سيدة الأعمال ومؤسسة LE MARAIS 101 زينة خير تكتب لـ"هي": رحلة للقلب.. استكشاف دور الشغف والصلة الشخصية في جمع الأعمال الفنية
لطالما كان الفن أكثر من مجرد تجربة بصرية؛ إنه رحلة شخصية بشـــــدّة تــنــــاجي مشـــــاعــــرنـــا البـــاطنيـــــة. وفي السـنــــوات الأخــــيرة، صار الكثيرون ينظرون بشكل متزايد إلى الفن على أنه استثمار. في حين أن قيــــمته المالية لا يمــــكن إنكارها، إلا أن الجوهر الحقيقي للفن يكمن في اتصاله والعاطفة التي يثيرها. هذا الارتباط العميق بالفن هو ما يجعله بالفعل لا يقدر بثمن، وعزيزا وغاليا ليس فقط لقيمته المالية، ولكن لأهميته العاطفية أيضا.
لا أؤمن بشراء الأعمال الفنية لتكون استثمارا فقط. وفي الواقع، غالبا ما أنصح الناس بشراء الأعمال الفنية فقط إذا أحبّوها وأرادوا العيش معها. يجب أن تكون لدى الإنسان ثقة كافية في "قلبه" لاختيار شيء سيصمد أمام اختبار الزمن.
يمكن اختبار الارتباط بالفن بطرق متعددة، ولكن أكثر أشكالها عمقا ورقيا يحدث عندما يجتاحنا حب من النظرة الأولى لا يمكن تفسيره. هي تجربة تشبه الانجذاب المفاجئ والساحق الذي قد يشعر به الشخص تجاه شخص آخر، وهو اتصال يتحدى المنطق والتفسير، مدفوعا بكيمياء قوية خفية. هذا الشعور عبارة عن انجذاب عميق وقوة مغناطيسية تستحوذ على كل أفكارك. فتجدين نفسك تائهة في حضوره، غير قادرة على التــــركيــــز على أي شيء آخــــر، وعقـــــلك يتـــــوق باستــــــمرار إلى إحضاره إلى منزلك، وجعله جزءا باقيا من وجودك.
عندما يلمسك عمل فني ويؤثر فيك بهذه الطريقة، تكون تجربة عميقة وفريدة تتجاوز المألوف. إنه لقاء يحوّلك ويرتقي بك ويبقى معك، في شهادة على قوة الاتصال الحقيقي.
إضافة إلى ذلك طبعا، يمكن أن يأتي الارتباط بالفن مع مرور الوقت من خلال بناء تدريجي للثقة. وينطوي ذلك على تثقيف الذات حول الفن، وفهم الأساليب والحركات الفنية المختلفة، وتنمية تقديرك لأعمال الفنانين المختلفين. التعرف إلى الفن وعيـــــش تجربته، من خلال زيــــارة صـــالات الغـــــاليري والمتــــــــاحف والـمعارض والإقامات الفنية، يوفّران فرصا قيّمة لرؤية مجموعة واســــعة من الأعــمــــــال الفنــيــــــة والتــــفاعل معها مباشرة.
ويمكن للمحادثات مع الفنانين ومع غيرك من جامعي الأعمال الفنية أن تقدّم رؤى ووجهات نظر تثري فهمك للفن. كما أن قراءة الكتب والمقالات وكاتالوغات المعارض توسّع معرفة الفرد أكثر، وتساعده على تنمية تقدير للفن يكون أكثر دقّة ورقيا وغنى.
يمكــــن لرحلة الاكتشاف هذه أن تكون مرضية ومجزية للغاية، بحيث تقودنا إلى تواصل أعمق مع الفن وفهم أفضل لتفضيلاتنا الحقيقية ونظرتنا الثاقبة. ومع ذلك، يبقى الجانب الأهم هو الاســـتعداد للمخاطرة واتخاذ خيارات شخصية. في النهاية، إن جمع الأعمال الفنية هو مسعى شخصي للغاية، ولا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة للتعامل معه. فالقطع التي قد تتحدث لفرد ما، قد لا تروق للآخرين، وهذا ليس مقبولا تماما فحسب، بل هو أيضا ما يجعل المجموعات الفنية جميلة إلى هذا الحد وفريدة بطرقها الخاصة. إن المفتاح هو في ثقة المرء بذوقه ورأيه، والسماح للتفضيلات الشخصية والاستجابات العاطفية بتوجيه عملية الاختيار. وبمرور الوقت، يمكن أن يثمر هذا النهج مجموعة فنّية متماسكة وذات معنى تعكس رؤيتك الفريدة وشغفك بالفن.
تتمـــــاشى أيضا فلـــــسفة شراء الأعـــــــمال الفــــــــنية من أجل الحب وليس الاستثمار، مع دعم الفنانين، وذلك من خلال السماح لهم بأن يبقوا متحررين من الضغوط الخارجية ومساعدتهم على الحفاظ على نقاء تعبيرهم الفني واستكشافه دون تأثير الـــمـــعـــارض أو جــــامعي الأعـــمـــــال الفنــيــــــة أو النـــقــــــاد أو الصيحات أو المـــكاسب المـــاليــــــــة. عبر شراء الأعمال الفنيـــــة التي تخاطبنا شخصيا، نسهم في الحفاظ على المنظومة المتنوعة والحيوية لعالم الفن، معززين بذلك الإبداع والابتكار.
لا تخافي من الانغماس في عالم الفن، وأجري أبحاثك الخاصة؛ نعم، ولمَ لا ترسّخين مجموعتك باستثمارات متينة؟ نوّعيها لتــــكون أقـــوى، ولكن الأهـــــم في ذلك، أن تتــبـــــعي قلبك. فالقلب دائما يغلب.