
رمضان فرصتكِ لتعزيز الصحة.. شرط صيامه بالطرق الصحيحة: إليكِ نصائح الخبراء
رمضان صحي.. قد يكون هذا مطلب الجميع دون استثناء. كيف لا، ونحن ننتظر هذا الشهر الفضيل كل عام بفارغ الصبر، ليس فقط للعبادات والطاعات والتقرب أكثر لله سبحانه وتعالى؛ وإنما أيضًا للاستفادة من عملية "الصيام" لتنظيف أجسامنا من كافة الرواسب والسموم المتراكمة فيه.
من وجهة نظر روحية، يمكن للصيام أن يساهم في إيجاد السلام الداخلي والعمق الروحي، ويوفر فرصة للتركيز على القيم الروحية. ومن وجهة نظرٍ صحية، فإن للصيام فوائد صحية مثل تنمية الصبر وضبط النفس، زيادة التعاطف، إراحة الجهاز الهضمي، التحكم في الوزن، وتنظيم عملية الأيض. إلا أن كثيرين يقعون في فخ "الإسراف" في رمضان، فيُكثرون من الأكل خاصةً الأطعمة المقلية والدهنية والسكرية، فضلًا عن الأطعمة المُعالجة والمُصنعة، بجانب قلة الحركة وكثرة النوم؛ ما يجعلهم يعانون لاحقًا من تداعياتٍ صحية سلبية كزيادة الوزن والإصابة بالسُمنة وما يمكن أن ينتج عنها من أمراضٍ مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وغيرها.
إذن، نستخلص مما تقدَم؛ أن ثمة هدفٍ رئيسي للجميع في رمضان: الاستفادة من الصيام، دون الوقوع في الأخطاء التي تُحيله سلبيًا بدلًا من أن يكون إيجابيًا وصحيًا. ما يعني اتبَاع بعض النصائح والتوجيهات الطبية والحياتية، لتحقيق معادلة: رمضان صحي شرط صيامه بالطرق الصحيحة. وهو ما سوف نتعرف عليه في مقالة اليوم، بناءً على نصائح يقدمها موقع "مستشفى فقيه الجامعي" في دبي لكافة الصائمين.
كيف أحافظ على صحتي في رمضان؟

يُمثَل شهر رمضان الكريم أهميةً خاصة وكبيرة للمسلمين في جميع أنحاء العالم؛ وخلال أيامه الثلاثين (أو 29 حسب التقويم القمري)، يلتزم الناس بالصيام ويمتنعون عن الطعام والشراب بدايةً من الفجر وحتى الغسق. لذا من الضروري الحصول على التغذية السليمة في الفترة بين وجبتي الإفطار (وجبة المساء) والسحور (وجبة الصباح قبيل الفجر) حتى يتمكن الصائمون من الحفاظ على صحتهم وعافيتهم أثناء شهر رمضان. قد يستغرق بعض الأشخاص وقتًا حتى يتكيَف جسمهم مع طبيعة الصيام والنظام الغذائي الجديد؛ مما قد يؤدي إلى الإصابة ببعض الأعراض كالضعف والدوار وتقلبَات المزاج وتدنِّي الحيوية.
تُمثَل عملية الصيام طيلة شهر رمضان، تمرينًا عقليًا بقدر ما هو تمرينٌ بدني. ويقوم الأشخاص على اختلافهم، بتكييف عقولهم وأجسادهم على طبيعة الصيام بصورةٍ مختلفة؛ ولكن إليكِ بعض النصائح المقدمة من "مستشفى فقيه الجامعي" التي يمكن أن تساعدكِ في تحديد نظامٍ غذائي مناسب والتكيَف معه:
1. ابدأي اليوم بشكلٍ صحيح
بمعنى أدق: لا تتخطِ وجبة السحور! يضمن لكِ تناول وجبةٍ صحية، الحصول على الطاقة الكافية حتى الإفطار. وتناسب هذه النصيحة على وجه التحديد، الفئات العمرية مثل كبار السن والمراهقات والحوامل والأمهات المُرضعات اللاتي يخترنَ الالتزام بالصيام وأي أطفال يختارون الصوم.
2. تناولي كمية كافية من المياه

