خاص "هي": رحلة البروفيسورة غادة المطيري.. جمال لا يعرف زمنا، وصناعة التغيير في عالم العلوم

خاص "هي": رحلة البروفيسورة غادة المطيري.. جمال لا يعرف زمنا وصناعة التغيير في عالم العلوم

مشاعل الدخيل

نستلهم من المرأة التي تشبهنا، ليس فقط بالملامح، بل أيضا بثقافتها وتقاليدها. إنها المرأة التي شقت طريقها وصنعت من اسمها علامة عالمية. فماذا كان سرّ نجاح تلك المرأة في الوصول إلى العالمية والتصدر في موقع بارز يدور حول فكرة العطاء غير المحدود؟

بين ميامي ونيويورك، دارت أحداث ترتيبات الحوار معها خلال فترة زمنية مهمة، حيث أعلنت السعودية عن افتتاح مكتب استثمار لصندوق الاستثمارات السعودية في ميامي. أثناء تواجدها ومشاركتها في مبادرة "مستقبل الاستثمار السعودي" المقامة في ميامي ، FII Priority Miami، حيث اجتمع فيه رموز عالمية مثل الرئيس "دونالد ترامب"، و"إيلون ماسك"، ومعالي ياسر الرميان، والأميرة ريما بنت بندر آل سعود، وعدد من الوزراء وقادة الصناعة، وهو ما أتاح مناقشات جريئة حول مستقبل الرعاية الصحية من ضمن المواضيع المطروحة تحت شعار "الاستثمار الموجه بهدف". تفتخر سيرة البروفيسورة غادة المطيري بما حققته من إنجازات، حيث تتزاحم مقاطع الفيديو على السوشيال ميديا، لتروي قصتها وقصة دعم والدها وأهلها لها. تقف واثقة ومتواضعة، حاملة رسالة التغيير. تخصصت البروفيسورة غادة في عالم تكنولوجيا النانو، لتكون نموذجا للمرأة التي تترك بصمة في مجالات الابتكار والتطوير.

تطل البروفيسورة غادة المطيري عبر "هي" في حوار غير مسبوق مع أي وسيلة إعلاامية تحدثنا فيه عن علمها وتجاربها وأسلوبها في تنسيق الأزياء وروحها القوية المتصلة بذاتها، واهتماماتها فيما يخص علمها ومعرفتها واهتمامها الكبير بتطوير القطاع وتمكين المرأة. ظهرت في هذه الجلسة التصويرية بأسلوب يعكس شخصيتها وشغفها بالموضة، حيث تألقت بإطلالة كاملة من الدنيم وأخرى بأسلوب البليزر الرسمي، منسّقة بإكسسوارات جريئة تعكس ثقتها بنفسها. كما تجلّى اهتمامها بجمالها الطبيعي وملامحها التي تحمل بصمات النضج والنمو والمعرفة. إليكم تفاصيل هذا الحوار الذي يفتح الأفق لكل امرأة تسعى إلى إجابات علمية ورؤية فلسفية تعزز مفهوم الرفاه والعافية.

  خاص "هي": رحلة البروفيسورة غادة المطيري.. جمال لا يعرف زمنا، وصناعة التغيير في عالم العلوم

باعتبارك صوتا رائدا في مجال العلوم والتكنولوجيا، كيف ترين العلاقة بين الابتكار العلمي والتغيير المجتمعي، ولا سيما مع إدخال الذكاء الاصطناعي؟

ظهور الذكاء الاصطناعي يثير قضايا أخلاقية ومجتمعية، بما في ذلك خصوصية البيانات، والانحياز الخوارزمي، واحتمال الاستغناء عن الوظائف بسبب الأتمتة. من المهم أن تتعاون الأوساط الأكاديمية والصناعة والحكومة لضمان تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل عادل وشفاف. إضافة إلى ذلك، معالجة الفجوة الرقمية أمر ضروري لجعل فوائد الذكاء الاصطناعي متاحة للجميع، وهو ما يقلل من الفوارق ويمكّن الفئات المهمشة.

