ميساء عبدالجبار الخياط أول مهندسة سعودية في الميكاترونيكس لـ"هي": أتمنى أن أكون جزءا من المشروع العملاق للطاقة المتجددة في السعودية
دبي: "لمى الشثري" Lama AlShethry
تصوير: "مختار شاهين" Mokhtar Chahine
كما عودناكم، نحرص عبر لقاءاتنا على دعم السعوديات في مختلف المجالات. حوارنا اليوم محفز وملهم للغاية أجريناه مع المهندسة الشابة ميساء عبدالجبار الخياط أول سعودية تدرس تخصص هندسة الميكاترونيكس حيث حصلت على درجة البكالوريوس في هذا المجال من جامعة California State University في الولايات المتحدة الأمريكية 2017 . نالت المهندسة ميساء درجة الماجستير في هندسة الطاقة المتجددة من جامعة عفت في جدة وتعمل حاليا كمهندس مبيعات في شركة Schneider Electric العالمية.
حدثينا عن بداية اهتمامك بمجال هندسة الميكاترونيكس.
منذ مرحلة الدراسة الثانوية كنت مهتمة بالعلوم والهندسة، وكنت أشارك في البرامج الصيفية الخاصة بالعلوم من Intel ، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع. وقد حصلت على المركز الأول في الاختراعات وبراءات الاختراع في المؤتمر العلمي الثالث للطلاب بجامعة الملك عبدالله عام 2011 . وعلى الرغم من كوني الأولى على مدرستي عندما تخرجت في الثانوية، إلا أن حلمي بالحصول على فرصة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي لتحصيل درجة البكالوريوس في تخصص الميكاترونيكس تبدد بسبب الدرجة التي حصلت عليها في الاختبار التحصيلي.
كيف تجاوزتِ هذه العقبة؟
لم أسمح لهذا الأمر بأن يقف في طريقي، ولذا أبرمت اتفاقا مع عائلتي بأنني سوف أدرس مؤقتا في جامعة الملك عبدالعزيز حتى أجمع عبر العمل الكادح المال الكافي لتغطية تكاليف دارستي في الخارج. وبالفعل، عملت موظفة مبيعات لمستحضرات الماكياج في متجر "وجوه" Faces، وعلى الرغم من أني لست مهتمة شخصيا بهذا المجال، حققت المركز الأول بين زميلاتي في المبيعات، وتعلمت شيئا فشيئا فنون رسم الماكياج حتى أصبحت بارعة فيه، وهو ما ساعدني كثيرا في تحقيق هدفي بجمع مبلغ مالي أنطلق به نحو دراسة شغفي الحقيقي في هندسة الميكاترونيكس.
وهل كان المبلغ كافيا لتغطية نفقات دراستك بالخارج؟
بالطبع لم يكن المبلغ المالي الذي جمعته كافيا لتغطية تكاليف دراستي في أمريكا، ولذا بحثت عن خيارات أخرى، ووجدت التخصص في جامعة بالصين، وبتكلفة تناسب إمكاناتي. عندما تبيّن لعائلتي أني جادة وعازمة على هذا الأمر، اقترض والداي المبلغ لتحقيق حلمي، ودعم مسيرتي الدراسية في أمريكا. وبالفعل، جاء قبولي في جامعة California State University في الولايات المتحدة الأمريكية. الحقيقة أني لم أكن لأحقق نجاحاتي، سواء في البكالوريوس أو الماجستير دون الدعم اللامحدود من والديّ وإخوتي وزوجي أيضا الذي ارتبطت به خلال مرحلة الدراسة في الخارج.
