الباحثة ومصممة المجوهرات السعودية شذا صبّاغ لـ"هي": يهمني التركيز على الفكر أكثر من الحرفة

دبي: لمى الشتري Lama ALShtery

تصوير: جوليا Julia من ذي فاكتوري The Factory

شذا عبدالغني صبّاغ باحثة سعودية حاصلة على درجة الماجستير والدكتوراه من بريطانيا وتفوقت على أشهر وأفضل مصممة مجوهرات بريطانية في مجال جديد نوعاً ما على عالم التصميم في البلدان العربية والخليجية، وهو التصميم بالتكنولوجيا وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. أسست علامتها   Shatha London لتكون مظلة لمجوهراتها المبتكرة والفريدة والتي تتضمن أيضاً مجموعة مصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

التقينا بشذا أثناء مشاركتها في أسبوع دبي للتصميم 2018، ودار بيننا هذا الحوار المثير للمعرفة.

تم التصوير في منتجع الريتز-كارلتون دبي كيف دخلتِ عالم المجوهرات؟
منذ صغري كان لدي اهتمام كبير بالرسم، وتلقيت دروسا على يد رواد في عالم الفن التشكيلي، مثل منى القصبي، وصفية بن زقر. كما أنني أعشق الأزياء، وكانت لدينا خياطات في المنزل، وكانت والدتي وجدتي تتقنان الخياطة، ما طور اهتمامي بها حتى أصبحت أصمم وأخيط فساتين حفلات المدرسة. إلا أن شغفي الكبير عندما تخرجت في الجامعة كان في مجال التكنولوجيا الرقمية Digital Technology ، ولذا قررت دراسة الماجستير في لندن في جامعة Coventry University في School of Art and Design ، وهي إحدى أفضل مدارس الفنون البريطانية. درست فيها الفنون والتكنولوجيا مع التركيز على مفهوم المجوهرات، وكنت أول خليجية تحصل على الماجستير عام 2006 في تخصص ال Computer Animation ، حيث صممت تطبيقا يعلم الأطفال كيفية تصميم المجوهرات بلمس الشاشة. كما صممت لمشروع الماجستير Educational Animation للأطفال لتعليمهم كيفية تكوّن اللؤلؤ والمرجان وآلية استخراجه من البحر، واستخدامه في المجوهرات. وعُرض في مركز جدة للعلوم والتكنولوجيا في قسم عالم البحار. بعد تخرجي صممت مجوهرات فنية بأسلوب مبتكر لعملاء مقربين وعلى نطاق محدود، كما عملت مستشارة لبعض الشركات الخاصة. وفي عام 2012 ، درست الدكتوراه في جامعة Kingston University في بريطانيا، وبعد عام انتقلت مع المشرفة على رسالتي إلى University Of The Arts London في كلية London College of Fashion ، وتخرجت فيها بعد عامين ونصف بدرجة الدكتوراه في التخصص نفسه، وهو .Design and Technology ركزت على المرأة وعلى زينة الجسد للمرأة بأحجام كبيرة لتكون أشبه بتحف منحوتة تمتد على جسد المرأة. أنوي تحويل رسالة الدكتوراه التي عملت عليها إلى كتاب، لأنها تستحق النشر فعلا، فهي مكونة من 8 جوانب علمية مختلفة، وهي أول دراسة بهذا الشكل.

هل تعملين على صنع المجوهرات من الألف إلى الياء؟
نعم بالطبع، فقد درست تصميم المجوهرات وتعرفت إلى المعادن والأحجار الكريمة المختلفة. درست بعد حصولي على درجة الماجستير في معهد Gemological Institute of America المختص بعلوم الأحجار الكريمة، وذلك في فرع المعهد بمدينة لندن. حيث حصلت فيه على دبلوم في تصميم المجوهرات، كما التحقت فيه بدورات في علوم الأحجار الكريمة والتطوير الاستراتيجي للأعمال و Computer Designing للمجوهرات. هذه الدراسات مكنتني بشكل أكبر في مجال تصميم المجوهرات. كما أن طباعة المجوهرات بالتقنية ثلاثية الأبعاد تتضمن الكثير من التحديات، ولا سيما أن العملية قد تطول إلى 3 أو 4 ساعات. أواجه الكثير من العثرات أثناء الطباعة، وقد تتعطل الآلة في منتصف العملية، وهو ما يفسد القطعة وأضطر للبدء من جديد. كل ذلك يستدعي الإشراف الشخصي منذ البداية حتى النهاية.

