استشاري طب نفسي يخبركِ بكيفية التعامل مع الزوج الذي يعاني من القلق الدائم
كثير من الرجال يصابون بالقلق الذي يعد خطوة أولى في طريق العزلة والإصابة بالنوبات النفسية التي لن تعصف بهم وحدهم ولكن من المرجح وبشكل كبير أن تطول تأثيراتها زوجاتهم وأطفالهم وعوائلهم بشكل أعم وأشمل.من أجل ذلك ولأهمية هذا الموضوع، يدور مقالي اليوم حول القلق عند الرجل وكيفية دعم الزوجة له نفسيًا تحقيقًا لحياة زوجية هادئة ومستقرة.
كيف أدعم زوجي نفسيًا؟
بداية عليكِ عزيزتي الزوجة أن تتفهمي حالة زوجك جيدًا، وليحدث ذلك عليكِ التعمق أكثر في مفهوم القلق عن الرجل لتكوني قادرة على تقديم الدعم اللازم له تحقيقًا لنجاته ونجاتك وأطفالك من مخاطر نوبات القلق التي تتربص به. لأن الفهم السليم له ولآثاره السلبية يضعك على الطريق السليم في دعم زوجك نفسيًا. ويساعدك في فهم ذلك الدكتور آش شيشوديا، استشاري الطب النفسي في مركز ثرايف للصحة النفسية، عن تأثير علاقة القلق بالرجال لتجنب سلبياته الخطيرة، من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
ما هو مفهوم القلق من المنظور النفسي؟
القلق هو شعور شائع وصعب، وهو بالتأكيد ليس شعورًا عابرًا بل تجربة واقعية تظهر في حياة الجميع بدرجات متفاوته وأوقات مختلفة. وهو ترجمة لتفاعل الجسم مع التوتر، كما أن القلق ينبهنا إلى المخاطر المحتملة ويجهزنا لمواجهة
ما هي الأسباب التي تجعل القلق يفترس الرجل بشكل قوي؟
في عالم يُتوقع فيه من الرجال غالبًا كبت مشاعرهم وإظهار قوة لا تلين، يبقى القلق حالة مفهومة بشكل خاطئ بين الرجال. ومع اقتراب أسبوع الصحة للرجال من المهم تسليط الضوء على هذه القضية التي غالبًا ما يتم التغاضي عنها والمتعلقة بالقلق بين الرجال وكيف تؤثر النظرة التقليدية للرجولة على الصحة النفسية. وعلى الرغم من التطور الحضاري وتقدم المجتمعات، تظل الصور النمطية القديمة التي تملي على الرجال ضرورة التحلي دائمًا بالثبات العاطفي وغالبًا ما يكون هذا على حساب صحتهم النفسية.
كيف يؤثر القلق على الرجل حتى يمكن للزوجة تفهم ذلك؟
عندما يتم تحفيز هذا القلق باستمرار دون انقطاع يمكن أن يتحول إلى ضغط مزمن وصدمة عاطفية ومشاكل صحية خطيرة تؤثر بشكل خاص على الرجال، حيث تخلق عادة اجتماعية موروثه يشعر فيها الرجال بأنهم مجبرون على كبت مشاعرهم. هذا الكبت ليس فقط للحفاظ على مظهر القوة وإنما هو سلوك متبع يتماشى مع النظرة التقليدية للرجولة. يتم تعليم الرجال بشكل متكرر منذ الصغر على إخفاء ضعفهم والحفاظ على واجهة القوة بأي ثمن.
ولا تقف مخاطره وسلبياته عند هذا الحد بل يمكن أن يؤدي كبت الرجال لمشاعرهم باستمرار إلى تفاقم هذه المشاكل الصحية، مما يخلق دورة مفرغة من التوتر وعدم الراحة التي قد تتجسد كغضب وتهيج وعزلة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون لكبت المشاعر تأثيرات واضحة جسديًا مثل الصداع وتوتر العضلات والإجهاد، و أيضًا نفسيًا مثل التهيج واضطرابات النوم ونوبات الهلع والاكتئاب.
