
لأن العضلات مفتاح طول العمر: إليكِ نصائح الخبراء لمنع فقدان العضلات مع التقدم بالسن
عندما نتحدث عن العضلات، فإننا بالطبع لا نقصد التمثَل بشخصياتٍ مثل آرنولد شوارزينغير أو سيلفستر ستالون أو دواين جونسون؛ فهؤلاء جميعًا لاعبو كمال أجسام ومصارعة، واحتاجوا لبناء عضلاتٍ كبيرة وقوية للقيام بتلك الرياضات والشخصيات على الشاشة.
إنما حديثنا اليوم، هو عن كتلة العضلات التي يتمتع بها كل إنسانٍ طبيعي؛ والتي تشهد تدهورًا مع التقدم بالسن. ليُصاب غالبية السن مع العمر بما يُعرف بإسم sarcopenia أو ضمور العضلات. وهو فقدانٌ تدريجي للكتلة العضلية ووظائفها، يحدث كجزءٍ طبيعي من الشيخوخة؛ ويصيب هذا الفقد ما بين 5% و13% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و70 عامًا، وما يصل إلى 50% ممن تبلغ أعمارهم 80 عامًا فأكثر.
تساعدنا العضلات القوية على حمل البقالة، وصعود السلالم، واستخدام عصا الجولف، والنهوض من الكرسي. كما أنها تجمع الأكسجين والمُغذيات من الدم بكفاءةٍ أكبر من العضلات الضعيفة، وتحرق سعراتٍ حرارية أكثر دون بذل أي جهد، مما يساعد على التحكم في الوزن. لذا، قد لا يكون مفاجئًا أن لفقدان كتلة العضلات العديد من الجوانب السلبية.
يرتبط ضمور العضلات ارتباطًا وثيقًا بزيادة حالات السقوط، ويجعلكِ أكثر عرضةً لكسر العظام. كما يمكن أن يُعرَضكِ لخطر مضاعفات ما بعد الجراحة، وإطالة فترة الإقامة في المستشفى، ويرتبط باضطرابات التمثيل الغذائي، وضعف الإدراك، والوفاة. كل هذه العوامل يمكن أن تسبب فقدان الاستقلالية، وقد تجعل من الصعب على المرء التقدم في السن بأمان. لذا من الضروري اتباع بعض النصائح والطرق الفعالة (الغذاء والنشاط البدني) لمنع تدهور كتلة العضلات بسرعة؛ وهو ما سوف نستعرضه سويًا بناءً على تقريرٍ للكاتبة ليندسي وارنر، محررة ترخيص المحتوى على موقع دار نشر هارفارد الصحية.
نظرة على فقدان العضلات المرتبط بالعمر

يبدأ كلٌ من الرجال والنساء بفقدان كتلة العضلات بصورةٍ طبيعية مع التقدم في السن. وبالنسبة لمعظم الناس، يحدث هذا الانخفاض تدريجيًا بنسبة تتراوح بين 3% و5% كل عقد، بدءًا من سن الثلاثين (إذن يبدأ مبكرًا عند البعض، لذا ينبغي الحذر).
يُعدَ التقدم في السن سببًا رئيسيًا (ولا مفر منه) لفقدان العضلات؛ ولكن هناك عوامل أخرى يمكن أن تؤثر على كتلة العضلات، بما في ذلك الخمول، والسُمنة، ومقاومة الأنسولين، وسوء التغذية، وعدم كفاية تناول البروتين. كما ترتبط حالاتٌ مثل السرطان، وأمراض الكبد، وخلل وظائف الكلى، والاضطرابات الأيضية بفقدان كتلة العضلات.
إليكِ كيفية تأثير ذلك على الشخص العادي:
مع التقدم في السن، يتقلص عدد وحجم ألياف العضلات، مما يؤدي إلى ضعفها أو ضمورها. وفي الوقت ذاته، يبدأ الجسم في إنتاج كمياتٍ أقل من البروتينات التي تحتاجها عضلاتكِ للنمو، مما يؤدي إلى صغر حجم خلايا العضلات؛ هذان العاملان يُصعّبان بناء كتلة العضلات والحفاظ عليها، كما تؤثر التغيرات الهرمونية على ألياف العضلات. جميع هذه التغيرات الطبيعية تؤدي إلى انخفاض كتلة العضلات.
مع العلم أن فقدان العضلات يؤثر على الرجال والنساء على حدٍ سواء. وتشمل أعراض فقدان العضلات صعوبةً في أداء الأنشطة اليومية مثل صعود السلالم أو المشي السريع؛ وفقدان القدرة على التحمل؛ وضعف التوازن والسقوط؛ وانخفاض حجم العضلات.
ورغم أنكِ قد لا تتمكنين من الوقاية تمامًا من ضمور العضلات المرتبط بالعمر، إلا أنه يمكنكِ اتخاذ خطوات لإبطاء تطوره؛ نتعرف عليها في السطور الآتية..
تدريب القوة: بناء العضلات من خلال التمارين