كيف كانت تجربة الدراسة في الخارج؟
تجربة الدراسة والحياة فقد كانت رائعة للغاية، تضمنت الكثير من تنمية القدرات وتعزيز حس المسؤولية والنضج الفكري والمعرفي. ولعل هذا الأمر ينطبق على المبتعثين لتحصيل درجة البكالوريوس أكثر من غيرهم حيث أن السفر للدراسة في الخارج والاعتماد على النفس بعد الرعاية الكاملة من الأهل في المنزل تغيير كبير يتطلب الكثير من المرونة لفهم الواجبات الجديدة والتعلم من التجارب. أنصح كل شخص تأتيه الفرصة للدراسة في الخارج أن ينتهزها؛ ولكن أود أن أشير بأنه لابد قبل السفر إلى الدراسة في الخارج أن يعلم الطالب ما يريده بالضبط لكي يستطيع الاستفادة إلى أقصى حد من فترة دراسته. هذا الإدراك سيساعده على إيجاد الفرص التي تحقق أهدافه داخل الحرم الجامعي مثل دورات التدريب وبرامج التطوّع وغيرها.
من الميكاترونيكس إلى هندسة الطاقة المتجددة، كيف كانت هذه النقلة؟
اخترت مجال الطاقة الشمسية أثناء مرحلة تدريب الخريجين في ختام تحصيل درجة البكالوريوس. وكانت خطوة موفقة، ولله الحمد، فقد قادتني بشكل ما نحو دراسة الماجستير بعد ذلك في تخصص هندسة الطاقة المتجددة بجامعة عفت في جدة. كان بحث رسالة الماجستير في إنتاج الكهرباء من موج البحر، وكان العمل على الرسالة بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، حيث ناقشتها في إبريل 2020 . لا بد أن أضيف أن عملي الحالي مهندسة مبيعات في شركة Schneider Electric أسهم أيضا في تحفيزي لتحضير دراسة الماجستير في الطاقة المتجددة، حيث تصنع الشركة منتجات خاصة بالطاقة المتجددة لم يجرِ تقديمها إلى السوق السعودية حتى الآن. أؤمن بقوة بأن المجال يتضمن فرصا واعدة على مستوى ضخم. أعلن وزير الطاقة السعودي عن مشروع طاقة شمسية عملاق في السعودية سيُكشف عنه قريبا، لينتج 50 في المئة من الكهرباء بالسعودية من خلال الطاقة المتجددة، هل يشكل
هذا جزءا من أحلامك؟
هذا المشروع العملاق سوف ينتج 200 جيجاواط من الطاقة الشمسية فقط، والتي تعادل 50 في المئة من الإنتاج العالمي للطاقة الشمسية. مما لا شك فيه أن هذا المشروع الجبار يحتل جزءا ضخما من أحلامي. الطاقة المتجددة التي جرى التركيز عليها ضمن رؤية 2030 تشمل أيضا طاقة الرياح، مثل المشروع الذي تم تنفيذه في محطة دومة الجندل التي تولد الكهرباء من الرياح بسعة 400 ميجاواط. خلال دراستي لرسالة الماجستير بحثت في إمكانية إنتاج الكهرباء من موج البحر، وهو أمر شدني كثيرا للتعمق فيه. ركزت في دراستي على منطقة نيوم، لأن معظم المشاريع الكبرى سوف يكون تنفيذها في هذه المنطقة للبحث في إمكانية إنتاج الكهرباء من طاقة موج البحر في نيوم، مع اعتبار الطبيعة المناخية والعوامل البحرية، ونوعية الأجهزة المطلوبة لتحقيق هذا الأمر؛ عملت على تحضير هذه الدراسة بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على الرغم من عدم وجود أي دراسات سابقة في هذا المجال. أحلم بإدراج هذه الإمكانية ضمن خيارات الطاقة المتجددة لتحقيق رؤية 2030 . أتمنى أن أكون جزءا من هذا المشروع الضخم الذي أُعلن عنه، لأنه سوف يخلق فرصا، ويفتح أبوابا لا تحصى من الوظائف والمصانع، وتطوير ألواح الطاقة الشمسية عوضا عن استيرادها حاليا من الصين والولايات المتحدة الأمريكية. سوف نتمكن أيضا من تصديرها إلى الخارج لتحقيق الاستدامة.