أبرز مجموعات الكوتور التي جَعلت من هذا الموسم حدثاً لا يُنسى
موسم خريف وشتاء ٢٠٢٣ للأزياء الراقية في باريس اكتظ باللحظات المهمة والتاريخية والجمالية، حَمل في طياتِه مجموعتين لـمُصممين يعتلون التقويم الرسمي للكوتور كضيوف رسمياً لاتحاد الأزياء الراقية ومجموعة مُرتقبة لتعاون إبداعي. دعونا نُلقي نظرة على بعض من أبرز مجموعات الكوتور التي جَعلت من هذا الموسم حدثاً لا يُنسى.
مجموعة خريف وشتاء ٢٠٢٣ من آشي ستوديو للأزياء الراقية
اختار المصمم السعودي محمد آشي "الجوهر" ليكون عنوان المجموعة الأولى له كضيف رسمي لاتحاد الأزياء الراقية، حدث تاريخي للملكة العربية السعودية، البلد التي ينحدر منها المؤسس ومنطقة الخليج بالكامل ونقطة محورية وصل إليه خط مسيرته والدار التي أنشأها منذ ١٧عاماً. كانت المجموعة صادمة ومُغايرة، ولكن مُحافظة للهوية الفنية التي عُرف بها آشي ستوديو. حيث رّكز بهذه المجموعة على الجوهر بكل معانيه المرتبطة بالدار، بالكوتور ومُناظرة القصة الدراماتيكية التي كانت منبع الإلهام لهذه المجموعة.
مشدات هيكلية مكشوفة كجزء علوي لتنورة من الدرابيه بالمخمل الأسود، معطف أوبرا باللون الأحمر مُنسدل على الأكتاف تُمسكه العارضة بقبضتها لتُحكم إغلاقه.
تمحورت المجموعة حول مفهوم الكَشف وخلع الملابس بأسلوب شاعري مرادف لأسلوب المصمم، تُترجم رحلة البحث عن الجوهر من عمق الطبقات.
درجات الألوان الحيادية كالأبيض والأسود، البيج والذهبي لَونت المجموعة الحسية الكلاسيكية التي وضعت باطن وهيكلة حرفة الكوتور في الصفوف الأولى ومن خلالها تخلى آشي ستوديو للمرة الأولى من أحجامه الكبيرة الاستراتيجية الحالمة الى البساطة الدراماتيكية وكأنهُ بها يستبشر بفجر جديد وفصل جديد تُكتب صفحاته الأولى بخطوط رومانسية مُظلمة في مسرح دو شاتيليه، باريس.
حلم رمادي ذو حواف وخطوط رسمية، توم براون يقدم مجموعة الكوتور الأولى خلال أسبوع باريس للأزياء الراقية
جاء خبر عرض توم براون لـمجموعة كوتور خلال موسم خريف وشتاء ٢٠٢٣ للأزياء الراقية مفاجئ ومثير لحد كبير.
المصمم الأمريكي وعلامته الاستثنائية اتخذت باريس محطة متكررة لعرض مجموعاته السابقه لكن لم يسبق لمجموعة أن تتحلى بوقع درامي مثل هذه.
في قصر غارنييه للأوبرا بباريس قدم توم براون المجموعة التي تميزت بتفاصيل دقيقة وحرفة الكوتور التي تشكلت بالشك والتطريز المتناهي الدقة الذي اندمج مع هوية الدار المعتادة المتشكلة على هيئة بَدلات رسمية رمادية اللون. فن التفكيك والتركيب المعقد تجلى في تنوع الأقمشة في القطعة الواحدة.
تلاعب براون بالحدود الظلية ليخلق أشكال وأنماط غير متناهية من الزي المُوحد الذي عُرف به، وهي البِدل الرمادية.
فساتين ضخمة تداخلت مع الخياطة الحادة تميزت بطابع ڤيكتوري ومستقبلي في آنٍ واحد وبعض الإطلالات البيضاء التي عكست جو التفاؤل والسعادة التي توصلت إليه بطلة القصة بعد قطار الأفكار الرمادي التي مرت به لينتهي بإطلالة عروس استثنائية وجميلة جداً بطريقة وأسلوب توم براون. فستان بتصميم معطف رقيق ابيض ومفتوح الازرار ليسمح لحاشية وذيل الفستان أن تمتد على أرضية المدرج، ربطة عنق وقفازات بلا أصابع وكعب بلاتفورم حاد يميل الى الـ Avant-Garde وقطعة رأس شبكية من التل الأبيض زينت الإطلالة وحَلت مكان الطرحة التقليدية.
