سينما السيارات في الدول العربية حل مؤقت في زمن "كورونا"..هل تصلح كبديل ناجح لدور العرض؟!
يبدو أن سينما السيارات ستكون إحدى الحلول المناسبة التي ستلجأ لها بعض الفعاليات الفنية خلال الفترة المقبلة بدلًا من دور العرض التقليدية المغلقة، تزامنًا مع أزمة انتشار فيروس كورونا، حيث قررت بعض الدول العربية العودة لهذه النوعية من دور العرض مؤخرًا، والتي لاقت رواجًا واسعًا، لدرجة جعلت القائمون على الدورة الافتتاحية من مهرجان عمان السينمائي يستحدثون ثلاث شاشات سينما لِلسيارات "درايڤ إن" فى منطقة العبدلي الجديد واستخدام مسرح الهيئة الملكية الأردنية للأفلام فى الهواء الطلق في تجربة هي الأولى من نوعها في مهرجان عربي.
وعن تلك الخطوة تحدث 3 من النقاد العرب عن رأيهم في عودة سينما السيارات وكيف ساهم الأمر في تقليل الخسائر التي نتجت عن توقف العديد من الفعاليات جراء فيروس كورونا.
طارق الشناوي: سينما السيارات حل استثنائي لظرف استثنائي
أبدى الناقد الفني المصري طارق الشناوي إعجابه بالفكرة، والإقدام عليها في هذا الظرف الاستثنائي، وقال في تصريحات خاصة لـ"هي" إن سينما السيارات وسينما القوارب والبلاج، كلها موجودة من قبل انتشار كورونا، مُضيفًا أننا أمام ظرفًا استثنائيًا وبالتالي من الممكن البحث عن حلول استثنائية أيضًا لتفادي فكرة التوقف التام لفعاليات مهمة، وهو ما فعله مهرجان عمان.
وأكد أن عدد من صناع الفن بمصر لجأوا لحلول مشابهة بديلة عن فكرة التوقف التام، وعلى سبيل المثال، إقامة الحفلات الغنائية في مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية بدلًا من المسرح الكبير المغلق، وتابع: "الحاجة أم الاختراع، وفُرض علينا ظرف وإحنا مش عايزين نتوقف فبندور على حلول"، وأيد الناقد المصري الكبير ما فعله مهرجان عمان واعتبره أمرًا منطقيًا في مواجهة جائحة كورونا.
ولفت طارق الشناوي إلى أننا لا نستبعد إقدام بعض المهرجانات المصرية على تلك التجربة في دوراتها المقبلة، لتكون "حل مؤقت لظرف مؤقت" بحسب تعبيره، مؤكدًا أن الدورة الرابعة من مهرجان الجونة السينمائي ستستعين بسينما البلاج هذا العام ضمن عروض برنامجها.
وأكد الشناوي أنه لا شك أن الطقس السينمائي التقليدي وعرض الأعمال السينمائية في قاعة مغلقة، أفضل كثيرًا من سينما السيارات وغيرها، مُستطردًا: "إحنا في ظرف بنتحايل عليه، ولو عملوا سينما سيارات في وقت لا يوجد به أزمات معينة تستدعي ذلك.. وقتها الأمر لن يكون مقبولًا".
كاظم السلوم يتساءل عن نقطة الضعف في سينما السيارات
أما الناقد العراقي كاظم السلوم، مدير قسم السينما في دائرة السينما والمسرح بالعراق، فكشف عن رأيه أيضًا في فكرة استعانة بعض الدول العربية بسينما السيارات مؤخرًا، فقال في تصريحات لـ"هي" إن سينما السيارات لم تكن موجودة في البلدان العربية، بل أخذت كتقليد عن سينما السيارات في أمريكا ودول أوروبية أخرى، وهي عروض بديلة عن صالات السينما، خصوصًا في أيام الصيف، وتمنح البعض خصوصية شخصية داخل سياراتهم، ولا تأثير لها على الصناعة السينمائية، فهي وسيلة عرض فقط.
