طالبة الدكتوراه الإماراتية شيخة المزروعي لـ"هي": الخلايا الجذعية هي المجال الجديد في الطب
شيخة المزروعي، هي أول إماراتية ابتُعثت إلى المملكة المتحدة، لتدرس تخصص زراعة الكبد باستخدام الخلايا الجذعية بتقنية المايكروبيدز الفريدة من نوعها، تقلدت مؤخراً منصب رئيس مجموعة الإمارات للخلايا الجذعية، وهي أيضا رئيسة ومؤسسة جمعية الطلبة الإماراتيين في جامعة "كنجز كوليدج لندن" King’s College London . التي أسستها إيمانا منها بأن، الطالب المبتعث هو سفير لدولته بأخلاقه وأسلوبه، ولا بد من ترك انطباع جميل ومشرف للطالب الإماراتي. مجلة "هي" التقتها في لندن في حديث ودي، لتحدثنا عن طموحاتها العلمية، ودراستها لهذا التخصص الفريد ودور الخلايا الجذعية لإيجاد حلول للأمراض المستعصية وإعادة البسمة للمرضى الذين فقدوا الأمل في العلاج.
حوار: سڤانا البدري Savanah Al Badri
تصوير: مارك براون Mark Brown
أنت أول إماراتية تدرس تخصص زراعة الكبد باستخدام الخلايا الجذعية بتقنية المايكروبيدز، وأول من يعمل مع فريق الزراعة في .King’s College London ما الذي جذبك لهذا التخصص؟
الخلايا الجذعية هي المجال الجديد في الطب، لذا أحببت أن أخوضه، وأتخصص فيه، ويتأمل الأطباء أن يكون العلاج بالخلايا الجذعية حلا للكثير من الأمراض المستعصية، والتي عجزت عن علاجها وسائل الطب المختلفة. King’s College London هي من أهم مراكز زراعة الكبد في العالم، وتعتبر وحدة زراعة الكبد الأولى عالميا في تجربة تطبيق تقنية زراعة الكبد بتقنية المايكروبيدز، ولي الشرف بأن أكون أول إماراتية تدرس هذا التخصص.
قبل أن نخوض في الحديث هل لك أن تعرفينا عن الخلايا الجذعية؟ وكيف يمكن الحصول عليها؟ وما مصادرها؟
الخلايا الجذعية، خلايا غير محددة الوظيفة لها القدرة على الانقسام والتجدد والتمايز لإعطاء أكثر من نوع من الخلايا، وهذا ما يميزها. وتتعدد مصادرها، فهناك الخلايا الجنينية المستخلصة من الأجنة، والخلايا الجذعية الميزونكامية المستخلصة من دم ونسيج الحبل السري والشحوم ونخاع العظم، وكما يوجد النوع الجديد من الخلايا الجذعية المستحثة، حيث تؤخذ الخلايا من الجسم، وتعاد برمجتها مخبريا، لتصبح خلية جذعية.
تتصدر الخلايا الجذعية اليوم قائمة البحوث والدراسات والعلاجات الجديدة، فهل سترسم خريطة الأمل للأمراض المستعصية، التي تعذر على الطب إيجاد حلولا لها؟
العلاج بالخلايا الجذعية هو المجال الأحدث في الطب اليوم، ويتأمل الأطباء أن يفتح آفاقا جديدة في الطب، كما وتعتبر حلا للعديد من الأمراض المستعصية والتي عجزت وسائل الطب المختلفة عن علاجها كسرطانات الدم وأمراض الدم والجهاز المناعي. إذ يتأمل أن تلعب الخلايا الجذعية دورا جذريا في إيجاد حلول للعديد من الأمراض المستعصية. ولا ينحصر دور الخلايا الجذعية عند هذا الحد، بل تشير العديد من الدراسات السريرية إلى إمكانية استخدام الخلايا الجذعية لعلاج الأمراض المستعصية والمزمنة مثل السكري وإصابات عضلات القلب والروماتيزم والتصلب اللويحي وضمور العضلات وغيرها من الأمراض التي تعذر على الطب الحديث إيجاد حلول جذرية لها، فجاءت الخلايا الجذعية لتبعث أملا جديدا في علاجها.
هل تشكل تقنية طباعة الأعضاء ثلاثية الأبعاد، فضاء طبيا جديدا في زراعة الكبد؟
يعد استخدام طباعة ثلاثية الأبعاد في المجال الطبي ثورة، فهو من التقنيات المتطورة جدا، والتي جرى تطبيقها في العديد من الحالات منها، إصابات عضلة القلب واستبدال الأعضاء أو الأجزاء المفقودة من الجسم نتيجة للإصابات أو الحوادث التي ينجم عنها فقدان بعض أجزاء الجسم. ويعتبر استخدام الأحبار البيولوجية الأحدث في هذا المجال، بمزج الخلايا مع مواد هيدرولوجية، والتي لها القدرة على استزراعها في الجسم، وتوصيل الأوكسجين والغذاء لهذه الخلايا، وحماية الخلايا من الجهاز المناعي للشخص المستقبل لهذه الخلايا، وبذلك لا يحتاج وجود تطابق بين الشخص والخلايا التي تزُرع فيه باستخدام تقنيه الأحبار البيولوجية وطباعة الأعضاء ثلاثية الأبعاد بالخلايا، حيث أثبتت قدرتها على أداء الوظائف الحيوية المطلوبة من دون مضاعفات سلبية في المرضى.