مع تزايد تكامل الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، هناك حاجة إلى حوكمة قوية وسياسات تنظيمية لتحقيق التوازن بين الابتكار وحقوق الإنسان والقيم المجتمعية. يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مفاهيم مثل العمل والذكاء، وهو ما يعزز القدرات البشرية، ويتيح أشكالا جديدة من التعاون.

يجب أن تتكيف نظم التعليم لتهيئة الأفراد لمستقبل مدفوع بالذكاء الاصطناعي. يمكن أن يؤدي التركيز على تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ومحو الأمية الرقمية إلى تمكين الناس من التعامل مع التكنولوجيا بشكل نقدي وإبداعي، وهو ما يضمن تجهيز القوى العاملة بالمهارات اللازمة للازدهار في بيئة تتغير بسرعة. باختصار، بصفتي صوتا رائدا في هذا المجال، أشجع على اتباع نهج شامل واستباقي تجاه الابتكار العلمي في الذكاء الاصطناعي.

في عالم اليوم السريع، أصبحت مفاهيم التفكير البطيء والتفكير السريع أكثر أهمية، وتطرقت لهذا الموضوع أكثر من مرة في حواراتك، كيف توازنين بين هذين النوعين من التفكير في عملك؟ وما النصيحة التي تودين تقديمها للشابات بشأن التحليل النقدي واتخاذ القرارات؟

بعض الأفراد لديهم ميول طبيعية لتحليل الإشارات والمعلومات بشكل نقدي قبل اتخاذ القرارات، مفضلين التفكير المتأنّي على الاعتماد على الغريزة أو "التفكير السريع". هذه الطريقة تكون مفيدة في المواقف التي لا تتطلب اتخاذ قرارات فورية، بالمقابل يتميز آخرون بالتفكير السريع، ويظلون متماسكين تحت الضغط، مظهرين الهدوء والسكينة في حالات الطوارئ. ومن المهم إدراك أن كل موقف يتطلب إيقاعا مختلفا، وأشجّع النساء الشابات على تحديد نقاط قوتهن في أسلوب تفكيرهن، والعمل على تطوير نقاط الضعف.

  خاص "هي": رحلة البروفيسورة غادة المطيري.. جمال لا يعرف زمنا، وصناعة التغيير في عالم العلوم

كيف ترين تطور دور المرأة في العلوم والتكنولوجيا في المستقبل؟ وما الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان شعور المرأة الشابة بالتمكين لمتابعة مسيرتها في هذه المجالات؟

من المتوقع أن يتطور دور المرأة في العلوم والتكنولوجيا بشكل كبير في المستقبل. ومع تزايد الوعي بأهمية التنوع بين الجنسين في هذه المجالات، تتاح فرص أكثر للنساء للمساهمة والقيادة. وأحد التطورات الرئيسة هو زيادة رؤية نماذج نسائية ناجحة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وهو ما يمكن أن يلهم الشابات لمتابعة هذه المسارات المهنية المثيرة. إضافة إلى ذلك، تركز قطاعات مثل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM وجهات النظر المتنوعة بشكل متزايد على خلق بيئة عمل أكثر شمولية ودعما.

ينبغــي على الـمـــدارس والمجتـمـعـــــات التــــرويج بنشاط لهذه الموضوعات بين الفتيات في سن مبكرة، يجب إنشاء فرص توجيه للشابات للتواصل مع محترفات في هذه المجالات، يجب على الشركات والمؤسسات الأكاديمية أن تنمي بيئات شاملة تدعم نمو النساء، وتتعامل مع التحيزات الجندرية، والتصدي لفكرة عدم وجود النساء في العلوم والتكنولوجيا عبر وسائل الإعلام. إضافة إلى ذلك، ينبغي على الحكومات والمنظمات أن تقرّ سياسات تدعم المساواة بين الجنسين، مثل الأجور المتكافئة وإجازات الأمومة والأبوة لتمكين النساء من تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وتقديم الموارد والدعم للنساء للابتكار. وإطلاق مشروعاتهن الخاصة في مجال التكنولوجيا والعلوم.