امتزج حس المصمم المسرحي وملابسه الرسمية بتقاليد الكوتور وعاداته بخَتمِه للمجموعة بإطلالة العروس وهالتها الناعمة، المجموعة التي يمكننا أن نقول بأنها تاريخية.
جوليان دوسينا المدير الإبداعي الضيف لهذا الموسم لدار چان پول قوتييه
وقَع الاختيار على المدير الإبداعي لدار رُبان جوليان دوسينا ليكون الضيف الخامس الذي يصمم مجموعة للأزياء الراقية لدار چان پول قوتييه.
ربما يكون أحد أعظم أحداث الموضة التي نشهدها في عصرنا هذا هو خُطة الكوتور المبتكرة لچان پول قوتييه الذي يُقدم مديراً إبداعياً جديداً لتولي قيادة وتصميم مجموعة لكل موسم من مواسم الـكوتور.
فينتج عنها إعادة تفسيرات لا حدود لها، واندماج ممتع لوجهات نظر التصميم تصطدم وتصطف على مر السنين مابين التاريخ المُوثَق والموهبة الحديثة التي تُشيد بها. لكن الهدف النهائي هو تكريم لأحد أشهر مصممي الأزياء في باريس "الفتى الشقي" لعالم الموضة والأزياء الباريسية.
المجموعة جميلة ومتوازنة جداً ولربما من رأيي أكثر مجموعة تعاونية تواجدت بها مَراجع چان پول قوتييه بسلاسة ووضوح متوسط، فزادت من غموض التفاصيل واندماج العناصر الفنية ووجهات نظر التصميم.
طبيعياً طغى على المجموعة الشبك المعدني المعروف بأنه توقيع الدار الأسبانية الفرنسية التي يُصمم لها حالياً دوسينا ليقدم دمج ثلاثي استثنائي، مابين رؤيته الخاصة ورؤية دار الإرث التي يعمل لتحديث ومواكبة رؤيتها والدار المستضيفة.
من بين الإطلالات المفضله لدينا هي الإطلالة المزدوجة حيث مشت عارضتان على المدرج، إطلالة تتكون من مشد بصدر مخروطي وتطريز يدوي على شكل تنين بجسد فضي معدني وجزء الإطلالة الأسفل تَكون من تنورة ملتفه من الشبك المعدني الفضي ومرتبطة حاشيته بالإطلالة التي تتبعها مباشرة، التي تشكلت من فستان ومعطف ذهبي معدني بالكامل. رسمت الإطلالات اتصال الدارين ببعض بطريقة فريدة حيث أن الأولى مرجع مباشر لمجموعة چان بول قوتييه الكوتور الأولى من ربيع وصيف ١٩٩٧ والثانية مرجع لكون باكو ربان المصمم الرائد الذي قَدم لعالم الأزياء بديل للقماش والخيط والإبرة واستبدلهم بالشبك المعدني والحلقات البلاستيكية أما الجزء المتصل فهو حلقة الوصل الذي صَمم المجموعة، دوسينا.
ستيفان رولاند يحيي صوت الأوبرا وأزياء واحدة من أهم مؤدينه في قصر غارنييه للأوبرا بباريس
المجموعة التي قدمها المصمم الفرنسي ستيفان رولاند كانت من أضخم وأجمل المجموعات لهذا الموسم المميز للأزياء الراقية.
في قصر غارنييه للأوبرا بباريس وأرضيته الرخامية والبهو الفاره الواسع، عَرض رولاند تشكيلة من الفساتين الأنيقة الدراماتيكية التي طغى عليها توقيعه الفني الذي يميل الى العوامل الهندسية والتصاميم المعقدة البارزة التي تصنع بحضورها بيان جمالي وجريء.
صعود العارضات للسلالم التاريخية الأيقونية وهم يرتدون الإطلالات متناهية الأناقة كانت بمثابة لوحة جميلة وبراقة كأنها تنتمي للزمن الجميل.
المجموعة مستوحاة ومُهداه لفنانة السبرانو والأوبرا الأمريكية-اليونانية ماريا كالاس، حيث وُجد ستيفان رولاند في صوتها وموهبتها وتأثيرها قوة مُلهمة كبيرة تزينت وزادت بأناقتها التي وُلجت على المسارح أثناء أداءها، فتُوِجَ جمال صوتها بأناقة حضورها.