فيلم "Encanto" .. كيف أصبحت أميرة ديزني الجديدة فتاة عادية تضع نظارات رؤية كبيرة؟!

في فيلم "ديزني" الأخير Encanto نرى أميرة ديزني تضع نظارات رؤية كبيرة! حقاً؟!

تغيرت "ديزني" كثيراً خلال العقود الأخيرة، وتغيرت ملامح حواديتها وأميراتها عن الأميرات مثل "سندريللا" و"سنو وايت" و"الجمال النائم"، وهذا التغير إرتبط كثيراً بالتغيرات الإجتماعية والثقافية المُتسارعة خلال العقود الأخيرة، وفيلم Encanto يتجاوز الكثير من الملامح النمطية لأميرات ديزني الكلاسيكيات، ومهما كان الإختلاف على هذه التغييرات، لكن الفيلم حافظ على سحر الحدوتة السينمائية وجاذبيتها، وقدم المخرجان "جاريد بوش" و"بايرون هاوارد" فيلماً من أهم أفلام الأنيميشن التي قدمتها "ديزني" خلال السنوات الأخيرة، والذي سينافس بلاشك فيلم "ديزني" الرائع أيضاً Luca على أوسكار الأنيميشن القادم، وإن كنت أرى Encanto الأقرب للحصول على الجائزة.

​​​​ايكانتو

سحر العائلة وبؤس البطة السوداء!

تستند حواديت ديزني إلى أرض الواقع مهما شطح خيالها، وفي أغلب أفلام أميرات ديزني نجد الجمال والسحر هما أساس شخصية بطلة الحكاية، والجمال الشكلي يضع سندريللا وسنو وايت وغيرهن من البطلات في موقع خاص؛ فالأميرة هى الأجمل، وهى المحسودة، وهى التي يسعى خلفها الأمير، حتى لو كانت أصولها متواضعة إجتماعياً؛ فالجمال في حكايات ديزني هو ثروة البطلة الحقيقية؛ فلم تكن سندريللا غنية ولم تكن أميرة تعيش في قصر، ولكن جمالها أوصلها إلى القصر، وأغلب أميرات ديزني الكلاسيكيات لا تمتلكن مواهب خاصة أو خارقة، إنهن فقط جميلات ومُحبات للغير والخير، وهن أيضاً جميلات بمعايير نموذج جمال الفتاة الأوربية البيضاء الشقراء ذات العيون الملونة.

فيلم "ديزني" الأخير Encanto

 

هذه المباديء التي وضعها "والت ديزني" في أفلامه الخالدة تغيرت بمرور الوقت، وبدأت تظهر أميرات من أعراق مختلفة، ولم يكن الأمر هدماً لصورة الأميرة كما رسمها ديزني بشكل تام؛ فرغم أن "ياسمين" عربية، و"مولان" صينية، و"بوكاهونتاس" من السكان الأصليين لأمريكا، وملامحهن بعيدة عن مقاييس الجمال الأوروبي، لكن تم رسمهن بملامح جميلة وجذابة، تُعبر عن جمال بيئتهن وأصولهن العرقية المُختلفة، ولكن "ميرابل" في فيلم Encanto أقرب للبطة السوداء المنبوذة بمقاييس عائلتها نفسها.

الأميرة ذات النظارات الكبيرة!

شخصية البطلة "ميرابل" في فيلم Encanto مختلفة بشكل ملحوظ عن ملامح أميرات ديزني التي شاهدناهن في الأفلام السابقة؛ فهى ليست فتاة شديدة الجمال، وتضع نظارات كبيرة لتحسين البصر، ورغم أن والدتها لديها موهبة علاج أى مرض بواسطة مأكولاتها السحرية الشهية، لكنها لم تُعالج ضعف بصر إبنتها، وغالباً المقصود هو إبراز هذه التغيير الجذري في ملامح أميرة "ديزني"، وهو أمر يُضاف إلى الكثير من العناصر التي تجعلها منبوذة.

