دردشة مع والدتي
أنا فخور بأنني نشأت في بيئة محفزة وهذه البيئة هي التي ما تزال تدفعني وتحفّزني في عملي وفي رحلتي المهنية، ولقد ترعرعتُ في عائلة بسيطة، ورأيت والدي يعمل بمثابرة وجهد وفهمتُ أن النجاح يتطلب طبعا ذكاء والفرصة الملائمة، لكنه أيضا يحتاج إلى المثابرة والعمل. وفي حياتي أشخاص كثر ألهموني بنهجهم القيادي. أذكر مثلا رئيسي الإيطاليّ في "لورو بيانا" في الصين، الذي كان في أول اثنين من كل شهر موجودا داخل كافيتيريا الشركة مرتديا مريوله، وهو يقدّم طبق المعكرونة للناس. ولا أنسى "باتريك توماس" في "هيرمس" الذي قال لي شيئا بقي معي حتى اليوم، وهو أن الشركة هي طبعا مشروع تجاري، لكنها أيضا تجربة إنسانية، وإذا كان موظّفونا سعداء، فسينعكس ذلك أمام العملاء من خلال منتجاتنا. أدركتُ أنه محق، فنعم طبعا علينا أن نعمل ونبذل جهدنا لكن الشركة مجتمع مصغّر يمضي أعضاؤه وقتا طويلا معا، وتجربة إنسانية قبل كل شيء.
هناك أيضا رجل أحدث فرقا في حياتي، وهو الفنان "دييغو مودينا" أحد أفضل عازفي الفلوت في العالم والرجل الذي بقي متواضعا وبسيطا على الرغم من الأرقام القياسية التي حققها والحفلات العالمية التي أدّاها بحضور آلاف الناس. أخبرتُه مرّة حول طاولة عشاء أنني بدأتُ التصوير مجددا، فطلب أن يرى بعضا من صوري، ورفضتُ، قائلا إنني لا أريها لأحد. أصرّ "دييغو"، وفي النهاية أطلعتُه على بعض الصور التي التقطتها، فأعجبته، وسألني: "لماذا تبقيها مخفية؟ هل هي مشكلة غرور؟ إن كانت كذلك، فعليك التخلّص منها". وكان على حق.
أخيرا، أحب أن أذكر دردشة صغيرة مع والدتي حصلت قبل عشر سنوات، وأثّرت للغاية في طريقة تفكيري. أمّي رسّامة لكنها تعشق حديقتها، وكانت في أحد الأيام تسقي نباتاتها في حديقتها الكبيرة. هو نشاط يتطلب منها نحو ثلاث ساعات في اليوم، فقلت لها وقتها: إنني سأشتري نظام ريّ أوتوماتيكيا حتى لا تكون مجبرة على سقي النباتات يوميا بنفسها. وكان ردّها: "أنا لا أروي النباتات، بل أروي نفسي". الأمر نفسه ينطبق على العمل، فما يرضي الذات ليس فقط النجاح وكسب المال والوصول إلى أعلى المراكز، القلب مهم أيضا.