في حوار خاص مع الطبيبة البيطرية ايناس عادل عشري: المرأة تتفوق على الرجل في التعاطف وفهم الحاجات العاطفية للحيوانات
تعتبر تربية الحيوانات المنزلية ليست مجرد هواية، بل هي تجربة مثمرة تنعكس إيجابياً على حياة البشر بشكل عميق، سواءً من حيث الصحة النفسية والبدنية أو من خلال تأثيرها على قيم وسلوكياتنا اليومية.
وفي عالم الطب البيطري، تلعب المرأة دوراً بارزاً وحيوياً رغم مواجهتها العديد من الصعوبات والعقبات ورفض المجتمع لفكرة وجود امرأة تعمل في مجال كان سابقاً يعتبر مجال ذكوري من الدرجة الأولى. ولكن الحب الصادق للحيوانات والشغف الكبير دفع الكثير من النساء لأن يكملوا الطريق ويتخطوا الصعاب من أجل الوصول للغاية وتحقيق الحلم.
وفي اليوم العالمي للطب البيطري، نحاور الدكتورة ايناس عادل عشريالطبيبة البيطرية في Vet Plus Centerالتي أصرّت أن تدخل هذا المجال وتبدع فيه لتحارب الأفكار الخاطئة، وتؤكد أن المرأة ليست فقط متخصصة في رعاية الحيوانات وعلاجها، بل يمكنها أن تكون أيضاً بمثابة قوة محركة وملهمة تجمع بين الشغف والتفاني، وتوفير الرعاية اللازمة للحيوانات.
هل هناك أسباب معينة تأثرت بها ودفعتك للتخصص في هذا المجال؟
بالتأكيد، هناك العديد من الأسباب التي كان حافزاً لي للدخول إلى عالم الطب بيطري. بدأت رحلتي عندما اكتشفت مدى حبي الشديد للحيوانات وشغفي القوي للتعامل معها، وحتى مساعدتها، وتوفير الحماية لها،بل والتأثر بها من حيث تعلقها بالبشر، ودورها الإيجابي في حياة الكثيرين، وخاصة الأطفال وبعض الفئات. دفعني كل ذلك إلى اتخاذ قرار قوي والتركيز على تقديم العون لها عندما تكون بحاجة إلى ذلك.
من المعروف أن التعامل مع الحيوانات الأليفة يترك آثاراً إيجابية على عاداتنا وسلوكنا. فهل لاحظت ذلك خلال مسيرة عملك في هذا المجال؟
على المستوى الشخصي، هناك الكثير من الصفات التي اكتسبتها أو تعززت لديّ على ضوء ممارستي لهذه المهنة. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، تعزيز الثقة بالنفس،والتعامل بأعلى درجات الرحمة مع هذه الكائنات التي لا تستطيع التعبير عن ذاتها، ولا يمكنها أن تشكو ألمها. ويتطلب هذا الأمرالتحلي بالصبر عندما تحتاج إلى مساعدة، حتى يتم التوصل إلى التشخيص المناسب، وتقديم العلاج المناسب لها.
نعتقد أن العمل في مجال الطب البيطري يبدو رائعاً ومليئاً بالقصص المثيرة. هل يمكنك أن تسردي بعض هذه المواقف؟
أصادف في عملي اليومي الكثير من القصص الجميلة، بل إن كل حالة أستقبلها في العيادة تستحق الاهتمام، لأنها تعكس العلاقات القوية التي تربطنا كبشر مع الحيوانات التي نقتنيها، كما تبرز قيم الرحمة والمودة التي يظهرها الكثيرون منا. وأشعر بالسعادة عند رؤية مدى تعلّق هؤلاء الناس بحيواناتهم المنزلية، وحرصهم على حماية وتوفير الوقاية لها من أي أمراض تهددها.
كيف أسهمتِ من تغيير الصورة النمطية المتعلقة بدخول المرأة عموماً إلى هذه المهن المهمة في مجتمعاتنا؟
من أكثر الأسباب التي جعلتني أهتم بهذه المهنةتلك الصورة النمطية الذي رسمها المجتمع عن المرأة، وخاصة الجوانب المتعلقة بالمهن التي يمكنها العمل بها. ونتيجة لذلك، بدأتباتخاذ الخطوات العملية الواضحة والإيجابية لتصحيح هذا المفهوم عن المرأة،لاسيما وأن الطب البيطري لا يختلف كثيراً عن الطب البشري، إذ لا يوجد خط يفصلهما عن بعضهما، مع وجود الكثير من القواسم المشتركةبينهما.
