هاجس الإصابات يعود من جديد: هل يجب أن نخشى من فيروس HMPV المنتشر في الصين؟
على الرغم من مرور عدة سنوات على الجائحة، إلا أن كابوس فيروس كورونا المستجد ما زال محفورًا في ذاكرتنا، وربما يبقى للأبد. كيف لا، وقد شلَ هذا الفيروس عالمنا لأشهرٍ عديدة، حُبسنا خلالها داخل بيوتنا بعيدًا عن أحبتنا، خائفين بل ومرعوبين من فكرة الإصابة بذلك الفيروس الذي حصد ملايين الإصابات (أُبلغ عن أكثر من 668 مليون إصابةً بكوفيد-19 في أكثر من 188 دولةً ومنطقةً حتى تاريخ 22 يناير 2023، شملت أكثر من 6،73 مليون حالة وفاة، بالإضافة إلى تعافي أكثر من مليون مصاب). وتُعتبر الولايات المتحدة أكثر الدول تضررًا من الجائحة، حيث سجلت أكثر من ربع مجموع عدد الإصابات المؤكدة.
كما تسبَب الوباء بأضرارٍ اجتماعية واقتصادية عالمية بالغة؛ تضمنت أضخم ركودٍ اقتصادي عالمي منذ الكساد الكبير، بالإضافة إلى تأجيل الأحداث الرياضية والدينية والسياسية والثقافية أو إلغائها، ونقصٍ كبير في الإمدادات والمعدات تفاقم نتيجة حدوث حالة من هلع الشراء، وانخفاض انبعاثات الملوثات والغازات الدفيئة. وأُغلقت المدارس والجامعات والكليات على الصعيدين الوطني أو المحلي في 190 دولة، ما أثر على نحو 73.5% من الطلاب في العالم.
بعد مرور عدة سنوات على انتهاء الجائحة، وإن لم تنتهِ الإصابات بالفيروس لكنها قلَت بشكلٍ كبير ولم تعد خطيرةً كما في السابق؛ يلوح لنا في الأفق اليوم كابوس فيروس آخر، مصدره الصين، ويصيب الجهاز التنفسي بصورةٍ حادة.
هل هو فيروس جديد، أم أنه قديم لكن استجد في الأونة الأخيرة؟ ما هو هذا الفيروس وما أعراضه؟ هل يمكن علاجه، والأهم، الوقاية منه؟ هذه الأسئلة وغيرها، تُجيبنا عليها الدكتورة رفل الحجاج؛ طبيبة عامة في مستشفى ريم بأبوظبي.
ما هو الفيروس الرئوي HMPV المنتشر في الصين؟
إذن، تشهد الصين ارتفاعًا في حالات الإصابة بالفيروس الرئوي البشري human metapneumovirus (HMPV)، مما أدى إلى اكتظاظ المستشفيات، واتخاذ تدابير طارئة، ومخاوف عامة بشأن تفشَي المرض. حيث شهد الفيروس (HMPV)، ارتفاعًا حادًا في حالات الإصابة هذا الشتاء، خاصةً بين الأطفال وكبار السن.
ويأتي تفشَي المرض بعد 5 سنوات من ظهور فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية، والذي تحوّل فيما بعد إلى وباءٍ عالمي أسفر عن وفاة 7 ملايين شخص.
بالتعريف؛ فإن الفيروس الرئوي البشري هو فيروس تنفسي يُسبَب أعراضًا مشابهة لنزلات البرد والإنفلونزا الشائعة. وفي حين أن المرض يكون خفيفًا عادةً، فإنه قد يؤدي إلى مضاعفاتٍ شديدة مثل الالتهاب الرئوي، وبشكلٍ خاص عند الرُضع وكبار السن وأولئك الذين يعانون من ضعفٍ في جهاز المناعة.
الفيروس ليس جديدًا، ولكنه اكتسب اهتمامًا وسط الزيادة في أعداد الحالات، والتي سُجلت بين الأطفال دون سن 14 عامًا في شمال الصين. وقد تمَ التعرف عليه لأول مرة في عام 2001، حيث ينتشر من خلال الرذاذ التنفسي أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة.
ما هي أعراض الفيروس الرئوي البشري؟
تُثير الإصابات المتزايدة بفيروس HMPV، مخاوف العديد من الأشخاص والبلدان، بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الفيروس المخلوي التنفسي الانفلونزا ونزلات البرد.
وتشير الدكتورة الحجاج إلى أن فيروس HMPV الرئوي البشري قد يتسبب بالأعراض التالية:
- السعال.
- الحمى.
- احتقان الأنف.
- التعب.
كما يمكن أن يتسبب في بعض الحالات، بالتهاباتٍ خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي؛ مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القُصيبات، والتي قد تتطلب دخول المستشفى، خاصةً للفئات الأكثر عرضة للخطر.
ما هي فترة حضانة فيروس الرئوي البشري؟
يعتبر فيروس HMPV ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعًا منذ العام 2016، لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من بعد الفيروس المخلوي التنفسي (RSV) واللذان ينتميان لنفس العائلة.
وتتراوح فترة حضانة الفيروس الرئوي البشري (وهي المدة من دخول الفيروس للجسم وحتى ظهور الأعراض) من 3 إلى 6 أيام. وينتشر عن طريق الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو عن طريق الاتصال المباشر مع الأسطح الملوثة بالفيروس. أسباب سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة حتى الآن، وتُجرى دراساتٌ عدة حاليًا لفهم طبيعة انتقاله بشكلٍ أفضل.
ما هي طرق الوقاية منه؟
وفقًا للدكتورة الحجاج، فإن الفيروس الرئوي البشري HMPV لا يُمثَل حاليًا تهديدًا وبائيًا عالميًا؛ إلا أن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعدان أمرين بالغي الأهمية، للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.
وتشبه طرق الوقاية من هذا الفيروس تلك المُتبعة دومًا، للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا، وتتمثل بالتالي:
- غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدةٍ لا تقل عن 20 ثانية.
- تجنَب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
- تغطية الفم والأنف بمنديلٍ ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
- تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكلٍ متكرر.
- البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض، لتجنَب نقل العدوى للآخرين
هل يوجد لقاح للفيروس الرئوي البشري؟
على عكس كوفيد-19، لا يوجد لقاحٌ أو علاجٌ مضاد للفيروسات، مُحددَ لفيروس التهاب الرئة الوبائي البشري؛ ويتضمن العلاج في المقام الأول إدارة الأعراض.
وتنصح الدكتورة الحجاج بالإكثار من شرب السوائل والراحة الجسدية، إضافةً إلى استخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفةٍ طبية لتخفيف الحمى والألم. أما في حالات العدوى الشديدة، فترى أنه قد يلزم العلاج في المستشفى؛ حيث يُمكن تقديم الرعاية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوئة الميكانيكية.
خلاصة القول؛ أن الفيروس الرئوي البشري HMPV الذي ظهر في الصين ويُخشى من انتشاره في العالم، هو فيروس قديم تمَ التعرف عليه لأول مرة في عام 2001، وينتشر من خلال الرذاذ التنفسي أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة. لا يوجد لقاح أو علاج مضاد له في الوقت الحالي، ويتضمن علاجه فقط إدارة الأعراض التي تشبه أعراض نزلات البرد.
يمكن الوقاية من هذا الفيروس باتباع نصائح النظافة الشخصية المتبعة للوقاية من الإنفلونزا ونزلات البرد؛ فلا تتواني عزيزتي عن حماية نفسكِ ومن تحبين من خلال المواظبة على غسل اليدين وملازمة المنزل عند الشعور بالمرض.