إنجازاتك في تكنولوجيا النانو تعتبر رائدة، فكيف تؤثر اهتماماتك الشخصية في الفنون والثقافة في مسيرتك العلمية؟

الفن والعلم متداخلان في رقصة من الإبداع والابتكار، وكلاهما يعكس الجمال المذهل للعالم من حولنا. الأناقة في صياغة التجارب أو ابتكار الحلول الهندسية تعكس الانسيابية الموجودة في التعبير الفني. في عالم الكيمياء، هناك قول مأثور معروف: "الطبيعة تحب التماثل". إذا نظرنا إلى الفن الإسلامي الذي يدمج أنماطا هندسية معقدة، مبرزا الجمال الرياضي للتماثل والتكرار والتبليط، فهو يعكس كلا من الإبداع الفني والدقة الرياضية. في عـــالـــــم الأعــــــــصــــــاب المثــــــــيـــــــر، تــــم الكـــــشــــــــف عن كيــــفـيـــــة استــجـــابـة أدمغــتنـــا بإطلاق الدوبامين عندما نواجه الجمال.

والمدهش أنه حتى مرضى الزهايمر، على الرغم من تلاشي ذاكرتهم، يمكنهم تذكر قطعهم الفنية المفضلة وترتيبها بدقة عند السؤال. هذه الرؤية تتحدث عن العلاقة العميقة بين الجمال والعقل البشري. كما يقول النبي محمد، صلى الله عليــــــه وسلــــــم: "إن الله جميل يحـــــب الجـــمـــــال". هنــــــاك أسطــــورة مستــــمـــــرة تــــرى أن العلماء والمهندسين بعيدون عن الفنانين. في الحقــيــقـــة هم مرتــبــطــــون ارتــبــاطــــــا وثيــقــــا. تتطلب الكثير من الأعمال الفنية الرائدة اليوم فهما عميقــــا للتكنولوجيا، وغالبا ما تكون الأعمال الأكثر قيمة هي تلك التي دفعت حدود الابتكار في زمنها. شخصيا، أنا منجذبة إلى الفن الذي يدفع حدود الابتكار هذه. عندما تأسرني قطعة بفنها وتقدم شيئا لم يسبق له مثيل، أجد نفسي معجبة بشغف. مؤخرا، توسعت مجموعتي لتشمل الفن الإسلامي المعاصر والفن الإفريقي. هذه الأنواع تقدم إمكانيات واسعة للإبداع، وجمالها عميق وملهم.

فيما يتــعــلق بالصـحة والرفاه والجمال، هل يمكنك مشاركة روتين جمالك؟

على مدار الأعوام العشرين الماضية، تغير روتيني الجمالي بشكل كبـيــــر. في أوائــل العشرينات إلى منتصف الثلاثينيات، كنت أمارس الكثير من الرياضة، مع التركيز بشكل أساسي على تمـــاريـــن القــلب. في أواخر الثلاثينيات، انتقلت إلى مزيج من البيلاتس والركض السريع. يركز روتيني في الوقت الحاضر على رفع الأثقال واليوغا، وبالنسبة لتمارين القلب، أفضل المشي.

من المهم أن نتذكر أن ممارسة الرياضة هي الأولوية الأولى في أي روتين جمالي. فهي تفيد صحتك العقلية والجسدية بشكل كبير. غالبــــــا، عنــــــدما يكون لدي وقت مـــحــــدود، أذكر نفسي بأن ممارسة الرياضة تأخذ الأولوية على تصفيف الشعر أو العناية بالأظافر أو وضع الماكياج. إعطاء الأولوية للنشاط البدني أمر أساسي، وخاصة عندما يكون الوقت ضيقا.