يمكنكِ بناء عضلاتٍ أقوى من خلال تدريب القوة، الذي يستخدم المقاومة (مثل وزن الجسم، والأوزان الحرة، والأربطة المطاطية، أو الآلات المتخصصة) لبناء العضلات؛ أو من خلال تدريب القوة، الذي يُركَز على القوة والسرعة. ويُفضل الجمع بين الاثنين، إذ يساعدان على بناء العضلات والحفاظ عليها، كما يُقويان عظامكِ من خلال تحفيزها لتصبح أقوى.
من ناحية أخرى، يمكن للأشخاص الذين لا يمارسون تمارين القوة مع تقدمهم في السن أن يتوقعوا فقدان ما بين 2 – 3 كيلوجرام من العضلات كل عقد، وغالبًا ما تُستبدل هذه العضلات بالدهون.
لستِ كبيرةً في السن جدًا، للاستفادة من المكاسب التي تتحقق من خلال تمارين القوة والطاقة. ولكن إذا لم تمارسيها من قبل، أو إذا كنتِ تعانين من حالةٍ مزمنة، فمن الأفضل استشارة طبيبكِ قبل البدء بها. يمكنكِ أيضًا التفكير في العمل مع مدربٍ شخصي معتمد، أو معالج فيزيائي، أو أخصائي علاج طبيعي لمساعدتكِ على تعلَم الوضعية الصحيحة وتجنب الإصابات.
لماذا من المهم الحفاظ على كتلة العضلات مع التقدم في السن؟
يُعد الحفاظ على كتلة العضلات مع التقدم في السن أمرًا بالغ الأهمية لمساعدتكِ على البقاء قويةً ومتوازنة ومستقلة. لكن اكتساب العضلات والحفاظ عليها له فوائد أخرى غير متوقعة أيضًا، مثل تحسين صحة القلب، والمساعدة في التحكم بنسبة السكر في الدم، وتحسين مستويات الكوليسترول، والمساعدة في الحفاظ على الوزن ضمن النطاق الصحي.
كما يُمكن أن يُحسّن طول العمر، حيث وجدت إحدى الدراسات أن البالغين في منتصف العمر الذين مارسوا تمرينًا واحدًا إلى ثلاثة تمارين قوة أسبوعيًا، كانوا أقل عرضةً للإصابة بنوبةٍ قلبية أو سكتةٍ دماغية بنسبة 40% إلى 70%. ولأن تمارين الأثقال والقوة تُساعد على تقوية العضلات المحيطة بالمفاصل، فإنها تُوسَع نطاق حركة المفاصل، وتُساعد في الوقاية من آلام أسفل الظهر أو تخفيفها. وأخيرًا، يُمكن لجلسة تمارين القوة أن تُحسّن مزاجكِ، وهو في حد ذاته سببٌ وجيه لممارسة هذه التمارين بانتظام.
تمارين القوة التي يمكنكِ تجربتها لبناء العضلات
1. رفع الساق أثناء الوقوف Standing calf raise: يعمل على تمرين عضلات الساق

قفي وقدماكِ مسطحتان على الأرض. أمسكي بظهر الكرسي لتحقيق التوازن؛ ارفعي جسمكِ على أطراف قدميكِ. اثبتي لفترةٍ وجيزة، ثم أنزلي جسمكِ من جديد إلى الأرض؛ كرَري هذا التمرين من 8 إلى 12 مرة، مع الاستراحة والتكرار بين 6 – 10 مرات.
2. الوقوف على الكرسي Chair stand: يُمرّن عضلات البطن، والوركين، والفخذين الأماميين، والأرداف.
ضعي وسادة صغيرة على ظهر كرسيكِ، واضبطي الكرسي بحيث يكون مستندًا إلى الحائط. اجلسي في مقدمة الكرسي، واثنِ ركبتيكِ، وقدماكِ مسطحتان على الأرض ومتباعدتان قليلًا. انحنِ للخلف على الوسادة في وضعية نصف استلقاء، وذراعاكِ متقاطعتان، ويديكِ على كتفيكِ. مع الحفاظ على استقامة ظهركِ وكتفيكِ، ارفعي الجزء العلوي من جسمكِ للأمام حتى تجلسي منتصبةً.
قفي ببطء، مع استخدام يديكِ بأقل قدرٍ ممكن. اجلسي ببطء مرةً أخرى؛ وكرَري التمرين من 8 إلى 12 مرة مع الاستراحة وتكرار المجموعة من 6 إلى 10 مرات.
3. الطيران العكسي Reverse fly: يُمرّن عضلات الكتفين والجزء العلوي من الظهر.