ما هي آلية التعامل السليمة مع قلق الزوج بوجه خاص وقلق الرجل بوجه عام؟
يجب على الزوجة أن تقدم الدعم اللازم لزوجها مع ظهور أول علامات القلق عليه لكي لا يفترسه مؤديًا إلى كل ما سبق من خلال التسلح بالصبر في التعامل معه والأخذ بيده، واستشارة المختصين إضافة إلى بعض الجهود العامة لأن الموضوع لا يقف عند حد دعم الزوجة لزوجها نفسيًا.
ويوضح الدكتور آش شيشوديا أن لجوء الرجال لطلب المساعدة والتحدث عن مشاعرهم بصراحة يمكن أن يزيل القلق، مما يؤدي إلى تأثيرات إيجابية على حياتهم الشخصية والمهنية. لمكافحة هذا، يقترح الدكتور آش شيشوديا بضع خطوات لخلق بيئة داعمة أكثر تفهما و تختلف في نظرتها التقليدية للرجولة:
-
التعرف عالمياً على صعوبات القلق والتوعية منه
يوضح الدكتور آش بقوله، "من الضروري إدراك أن القلق لا يميز بناءً على الجنس فكل من الرجال والنساء يعانون من القلق". من المهم إنشاء مجتمعات داعمة حيث يكون النقاش حول الصحة النفسية أمرًا طبيعيًا فيها، مثل النقاش حول الصحة الجسدية. و هنا يجب دعم معارضة الفكرة التي تعتبر أن طلب المساعدة هو علامة على الضعف. يمكن أن تشجع هذه الجهود الرجل على التحدث بصراحة عن صراعاته، مما يقلل من الشعور بالعزلة والخجل.
-
إعادة التعريف بمفهوم الذكورة
جزء كبير من نهج الدكتور آش شيشوديا هو إعادة التعريف بمفهوم الذكورة لتشمل سمات مثل التعاطف والضعف والذكاء العاطفي. من خلال تعزيز رؤية أكثر شمولية للسمات الذكورية، يتم تشجيع الرجال على التعبير عن أنفسهم بصدق وإدارة صحتهم النفسية دون الخوف من إصدار أحكام مسبقة عليهم.
-
تشجيع المحادثات المفتوحة وتأصيل دور المجتمعات الداعمة
تشجيع النقاشات المفتوحة حول الصحة النفسية أمر بالغ الأهمية، وفقًا للدكتور آش. يتضمن ذلك إنشاء مساحات سواء في العمل أو العائلة أو المنتديات العامة، لتمكين الرجال من مشاركة تجاربهم وتحدياتهم بصراحة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن بناء مجتمعات داعمة من خلال المجموعات أو المنصات عبر الإنترنت، و هذا يساعد الرجال على الشعور بأنهم أقل عزلة وأكثر تمكينًا لطلب المساعدة.
-
التعامل مع التفاعل بين القلق والذكورة بشكل شامل
ويعني ذلك تحدي هذه الأساطير الضارة والحفاظ على بيئة يتم فيها الاعتراف بالتعبير العاطفي كقوة وليس ضعفًا. يتضمن ذلك إعادة تشكيل النظرة المجتمعية وتوفير مساحات داعمة تشجع على النقاشات المفتوحة حول الصحة النفسية. عند القيام بذلك يمكن للمجتمع أن يمهد الطريق لنهج أكثر صحة للذكورية، حيث يكون الرجال قادرين على الاعتراف بقلقهم وإدارته بفعالية في بيئة آمنة للتعبير دون وصمة من أحد، مما يؤدي إلى صحة ورفاهية أفضل وحياة خاصة مع زوجاتهم أفضل وأكثر هدوءًا واستقرارًا.
وختامًا، يؤكد د. آش على أن الدعم النفسي للرجل من قبل الزوجة وحدها قد يكون مساعدا لزوجها وخصوصًا مع استشارة المختصين واتباع كل التوصيات المقدمة من قبلهم، إلا أنه لا غنى عن تغيير بعض المفاهيم المجتمعية مثل التي تتعلق بفصل العاطفة عن الرجولة، وغير ذلك من المفاهيم التي يجب أن يعاد صياغيتها بما يفيد سلامة المجتمع ككل وبما فيه من رجال ونساء.