"أليسون لونيس" في حديث لـ"هي": دعم المصممين في طليعة ما نقدمه
حوار: Mai Badr
إحدى أهم المواهب القيادية وأكثرها تأثيرا ضمن عالم الأزياء في عاصمته البريطانية لندن، ومن رعاة مجلس الأزياء البريطاني، هي الأمريكية "أليسون لونيس" ALISON LOEHNIS التي تتولّى اليوم منصب الرئيسة والمديرة التنفيذية المؤقتة لمجموعة Yoox NET-A-PORTER. هذه المجموعة التي نشأت عام 2015 من صفقة دمج شركتين ضخمتين في عالم تجارة التجزئة الإلكترونية المتخصصة في الأزياء والمنتجات الفاخرة، هي اليوم من بين الأهم والأقوى عالميا في مجالها، بفضل خدمتها الممتازة وتجربتها الرقمية السلسة للعميل ومجموعة منتجاتها الهائلة والمواكبة لأحدث الصيحات، جامعة بين أربع منصات لتسوق علامات تجارية متعددة عبر الإنترنت.
قد تم تعيين "أليسون لونيس" في منصبها القيادي الحالي في المجموعة، بعد أن كانت تعمل لدى "نت أ بورتيه" NET-A-PORTER منذ عام 2007، وأشرفت على مشاريع كبيرة عديدة مثل إطلاق "ذا أوتنت" THE OUTNET و"ميستر بورتر" MR PORTER وترأست الشركة لاحقا. وقبل ذلك، كانت قد عــمـــلت "لونــيــس"، التي تـــرعـــرعــــت في نيـــويــــــورك ودرست تـــاريــــخ الـــفـــن، في مـــجـــالات ومـــــؤسسات مختــلـفــــة، صقلت تحت أجنحتها مهاراتها القيادية الإبداعية في مجالات الموضة والأعمال والخدمات الرقمية. اهتمّت دائما بالجمع بين الجانبين التجاري والإبداعي، وهو ما ترتكز عليه رؤيتها اليوم، في ظل حرصها الدائم على اكتشاف مواهب إبداعية جديدة في تصميم الأزياء ودعمها، ومنها مواهب من الشرق الأوسط لاقت نجاحا كبيرا على منصة "نت أ بورتيه".
عن مسيرتها المهنية الغنية بالتجارب والأدوار المختلفة، والتعاون مع مصممات عربيات، واتجاهات العميل الشرق أوسطي، تحدّثتُ إلى "أليسون لونيس"، المـشرفة على إحدى أرقى وجهات التسوق الإلكترونية في العـــــالم.
ما الذي دفـــعـــك إلى اتــخــــاذ قــــرار الــعـــمل في عــــالم الموضة، ولاحقا قادك إلى منصة NET-A-PORTER؟
أحبــبـــت مـــجـــال الــمــوضــــة منذ صـــغـري، لكنني أدركت في وقت متأخّر أنه يمكن أن يكون مساري المهني!
هو حب أخذته من والدتي التي عــشـــقت الأزياء، ورأت فيها وسيلة قوية للتعبير عن الذات؛ فاختبرت في طفولتي حماسها وشغفها اللذين انتقلا إليّ تلقائيا. وفي مرحلة لاحقة، بعد ذهابي إلى المدرسة والمخيم الصيفي بزيّ موحد، فهمت أن الأزياء تمثل بالنسبة إلي أيضا الــحـــرية وفرصة للتعبير عن الذات. قد يبدو ما سأقوله الآن سـخــيــــفـــــا بعض الشيء، لكنني وعلى الرغم من أنني لطالما أحببت الملابس والتسوق والموضة والصيحات ورؤية ما يرتديه الناس، مرّ وقت طويل قبل أن أعرف أنني أستطيع تحويل هذا الحب إلى مهنة. ففي بعض الأحيان، تكون الأشياء المناسبة لنا أمام أعيننا مباشرة!