هل يمكنك أن تقدّمي لنا بعض القصص أو التجارب أو اللقاءات أو حتى الأفكار التي واجهتها في عملك، وأدت إلى تغيير وجهة نظرك في الحياة؟
هناك الكثير من القصص والتجارب التي نتعامل معها كل يوم، وتبرز في المجمل قوة العلاقات والحب اللامشروط بين الحيواناتوأصحابها. ليس هذا فحسب، بل أن هذه الروابط تكشف لنا عن صفات التراحم والعطاء والوفاء، وتتجلى هذه القيم في الكثير من المواقف، خاصة عندما يصاب الحيوان بمرض ما، ويقف صاحبه عاجزاً عن مساعدته، أو إذا مات الحيوان وحالة الحزن التي تنتاب جميع أفراد الأسرة نتيجة لذلك. إنها مواقف مؤثرة للغاية، ونسعى من جانبنا إلى تقديم مختلف أشكال الدعمللتخفيف من آثارها النفسية.
هل يمكنك أن تخبرينا عن معلومة مهمّة يجهلها بعض الناس عن الطب البيطري؟
من الأشياء التي لا يعلمها الكثيرون الناس عن الطبيب البيطري أنه يمكنه ممارسة كافة المهام والمسؤوليات المتعلقة بهذا المجال. ويظنون أنه قادر على العمل كجراح وطبيب نفسي وأخصائي تغذية ورعاية في نفس الوقت، علماً أن هذه المجالات متفاوتة وتحتاج إلى اختصاصات مختلفة.
وهناك مسألة أخرى، وهي أن الطبيب البيطري عموماً، يشعر بالأحوال النفسية الصعبة، مثل مشاعر الحزن والقلق التي تنتاب الناس عند نقل حيواناتهم المنزلية إلى العيادة، ويتعاطفون معهم إلى حد كبير، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى التعامل مع كافة الحالات بحرص شديد عند استقبالها.
ما هي المهارات التي تقدمها المرأة في الطب البيطري، والتي غالباً ما يتم التغاضي عنها أو التقليل من أهميتها في نظر البعض؟
تقدّم المرأة في مجال الطب البيطري مجموعة متنوعة من المهارات التي قد لا تحظى بالاعتراف الكافي في بعض الأحيان. ومنها أن المرأة غالباً تتمتع بقدرة على التعاطف وفهم الحاجات العاطفية للحيوانات، وهي مهارة حاسمة في التفاعل مع الحيوانات عند مرضها، وتقديم الرعاية الشاملة لهم، وكأنها تتعامل مع أطفالها. وقد تكون المرأة أكثر قدرة على التواصل وفهم مشاعر أصحاب الحيوانات، ما يساعدها على تبسيط المفاهيم الطبية، وتوجيههم بشكل أفضل بشأن رعاية وصحة حيواناتهم. ومن المهارات الأساسية في بيئة العمل الطبي البيطري، التنظيم والإدارة، وهي من الخصائص التي تتفوق بها المرأة، كما أنها تبدي مرونة كبيرة في التعامل مع المواقف المتنوعة والمتغيرة، الأمر الذي يمكّنها من التكيّف مع تحديات العمل والبيئات المتغيرة. وبفضل قدرتها على الاستماع بعناية وتركيز، تتمكن المرأة في الطب البيطري من فهم مشاكل الحيوانات وتحديد العلاج المناسب بشكل أفضل. وتسهم هذه المهاراتبشكل كبير في تحسين جودة الرعاية البيطرية، وتعزيز التواصل بين الطبيبة البيطرية وأصحاب الحيوانات.
ما أخطر موقف تعرضت له خلال عملك في هذه المهنة؟
تعرّضت ذات مرة لهجوم من كلب في أثناء التخدير، لكن تمت السيطرة على الموقف بسرعة.
ما مدى أهمية الإضاءة على تجارب المرأة في هذا المجال في تشجيع وإلهام غيرها من النساء؟
تعتبر المرأة بفطرتها مصدر العطف والعطاء والحنان. وتستطيع كطبيبه بيطريةأن تبرز هذه الفطرةمن خلال رعايتها واهتمامها وإعطائها الحب غير المشروط.وهناك العديد من النماذج بين الطبيبات البيطريات اللواتي يقدمن صوراً مشرفة وملهمة في هذا المجال.
ما الممارسات التي تودّين تغييرها لدىأصحاب الحيوانات الأليفة في المنزل؟
مع أن غالبية مالكي الحيوانات الأليفة يقدّمونأعلى درجات الرعاية والحب والاهتمام، توجد هناك فئة قليلة يتعاملون معها على أنها كائنات لا تشعر ولاتفهم ولا تتألم. لذلك، يجب علينا إطلاق حملات توعية في مجتمعاتنا للتخلص من بعض الأفكار المغلوطة، وتعزيز الممارسات الإيجابية.