Encanto .. كيف أصبحت أميرة ديزني الجديدة فتاة عادية تضع نظارات رؤية كبيرة

"ميرابل" حفيدة رجل وأمرأة فرا ليلاً من قريتهم بصحبة بصحبة أبنائهم الثلاثة؛ بسبب نزاع مسلح، وتمكنا من النجاة بسبب الشمعة المسحورة التي كان يُمسك بها الأب، والتي قذفت بالمعتدين بعيداً، لكن الأب اختفى أيضاً، وتمكنت الأم من بناء قصر مسحور لديه وعى، في منطقة معزولة تُحيطها الجبال، وأصبحت الشمعة التي لا تنطفأ هى جوهر قدرة العائلة على العيش وإزدهار قريتهم، ورغم تلك الخلفية المُعقدة لعالم Encanto المسحور، لكن القصة بشكل عام لا تتوقف كثيراً عن التفاصيل التاريخية لمُعاناة العائلة ونسلها، وتُركز بشكل كبير على الحياة اليومية للقرية، ومُعاناة البطلة المراهقة بسبب شعورها بعدم القدرة على الإندماج مع شخصيات عائلتها ومُنافسة هباتهم السحرية، وإرضاء جدتها كبيرة العائلة.

فتاة عادية وقلب كبير!

يُمكن أن نرى "ميرابل" ببساطة وسطحية أميرة فاشلة، لا تمتلك الجمال الساحر الذي يجعلها مرغوبة من الأمير الوسيم، وهذا عكس شقيقتها المثالية "إيزابيل"، التي تمتلك الجمال ويمكنها أن تجعل الزهور تتفتح في كل مكان بصورة سحرية، وعكس شقيقتها الأخرى "لويزا"، التي تمتلك قدرة بدنية خارقة، ولكن هذا يُوصلنا إلى الهدف الأخلاقي للفيلم؛ فرغم أن الفتاة غير محظوظة وشبه منبوذة، لأنها بمقاييس القرية المسحورة لا تفيد المجتمع، لكنها تُصبح محور الأحداث والقرية حينما تبدأ في دعم الجميع بعد تعرض القصر للإنهيار، وفُقدان عائلتها مواهبها السحرية.

ايكانتو

"ميرابل" تمتلك الذكاء والدأب والحماس والفضول والقلب المرهف والقدرة على مُقاومة الضغوط، والأهم أنها تستطيع العيش والتكيف بدون قوى سحرية؛ إن موهبتها الخارقة أنها شخصية عادية في كل شيء، وتستطيع حل مشاكلها بالوسائل العادية المتاحة ولا تعتمد على قوى غامضة، ويكتشف أهل قريتها أن "ميرابل" بشخصيتها العنيدة وكفاحها لإعادة بناء قصر العائلة بدون قوى سحرية أعادت لهم السحر المفقود؛ في إشارة رمزية إلى أن الوسائل العادية تصنع المعجزات أيضاً.

رقص.. غناء.. ألوان!

يعتمد الفيلم على الغناء بشكل رئيسي؛ وقد أبدع الكاتب "لين مانويل ميراندا" في صياغة ملامح الشخصيات وإنفعالاتها من خلال أغنيات مرحة وجذابة، ويُمكن أن نقول أنها لم تكن أغاني تمنح الفيلم لمحات موسيقية جذابة، بل هى جزء أصيل من نسيج العمل، ولم تكن مُقحمة في أى لحظة، وكانت الرسوم والألوان الرائعة، والتحريك المُتناغم في المشاهد الراقصة مصدر إختلاف الفيلم وسحره.

في فيلم "ديزني" الأخير Encanto

الفيلم يحتفي بقيم العائلة والترابط، ولكنه لا يُغفل التفرد والإختلاف، ويًصور من خلال علاقة "ميرابل" وعائلتها نوع خاص ومختلف من الحواديت؛ فلم تكن أزمة بطلة الفيلم مع زوجة أب شريرة (سندريللا وسنو وايت)، بل مع أهلها وأقرب الناس إليها، ويدعو الفيلم إلى تقدير الشخص المختلف، وعدم وضع الصورة الشكلية للشخص وإمكانياته الفردية فوق قيم التقدير والإستيعاب والتشجيع، ورغم موقف عائلة "ميرابل" السلبي نحوها في البداية، كانت هى على العكس تُشجع من حولها وتدعمه معنوياً بصورة كبيرة، وخلف نظارتها الكبيرة كانت عيونها مُحبة للجميع.