المشي للخلف تقنيةٌ فعالة لخسارة الوزن وتحقيق التوازن

تحدي نفسكِ لجني المزيد من الفوائد:  المشي للخلف تقنيةٌ فعالة لخسارة الوزن وتحقيق التوازن

جمانة الصباغ
19 ديسمبر 2024

 

إن تغيير مسار المشي يمكن أن يحرق المزيد من السعرات الحرارية، ويُعزَز صحتكِ العقلية ويُحسن وضعيتكِ.

عندما تقرأين هذه الكلمات، فإن أول ما يخطر على بالكِ: ما نوع هذا التغيير الذي سأجني منه فوائد أكثر لجهة خسارة الوزن؟ والجواب هو: المشي للخلف Retro Walking.

الحقيقة أن هذا النوع من التمرين ليس جديدًا، بل هو قديم ومتداول منذ وقتٍ طويل؛ لكن قلةً من الناس يعرفون به أو يمارسونه، نظرًا لصعوبته لدى البعض والحاجة للتدرب عليه بشكلٍ كبير. لكنه بات مؤخرًا أحدث موضةٍ يتابعها العشرات على منصات التواصل الإجتماعي؛ وتزعم المصادر المختلفة عبر الإنترنت أنكِ ستحصلين على حرقٍ أفضل للسعرات الحرارية وحتى تعزيز صحتكِ العقلية، من خلال المشي في الاتجاه المعاكس أي للخلف عوضًا عن المشي للأمام.

هل يستحق هذا التمرين وقتنا بالفعل؟ وكيف ينافس المشي للخلف المشي المعتاد للأمام والذي اعتدنا عليه لعقودٍ طويلة، وبتنا أدرى بفوائده ومزاياه الفريدة؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها أخصائي فسيولوجيا التمرين جوردان بورمان، حائز على ماجستير العلوم، من خلال تقريرٍ منشور على موقع Cleveland Clinic.

المشي للخلف.. فوائد صحية عديدة منها تعزيز الصحة العقلية

يساعد المشي للخلف على حرق السعرات الحرارية وتحقيق التوازن
يساعد المشي للخلف على حرق السعرات الحرارية وتحقيق التوازن

بالتأكيد أن للمشي انعكاساتٌ إيجابية مهمة على الصحة الجسدية والعقلية، لكن ما الإضافي الذي يجب توقعه من المشي للخلف؟

قد يكون من الصعب تصور أن المشي من النقطة أ إلى النقطة ب - عكسيًا – ممكن وسهل؛ خاصةً وأن أجسامنا وعضلاتنا مصممة للدفع إلى الأمام أكثر. فما بالكِ بالإستدارة عكس الطبيعي والذي يحدث تلقائيًا للخلف، وتحقيق الفوائد المرجوة؟ليس الأمر سهلاً كما يعتقد البعض، لكنه ليس بمستحيل.ويقول بورمان: "المشي للخلف ليس طبيعيًا مثل المشي للأمام، لذلك نعمل بجدية أكبر جسديًا ونُركَز أكثر للقيام بذلك."

إن هذا الجهد الإضافي لدفع الجسم للمشي إلى الخلف بدل التقدم للأمام، يحمل معه العديد من الفوائد المهمة كما يؤكد بورمان:

  1. تقوية عضلاتٍ مختلفة: عندما تقومين بنفس التمرين كل يوم، فإنك تستخدمين العضلات ذاتها فيما تُهملين الأخرى. وبمرور الوقت، تخاطرين بالوصول إلى مرحلة ثبات أو حتى الإصابة في بعض العضلات المستخدمة معظم الأوقات."يُعتبر المشي تمرينًا رائعًا، ولكن أي نوع من التمارين يتطلب التنوع لتجنب الإفراط في استخدام عضلات معينة. يمكن أن يضيف المشي للخلف بعض التدريب المتقاطع إلى روتين المشي أو الركض"يوضح بورمان.

يعمل المشي للخلف على تشغيل العديد من العضلات نفسها التي يستخدمها المشي العادي، بما في ذلك أوتار الركبة، وعضلات الساق، والعضلة الرباعية الرؤوس. ولكن المشي للخلف له فائدة إضافية، من خلال تشغيل هذه العضلات بطرقٍ مختلفة وتحفيز بعض العضلات الأخرى أيضًا.ويضيف بورمان قائلًا: "يستخدم المشي للخلف المزيد من عضلات الألوية، والعضلة الرباعية الرؤوس، وعضلات الفخذ المثنية مقارنةً بالمشي للأمام. تواجه نقاط الاتصال عبر ساقيكِ وكاحليكِ تحديًا إضافيًا، لأنها يجب أن تساعدكِ على تحقيق التوازن."