هنالك توجه عالمي للاحتفاظ بمصدر غني بالخلايا الجذعية كالحبل السري، هل يساعد في العلاج بتقنية طباعة الأعضاء؟
الاحتفاظ بالخلايا الجذعية في البنوك الحيوية يعتبر اليوم من أهم الطرق التي تساعد في القدرة على الاستفادة من هذه الخلايا مستقبلا حين الحاجة إليها، وعلى الأخص الخلايا الجذعية المستخلصة من دم ونسيج الحبل السري. وهنا أود أن أقدم نصيحة لكل أم مقبلة على الولادة بأن تتوجه للاحتفاظ بالخلايا الجذعية من دم ونسيج الحبل السري، لأنه كنز ثمين يمكن الاستفادة منه مستقبلا لعلاج العديد من الأمراض.
ما أهمية الخلايا الجذعية لعلاج فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19"؟ وما الآلية التي يعطى بها العلاج؟
تعد الخلايا الجذعية علاجا جديدا للمرضى المصابين بفيروس كورونا، حيث يمكن أن تؤدي الخلايا الجذعية وظيفتين، الأولى هي إعادة تجديد خلايا الرئة التي أتلفها الفيروس، والثانية دعم وتحفيز الجهاز المناعي لمقاومة الفيروس، وبذلك تقلل حدة الالتهاب، وتسرع من التعافي لدى المرضى. وهذا ما يُطبق في مركز أبوظبي للخلايا الجذعية، حيث عمل الفريق المتخصص على استخلاص الخلايا الجذعية من دم الأشخاص المصابين بالفيروس، ومن ثم معالجتها وتحفيزها في المختبر، وتجهيزها لإعادتها إلى المريض نفسه، من خلال استنشاق الرذاذ مع الخلايا الجذعية، وبالتالي ضمان وصولها إلى الرئة. يعد العلاج بالخلايا الجذعية من خلال توصيلها بالرذاذ إلى رئة المصاب من أهم العلاجات المساعدة لعلاج فيروس كورونا، حيث تدعم وتعزز الخلايا الجذعية الجهاز المناعي لمقاومة الفيروس، كما تساعده في إعادة ترميم خلايا الرئة التي أتلفها الفيروس، والتي أسهمت في سرعة تعافي المرضى المصابين بالفيروس.
تميزك لا يقتصر على تخصصك الفريد، بل أسست وترأست أول جمعية إماراتية في جامعة "كنجز كوليدج لندن"، ما الهدف منها؟
تعريف المجتمع الغربي بعادات وتقاليد بلدنا الحبيب، وتوصيل صورة مشرفة للعالم الغربي عن دولتنا، وترك بصمة للطلبة الإماراتيين في جامعة الابتعاث من أهم أهداف إنشاء هذه الجمعية، وبالتعاون مع زملائي الطلبة الإماراتيين في الجامعة أنشأنا أول جمعية إماراتية للطلبة في جامعة "كينجز كوليدج لندن". وتمكنا من خلالها من خلق مجتمع إماراتي للطلبة المبتعثين، بتشكيل أسرة إماراتية ندعم فيها بعضنا البعض، ونستقبل الطلبة الجدد، ونعرفهم بالجامعة ومدينة الابتعاث، وتقديم جميع أنواع الدعم لهم، إضافة إلى المشاركة في الفعاليات التي تقيمها الجامعة، لترك صورة وبصمة جميلة لدولتنا الحبيبة في بريطانيا. تقلدت منصب نائب رئيس مجلس طلبة الدكتوراه في جامعة "كينجز كوليدج لندن"، حدثينا عن هذه الجمعية ونوع الخدمات التي تقدمها للطلبة المبتعثين. يعد مجلس طلبة الدكتوراه في جامعة "كنجز كوليدج" من أهم المجالس التي يؤخذ فيها رأي الطلبة بعين الاعتبار لتقديم أفضل خدمة للطلبة في الجامعة، بأخذ القرارات الجامعية بناء على توصيات وآراء الطلبة في هذا المجلس، ولله الحمد، تم تعييني نائبة لمجلس طلبة الدكتوراه في الجامعة، لأكون بذلك الإماراتية الأولى والوحيدة في هذا المجلس.
كيف تصفين تجربة الابتعاث والتأقلم مع مجتمع مغاير في العادات والتقاليد؟
أعتبر مرحلة الابتعاث فرصة لجميع الطلبة المبتعثين للاطلاع على ثقافات وتقاليد وعادات جديدة، والتعامل مع أشخاص من مختلف البيئات، وهو ما يساعدنا في رسم صور ومدارك أكبر في الحياة. فالطالب المبتعث يعتبر سفيرا لدولته بأخلاقه وأسلوبه، لذلك لا بد أن نحرص على الاستفادة من جميع الفرص المتاحة، وترك انطباع جميل ومشرف للطالب الإماراتي في دولة الابتعاث على المستويين الأكاديمي والمجتمعي.