أما الخيط الذي ربط أجزاء مسيرتي المهنية وما زال، فهو البـــحــث عن التـــــوازن بــيــــن النـــاحيــتــــيـــــن التـــجــاريــــة والإبــــداعيــــة، واللتـــــين أؤمــــن بـــأنــهــمــــا لا تــتـعارضان. وظيفتي الثابتة الأولى كانت في متجر لدار "رالف لورين" في الموسم الصيــــفي خلال دراستي الجامعية، وكانت نـــذيـــــرا لما سيأتي في المستـــقـبـــل، إذ زرعـــت في نفــسي بذور المعرفة بشأن بيع الـــمـــلابــــس والـــعـــمــــل في مـــجـــال الــمـــوضة. ولو أردت اختصار محــــطـــات مسيـــــرتي المهنية الأســـاسيـــــة، فقد شـــمـــــلت إدارة الحسابات في مـــــجــــال الإعــــلانـــات مع "ساتشي وســـاتـــــشي"، ومجلّات تحت جناحي "هاشيت فيليباكي"، وشركة "ديزني"، ووكالة رقمية، ومجموعة "إل في إم إتش"، قبل الانتقال إلى "نت أ بورتيه" NET-A-PORTER. الوكالـــــة الـــرقمية كانت الجهة التي فتحت لي باب الانتقال للعيش في لندن، في تجربة كان من المخطط لها أن تستمر لستة أشهر، ولكنني ما زلت في العاصمة البريطانية حتى اليوم.
قــــبـــل دخــــول عــــالــــم "نت أ بورتـــيـــه"، تــــراوحــــت كل المناصب التي تولّيتها بين المبيعات والتسويق، وانطوت كل مهاراتي والـــمـــهــمــــات التي أوكــــلـــــت إليّ على تــــوظيـــــف الإبـــــداع والــســـرد القصصي في المساعدة على إحياء المنتج، وجعل المستـــــهلك يقع في حبّه وطبعا يشتريه. والمرة الأولى التي سمعت فيها عن "نت أ بورتيه" كانت في نيويورك من خلال إعلان عنها في نشرة إخبارية بعنوان "دايلي كاندي"، وبدت لي هذه المنصة وقتها أكثر الأشياء تشويقا في العالم. أتذكّر أنني اشتريت من خلال الـــمــوقــــع فستــــانـــــا من "كلــــويـــــه"، وكان استــــلامــــه في الصندوق الأسود الشـهـــيــــر المـــزيـــــن بعقدة أنيقة أشبه بــحــــلم يتحقق. وبعد سنوات عدّة، تلقيت اتصالا من وكيلة توظيف أعرفها (وأعــــرف أن "نت أ بورتيه" من بــيــــن عــمــــلائـــهــــــا) وأنــــا في إجــــازة الأمومة، وأخبرتني عن فرصة متوفرة في الشركة التي كانت وقتها تبني الجيل الجديد من إدارتها. والباقي تعرفونه..
تدعم NET-A-PORTER مصممــــين من الــشـــرق الأوســـط وتتعاون معهم وتعرض إبداعاتهم على منصتها العالمية. كيف تختارون المصممين الذين تعملون معهم؟
يبدأ الأمر دائما بالمنتج، ولكن قبل أن نصل إلى ذلك حتى، يلـــتــقـــط "رادارنـــا" هذه الــعـــلامـــــات التـــجـــاريـــــة الممــيــزة وهؤلاء المصممين الـــمــوهـــوبيـــن من خلال طرق مختلفة: لـــدينا أوّلا فريق عمل محلّي يـــــراقــــب بدقّة ظــــهـــــور الــمــــواهب المحلية المثيرة للاهتمام، وثانيا عملاء نقدّرهم للغاية ويشاركوننا أفكارهم وآراءهم باستمرار فيعرّفوننا مثلا إلى علامات تجارية جديدة ويخبـــرونــنــــا عن الأشياء التي يحتاجـــــونها أو يبحثون عنها، وثالثا فرق الشراء العالمية التي تبقى دائما متعمّقة في الأسواق. وبعد ذلك، يبقى الأهم، كما ذكرت، هو المنتج. فنــــســـأل أنــفــسـنـــا إذا كانت هذه المجموعة أو هذه الموهبة تقدّم شيئا لم نره بعد، وشيئا يلبّي حاجة حقيقية لعملائنا.
وبالنسبة إلى دعم المصممين وعلاقتنا التشاركية، فإننا نعمل بشكل وثيق للــغـــايـــــة مع جميع الأسماء التي نتـــعـــــاون معها، وذلك من منظور التسويق (تقديمها إلى السوق، وشرح سبب اختيارنا لها للعميل، وتقديم نصائح التنسيق) ومن منظور التبادل التجاري (مساعدتها على فهم ما هو الأفضل مبيعا، ومن يشتري مجموعاتها، وما الأشياء الأخرى التي يشتريها عملاؤها، وما إلى ذلك). لذا، فإننا بالفعل ننظر إليها كشراكة ننميها ونرعاها مع الوقت.