  1. حرق المزيد من السعرات الحرارية: هل تبحثين عن إضافة بعض القوة والحرق إلى تمرين المشي الخاص بكِ؟ قد تكون نوبات المشي العكسي هي ما تحتاجينه تمامًا؛ يؤكد بورمان: "المشي العكسي حركة مختلفة تمامًا عما اعتدت عليه، لذا يتعين على جسمكِ التكيف والتعديل مع هذا التمرين. ومع تحرك عضلاتكِ بطرقٍ مختلفة، يزداد معدل ضربات قلبكِ، مما قد يساعدكِ على حرق المزيد من السعرات الحرارية."

في السياق ذاته، تُخصَص الكلية الأمريكية للطب الرياضي (ACSM) تمارين مختلفة كمكافئ أيضي للمهمة (MET)؛ وكلما ارتفع المكافئ الأيضي للمهمة، زادت كثافة النشاط.

من الأفضل اتباع نصائح السلامة عند ممارسة المشي للخلف
من الأفضل اتباع نصائح السلامة عند ممارسة المشي للخلف

ويشرح بورمان هذه النقطة بالآتي: "المشي المعتدل هو حوالي 3.5 مكافئ أيضي للمهمة، فيما المشي العكسي أو للخلف هو 6 مكافئ أيضي للمهمة. هذا يُخبرنا أن المشي العكسي يتطلب الكثير من الطاقة - وبالتالي، يمكن أن يحرق المزيد من السعرات الحرارية".

  1. المساعدة في تجنب آلام المفاصل: يمكن أن يجعل تأثير التدريب المتقاطع للمشي العكسي منه، تمرينًا جيدًا للأشخاص الذين يعانون من آلام المفاصل والتهاب المفاصل. ويُعلَق بورمان: "نستخدم حركة أصابع القدم والكعب عندما نسير للخلف. تعمل هذه الحركة على تشغيل عضلات الفخذ الرباعية، التي تدعم ركبتيكِ وتمتص بعض الصدمات؛ كما يساعد المشي للخلف على زيادة نطاق الحركة في مفصلات الورك."

لكن لا تقفز] إلى المشي للخلف إذا كنتِ تعانين من آلام المفاصل؛ يحذر قائلاً: "يمكن أن يساعد المشي للخلف في العديد من حالات آلام الورك والركبة، لكنه ليس مناسبًا بالضرورة للجميع ممن يعانون من هذه المشكلات. أولاً، راجعي مُقدم الرعاية للحصول على تشخيصٍ صحيح، واسأليه عما إذا كان هذا النوع من التمارين يمكن أن يساعدكِ."

  1. تمرين العقل: من السهل أن تخرجي عن نطاقكِوتركيزكِ أثناء المشي، لأننا نسير طوال الوقت. ولكن بمجرد تجربة المشي للخلف، فمن المحتمل أن تدركي أنه يتطلب تركيزًا أكبر بكثير، كما يلاحظ بورمان،بحيث تصبح حواسكِ أكثر انخراطًا. (يمكنكِ اعتبارها بمثابة تمارين القلب والأوعية الدموية لعقلكِ).

بالإضافة إلى ذلك، فإن المشي للخلف هو تمرينٌ فعلي للقلب والأوعية الدموية، والذي يمكن أن يُعزَز مزاجكِ ويحارب الاكتئاب. ووفق بورمان، فإن "أي حركةٍ مفيدة لصحتكِ العقلية يجب اقتناصها."

  1. تحسين وضعية الجسم: ينتهي الأمر بالعديد منا إلى الانحناء لساعاتٍ كل يوم أثناء القيادة أو إرسال الرسائل النصية أو الجلوس على المكتب. وغالبًا ما تنتقل هذه الوضعية السيئة إلى المشي. إنما ومع المشي للخلف بانتظام، قد تجدين نفسك تقفين بشكلٍ أكثر استقامة.

ويقول بورمان في هذا الصدد: "نميل إلى الانحناء للأمام عندما نمشي، لأننا معتادون على وضعية الانحناء طوال اليوم. في حين أن المشي للخلف يُجبرنا على الوقوف والحركة بشكلٍ أكثر استقامة، مما قد يساعدنا على الانتباه إلى وضعية جسمنا."