كثيرًا ما نبدأ بالتهام الطعام بسرعة وبكمياتٍ كبيرة من وقت الإفطار لغاية السحور، لكن قليلًا ما نشرب كميةٍ كافية من الماء خلال هذه الفترة. وهو ما قد يُصيبنا بالجفاف والتعب والصداع في اليوم التالي.
لذا احرصي على شرب الكثير من الماء خلال وجبتي الإفطار والسحور، وفي الوقت الذي بينهما؛ مع العلم أن الشخص البالغ يحتاج من 2 إلى 3 لتر من الماء يوميًا. تناوَلي المشروبات التي تُعوِض السوائل عدة مراتٍ طوال الليل، حتى إن لم تشعري بالعطش الشديد.
من المهم في الوقت ذاته، تجنَب السوائل التي تؤدي إلى الجفاف مثل تلك التي تحتوي على الكافيين. لذلك، لا يُنصح بتناول القهوة والشاي والمشروبات الغازية. وبدلًا من ذلك، تناولي عصير الفاكهة الطازجة أو الحليب. يُوصى بشدة بشرب الماء لكسر الصوم عند الإفطار وهو أمرٌ متعارفٌ عليه؛ نظرًا لأنه يضمن تعويض السوائل في جسمكِ قبل بدء تناول الطعام.
إلى جانب شرب الماء، يُوصى أيضًا ببدء وجبات الطعام بتناول المرق واليخنات والشوربات التي تعيد ملء السوائل في الجسم. يمكنكِ تناول الفواكه والخضروات الغنية بالمحتوى المائي، والتي تشمل البطيخ والخيار والسبانخ، لضمان الحصول على الترطيب المناسب.
إذا كنتِ تعانين من الإصابة بنوبات الصداع المتكررة أو البول الداكن اللون أو ضعف العضلات أو جفاف الفم، فقد يكون ذلك مؤشرًا على الإصابة بالجفاف. لذا يجب أن تزِيدي كمية السوائل التي تتناولينها على الفور، إذا ظهرت عليكِ أيٌّ من تلك الأعراض.
3. إحمِ نفسكِ من خطر فقدان الماء الزائد
تُعدَ هذه النصيحة مهمةً للأشخاص الذين يعيشون في مناخاتٍ أكثر دفئًا، والذين قد يعانون من فقدان الماء من خلال التعرَق. من المهم البقاء في مكانٍ بارد ومُظلَل، وتجنَب أشعة الشمس عندما ترتفع درجات الحرارة. يمكن أن يؤدي الجفاف أيضًا إلى فقدان الوزن بشكلٍ غير صحي.
4. حافظِ على النظام الغذائي المتوازن