فيما يتــعـــلـــق بالعنــــايــــة بالبشـــــرة، قــبـــل عشرين عاما، تعاونت مع عـــلامـــة تجـــاريـــــة مشهورة للعناية بالبشرة لتطوير سيروم استخدمته باستمرار من العشرينيات حتى أوائل الأربعينيات. لا يزال هذا السيروم الأكثر مبيعا حتى بعد 20 عاما. ومع ذلك، عندما دخلت الأربعينيات، لاحظت تدهور حالة بشرتي وشعري. بدأت ألاحظ تفاوتا في تصبغ بشرتي بسبب التعرض للشمس وفقدان الشعر. لم تنجح أي من التوصيات التي قدمها لي أطباء الجلدية المعروفون عالميا، وكانوا يعلمون ذلك. للأسف، تركز الكثير من شركات العناية الشخصية الأمريكـــيـــة والأوروبــيـــة أبحـــاثــهـــا وتطـــويـــــرها على أنواع البشرة التي تختلف تماما عن بشرتي. وأجريت بحثا شاملا، ووضعت برنـــامــجــــــي الخــــاص للعنـــايـــــة بالبــشـــــرة والشعر، الذي صُمم خصيصا لي. إضافة إلى ذلك، باستخدام خبرتي في تفاعلات الضوء والمادة، طورت واقي شمس مصمما خصيصا ليناسب نوع بشرتي وملامحي.

  خاص "هي": رحلة البروفيسورة غادة المطيري.. جمال لا يعرف زمنا، وصناعة التغيير في عالم العلوم

ما المنتجات أو الممارسات التي تعطيها الأولوية؟

بدأت بتركيب مجموعة من المكملات الغذائية، بما في ذلك الفيتامينات والمعادن، والتي حسنت بشكل كبير من حالة شعري وبشرتي إلى حالة أفضل مما كانت عليه قبل عقد من الزمن. في هذه الرحلة، انتهى بي الأمر إلى مساعدة أطباء الجلدية في مساعدة مرضاهم الآخرين، وأنا فخورة لكوني جزءا من حل هذه المشاكل.

كيف تعــيــديـــن تعـــريف الجمـــــــال من خلال التكنولوجيا في مجالك؟

ما أحببته في كوني عالمة ومهندسة هو القدرة على مواجهة تحديات كبيـرة ونبــيــلــــة، إضـــافـــــة إلى تـحــديـــــــات أصــغـــــر وأكثر شخصية. جلبت الأربعينيات تحديات لم أواجهها من قبل، مثل التغيرات في شعري وبشرتي، فضلا عن فقدان العضلات والقوة. كان علي الغوص بعمق في علم بيولوجيا الشيخوخة المعقد لمكافحة هذه التحديات. تلعب التغذية دورا حاسما في الكثير من هذه القضايا. مع تقدمي في العمر، اكتشفت أن التغذية أمر حاسم. ولاحظت تراجعا في مستويات طاقتي، وأدركت أهمية تناول الطعام الصحي للحفاظ على الطاقة طوال اليوم.

كونك واحدة من أهم العلماء في العالم، هل لديك أي نصائح للبقاء واثقة؟

على مدار الأعوام العشرين الماضية، تطور أسلوبي بشكل كبير. في البداية، كنت أعطي أولوية الظهور بأسلوب احترافي كلاسيـــــكـــــي يمثل مسيــــــرتي، مع الـــحــــرص على أن أبدو دائما بمظهر جيد. ومع ذلك، وخاصة بعــــد كورونا، ومع قضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء، أدركت الحاجة إلى احتضان أسلـــــوب شخصي أكثر مرحا. أجد أن هذا التحول إلى أسلوب أقل تعقيدا وأكثر راحة أمر ممتع، المرأة تمتلك خيارات أزياء واسعة للتعبير عن الذات مقارنة بأزياء الرجال.

عبارة "أنا..." تحـــمــــل دلالات قــــويـــــة حـــــــول الــهــويـة الذاتية والتمكين. كيف يمكنك صياغة هذه العبارة لتحفيز وتمكين النساء في العالم العربي؟ وماذا تعني لك شخصيا؟

كلمة "أنا" تعتبر قوية للغاية، لأنها تعتبر بيانا محددا للهوية، وتدعو إلى التأمل حول من أنت حقا وما تطمح إلى تحقيقه في الحياة. إن واحدة من تأكيداتي المفضلة هي "أنا أفكاري"، فهذه العبارة تذكرني دائما بأن أفكاري تشكل من أكون، لذا من الضروري أن أوجهها وأتحكم بها، فالأفكار تتبلور إلى عادات، وتصوغ شخصيتك، وتحدد في النهاية مصيرك.