كانت "أباديا"ABADIA أول علامة تجارية سعودية يتم عرضها على موقع NET-A-PORTER. هل لاقت إعجاب متسوّقي المنصة؟
نعم، بالتــــأكيــــد! تنـــتــمــــي "أبـــاديـــــا" إلى قــــســـمــنــــا المخــــصص للملابس المسائية. مبيعات فساتينها أعلى من المتوسط، لكن الأمر لا يقتصر على الفساتين فقط، فنحن نبيع أيضا القـــمـــصـــان والســــراويـــــل والتنانير. في الواقع، كنّا أول بائع بالتجزئة الإلكترونية يختار "أباديا"، التي تم إطلاقها خلال أسبــــوع الــمــوضــــة في الرياض، واكتشفناها من خلال صالة عرض محلّية. وأكثر ما أحببناه في هوية هذه الدار هو انطلاق "شهد الشهيـــــل" من الحـــرفيــــة المــحـلــيــــة وتقديمها بطريقة معاصرة جدا، إلى جانب تقديرنا للمبادئ والقيم التي تقوم عليها، مثل استخدامها للمخزون الراكد والأقمشة المتبقية والمواد المعاد تدويــــــرها، ومراقبـــتـــهـــــا لمستويات المخزون من أجل الحرص علـــى عـــدم وجــــود مخـــــزون زائد. فيما يتعلق بجماليات أزيائها، إن مجموعة "أباديا" خــــالـــــدة وعــصريـــــة في الوقت نفسه، وبالنسبة إلى العميل، تعتبر أسعارها جذابة، لأنها معقولة جدا في فئتها.
شراكتـــكم مع المصممة "ديما عياد" كانت الأولى من نوعهـــا، مــطــلــقــــة واحـــدة من أكثــــر مجــمـــوعات ملابس المناسبات شمولية على المنصة من حيــث الــمــقاســــات. كيف كان أداء علامتها التجارية، وما الذي أضافته إلى عالم NET-A-PORTER؟
العمل مع "ديما" متعة! أسعدني لقاؤها في دبي قبل عامين، وبمجرد أن التقيت بها شخصيا، أصبحت المجموعة في ذهني منطقية أكثر بعد، بحيويتها الجميلة، وسعيها إلى التمكين، واستخدامها للألوان، ونهجها المتعاطف تماما مع المرأة، واهتمامها بالطريقة التي تريد بها النساء ارتداء ملابسهن.
اخترنا قطعا من مجموعتها الثابتة، ولكننا عملنا معها أيضا على كبسولات خاصة. اليوم، تحقق هذه العلامة أداء جيدا للغاية، وقد تضاعفت أعمالنا معا أكثر من مرّتين، وهو نمو نراه مستمرّا. سررت برؤية اتّساع نطاق منتجاتها وشمولية مقاساتها التي تخاطب الكثير من النساء، ليس على صعيد إقليمي فقط بل عالمي أيضا.
لا يسعنا إلا أن نلاحظ أن هاتين العلامتين الإقليميتين أسستهما وترأسهما نساء مبدعات. هل تحاولون دعم عدد أكبر من المصممات؟
تمكين المرأة مهم للغاية بالنسبة لشركتنا ولعملنا. عندما نجد موهــبــة نسائيـــــة استـــثنـــــائية، نتـــــحمس كثيرا لدعمها. ومع ذلك، فإن التنوع والشمولية بين جميع الأجناس مهمّان لنا بالقدر نفسه. وبالـــعــــودة إلى جـــــوابي الســــابــــــق، إن دعم الـمـصممين هو في طليعة ما نقدمه، عبر مــســـاعدة هذه العلامــــــــات على التطور والنمو، وهو ما يوفّر لعملائنا أيضا تشكيلة رائعة ومنتجات لا يمكنهم العثور عليها في أي مكان آخر.