اجلسي على كرسي، واحملي أوزانًا على بُعد حوالي 30 سنتم أمام صدركِ. يجب أن يكون مرفقاكِ لأعلى ومثنيين قليلًا، وراحتا يديكِ متقابلتين (كما لو أن ذراعيكِ ملفوفتان حول كرة شاطئ كبيرة).
انحنِ للأمام بزاويةٍ طفيفة على الكرسي، مع الانحناء من وركيكِ والحفاظ على استقامة ظهركِ. الآن، اسحبي الأوزان بعيدًا عن بعضها البعض مع محاولة تقريب لوحي كتفيكِ قدر الإمكان. دعي الحركة تسحب مرفقيكِ للخلف قدر الإمكان، ثم توقفي. عودي إلى وضعية البداية؛ كرَري التمرين من 8 - 12 مرة، مع الاستراحة.
4. الضغط فوق الرأس Overhead press: يُمرّن عضلات الكتفين، وأعلى الظهر، وأعلى الذراعين.
قفي مع مباعدة قدميكِ قليلًا. امسكي دمبل Dumbbell في كل يد بمستوى الكتف (يجب ثني مرفقيكِ، والأوزان بجانب كتفيكِ). أمسكي الأوزان بحيث تكون راحتا يديكِ متجهتين للأمام. ادفع الأوزان ببطء لأعلى حتى تصبح ذراعيكِ ممدودتين بالكامل؛ توقفي ثم أنزل الدمبل ببطء إلى مستوى الكتف. كرَري التمرين من 8 إلى 12 مرة، ثم استريحي وكرَري المجموعة.
هل الرياضة وحدها كافيةٌ لمنع ضمور وتدهور العضلات مع العمر؟ بالطبع لا؛ فالغذاء عاملٌ أساسي في هذه العملية، إليكِ التفاصيل..
بناء العضلات من خلال التغذية السليمة
نعود ونُكرَر: تغذية سليمة .. تغذية صحية.. وتغذية متوازنة؛ تُساعدكِ ليس فقط على بناء عضلاتكِ ومنع ضمورها السريع مع الوقت، وإنما تُعزَز صحتكِ على الدوام خاصةً مع التقدم بالسن.
يصبح بناء العضلات أسهل عندما تتناولين كمية كافية من الأطعمة المناسبة؛ وبالتأكيد بتِ تعلمين الآن أنكِ بحاجة إلى مصادر بروتين عالية الجودة في نظامكِ الغذائي للمساعدة في بناء كتلةٍ عضلية خالية من الدهون. ولكنك تحتاجين أيضًا إلى الكربوهيدرات الجيدة للوقود والطاقة، والدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأفوكادو والمكسرات والأسماك الدهنية، للمساعدة في توفير الطاقة للعضلات.
دور البروتين في الحفاظ على العضلات

يُعد الحصول على كميةٍ كافية من البروتين أمرًا ضروريًا لتنظيم جهاز المناعة، وإنتاج الهرمونات، والنمو، وبناء كتلةٍ عضلية صافية. ويستخدم جسمكِ البروتين للمساعدة في بناء وإصلاح التمزقات الصغيرة الناتجة عن تمارين القوة.
الكمية اليومية الموصى بها من البروتين هي 0.8 جرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم. ولكن إذا كنتِ تسعين لبناء العضلات، فقد ترغبين في رفع هذا الرقم. تشير الأبحاث إلى أن زيادة كمية البروتين اليومية إلى 1 إلى 1.2 جرام لكل كيلوجرام من وزن الجسم، يمكن أن يساهم في إصلاح ألياف العضلات التي تتحلل من خلال تمارين القوة والطاقة المنتظمة.
يمكن أن تساعدكِ بودرة البروتين النباتية أو المصنوعة من الدجاج الخالي من الدهون، والبيض، والحليب، والزبادي اليوناني، ومساحيق بروتين مصل اللبن أو البروتين النباتي، على تلبية احتياجاتكِ من البروتين، وكذلك الوجبات الخفيفة الغنية بالبروتين. إنما من الضروري دومًا، استشارة طبيبكِ الخاص حول الكمية المناسبة التي تستهلكين حسب حالتكِ الصحية واحتياجاتكِ.
خلاصة القول؛ فإن ضمور أو فقدان العضلات مع التقدم بالسن أمرٌ محتوم لا مفر منه. لكن بالإمكان منع هذا الضمور من الحصول بسرعة، أو تخفيفه قدر الإمكان، من خلال الالتزام بنمط حياةٍ بدني وغذائي صحي، يضمن لكِ بناء والإحتفاظ بكتلة عضلية قوية تضمن لكِ السلامة والصحة فيما تتقدمين بالسن.
وبما أن شعارنا الدائم هو: الصحة أساس كل شيء وفي مختلف الأعمار؛ فإننا ندعوكِ عزيزتي للاستفادة من كافة المعلومات القيَمة الواردة في هذه المقالة (غذائيًا وبدنيًا) لضمان تقوية عضلاتكِ والحفاظ عليها مع الوقت.