لا تتقيَد بعدد السعرات الحرارية: حمية "نيمي" الجديدة.. هل فعلًا تساعد على إنقاص الوزن؟
هل لكِ أن تتخيلي نفسكِ عزيزتي، لا تتناولين كوب قهوةٍ مع الحليب كل يوم، أو تتخلين عن طبق معكرونة السباغيتي بولونيز تمامًأ؟ هذا هو مضمون حمية "نيمي" NiMe الجديدة التي عمل باحثون على تطويرها في الآونة الأخيرة. وهو نظامٌ غذائي صحي مثالي، يُقلَل من خطر الإصابة بالأمراض ويُعزز خسارة الوزن كما أكدَ الباحثون الذين عملوا على تطويره.
ما يُميَز هذا النظام، ليس فقط خلوه من مشتقات اللحوم والألبان؛ بل إنه لا يعتمد أيضًا على تقييد السعرات الحرارية. بحيث يمكنكِ تناول ما تشائين من كميات الطعام، وتفقدين الوزن الزائد خلاله.
النظام "البدائي" هذا، مستوحى من عادات الأسلاف الغذائية قبل دخول الصناعة حياتنا وإتخامنا بالعديد من الوجبات الحديثة - المُصنّعة بكثرة والفقيرة بالألياف - والتي ساهمت في ارتفاع معدلات السمنة والسكري وأمراض القلب بحسب تحذيرات الخبراء. يحمل إسم "حمية نيمي" (استعادة الميكربيوم غير الصناعي) عمل على تطويره مجموعةٌ من الباحثين الذين درسوا أنماط التغذية لدى سكان بابوا غينيا الجديدة ومجتمعاتٍ أخرى غير صناعية.
فما هي مزايا هذا النظام، وكيف كانت نتائج المشاركين في الدراسة التي استغرقت 3 أسابيع فيما يخص خسارة الوزن وتحسين صحتهم بشكلٍ عام؟ هذا ما سوف نكتشفه سويًا من خلال معلوماتٍ جمعناها من عدة مواقع مختصة حول هذا النظام البدائي الجديد.
حمية نيمي البدائية تساعد على إنقاص الوزن دون تقييد السعرات الحرارية
وفقًا لدراسة جديدة، يُمكن أن يُقلل الالتزام بنظامٍ غذائي "بدائي" - لا يشمل منتجات الألبان أو اللحم البقري أو القمح - من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، كما يُساعد على إنقاص الوزن. وأكدَ القيَمون على هذه الدراسة، أن نظامًا غذائيًا مُطوّرًا حديثًا، مُستوحى من عادات أسلافنا الغذائية، يُمكن أن يكون مفيدًا للغاية.
فقد قام فريق من الباحثين من جامعة كلية كورك، بتجنيد 30 شخصًا إما لمواصلة تناول الطعام بشكلٍ طبيعي أو تجربة نظام "استعادة الميكروبيوم غير الصناعي" (NiMe) الغذائي لمدة ثلاثة أسابيع. وخلال هذه الفترة، وُزّع على المشاركين في النظام الغذائي الجديد خطط وجباتٍ مستوحاة من عادات سكان ريف بابوا غينيا الجديدة.
يرتكز هذا النظام الغذائي على النباتات، ويتكون بشكلٍ أساسي من الخضراوات والبقوليات مثل العدس والحمص، وهو غني جدًا بالألياف. كما يتضمن حصةً صغيرة واحدة يوميًا من البروتين الحيواني على شكل سمك السلمون أو الدجاج.
وعلى الرغم من أن المشاركين لم يستهلكوا سعراتٍ حرارية أقل خلال اتباع النظام الغذائي هذا، إلا أنهم فقدوا وزنًا أكبر مقارنةً بمن تناولوا طعامًا طبيعيًا. وأشار الباحثون إلى أن جميع التحسينات ارتبطت أيضًا بتغييراتٍ مفيدة في ميكروبيوم أمعائهم، وهو موطن تريليونات البكتيريا التي تلعب دورًا حيويًا في صحتنا.
وقال البروفيسور جينز والتر، الأستاذ في كلية علم الأحياء الدقيقة بجامعة كورك الذي قاد الدراسة: "لقد أثرَ التصنيع بشكلٍ كبير على ميكروبيوم أمعائنا، مما يزيد على الأرجح من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. ولمواجهة ذلك، طوّرنا نظامًا غذائيًا يُحاكي العادات الغذائية التقليدية غير الصناعية، ويتوافق مع فهمنا للتفاعلات بين النظام الغذائي والميكروبيوم."
