معايير حُكمك على الآخرين في المواقف المختلفة
معايير حُكمك على الآخرين في المواقف المختلفة، لن تستطعين الوصول إليها بدون اكتسابك صفات الحكماء، فهم يحافظون على هدوئهم في أوقات الأزمات، وقادرون على النظر إلى المواقف بشكل أشمل، كما أنهم يُجيدون التأمل في قدرات الذات ويدركون حدود معرفتهم الخاصة.
والأهم أن الحكماء يفكرون في البدائل، ولا ينسون أن العالم يتغير من حولهم على الدوام، ويتعاملون مع المواقف المختلفة وخصوصاً التي تتسم بعدم الوضوح بنظرة تفاؤلية ومهما كانت المشاكل أمامهم مُعقدة، كما أن بإمكانهم التمييز بين الخطأ والصواب.
وغيرذلك، من الصفات التي قد يحتاج سردها مقالات وليس مجرد سطور تمرعلى أذهانك مرور الكِرام. كذلك ينبغي عليكِ عدم الخلط بين الحكمة والذكاء، فرغم أن الذكاء مُفيد، لكن هناك الكثيرات اللواتي يتمتعن بالذكاء ويفتقدن صفاء الحكماء.
لذا جهزي نفسك وشجعي عقلك وكوني مُستعدة معنا لمعرفة صفات الحكماء للبدء في تغيير صفاتك وتطوير ذاتك وتعزيز ثقتك بنفسك، من أجل إدارة المواقف المختلفة وحل المشكلات التي تتعرضين لها في أمور حياتك. فصفات الحكماء تعد بمثابة أسس جوهرية تُساهم في توجيه حُكمك على الآخرين إلى المسار الصحيح.
من هذا المُنطلق، تعرفي على معايير حُكمك على الآخرين في المواقف المختلفة، وفقاً لما نُشر في موقع BBC وأيده استشاري التنمية البشرية الدكتور مصطفى الباشا من القاهرة.
الحكمة ليست سمة فطرية
يقول عالم النفس إيغورغروسمان، من جامعة ووترلو في كندا، اكتساب الحكمة يؤهلنا إلى اتخاذ القرارات الجيدة، كما أنها مرتبطة بكثيرمن الإيجابيات في حياتنا، مثل: الرضا بشكل أكبرعن الحياة، وتراجع نسبة المشاعر السلبية، واكتساب علاقات أفضل، وتراجع معدلات الاكتئاب.
وقد توصل غروسمان وزملاؤه إلى أدلة تشير إلى أن الحكماء من الناس يعيشون أعمارا أطول من غيرهم. وفي المقابل، لا يصنع الذكاء أي فرق فيما يتعلق بالعيش الرغيد، وذلك لأن مستويات الذكاء لا تعكس في الغالب قدرة الإنسان على تعزيز علاقات جيدة مع الآخرين، أو اتخاذ قرارات مناسبة في الحياة اليومية.
ويبدو غروسمان مقتنعاً بأن الحكمة ليست ببساطة سمة فطرية مستقرة ينبغي أن تتمتعين بها من البداية، أولا تمتلكيها بالمرة. وإذا صحت وجهة نظره، فهذا أمر مفيد لك. فهو يعني أنه يُمكنك الوصول إلى صفات الحكماء في بعض الأحيان على الأقل.
نتائج دراسة غروسمان للوصول إلى معايير حُكمك على الآخرين
هناك أسئلة محددة طرحها غروسمان على المشاركين في دراسته حول الحكمة، من قبيل: فكري فيما حدث معك بالأمس، وفي الموقف الأكثر صعوبة وتعقيداً الذي واجهكِ خلال يومك؟ وكيف تصرفتِ إزاء ذلك الموقف؟.
وهنا كتب المشاركون عن بعض المواقف التي مروا بها بالفعل، مثل الوصول المتأخر إلى الاجتماع بسبب المواصلات، أو الدخول في شجارات عائلية أو مع بعض الزملاء.
وقد درس الباحثون أسلوب المشاركين في عرض تلك الأسباب لكي يختبروا مدى حكمتهم.
فهل يعترفون مثلا بأن معرفتهم محدودة، وهل كانوا يرون أي جانب إيجابي فيما يعتبرونه موقفاً سلبيا.وقد تبين للباحثين أن بعض المشاركين بدوا حكماء في موقف ما، ولم يكونوا كذلك في موقف آخر.