كيف استثمرت وقت فراغك؟ وهل من نشاطات معينة مع الجالية العربية؟
أطلقنا مبادرات بهدف نشر المعرفة ودعم اللغة العربية في بريطانيا، من أهمها "مبادرة دوم نتعلم" التي تهدف إلى نشر الثقافة للجميع بهوية إماراتية. كما شاركت في إنشاء فريق "محطة المستقبليون في بريطانيا" نقدم من خلاله الورش التعليمية التخصصية في مجالات الربوتات والذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد للمجتمع الغربي، وإيصال صورة الطالب الإماراتي القادر على توصيل المعرفة للمجتمع الغربي. هذا إضافة إلى اهتمامي باللغة العربية العريقة وتعزيز (لغة القرآن الكريم) في بريطانيا. ونظمت بعض الفعاليات والمبادرات بالتعاون مع زملائي الطلبة لدعم اللغة العربية، ومنها التطوع لتدريس اللغة العربية للطلبة الأجانب في مركز اللغات في الجامعة، كما أطلقنا فريق "سفراء مبادرة بالعربي"، إحدى مبادرات مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، والتي تهدف إلى نشر اللغة العربية حول العالم، ومن خلالها نحتفل سنويا بيوم اللغة العربية في مختلف جامعات ومدارس اللغة العربية في أغلب مدن وجامعات بريطانيا.
الإمارات من الدول الرائدة والسباقة في التطور العلمي، كيف تجدين الدعم الذي تقدمه للمرأة الإماراتية والآفاق التي فتحتها لها؟
تدعم دولتنا تمكين المرأة في كل المجالات، المرأة الإماراتية اليوم تشارك الرجل في جميع المجالات. وأشكر دولتي وقادتنا، لدعمهم لي في مسيرة دراستي العلمية ودراسة هذا التخصص الجديد، والشكر موصول لمكتب بعثات وزارة شؤون الرئاسة لدعمهم المتواصل لي، وتمكيني من الوصول لهذا المستوى من التعليم.
ما رؤيتك المستقبلية لمستقبل العلاج بالخلايا الجذعية في دولة الامارات؟
تسعى الإمارات لتكون دائما السباقة في جميع المجالات، وشكلت مساعيها في تطبيق علاج كورونا بالخلايا الجذعية مفخرة لنا. فهناك جهود عظيمة مساهمة في هذا المجال، ومن مختلف القطاعات الصحية والبحثية في الدولة في ما يخص تطبيقات العلاج بالخلايا الجذعية، من الفرق البحثية التي تعمل في مختلف جامعات الدولة مثل جامعة الإمارات، جامعة نيويورك، جامعة الشارقة ومركز أبوظبي للعلاج بالخلايا الجذعية. لا بد من الاستمرار في طلب العلم والمعرفة، حيث إن عالم العلاج بالخلايا الجذعية بحر واسع، وما أدرسه هو مجرد نقطة في هذا البحر، وأتمنى ابتعاث العديد من الطلبة لدراسة هذا التخصص وغيره من التخصصات غير المتوفرة في الدولة، لنتمكن من استقطاب هذه العلوم المفيدة لدولتنا الحبيبة. وأشيد بقيادتنا الرشيدة، وحثها الدائم لنا على التميز والابتكار، فنحن نحذو حذوهم، فمنهم تعلمنا ألا نرضى إلا بالمراكز الأولى، نحن فعلا محظوظون بقادة مثلهم، فهم قدوتنا في كل شيء. رؤيتي المستقبلية هي أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة في مجال العلاج بالخلايا الجذعية، والاستمرار في الأبحاث وكل ما هو جديد في هذا المجال. وأرغب في أن أنشئ مركزا متخصصا للعلاج بالخلايا الجذعية، وإنشاء بنوك حيوية للاحتفاظ بالخلايا الجذعية، وتأسيس قاعدة بيانات للراغبين في التبرع بالخلايا الجذعية من نخاع العظم، فهناك العديد من المرضى بحاجة إلى متبرعين بنخاع العظم، وخاصة مرضى الثلاسيميا وسرطان الدم ولا يزالون بانتظار متبرعين مطابقين. أتقدم بالشكر الجزيل لسيدي سمو الشيخ منصور بن زايد حفظه الله نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شوؤن الرئاسة، على دعمه اللامحدود لي في مسيرة الدراسة، ولولا الجميل الذي قدمته لي دولتي بابتعاثي لدراسة هذا التخصص الجديد، لما أتيحت لي الفرصة لأكون أول إماراتية تدرس زراعة الكبد عن طريق الخلايا الجذعية. وأتمنى من الله العلي القدير أن يقدرني لرد هذا الجميل، وأن أرجع إلى دولتي بعد الانتهاء من الدراسة للبدء في العمل في مجال العلاج بالخلايا الجذعية والتثقيف بإيجابياتها وسلبياتها. وأسال الله أن ينفع بي البلاد والعباد.