عدة سنوات)؛ لأن ذلك سيجنَب من يتناولها الكثير من المشاكل الصحية، ويمد جسمكِبفوائدها العديدة.
- عدم إضافة السكر للقهوة، للحصول على فوائد أكثر منها.
- شرب القهوة المفلترة، للتخلص من بعض المواد الضارة مثل مادة الكافستول.
- تجنبَ شرب القهوة الجاهزة قدر الإمكان، مثل تلك التي تحصلين عليها في المقاهي؛ كونها مليئة بالسكر والسعرات الحرارية العالية.
- التوقف عن شرب القهوة قبل 24 ساعة من عمل اختبار إجهاد القلب.
- ترك فترة زمنية لا تقل عن ساعةٍ واحدة بين تناول مصادر الكالسيوم والحديد من الطعام، وبين شرب القهوة.
- تُعدَ القهوة التي تحتوي على كمياتٍ قليلة من الكافيين، أو القهوة منزوعة الكافيين، الخيار الأنسب للمرأة الحامل؛ لكن ينبغي استشارة الطبيب حول هذا الأمر وتحديد عدد الأكواب.
خلاصة القول؛ أن القهوة العادية تأتي غنيةً بالكافيين الذي يُنشط الجسم والعقل، لكنه قد يتسبب ببعض الأضرار للبعض وفي حال الإسراف بتناول القهوة يوميًا. في حين أن القهوة منزوعة الكافيين تحوي كمية قليلة من هذه المادة، ما يجعلها خيارًا مثاليًا لمن يعانون من مشاكل الحساسية أو الأرق أو مشاكل في المعدة.
وسواء اخترتِ عزيزتي القهوة العادية أم منزوعة الكافيين، احرصي على تناولها باعتدال وبطرقٍ صحيحة، للإستفادة قدر الإمكان من فوائدها، فضلًا عن مذاقها الرائع.