قبل محكامتها مجدداَ.. لماذا علينا الإعتذار من شيرين عبد الوهاب؟
بعد هدوء عاصفة الانتقادات والهجوم على شيرين عبد الوهاب في الفترات الأخيرة، وقبل أيام من جلسة محكامتها الجديدة في قضية الإساءة لمصر، كان علينا ان نعيد التفكير والحكم مرة أخرى على حدث مع المطربة الشهيرة طوال العام الماضي من أزمات وغضب وهجوم عنيف متواصل عليها، خاصة بعد نالت عقاباً أكثر من مرة.. وكان علينا ان نعيد التساؤل:" هل تستحق شيرين كل هذا الهجوم والعقاب؟!"
هل تستحق شيرين كل هذا الهجوم والكره والعقاب؟
قبل أي شيء، فالحقيقة أن شيرين عبد الوهاب تعرضت لأقسى حملات هجوم لم تشهده الساحة الفنية العربية منذ سنوات طويلة، ولم نشهد مثلاً ان فناناً قد تعرض لمثل ما حدث معها على مدار عام كامل، لم تغب فيه يوماً عن مواقع التواصل أو وسائل الإعلام المختلفة بسبب هذه الأزمات والتي جميعها تخص حياتها الفنية وعلاقاتها بزملاءها.. فكيف سيكون مستوى الهجوم عليها إذا كانت هذه الأزمات تتعلق بجرائم حقيقية أو أسباباً شخصية وأجتماعية؟!
استهلت شيرين عبد الوهاب أزماتها مع بداية عام 2017 في الواقعة الشهيرة بحفل زفاف عمرو يوسف وكندة علوش، بعد ان سرب لها فيديو تسخر فيه بشكل غير مباشر من عمرو دياب، والذي لم يعجب معحبيه وشنوا حرباً على شيرين على مدار العام وربما كان عمرو دياب هو السبب الحقيقي في تضخيم كل أزمات شيرين فيما بعد وتحويلها إلى جرائم لا تغتفر، خاصة انها أعلنت عداءها لأكثر المطربين تاريخاً وجماهيرية في مصر.
ولكن السؤال هل أجرمت شرين حقاً بإعلان عداوتها لعمرو دياب؟ الحقيقة ان هذا حقها بالكامل، بغض النظر عن القيمة الفنية والجماهيرية لعمرو دياب، فهو أيضاً ليس منزهاً عن الخطأ، وهو طرف في الخلاف، حتى ولم يتورط في تصريحات علنية ضدها، فإن معظم العاملين معه وفريق عمله من الملحنين والموزعين بالإضافة إلى جمهوره قد قاموا بما هو أكبر من الرد على شيرين، بداية من السخرية من هيئتها وحياتها قبل الشهرة إلى اغتيالها معنوياً والتقليل من قيمتها واهميتها الفنية والتي ان وضعت في مقارنة خاسرة مع عمرو دياب فهي في حد ذاتها إضافة لها واعترافاً بأهميتها وليس العكس.
الغريب في الأمر، ان شيرين عبد الوهاب ليست اول من يهاجم عمرو دياب أو تتعرض له بغير المدح، فسبقها إلى ذلك عدد من زملائها، ومنهم من كان أشد عداوة منها رغم ان الفضل في صعودهم كان عمرو دياب نفسه مثل عمرو مصطفى، والذي كان أكثر الساخرين منها ومهاجميها، فلماذا لاقت شيرين فقط كل هذا الهجوم؟ وبالمناسبة ان الخطأ الأكبر والذي تجاهله الجميع من نصيب مسرب الفيديو من الحفل الخاص للإيقاع بها، أكثر من شيرين التي لا يعيبها سوى عدم التمتع بالدبلوماسية الكافية أو الذكاء الإجتماعي الذي يحميها من الأزمات ولكن كلها صفات شخصية لا تتواجد بنفس الدرجة عند كل البشر ولا تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون!
تهور شيرين وتلقائتها في إطلاق التصريحات السبب في معظم أزماتها منذ بداياتها الفنية، ولكن ذلك يظل أمراً يتعلق بها بمفردها قد يعرضها لانتقادات من حين لآخر، وهو حق للإعلام وللجمهور لانتقادها او تحذيرها ومحاولة تقويمها مثلاً، ولكن هل من الحق ان يتطور الانتقاد إلى حملات اغتيال معنوي وسخرية شخصية وتطاول ومحاولات جادة من البعض لإنهاء مسيرتها الفنية في أسرع وقت وأقرب فرصة؟
أعطى كل هذا الهجوم سنداً شعبياً وإعلامياً لتحول محاكمة شيرين من مواقع التواصل والإعلام إلى ساحات القضاء، وأصبحت في مواجهة حكماً بالحبس، على أمر يعلم الجميع انه عدم لباقة و مزحة ثقيلة فقط، لم تعجب الجميع، ولكنها في الحقيقة لا تتعدى كونها سخرية من أغنية خاصة بها، لا يحق لنا ان نستخدمها للتشكيك في نواياها أو وطنيتها، والتي لا تقاس بالمناسبة بالأغانى أو الحديث المنمق، وإن اعتبرت كذلك فشيرين قدمت في مسيرتها عدة أغاني وطنية هامة وناجحة أكثر من معظم أعدائها.
لم تلق شيرين طوال العام الماضي أي نوع من الدعم أو الانصاف أو حتى التريث في إطلاق الاحكام أو وقف حملات تشويه صورتها وحياتها، وحرمتها هذه الموجة من وجود نقد حقيقي ومحايد لتصرفاتها، حتى ان نقابة الموسيقيين المصرية كانت أول من تخلى عنها وتبارى أعضاءها في تحديد حجم العقوبة ومهاجمتها عبر وسائل الإعلام، رغم انها من المفترض أول جهة تحمي منتسبيها من الهجوم غير المبرر أو الاضرار بالحياة المهنية والشخصية، وليس من اختصاصاتها الحكم في أمور غير فنية أو معاقبة فنان على مزحة ثقيلة، وبدا الأمر كأنها خطة جاهزة للانتقام من شيرين ومعاقبتها بأثر رجعي على كل شيء.
والحقيقة أيضاً أن ما فعلته شيرين بعد الأزمة أمر يستحق الاحترام والاعتذار منها، لقبولها تنفيذ حكم الإيقاف لشهرين بدون وجه حق، و الاعتذار علناً على مزحتها من أغنيتها "مشربتش من نيلها"، ودفعها الثمن بالحكم عليها بالسجن بعد التعنيف والعقاب المعنوي من كل الأطراف، بالإضافة إلى صمودها أمام الهجوم والسخرية واستكمال أعمالها وتغيير خطتها في إدارة أعمالها دون أي مساعدة لها على تخطي الأزمات حتى بالتسامح والتعاطف معها.
السؤال الأخير الذي يجب ان نوجهه لأنفسنا قبل أيام من النطق بالحكم في قضية سجن شيرين عبد الوهاب هو هل ستنال شيرين بهذا الأمر عقاباً اكثر مما تستحق؟ وماذا سنستفيد من سجنها بدون الوقوف بجانبها أو من إنهاء مسيرة فنانة عربية تتمتع بموهبة استثنائية وجماهيرية كبيرة؟ وماذا سنستفيد أيضاً من تحويلها لمجرمة ومخطئة طوال الوقت والتسبب في الضرر النفسي لها؟ وكلها أمور قد تجبر أي فنان على الاعتزال على أقل تقدير.. بالطبع هي خسارة كبيرة للغناء العربي قبل أي شيء وللساحة الفنية التي لا تنجب مثل صوت شيرين كثيراً.