يُعتبر تعزيز النظام الغذائي الصحي، الذي يتميز بالتنَوع خلال شهر رمضان، أمرًا مهمًا. لذا ينبغي تناول الوجبات التي تشمل الخبز والنبات الحبّي والحبوب والفواكه والخضروات والأسماك والدواجن ومنتجات الألبان والدهون الصحية.
إن الدهون الصحية هي الدهون المشتقة من المكسرات أو النباتات مثل زيت الزيتون؛ تأكَدي من أن جسمكِ يحصل على جميع العناصر الغذائية التي يحتاج إليها.
يُوصى أيضًا بتناول الأطعمة التي تُهضم ببطء حتى تمدكِ بالطاقة والحيوية على مدار الوقت، مما يحافظ على قوتكِ ونشاطكِ طوال اليوم. يُحبذَ تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبةٍ عالية من الألياف مثل الحبوب الكاملة والمكسرات والفواكه المجففة والفواكه والخضراوات. ويُوصى كذلك بتناول الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات المُركبة مثل العدس والحمص والفاصوليا والأرز وما إلى ذلك.
من المعتاد تناول التمر لكسر الصيام عند الإفطار، وهو مصدرٌ ممتازٌ للألياف.
5. تجنَب/ الحد من بعض الأطعمة
تحديدًا الأطعمة التي تحتوي على نسبةٍ عالية من الأملاح، كونها غير مناسبة، للحفاظ على نسبة الماء في الجسم؛ ويشمل ذلك اللحوم المُصنعة والسلامي والنقانق والأجبان المالحة والصلصات.
يجب أيضًا الحدَ من تناول الأطعمة المقلية والدهنية، ولكن لا ضير من الاستمتاع بتناول كمياتٍ مناسبة منها باعتدال. حاولي تناول الأطعمة المشوية أو المخبوزة أو المطبوخة على البخار بدلًا من الأطعمة المقلية. أيضًا تناولي اللحوم البيضاء بدلًا من اللحوم الحمراء، وركَزي على تناول قطع اللحم الخالية من الدهون بدلًا من اللحوم الدهنية.
أما فيما يتعلق بالسكريات والحلويات، حاولي تناول الفواكه التي تحتوي على سكرياتٍ طبيعية والحد من الأطعمة التي تحتوي على نسبةٍ عالية من السكر المكرر أو المُحليات الصناعية.
6. تناولي الطعام ببطءٍ واعتدال
كم مرة عانيتِ من المغص وعسر الهضم والانتفاخ، بعد تناول وجبةٍ كبيرة من الطعام وبسرعة؟
يمكن أن يؤدي تناول الكثير من الطعام بسرعةٍ كبيرة إلى الشعور بعدم الراحة وحرقة المعدة. لذا يُعدَ تناول كمياتٍ صغيرة من الطعام وببطء، أفضل طريقةٍ لمنع التلبك المعوي وزيادة الوزن، كما أنه مفيدٌ لتعزيز الصحة العامة.
يستغرق الجسم بعض الوقت لاستيعاب الشعور بالشبع؛ حاولي ألا تُفرطي في تناول الطعام أثناء الإفطار. إن تناول القدر المطلوب فقط لإشباع الشعور بالجوع، يساعد في تقليل الضغط على جسمكِ ويمنحك طاقةً وحيوية أكثر من تناول كمياتٍ كبيرة في آنٍ واحد. كما لا يساعد فرط الأكل على الشعور بالحيوية أثناء النهار.
7. حافظي على تعزيز نشاطكِ البدني على نحوٍ معتدل

على الرغم من أن الصيام يُعدَ مرهقًا جسديًا، إلا أنه لا يُنصح بالجلوس لفتراتٍ طويلة والاسترخاء تمامًا طيلة اليوم وبعد الإفطار.
يمكن أن يساعد القليل من المشي السهل والبسيط أو ممارسة تمارين التمدَد والإطالة البسيطة، في الحفاظ على طاقتكِ أثناء النهار. وبما أن شهر رمضان يأتي هذه السنة خلال الأشهر الأكثر برودةً في العديد من البلدان، فإنه فرصةٌ ذهبية لممارسة النشاط البدني في الهواء الطلق أو داخل النادي الرياضي أو المنزل، كما تحبين وتستطيعين.
8. احصلي على عدد الساعات الكافي من النوم
إن الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم معظم الليالي، هو أمرٌ بالغ الأهمية لتعزيز الصحة العامة والعافية. لذا حاولي النوم لوقتٍ كافٍ خلال شهر رمضان، للحفاظ على أَفضَل صحة.

في الختام؛ إذا كنتِ تعانين من أي حالةٍ صحية مثل مرض السكري أو أي مرضٍ أساسي آخر، أو إذا كنتِ حاملًا/ مُرضعة، فمن الأفضل استشارة طبيبكِ للتأكد مما إذا كان بإمكانكِ الصيام دون أي ضرر. وإذا كنتِ تتناولين أية أدوية، يجب سؤال طبيبكِ للتأكد مما إذا كان يمكنكِ تخطَي الجرعات بأمان، أو إذا كان بإمكانكِ تلَقيها دون تناول الطعام/ السوائل مُسبقًا. وإذا شعرتِ بالتوعك أثناء الصيام، عليكِ باستشارة طبيبٍ متخصص لفهم أسباب تلك الأعراض بصورةٍ أوضح، واتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة.
ما هذه النصائح والإرشادات كلها، إلا تهدف لشيءٍ واحدٍ فقط: الصيام بطريقة صحية، والتمتع برمضانٍ صحي يضمن لكِ الاستفادة من مزايا هذا الشهر المبارك على كافة الصُعد.