وأضاف: "ارتبطت هذه الفوائد ارتباطًا مباشرًا بتحسَن ميكروبيوم أمعاء المشاركين، وتحديدًا خصائص الميكروبيوم التي تضررت بسبب التصنيع. لقد تمَ استبعاد منتجات الألبان ولحوم الأبقار والقمح من التجربة البشرية، لعدم كونها جزءًا من النظام الغذائي التقليدي في ريف بابوا غينيا الجديدة. كما تضمن النظام الغذائي 45 غرامًا من الألياف يوميًا، وهو ما يتجاوز التوصيات الواردة في الإرشادات الغذائية."
وقال البروفيسور والتر إنه "يبحث بنشاطٍ عن طرقٍ جديدة" للوقاية من الأمراض المزمنة المرتبطة بالطعام الذي نتناوله. وأضاف: "الأنظمة الغذائية الغربية - الغنية بالأطعمة المُصنعة وقليلة الألياف - مرتبطةٌ بالسُمنة وداء السكري وأمراض القلب. هذه الأنظمة الغذائية لا تضر أجسامنا فحسب، بل تضر أيضًا بميكروبيوم أمعائنا، وهو المجتمع المعقد من البكتيريا والفطريات والفيروسات الموجودة في أمعائنا، وهي مهمةٌ لصحتنا."
وتعليقًا على النتائج، قال البروفيسور بول روس، مدير مركز أبحاث ميكروبيوم أيرلندا التابع لـ APC: "تُظهر هذه الدراسة أنه يُمكننا استهداف ميكروبيوم الأمعاء من خلال أنظمةٍ غذائية مُحددة لتحسين الصحة وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض.
ويمكن أن تُسهم نتائج هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة Cell، في صياغة إرشاداتٍ غذائية مستقبلية، وأن تُلهم تطوير منتجاتٍ ومكونات غذائية جديدة، بالإضافة إلى علاجات، تستهدف الميكروبيوم، بحسب روس. بدورهم، أكد الباحثون أنهم سيشاركون وصفاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وفي كتاب طبخٍ مجاني على الإنترنت، ليتمكن الجميع من الاستمتاع بها وتحسين صحتهم.
حمية نيمي الغذائية البدائية: ماذا تحوي؟
يحتوي نظام نيمي الغذائي على الخضراوات والبقوليات والفواكه، كما يشمل حصةً صغيرة من البروتين الحيواني يوميًا (سمك السلمون أو الدجاج)؛ فيما يتجنب هذا النظام، الأطعمة شديدة التصنيع.
عندما اختبر الباحثون نتائجهم في دراسةٍ أجريت على البشر، لاحظوا تحسنًا في صحة المشاركين في غضون ثلاثة أسابيع فقط، مع انخفاضٍ في مستوى الكوليسترول الضار (LDL) بنسبة 17%، وانخفاضٍ في مستوى سكر الدم بنسبة 6%، وانخفاضٍ في مستوى بروتين سي التفاعلي - وهو مؤشر على الالتهاب وأمراض القلب - بنسبة 14%. كما فقد المشاركون الوزن مع الحفاظ على نفس عدد السعرات الحرارية التي كانوا يتناولونها سابقًا.
من أمثلة الوجبات في هذه الحمية، تناول البطاطا الحلوة والفاصوليا السوداء على الفطور، إلى جانب طبق من اليوسفي. فيما يتكون الغداء من سلطة تبولة الكينوا، مليئة بالخضراوات المقرمشة، يليها بعض الكمثرى. وتشمل الوجبات الخفيفة اللوز والمشمش المجفف.
ويمكن اختتام اليوم بعشاء يتكون من لحم دجاج أو سلمون مشوي، وبطاطس مشوية، وخرشوف القدس، وسلطة كول سلو. وتشمل الوجبات الأخرى التي يتم تناولها بانتظام في هذه المجتمعات الريفية، الأرز والخيار والملفوف والبازلاء والبصل.
في الختام؛ هل أنتِ مستعدةٌ عزيزتي للتخلي عن كافة الأطعمة والأطباق الحديثة التي اعتدتِ عليها لوقتٍ طويل، في مقابل تحسين صحتكِ ونجاحكِ في خسارة الوزن، من خلال اتباع نظامٍ غذائي بدائي خالي من اللحوم والألبان؟
في كل الأحوال، من الضروري التذكير هنا، ودومًا؛ بوجوب مراجعة طبيبكِ الخاص أو خبيرة التغذية، لمعرفة المزيد عن هذه الحمية وإمكانية قيامكِ بها والاستفادة منها.