لكن لماذا ذلك الاختلاف من موقف لآخر؟
أوضحت دراسة غروسمان، أن الأشخاص يصبحون أكثر حكمة عندما يكونوا مع أصدقائهم. فذلك يجعلهم أكثرميلاً للنظر إلى الصورة الكلية للأمور، وللتفكير في الجوانب المختلفة لتلك الأمور، والتعرف على حدود المعرفة التي يمتلكونها. لكن عندما يكونوا بمفردهم، فإنهم في الغالب لا يفكرون حتى في إيجاد بدائل.وهذا يعني أن الحكمة ربما تكون أكثر انتشارا مما نظن.
ويقول غروسمان: "لدينا جميعاً القدرة على أن نتحلى ببعض مظاهر الحكمة، ولكن ليس طوال الوقت". لكن بعض الأشخاص يُظهرون حكمة أكثر من الآخرين بشكل عام، والبعض الآخر يكون أكثر حماقة. لكن بما أن ذلك لا يحدث في جميع المواقف، فهذا يعطينا بعض الأمل.
وبالتالي إذا استطعتِ أن تكوني حكيمة لبعض الوقت وفي بعض المواقف المختلفة، فربما كان باستطاعتك أن تتعلمي كيف تكتسبين صفات الحكماء كأبرز المعاييرفي حُكمك على الآخرين. علماً أن اكتسابك هذه المعايير يتطور مع تقدم عمرك ومراحل نضوجك لإدارة المواقف المختلفة بشكل عام.
كيف يُمكنكِ فعل ذلك؟
يعتقد عالم النفس روبرت ستيرنبيرغ، من جامعة كورنيل بالولايات المتحدة، أن الحكمة ما هي إلا القدرة على الموازنة بين الأمور.
ويرى ستيرنبيرغ أن الشخص الحكيم هو الشخص الذي لديه القدرة على الموازنة العقلية بين نتائج الأمور على المدى القصير والمدى البعيد، وبين المصلحة الشخصية ومصالح الآخرين، وذلك مع التفكير في جميع الخيارات المتاحة، وفقا للوضع القائم، أومن خلال السعي إلى تشكيل وضع جديد.
ولاتباع ذلك النموذج الذي يطرحه شتيرنبيرغ للحكمة، فإن ما تحتاجين إليه هو أن تُحاولين أولاً أن تعرفي المصالح المُختلفة التي يُمكنك أن تتضمنيها دون أي معضلة تمُرين بها، سواء على المدى البعيد أو القصير، مع الانتباه إلى الظروف المُتغيرة المُحيطة بالموقف، وكيف يمكن أن تتشكل.
وأخيراً، ابعدي نفسكِ عن الإنخراط في أي مواقف راهنة وتفاصيلها حتى يُمكنكِ رؤية الصورة الكلية، تخلي عن الحديث عن نفسكِ واسألي نفسك ماذا يُمكنك أن تفعلي في هذا الموقف؟.
فعلى الرغم من أننا لا نُجيد الحكم مثلاً على الفترة الزمنية المطلوبة منا لإيجاز عمل معين، إلا أننا نُجيد تقديرما يحتاجه الآخرون من وقت لإنجاز بعض المهام.
ففي إحدى الدراسات، طُلب من عدد من الطلاب تقدير الوقت الذي يحتاجه كل منهم لإنجاز مهمة معينة، والوقت الذي يحتاج إليه طلاب آخرون لإنجاز نفس المهام.
وأظهرت تلك الدراسة أن الطلاب كانوا أفضل بكثير في تقدير الوقت الذي يحتاجه الآخرون، لأنهم أخذوا في الاعتبار فترات التوقف غير المتوقعة، مثل التعرض لنزلات البرد، أوبعض المواقف اليومية الطارئة.
لكن عندما يتعلق الأمر بحياتنا الخاصة، يبدو أن تفاؤلنا الطبيعي يمنعنا من أن نأخذ في الاعتبار المشاكل المتوقعة التي قد تحدث لنا، ما يجعل المعايير التي تُساهم في حكمك على الآخرين مرتبطة بطبيعة شخصيتك وثقتك بنفسك في المقام الأول.