"الرفاهية الهادئة".. قطع مصنوعة بإتقان لتعبر حدود الزمن
في ذهني الرفاهية هي فندق خمس نجوم مع خدمة ممتازة، أو منضدة في المطبخ مصنوعة من رخام "كالاكاتا" ومقطوعة من حجر واحد، أو سيارة متطورة ومجهزة بكل الكماليات الحديثة. الرفاهية اليوم مصطلح يُستخدم كثيرا في عالم "اللايفستايل"، لكن ماذا يعني فعليا في مجال الموضة؟
"الرفاهية الهادئة" أو "الفخامة الهادئة" عبارة رائجة يتردد صداها في كل أرجاء عالم الموضة حاليا، وتطلق صيحة خالدة خاصة بها. مفتاح هذا الأسلوب يتلخص في الأناقة الخافتة والجودة العالية، إلى جانب الاستثمار في قطع مصنوعة بإتقان لتعبر حدود الزمن وتنضح بالرقي في تصميمها وموادها والحرفية الدقيقة الكامنة خلفها، حتى لو لم تكن تعبّر عن الفخامة بأعلى صوت من النظرة الأولى.
كلمة "هادئة" تشير في هذا السياق إلى تصميم مينيمالي مجرّد من أي إضافات زينية ومتمسّك بجمالية بسيطة ونقية. هنا، تُبرز القصات غير الفوضوية جمال اللباس أو الإكسسوار نفسه، ويكون اسم العلامة التجارية أو شعارها مخبّأ وصغيرا. وتختفي الطبعات الزخرفية والألوان الزاهية المشتتة والأحجام المبالغ بها، من أجل الاحتفـــــــاء بأساسيات الخزانــــــة الفاخـــــرة. العامل الأهم هو اختيار ما تشعرين وترين أنه ملائم لك، والمواد التي تحبّينها. ففي النهاية، تركّز هذه الإطلالة على الراحة الراقية.
إذا، كيف ستبدو الفخامة في عام ٢٠٢٤؟
بفضل الإطلالات المبسّطة التي تستمر دور كثيرة في تقديمها، مثل "ذا رو" و"بوتيغا فينيتا" و"كيت"، نشهد عودة الصوت الخافت في تفسير مفهوم الفخامة، أي مقاربة يسميها البعض "الفخامة الهادئة" أو "الصيحة التي ليست صيحة". هي أقل صرامة من الأسلوب المينيمالي، لكنها مصقولة أكثر منه بكثير. وتتجلّى مثلا في حقيبة "هيرمس كيلي" أو معطف من "ماكس مارا" فوق سروال قديم من "ليفايس".
هل تجدين الفكرة صعبة أو معقّدة؟ صحيح أن إتقان هذا الأسلوب ليس بالأمر السهل، لأنه في الواقع مزاج معيّن قبل أن يكون أي شيء آخر، لكن ما علينا تذكّره هو أن "الفخامة الهادئة" (وهي فعليا مصطلح مرادف للأساسيات الراقية) هي إطلالة ستصمد في وجه اختبار الزمن.
ألتزم عموما بمبدأ تفادي وضع أي قطعة في سلّة التسوّق الخاصة بي إن لم أكن قادرة على استعمالها في ثلاث إطلالات مختلفة. لا شك في أن طريقة التسوق هذه تستغرق وقتا أطول بسبب عملية التفكير المدروسة التي أنفذها أثناء البحث والاطلاع على القطع المعروضة، لكنها مقاربة ستكونين ممتنة لها في السنوات الآتية. فأجد أنها تجنّبني لحظات الحيرة ومشكلة "ليس لدي ما أرتديه" التي كنت أواجهها مرارا وتكرارا في السابق. فكانت خزانتي مكتظة بالملابس، لكنها كانت خزانة محبِطة للغاية؛ والآن، بعد أن نضجتُ، أصبحتُ أميل إلى تفادي التيارات والصيحات التي لا تتماشى مع أسلوبي الشخصي ومع القطع التي أملكها، وأحاول أن أتذكّر طبيعتها الزائلة لدى الاختيار. عادة، أتّجه نحو الألوان الحيادية والقصّات التي تجمّل قامتي، من أجل توجيه مشترياتي، وهو أمر تعلّمتُه بالتجريب وارتكاب الأخطاء على مدى سنوات.
ما تريدينه هو بناء خزانة مليئة بالقطع الفاخرة القابلة للتنسيق بعضها مع بعض بأكثر من طريقة. هي عملية تبدأ مع أساسيات راقية، مثل تي-شيرت بقصّة رائعة، ومعطف كشميري ضخم، وسروال جينز يلائم قوامك بشكل مثالي، وسترة بليزر منسابة، وكلها يجب أن تكون قطع استثمار بحت ستقدّرينها وتحبّينها لعقود وعقود. تسير الإكسسوارات بدورها على الخطى نفسها، لأن الأناقة العابرة للزمن والجودة العالية هما سرّ إتمام إطلالتك المتقنة التنسيق. حقيبة "أفا تريونف" من دار "سيلين" مثال رائع على ذلك، وقد لفتت انتباه محررات الموضة حول العالم.
خزانتي الحالية لا تكتمل من دون قميص كلاسيكي أبيض، وسترة بليزر واسعة ألجأ إليها وأثق بها، وسروال رسمي القصة وواسع الساق. من أحدث التصاميم التي استثمرتُ فيها، بذلة من قماش أخضر كاكي مع تضليع خفيف من العلامة الدنماركية "مونته" MUNTHE. تستطيع أن ترافقني من النهار إلى الليل، إذ يمكنني في ساعات النهار أن أرتدي سترتها بمفردها فوق أي شيء أريده، مثل تي-شيرت أنيق وجينز، وفي المساء أكمل السترة بسروالها المطابق وحذاء عالي الكعب لأناقة عفوية وسهلة التحقيق.
نصيحتي لك أن تخصصي وقتا كافيا لإيجاد ما يناسبك بدلا من الوقوع ضحية لعالم الاستهلاك الاندفاعي. تسوّقي بنهج مدروس، وابني خزانة تدوم وتسهم في تحديد أسلوبك الشخصي وإطلالاتك الخاصّة. فكّري في الناحية العملية وتعددية الاستعمال والجودة، وانظري إلى الأقمشة الفخمة الملمس، والمصممة لتدوم، والمنفذة بأعلى انتباه إلى التفاصيل الدقيقة.
القطع البطلة والمتجاوزة لحدود الزمن بقصاتها الذكية ستمدّك بالثقــــــــــــــة والفـــــــــــرح وإحساس من الفخر، موسما بعد آخر. وهل يمكن أن نتمنّى أكثر من ذلك؟