العلاقات السامة.. عندما يصبح الحب قيدًا يجب التحرر منه
العلاقات السامة هي علاقات لا يُقدر فيها الحب؛ علاقات مدمرة يعاني فيها صاحب المشاعر الصادقة بالرغم من نقاء قلبه وجمال ورقة عواطفه. يحدث وأن يعاني المحب من علاقة عاطفية سامة معاناة شديدة تجعله أسيرًا في عالم الأحزان، يتألم ويفقد الشعور بالأمان، يُستنزف وتُهمل مشاعره. يتعرض لكثير من الارتباك بسبب حيرته بين مشاعر الحب التي تسيطر عليه تجاه الطرف الآخر، وبين ما يشعر به من مشاعر سلبية بسببه. ماذا عساه أن يفعل؟، وكيف يمكنه النجاه من هذه العلاقة المرهقة لقلبه ووجدانه؟، وما هي العلامات الأخرى التي تخبره صراحة بأنه في علاقة سامة.
ما هي العلاقات السامة؟
وفقًا للعديد من خبراء علم النفس، تُعرَّف العلاقات السامة بأنها العلاقات التي تُشعر الطرف الآخر بالاستنزاف النفسي والعاطفي، بدلاً من أن تكون مصدرًا للدعم والراحة. وتتميز هذه العلاقات بسلوكيات سلبية تدل عليها مثل السيطرة المفرطة، والانتقاد المستمر، واللامبالاة بمشاعر الطرف الآخر. هذا ليس كل شيء. لأن هذه النوعية من العلاقات تفتقد للتعاطف ويستهان فيها بالحب والمشاعر الجميلة التي يحملها الطرف الآخر بكثير من الصدق والنبل واللطف.
لماذا تكون العلاقات سامة؟
يشير الدكتور جون غوتمان أحد خبراء علم النفس، وخبراء الحب أيضًا، كونه أحد أهم الباحثين البارزين في العلاقات الزوجية، إلى أن العلاقات تصبح سامة عندما تسيطر عليها سلوكيات سلبية مثل الازدراء، والدفاعية، والصمت العقابي. هذه السلوكيات تدمر الثقة المتبادلة وتخلق بيئة مليئة بالتوتر والتحدي. بيئة باردة خالية من الدفء والأمان.
وبحسب تفسير خبراء علم النفس، تعود الأسباب الجذرية للعلاقات السامة إلى إنعدام الأمان الداخلي، أو المعاناة من الاضطرابات النفسية، مثل اضطراب الشخصية النرجسية وهي اضطرابات تقوم على التقليل من شأن الطرف الآخر، وتحقيق شعوره بالذل والمهانة.
ما هي علامات العلاقات السامة؟
ثمة علامات تحذيرية عديدة تدل على العلاقات السامة أبرزها ما يلي:
- التحكم والسيطرة المفرطة
- النقد المستمر
- التلاعب العاطفي
- انعدام الدعم
- التقليل من الشريك والاستهانة به
- السخرية من الشريك
- التلاعب بالعواطف
- التهديدات والإساءة النفسية
- عدم الاحترام لحدودك الشخصية
- الاستنزاف العاطفي والاستغلال
- الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية
- التعرض لسلوكيات عدوانية
- الشك المفرط
الحب والتحرر من العلاقات السامة
ما أجمل الحب عندما يمنح المحبين بريقًا يستقر في العيون، وسعادة تسكن القلوب!. إن ذلك ليس عليه بغريب. لأنه، لا يجلب إلا البهجة ولا يحث إلا على التفاؤل. وما أتعس القلب المحب بصدق واخلاص عندما لا يجد صدى لحبه ولمشاعره النبيلة الرقيقة!. على المحب أن يؤمن بأن مشاعره غالية، لا يستحقها إلا من يقدرها، ومن يؤمن به ويحترمه، ويدعمه فعلًا وقولًا. لأن إيمانه بكل ذلك سيمنحه القوة الكافية للتحرر من العلاقة السامة التي يجب أن تصبح ذكرى مهملة في عالم النسيان.
كيف يمكن التحرر من العلاقات السامة؟
جميعنا يبحث عن العلاقات المريحة والسعادة الدائمة، علاقات تلبي احتياجاتنا العاطفية، وتُشعرنا بالسعادة وتملأ قلوبنا بالفرحة. ولكن ماذا لو أننا وقعنا في علاقات سامة؟
إن التخلص من العلاقات السامة فور ظهور علاماتها يعد من القرارت المهمة التي لا يجب الاستهانة بها أبدًا. لأن الأمر لن يكون سهلًا، ولكن من الحكمة المحاربة من أجل الحفاظ على نقاء قلوبنا وسلامتنا النفسية والجسدية تباعًا.
وبحسب داليا شيحة المستشارة الزوجية والأسرية، يمكن التحرر من العلاقات السامة من خلال الالتزام بتطبيق الخطوات التالية:
-
استشارة المختصين
توصي داليا شيحة بضرورة استشارة المختصين من خبراء العلاقات الزوجية أو خبراء علم النفس المعنيين لفهم أفضل الطرق للتحرر من العلاقات السامة، وذلك بعد اخبارهم بكل المعلومات المهمة عن علاقتهم بالشريك، وطبيعة الحياة معه، ليكون القرار سليمًا وبناء على معلومات وحقائق مؤكدة حتى يتم التخطيط الجيد للتحرر من العلاقة السامة بأمان تام.
