كيف بدأت حكاية فيروس كورونا في فيلم "فول الصين العظيم"؟
وقت تصوير فيلم "فول الصين العظيم" كانت أخبار متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد، المعروف بفيروس "سارس" القاتل تروع العالم، وكانت الصين منشأ هذا الفيروس المعدي، سريع الإنتشار، والذي يؤدي للوفاة في كثير من الحالات، وشهد نوفمبر عام 2002 أول حالة اصابة بفيروس "سارس" داخل الصين، وخلال شهور انتشر الفيروس في أنحاء العالم، ومع ذلك استمر مشروع إنتاج فيلم "فول الصين العظيم"، وبدأ تصوير الفيلم في أوج أزمة الوباء الغامض، وبعد عرض الفيلم في عام 2004 أصبحت نكاته مشهورة للغاية، وعاشت تلك النكات حتى أصبحت جزء من ثقافة السخرية على السوشيال ميديا، وهناك كثير من الكوميكس التي تُنشر على مواقع التواصل الإجتماعي للتعبير عن حالات معينة؛ ربما أشهرها جملة المترجمة الصينية "ما لناش دعوة يا محي" للتعبير عن اللامبالاة، والبعد عن المشاكل، والخوف من التحدث في موضوعات معينة، وهناك جملة رئيس الطهاة للشيف فاروق، للتهوين من أمر خوفه من الفيروس الصيني: "ديه حالة أو حالتين.. مش وباء يعني يا فاروق!".
الصين حلوة!
الصين بالنسبة للمجتمع المصري والعربي هى المنتجات زهيدة السعر، ولكنها أصبحت ترتبط بنوعية من الفيروسات الوبائية المخيفة، وقصة الفيروس والعدوى يمكن أن تؤسس لدراما ثرية، خاصة أن خطر المرض أصبح دولياً، ولكن "فول الصين العظيم" الذي كتبه "أحمد عبد الله"، وأخرجه "شريف عرفة" فضل اللعب في المضمون، وتقديم حكاية سطحية بسيطة عن الشاب الجبان "محي الشرقاوي-محمد هنيدي"، حفيد المجرم العجوز "جابر الشرقاوي-سامي سرحان"، وبسبب فشل "محي" في عالم الجريمة، وسعى عصابة منافسة لعصابة جده للإنتقام منه يعرض عليه زوج الأم، الشيف "فاروق-سعيد طرابيك" الذهاب إلى الصين، وكان زوج الأم مكلفاً في الأصل بالذهاب إلى الصين للمشاركة في مسابقة دولية للطهي، لكنه خشي الإصابة بفيروس "سارس"، ولأنه يكره ابن زوجته ويتمنى التخلص منه إستغل ظروفه ليذهب بدلاً منه فى المسابقة، وساعده الجد "جابر الشرقاوي" أملاً في أن تكون الرحلة سبباً في بث روح الشجاعة والمواجهة في شخص الشاب الجبان، ورغم كل مبررات "محي" لإقناع جده بخطورة سفره للصين، كان الجد يردد بعناد: "الصين حلوة!". أما حبكة الفيلم فلم تركز على فكرة الخوف من الفيروس الصيني، بل على محاولة البطل النجاح في المسابقة وهو لا يجيد الطبخ، وعلى قصة حب نشأت بين البطل والمترجمة الصينية "لي"، بالاضافة إلى مواجهة عصابة صينية ترغب في إغتيال رئيس لجنة تحكيم المسابقة، وظل الفيروس فى خلفية الأحداث تماماً.
فول تايلاند العظيم!
رغم أن معظم أحداث الفيلم تدور في الصين، لكن معظم مشاهد الصين تم تصويرها في تايلاند، والمترجمة الصينية "لي" قامت بدورها الممثلة التايلاندية "كامالا"، وهي ممثلة تليفزيونية معروفة في تايلاند، وما تم تصويره داخل الصين نفسها لا يتجاوز أسبوع تصوير واحد، ولا توجد معلومة مؤكدة حول سبب تفضيل التصوير في تايلاند، وهل كان لذلك علاقة برعب فيروس "سارس" وقتها، أم لأسباب تتعلق بالتكلفة الانتاجية، وعلى أية حال لم يفرق مع المتفرج العربي التغييرات التي قام بها الانتاج في مشاهد الصين؛ فهو لا يُفرق بين الملامح الأسيوية المختلفة، ولم يُركز الفيلم على التصوير في أماكن المعالم الصينية الشهيرة.
الهروب من الفيروس
فيما يتعلق بفيروس "سارس" لم تأت سيرته سوى مرتين، الأولى في مصر حينما رفض الشيف فاروق السفر خوفاً من الإصابة بالفيروس، والثانية في الصين حينما ظن بعض الصينيون أن تاجر فوانيس رمضان "ممتاز الدمنهوري-محمد شومان" صديق البطل مصاب بالفيروس، وكان ملقى على الأرض، ويركله المارة خوفاً من العدوى، وكانت الحقيقة أنه تعاطى بالخطأ كيس سم سقط من جيب البطل، ظناً منه أنه دواء للإسهال، وأنقذه الأطباء في اللحظات الأخيرة.
الفيروس رغم كل ذلك كان محركاً لأحداث الفيلم؛ فبسببه اضطر البطل للسفر لمكان خطير، وخاض هناك مغامرات واجه فيها أشرار، وتعرض لامتحانات عديدة لخوفه من كل شىء، وكعادة الأعمال الكوميدية المصرية خلال السنوات الأخيرة نجح البطل الجبان، الخائف من كل شىء في الإنتصار على كل تلك المخاطر، وبحلول درامية غير منطقية، ولم يكن ذلك بسبب تحول نفسي جذري أو شجاعة مفاجئة؛ بل بسبب طيبته والحظ الجيد الذي جعله يكسب مسابقة طهي رغم انه ليس محترفاً، أو الانتصار على عصابة دولية خطيرة بمعاونة عائلة المترجمة الصينية التي يحبها، وربما فات على كاتب الفيلم أن يقضي البطل على الفيروس الصيني بالمرة.
فيروس "كورونا" أشد شراسة من "سارس"، ولا أظن السينما المصرية قد تعيد الكرة مرة أخرى، وتذهب إلى الصين، أو شرق آسيا؛ فالمخاوف تزداد، والفيروس أتى إلى مصر، والعديد من الدول العربية، وربما يكون تأثيره، والإجراءات الوقائية المتعلقة به موضوعاً لفيلم سينمائي جاد وإنساني يوماً ما.