وأكد كاظم السلوم أن إقامة عروض سينما السيارات في بعض البلدان العربية ومؤخرًا عمان، هي محاولة للتقليد ليس إلا، مشددًا على أنه مع الفكرة تمامًا إذا توفرت الساحات والأماكن الملائمة، لكنه وجه سؤالًا للقائمين على دور العرض البديلة تلك ولجمهورها، واعتبر هذا التساؤل بمثابة نقطة ضعف في سينما السيارات، فقال: "ماذا إذا أراد بعض المشاهدين مغادرة العرض، لأي سبب كان، ألا يسبب تشغيل سيارته إزعاجًا للبعض؟".
وأضاف: "أما إذا كنا نقصد بسينما السيارات، السينما المتنقلة، فهذا موضوع آخر، وهي عروض مهمة خصوصًا للمناطق والقرى التي لا توجد فيها دور عرض، وتم العمل بها في العراق قبل أربع سنوات حيث قام بعض الشباب بعرض أفلام في الساحات العامة من خلال سيارات تتوفر على وسائل العرض".
وأكد كاظم السلوم أنه لا توجد نية لإقامة عروض سينما السيارات في العراق، ولم يطرح هذا الموضوع من الأساس حتى الآن عليه باعتباره مديرًا للسينما.
أندرو محسن: جزء من متعة السينما يذهب بالتواجد داخل السيارة!
أما الناقد المصري أندرو محسن مدير مسابقة سينما الغد في مهرجان القاهرة السينمائي، فقال في تصريحاته لـ"هي" إن من عيوب تجربة سينما السيارات من وجهة نظره أن جزء من متعة تجربة السينما التقليدية يذهب بالتواجد داخل السيارة أمام شاشة العرض، مُضيفًا أن عروض الأفلام في هذا النوع من دور العرض، من الممكن أيضًا ألا يحقق العائد المنتظر المماثل للأفلام التي تعرض في دور العرض التقليدية المغلقة، لافتًا إلى أنها حتى إذا أقيمت بعدد سيارات كبير، سيظل عدد الأشخاص المشاهدين محدودًا، من فئات معينة، بالإضافة إلى اقتصار الحفلات على مواعيد معينة وتحديدًا بعد غروب الشمس.
بينما من مزايا الفكرة فأكد أندرو محسن أنها خطوة جيدة في الظروف الحالية وتداعيات فيروس كورونا، خاصة وأنه من الواضح أن ظروف التباعد الاجتماعي والاجراءات الاحترازية ستستمر لفترة أخرى، بالرغم من أنها ليست الحل الأفضل على الإطلاق، موضحًا أن التجربة من الممكن أن تشجع على إقامة سينمات للسيارات في المحافظات التي لا تمتلك دور عرض في مصر على سبيل المثال، فتكون أقرب للسينمات الصيفي.
وعن استعانة مهرجان عمان بسينما السيارات في حفل الافتتاح، وإمكانية تكرار التجربة في مهرجانات عربية أخرى، أضاف الناقد المصري أن تلك التجربة ربما تكون حلًا مؤقتًا وتجربة مختلفة أفضل من إلغاء المهرجانات أو إقامتها "أونلاين"، لكنها ليست الحل الأمثل ولن توصل أجواء الفيلم للمشاهد بالطريقة المرجوة، لافتًا إلى أن جزء من قيمة المهرجانات هي مشاهدة أفلامها في قاعة السينما التقليدية بأجوائها الهادئة.
أما عن فكرة الاستعانة بتلك التجربة في مهرجان ضخم كمهرجان القاهرة السينمائي في دورته المقبلة، أكد أندرو محسن أن هذا الأمر لم يطرح للمناقشة بعد، وحتى وإن تم اقتراحه فيجب دراسته جيدًا لأن مكان العرض يجب أن يكون مجهزًا بشكل جيد من ناحية الصوت والصورة والمساحة وكل شيء.