المصمم الذي قدّمها لنساء العالم والمصمم الذي أعاد تشكيلها للكوتور... بدلة Le Smoking من "سان لوران" إلى "سكابريلي"
ابتدأ عام 2023 بأسبوع الأزياء الراقية في باريس لـموسم ربيع وصيف 2023 وكانت السيريالية النغمة المُعتادة التي دشنت الأسبوع الباريسي بمجموعة دار "سكابريلي" من تصميم المدير الإبداعي "دانييل روزبيري".
كانت مجموعة ربيع وصيف 2023 للأزياء الراقية للدار الفرنسية مستوحاة من قصيدة الجحيم لـ"دانتي" فكانت النتيجة مجموعة استثنائية جداً جمعت ما بين السيريالية، الفن والغرابة ودُفعت حدتها بموجة من إثارة الجدل.
احتوت المجموعة على صور ظلية بطابع المبالغة حيث كانت البدلات الرسمية والبدلات المقلمة تحتوي على أكتاف مبالغ فيها، وخصور ضيقة، وبنطلونات طويلة للغاية وامتدت الأجسام إلى ما هو أبعد من قياساتها المعتادة.
أما الحصة الأكبر من الاهتمام فكانت للإطلالات والتصاميم التي نتأت منها رؤوس حيوانات مفترسة واقعية جداً لدرجة سيريالية، أثارت تشكيلة من المشاعر لدى المستقبلين والحاضرين ما بين الرعب والهيبة والاستنكار و سوء الفهم الذي تشكل على هيئة تحريض و تشجيع لممارسة الصيد و أيضاً كان هناك التعجب والانبهار من الامكانية الجبارة والمهارة والحرفة التي يمتلكها اتلييه "سكابريلي" لإنتاج هذه الرؤوس الواقعية من مواد صناعية بحته.
أُحب أن أُعيد التركيز على بعض الإطلالات التي أخذت الحصة الأضعف من جذب الانتباه رغم تطرفها الابداعي على حد سواء، ولكن لا يمكننا انكار التأثير المستمر لمنظر الرؤوس الواقعية التي زينت بعض التصاميم واحتلالها العناوين الرئيسية، ولكن بقية المجموعة احتوت على ما يستحق فعلا لكل هذا الضجيج.
من الإطلالة الخشبية التي تكونت من 20.000 خرزة خشبية بأحجام مختلفة الى البدل التي شُوهت أبعادها وأحجامها لتنتقل من طور الكلاسيكية الى عالم السريالية.
كانت الإطلالة رقم 19 من المجموعة المكونة من 32 إطلالة ككل بمثابة حلقة وصل وربط ونقطة التقاء ما بين دارين للأزياء وعلامتين لكلٍ منهما إرث مختلف وهويات متباينة، فوجدت في الإطلالة مرجع يربط مابين "سكابريلي" اليوم و"ايڤ سان لوران" وواحدة من ثوراته التي غيرت ملامح الصناعة للأبد.
ظهرت العارضة على مدرج "سكابريلي" ببدلة بنطال جاءت بصورة ظلية متطرفة الأبعاد، حيث أخذت الأكتاف الجانب الضخم من المعادلة ويقابلها الجانب السفلي بالحجم، بينما كان الخصر ضئيل بصورة عجيبة مُشكلاً مظهر والصورة الظلية للساعة الرملية أو غالباً هيئة زجاجة عطر Shocking! الكلاسيكي من العلامة، العطر النسائي الذي قدمته المؤسسة "إلسا سكابريلي" في عام 1937.
صُنعت البدلة من قماش رجالي مُقلم، انحنت الخطوط عند قربها من الخصر تأكيداً على القيمة الوهمية والتلاعب البصري الذي يقع تحت مظلة السيريالية وأيضاً مبدأ كسر القواعد الذي يضع النساء في الملابس الرجالية، ولكن تحويل الصورة الظلية الى خطوط أنثوية للغاية.
يقودني التفكير بأننا رأينا في طيات هذه المجموعة المُذهلة النسخة السيريالية من بدلة "ايڤ سان لوران" Le Smoking التي قدمها في عام 1966 ومن خلالها مكّن المرأة وأعطاها قوة الخيار التي تتعدا حدود الملابس النسائية المُقررة، وهي أول بدلة رسمية للنساء ومع بدء موجتها مقترنةً مع سراويل Cigarettes في الشوارع والمطاعم التي كانت رافضة هذا المظهر الجديد في ذلك الوقت حيث أبعدت النساء الاتي كانوا يرتدونها.
وهذه من مقومات وصِفات الثورة، غالباً ما تُقابل بالرفض لتكتسح بعدها العالم وتتخذ مكانتها في تاريخ الأزياء، أما بالنسبة لـ" لي سموكينغ" فهي من أساسيات الموضة الحديثة والمعاصرة والتاريخية التي غيرت معجم الأزياء الرجالية و النسائية.
من كتاب “Little book of Schiaparelli: The story of the iconic fashion designer” بقلم "إيما باكستر-رايت" قرأت مقولة يتحدث بها المصمم الفرنسي عن المصممة الإيطالية بإعجاب وتشجيع حيث يقول "لم تكن ترغب في إرضاء الجميع، بل أرادت الهيمنة".
وفي هذه الإطلالة من هذه المجموعة تصادم إرثهما في تصميم بمعاني متعدد الطبقات.