تتميز تصاميمك بالجرأة والبروز كأنها صممت لتنطق برسالة ما وتقول أنا هنا، ما مصدر إلهامك يا ترى؟
المرأة التي سوف ترتديها هي مصدر إلهامي. المرأة بطبيعتها كائن قوي، فهي الأم وهي المربية وهي التي تلد طفلا ليكبر ويكون رجلاً قوياً. المرأة بمختلف درجات تحصيلها التعليمي والمهني وحتى المرأة الأمية تملك حكمة فطرية غريزية تنبع من داخلها. كل ما يتعلق بالمرأة هو مصدر إلهام لي، حركتها وحضورها وجسدها وشخصيتها وتأثيرها فيمن حولها وصلابتها في تربية الأبناء. ما أكثر الأحجار الكريمة المحببة إلى قلبك؟ الألماس الأبيض. أرى أنه خالد ومتجدد ويليق بمختلف المناسبات. كما أنني ولدت في شهر أبريل، والألماس حجر مواليد برج الحمل.

ما حلمك الأكبر؟
أحب التعليم كثيرا. فهو عنصر مهم للغاية، فالعلم نور، وأول آية نزلت على نبينا محمد، عليه الصلاة والسلام، كانت "اقرأ". والدي كان عضو مجلس إدارة شركة تهامة للإعلان والعلاقات العامة، ولذا كان يحرص على تزويد مكتبتنا المنزلية بكل الإصدارات التي تُطبَع في مكتبات تهامة من مختلف المجالات حتى بلغ عدد الكتب ما يقارب مليون كتاب. كما أنشأت مكتبتي الخاصة، حيث أقيم في لندن، والتي تضم ما يزيد على ألفي كتاب متنوعة بين كتب المجوهرات والهندسة المعمارية والخامات والأزياء والكتب المختصة بالتقنية ثلاثية الأبعاد. مع ذلك، أؤمن بأهمية الجانب الإنساني لدى البشر من حيث الشخصية، ولذا أهتم كثيرا بكتب تطوير الذات والسلام الداخلي ورعاية الروح. أبحث عن النمو الداخلي والتعليمي لي ولمن حولي. دُعيت إلى الجامعة التي تخرجت فيها لإلقاء محاضرات، وهو أمر أسعدني للغاية. كما أعمل على تقديم ورش عمل لصغار السن، سواء في لندن أو الخليج العربي. أحب التركيز على الفكر أكثر من الحرفة، لأن الفكر هو الأساس في بناء كل شيء، سواء المدن أو الطائرات أو السيارات أو غير ذلك.

هل تواجهين صعوبة في استيعاب الجمهور لمفهوم Digital Craftsmanship وطباعة المجوهرات بالتقنية ثلاثية الأبعاد؟
نعم بالفعل، أواجه بعض الصعوبات في تقدير الحرفية بالتكنولوجيا، كما يوجد تقليل من شأن هذا المجال بالمقارنة مع الحرفية اليدوية بمفهومها التقليدي. أود أن أوضح بأنه لا يمكن الاستغناء عن الحرفية اليدوية مهما طال الزمن أو قصر! لا يمكن تركيب أحجار كريمة بالكمبيوتر. هناك الكثير من الخطوات "اليدوية" الضرورية بعد ولادة أي قطعة بالطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي لا يمكن التعويض عنها بالكمبيوتر. والعكس صحيح أيضاً، فتصاميم المجوهرات الخاصة بالطباعة ثلاثية الأبعاد لا يمكن بأي حال من الأحوال صياغتها يدويا، فهي مصممة بأسلوب خاص لطباعتها بالتقنية ثلاثية الأبعاد. إنهما عالمان منفصلان، ولكنهما مكملان لبعضهما.

ما المدينة التي ترين فيها انعكاسا لطموحك واهتماماتك؟
لندن دائما وأبدا. تجمع هذه المدينة المذهلة بين الماضي والحاضر والمستقبل. عشت في مناطق مختلفة مثل سويسرا وباريس، إلا أني أؤمن بأن لندن هي عاصمة التصميم التي تستضيف أفضل المعاهد والمعارض والمؤتمرات والأنشطة والجلسات الحوارية ذات الرؤية المستقبلية. يمكنكم مشاهدة المزيد من التصاميم عبر موقعها  www.shathalondon.com.