اكتئاب ما بعد الزواج .. ما هي أسبابه وكيف يمكن التغلب عليه
اكتئاب ما بعد الزواج قد يبدو أمراً شاذاً يصعب على البعض تفهمه واستيعاب كيفية حدوثه، وخصوصاً أن الزواج يعد حدثاً سعيداً، ومن الطبيعي أن تسود الفرحة وتعم البهجة في نفس الزوج والزوجة على حد سواء، وأنه من غير المنطقي أن يرافق كل هذه الأجواء السعيدة شعوراً بالحزن والكآبة، فهل حقاً من الممكن أن يصاب الأزواج والزوجات بالاكتئاب بعد الزواج؟
اكتئاب ما بعد الزواج
بحسب الدراسات والإحصائيات التي ذكرت في هذا الصدد، يصيب اكتئاب ما بعد الزواج الرجل والمرأة، ولكن تكثر الإصابة به بين صفوف النساء، وهو حالة من الكآبة تسيطر على من يصاب به مسببة له العديد من الأعراض التي تعد بمثابة علامات قوية لتأكيد الإصابة به، ومن هذه الأعراض، صعوبة النوم، واضطرابات الشهية والوزن، وعدم الاهتمام بالنفس والطرف الآخر، وليس ذلك فحسب، إذ يبدأ الشك في مهاجمة عقل المصاب بالاكتئاب بشأن سلامة اختيار الشريك وصحة قرار الزواج.
أسباب اكتئاب ما بعد الزواج
توجد أسباب عديدة تقف وارء الشعور باكتئاب ما بعد الزواج، وخصوصاً بالنسبة للمرأة لأنه يصيب النساء أكثر من الرجال، وبحسب "داليا شيحة" المستشارة الزوجية والأسرية بدبي، تتمثل هذه الأسباب في ما يلي
الابتعاد المفاجئ عن الأهل
رغم أن الزواج قام بعد ترتيبات عديدة، وبعد فترة خطوبة، وعلى الرغم من العلم مسبقاً بأن سوف يكون بداية لحياة جديدة بعيدة عن الأهل، إلا أنه يعد ابتعاداً مفاجئاً يثير الرهبة في النفس، لأن الأمر يكون مؤثرا جداً، وخصوصاً بالنسبة للمرأة حيث انتقالها من منزل أبيها إلى منزل زوجها، وهو أمر صعب لا يمكن الاستهانة بمردوده عليها، لأنها تترك البيت التي كبرت وترعرعت فيه، وتترك أبيها وأمها واخوانها وأخواتها، ومن الطبيعي أن تشعر ببعض الحزن والكآبة النفسية جراء حدوث ذلك.
وقالت شيحة أنه يجب على الزوج أن يستوعب ما تشعر به زوجته، وأن يحتويها ويعطف عليها لتشعر بالأمان، ولتبدأ الاندماج في حياتها الجديدة بسرعة.
الخوف من المسؤولية
قالت شيحة أن الخوف من المسؤولية أحد أسباب الشعور باكتئاب ما بعد الزواج، وهو أمر يشعر به كل من الزوجين إلا أن مخاوف المرأة من المسؤولية تبدو أكبر، وخصوصاً مقارنة بوضعها في بيت أبيها حيث الحرية والدلال أيضاً. أما الآن فهي مسؤولة عن زوج وبيت وأسرة والعديد من الأمور الأخرى، ومن الطبيعي أن تنتابها مخاوف عديدة تتسبب في شعورها بالاكتئاب.
تحدي فهم الطباع
بحسب شيحة، تواجه المرأة بعد الزواج تحدياً كبيراً في مسألة مواكبة الطباع والتكيف معها، ويعد ذلك أمر طبيعياً، ولكن مع شدة الخوف من الاحتكاك الزائد بالزوج، وظهور كثير من الطباع التي تختلف عنها، تشعر بالكآبة وربما هاجمها الشعور باليأس حول امكانية تكيفها مع طباع زوجها، الأمر الذي يزيد من حدة شعورها بالكآبة، ومنها إلى الشعور بالاكتئاب.
اختلاف البيئة
لاختلاف البيئة الاجتماعية والأصول المتعارف عليها والعادات والتقاليد بين الزوج والزوجة وبين عائلة كل منهما دوراً كبيراً في الشعور باكتئاب ما بعد الزواج حيث خلق مشاعر القلق والتوتر اللذان يمهدان للدخول في حالة من الكآبة.
كيفية التغلب على اكتئاب ما بعد الزواج
قالت شيحة أن الشعور باكتئاب ما بعد الزواج سواء عند الزوج أو الزوجة يمكن التغلب عليه من خلال تكاتفهما معاً للمرور منه بسلام ودون التأثير على زواجهما، كما ذكرت بعض النصائح التي من الممكن أن تُجدي نفعاً كبيراً في التغلب عليه:
- التسليم بأن الزواج سنة الحياة وأنه هو السبيل الوحيد لبناء علاقة مثمرة ودافئة تساهم في إنجاب الأطفال وتكوين أسرة سعيدة، والاستمتاع بالعديد من الأمور الأخرى، كالاستقرار والشعور بالأمان والمودة والرحمة.
- فهم حقيقة الزواج وقتل أي مخاوف تتعلق بالبعد عن الأهل، لأن الزواج لا يعني البعد عن عنهم، ولا يؤدي بتاتاً إلى قطع الصلة معهم.
- تعزيز التفكير الإيجابي في مواجهة كل الأفكار السلبية التي ترتبط بالمخاوف من الزواج.
- الصبر على الشريك وتحفيز الاستعداد النفسي لتقبله، والانصات له لفهمه أكثر وكسر حاجز الخوف الذي يقف عائقاً بينهما.
- معرفة الحقوق والواجبات يخفف من الشعور باكتئاب ما بعد الزواج.
- عقد مناقشة هادئة وبناءة يتخللها الحديث عن المخاوف التي تسيطر على الطرفين أو أي منهما، والفضفضة بشأنها في محاولة لتحقيق تقارب سريع يخفف من حدة الشعور باكتئاب ما بعد الزواج.
- السفر بعد الزواج لمكان تغلب عليه الطبيعة الخلابة والتمتع بكل لحظة خلال الرحلة.
وأخيراً، وبحسب شيحة يجب على الزوجين التفكير في ماهية الزواج والاهتمام بمعرفة الحقوق والواجبات المترتبة عليه أكثر من التركيز على تكاليفه والتحضير له، لأن الزواج يعني أكثر من ذلك بمراحل عديدة.