يمكن أن يساعد تدريب عضلات الألوية والعضلة الرباعية الرؤوس ومثنيات الورك (كما ذكرنا سابقًا) أيضًا في تحسين وضعية الجسم.

المشي للخلف: نصائح السلامة احذري عزيزتي؛ فقد يكون المشي للخلف أكثر خطورةً من المشي التقليدي - وذلك بشكلٍ أساسي لأننا لا نملك عيونًا في مؤخرة رؤوسنا. ولكن يمكنكِ جعله أكثر أمانًا في حال التزمتِ بشروط السلامة الآتية:

المشي للخلف تقنيةٌ فعالة لخسارة الوزن وتحقيق التوازن-رئيسية واولى
المشي للخلف تقنيةٌ فعالة لخسارة الوزن وتحقيق التوازن
  • تجنَبي الحشود: فأنتِ لا تريدين الاصطدام بالآخرين وإيذاء نفسكِ (أو إيذائهم). إذا كنتِ تستخدمينطريقًا أو مسارًا شائعًا للمشي، اذهبي إليه خارج أوقات الذروة إذا أمكن. "كوني على دراية بالمحيط الذي تتواجدين فيه وقومي بخفض مستوى صوت الموسيقى إذا كان هناك أشخاصٌ حولكِ"، ينصح بورمان.
  • ابحثي عن الأسطح الملساء: لا تحاولي المشي للخلف على طريقٍ وعرة أو أرضٍ غير مستوية، وإلا فقد ينتهي بكِ الأمر على الأرض. ويقترح بورمان: "مسار المشي الأملس والمُمهد أو العشب المُسطح مثالي للمشي إلى الخلف. انظري حولكِ وتأكدي من معرفتكِ بالتضاريس قبل أن تبدأي."
  • ابدأي ببطء: المشي للخلف هو مجرد تمرين، لذا لا تفرطي فيه. يحذركِ بورمان من هذه المسألة بالقول: "مثل أي نشاطٍ آخر، يمكن أن تُصابي إذا قمتِ بالكثير بسرعة كبيرة. ويوصيأخصائي فسيولوجيا التمرين بالبدء بفتراتٍ محددة من دقيقة إلى دقيقتين من المشي إلى الخلف، ممزوجةً بالمشي التقليدي؛ ثم زيادة الوقت تدريجيًا مع سهولة القيام بذلك.

مدة الوقت الذي يجب أن أمشي فيه للخلف

يمكن أن يمتد روتين المشي للخلف من دقيقتين إلى 30 دقيقة أو أكثر، اعتمادًا على وضعكِ في رحلة اللياقة البدنية الخاصة بكِ. "ابدأي بفتراتٍ أقصر من المشي للخلف مختلطةً مع روتينكِ الطبيعي وضاعفيها إلى المزيد قدر الإمكان"، يُشدَد بورمان.

يجب أن يتوافق تمرينكِ مع أهداف اللياقة البدنية الفردية الخاصة بكِ. إنما وبشكلٍ عام، حاوليتحقيق 150 دقيقة من التمارين متوسطة الشدة كل أسبوع؛ويجب أن يشمل جزءٌ من ذلك تدريب القوة مثل وزن الجسم أو الوزن الحر أو تمارين الآلات.

ويختم بورمان بالقول: "المشي للخلف مفيدٌ لقلبكِ وعقلكِ، لكنكِ بحاجةٍ أيضًا إلى الحفاظ على عضلاتٍ قوية؛وتدريب القوة هو أفضل طريقةٍ للقيام بذلك."

خلاصة القول؛ أنه وعلى عكس بعض اتجاهات اللياقة البدنية الأخرى، فإن المشي للخلف ليس مجرد موضة، بل تمرينٌ فعال ورائع، والأجمل أنه متاح في أي وقت ولا يتطلب  معداتٍ خاصة أو تسجيل عضوية في صالة الألعاب الرياضية.

هل تقبلين التحدي وتبدأين من اليوم بالمشي للخلف أكثر؟ قد تترك مشيتكِ العكسية المارة في حيرةٍ من أمرهم؛ لكن لا داعي للقلق من هذا الشيء، فالفوائد تفوق العيوب، وقد يكون المشي للخلف أحد وسائلكِ الناجعة لتحقيق القدر الأعلى من الصحة واللياقة على المدى الطويل.