-
طلب الدعم من الأهل
لابد من اخبار الأهل بما يحدث لتوفير مكان الإقامة المؤقت لحين التحرر نهائيًا من العلاقة السامة مع الشريك. كما أن توافر الدعم النفسي والمعنوي من الأهل يحقق الشعور بالقوة والأمان.
-
تعزيز احترام لذاتك
يساهم تعزيز احترام الذات في التحرر من العلاقات السامة، لأن البقاء فيها يحقق المهانة ويحول دون احترام الذات.
-
التأكد من القدرة المالية
ليتحقق التحرر من العلاقات السامة، يجب دراسة القدرة المالية لتحقيق الاعتماد على الذات والاستقلالية للخروج من العلاقة بأمان، ولتأمين الحياة جيدًا بعد الانفصال عن الشريك السام.
-
قطع الاتصال نهائيًا
يجب قطع الاتصال مع الطرف الآخر نهائيًا وذلك في حالة عدم وجود أطفال، ووضع حدود في حال وجود أطفال ليتم التعامل مع الطرف الآخر في أضيق الحدود التي تتعلق بالأطفال وتمس صالحهم.
ما الذي يجعل التخلص من العلاقات السامة أمرًا صعبًا؟
تقول داليا شيحة خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية أنه توجد بعض الأمور التي تجعل من الصعب على بعض الأشخاص التخلص أو التحرر من العلاقات السامة، وهذه الأمور هي:
-
التعلق العاطفي العميق
ويحدث ذلك بسبب قوة العاطفة وطول مدة العلاقة، مما يؤدي إلى شعور عميق بالتعلق. هذا التعلق يمكن أن يكون عائقًا كبيرًا أمام التحرر من العلاقات السامة. وذلك، بسبب الخوف من فقدان الاتصال أو الذكريات حتى مع سمية العلاقة.
-
الخوف من الوحدة
لا يقوى كثير من الأشخاص على فكرة الانفصال عن الشريك، والوحدة دون شريك. هذا الخوف من يجعل نسبة كبيرة من الأشخاص يرفضون التحرر من العلاقات السامة.
-
التبعية المالية
في بعض العلاقات السامة، لا يملك الطرف المتضرر الاستقلالية المادية عن الطرف المؤذي في العلاقة، ما يجعله أسيرًا للعلاقة السامة لا يملك قرار التخلص منها.
-
التضليل والتلاعب النفسي
في بعض الأحيان يستخدم الطرف المؤذي في العلاقة السامة، التلاعب النفسي لإبقاء الطرف الآخر في العلاقة مثل، الابتزاز العاطفي، والتلاعب بالمشاعر، وجعل الشخص يشعر بالذنب أو الخوف من العواقب حال قرر الانسحاب أو التحرر من العلاقة.
-
الشعور بالذنب والمسؤولية
أحيانًا يشعر الطرف المتضرر بأنه مسؤول عن إصلاح العلاقة، أو يشعر بالذنب بسبب فكرة ترك الطرف الآخر. وهذا الأمر يؤدي إلى تأخير قرار الانسحاب وتكرار المحاولات لإصلاح ما لا يمكن إصلاحه، ومن ثم البقاء رهينة في عالم الشخصية السامة، واستمرار المعاناة من العلاقات السامة.
-
ضعف الثقة بالنفس
العلاقات السامة تؤدي إلى تآكل الثقة بالنفس لدى الشريك المتضرر. وذلك، بسبب الانتقادات المستمرة، وبسبب كل السلوكيات السامة التي يمارسها الشريك السام على شريكه. وهذا الأمر يحد من ثقة الشريك المتضرر في امتلاك القدرة على التحرر من العلاقات السامة.
-
الخوف من رد الفعل
يؤدي وجود بعض السلوكيات مثل التهديد بالعنف، أو بالانتقام العاطفي، إلى الخوف من الانسحاب من العلاقات السامة الأمر الذي يجعل التحرر منها أمرًا شديد الصعوبة.
-
الضغط الاجتماعي أو العائلي
في بعض الحالات تكون العائلة أو الأهل أو الضغط الاجتماعي بوجه عام عائقًا إضافيًا أمام التحرر من العلاقة السامة. وذلك، بسبب التقاليد أو القيم الاجتماعية التي تعظم من الاستمرارية في العلاقات. هذا الضغط الخارجي يجعل الانسحاب يبدو وكأنه خرق للمعايير أو التوقعات، مما يضاعف صعوبة قرار التحرر من العلاقات السامة.
-
الأمل في التغيير
في بعض الحالات يسيطر الأمل على الشريك المتضرر وذلك بسبب شدة حبه وتعلقه بالطرف السام، فتسيطر عليه فكرة أنه من الممكن تغييره للأفضل. وهذا ما لا يمكن تحقيقه والأسباب عديدة تتعلق كلها بصميم سمات الشخصية السامة.
كيف يمكن الوقاية من العلاقات السامة؟
من المهم بعد التحرر من العلاقة السامة، التعلم من الأخطاء، وتوضيح الدروس المستفادة، واستكشاف كل مواطن الحكمة فيها ودراسة الأحداث وتبعيتها. والتسلح بالأمور التي تحقق الوقاية من الوقوع مرة أخرى ضحية أحد الشخصيات السامة في علاقة عاطفية سامة ومرهقة.
خلاصة القول:
تقول داليا شيحة خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية أنه يجب على الشريك المتضرر من العلاقات السامة التسلح بالقوة والحكمة، وأن لا يقبل بأي ممارسات فيها تلاعب وابتزاز من الشخصية السامة، كما أنه يحذر عليه الاستمرار في العلاقة على أمل تغيير الشريك السام. لأن في ذلك مضيعة للوقت والعمر.