بالنسبة إلى اتجاهات الشراء لدى المتسوقين الإقليميين، هل تلاحظيـــــن فيــــها اختــــــلافا عن الأسواق والاتجاهات الأخرى؟ ما الذي يبحث عنه العميل الشرق أوسطي؟
هناك ملامح مختلفة لتوجّهات شراء الأزياء وارتدائها في كل أنحاء العالم. قد يكون هنـــاك عـــــميل مهووس بعروض الأزياء ويريد فقط الأجدد والأكثر مواكبة للصيحات، وقد يكون هناك في جهة أخرى عميل يحب الفخامة الصامتة، وعميل أكثر تحفّظا. في منطقة الشرق الأوسط، إن علاماتنا الأكثـــــر مبــــيعا مـــوافــقــــة لتلك الأعلى مبــيـــعــــا في جميع أنحاء العالم. وإذا أردت أن أكون دقيقة، فإن نهج التسوق الذي نراه لدى عملائنا المحليين هو عصري للغاية وعلى الموضة، فهم مهتمّون بـــرؤيــــة الجــــديد ورؤية القطع التي لا يمتلكها عدد كبير من الناس، ولا سيـــمــــا عنــــدما يتـــعـــلّق الأمر بأزياء السهرة. تتفاعل المرأة في الشرق الأوسط بشكل جيد جدا مع مجموعاتنا الحصرية في كل الفئات، ولكن قد يكون من غير المستغرب أن أكثر من نصف علاماتنا التجارية المحلية تركز على ملابس السهرة.
هناك إقبال محلي قوي على المجوهرات الرفيعة والساعات والإكسسوارات والفساتين. وتميل عميلتـــــنا في المنــطــقــة إلى البحث عن الألــــوان الجـــريــئــــة والمعـــدنية، والقطع البــــارزة، والقــفـــاطيـــــن، والقطع المنفصلة المتـــطــابقـــــة. وفيــــما يتعلق بالأقـــمــشــــة والــــمـــواد، إن الــــخامـــــات المــنــســـابـــــة والقطع التي تتناسب مع المواسم المختلفة تلقى نجاحـا كبيرا. يتسوق عملاؤنا من علامات مثل "فالنتينو" و"عليـــــة"، كما يشترون أيضا منتجات تُعتبر أسعارها في متناول عدد أكبر من الناس من علامات مثل "توتيم".
ولا ننسى أن الــخـــدمــــة مهـــمّـــــة جـــدا. قد لا يكون ذلك خاصا بمنـــطــقـــة الـــــشرق الأوســـط، إلا أن وجود الــنــصــــائح المتوفرة بسهولة والتوصيات والتوصيل حسب رغبة العميل وشروطه، أمر يحظى بتقدير كبير هنا.
وسط تيارات الموضة وصيحاتها وتقلباتها، كيف تبقون في الطليعة؟
أن نكون متقدّمين ومطّلعين وعلى دراية بأحدث صيحات الموضة هو جزء أساسي من إدارة أي شركة متعددة العلامات في مجال الأزياء، وقد يكون من أكثر الجوانب متعة في وظيفة خبير الشراء.
يبقى فريقنا في الطليعة من خلال السفر المكثف، والتواجد في السوق، ومراقبـــة مــــوضـــة الـــشـــارع عن كثب. ومعيارهم دائما الزبونة، فننظر إلى ما تبحث عــنه، وما لا يتوفر لدينا وستستفيد منه، والمناسبة التي ستذهب إليها، وكيف تغير أسلوبها...
نحاول أن نكون سريعين قدر الإمكان في الطريقة التي نتعامل بها مع مشترياتنا، وجلب المنتجات والمصممين إلى الموقع. وننتبه كذلك إلى ما يحدث حولنا، وهو ما يعيدنا إلى عنصر السفر، فننظر إلى روح العصر في كل مدينة ومنطقة وما يرتديه الشبـــاب وما تحتــــاجــــه الــــمـــرأة لجــعـــل حياتها أسهل. فنحن نؤمن بأن للأزياء طبيعة ممكّنة، وبــــأن ارتداء شيء تشعرين فيه بالـــراحـــــة والجــــاذبــيــــة والثقة يمدّك بالطاقة والإيجابية والبهجة.
ولا يمكنــــني سوى أن أذكــــر الـبـــيـــانــــات والمــعــلـــومــات، فلدينا إمكانية الوصول إلى كم هائل من المعلومات حول المنتجات التي يبحث عنها عملاؤنا ويشترونها، والمقاسات ومجموعات الألوان والأقمشة وما إلى ذلك، وهو ما يساعدنا على اتخاذ قرارات واعية ومدروسة ومبنية على معرفة.
وفي الشرق الأوسط تحديدا، نتأكد من أن فرقنا تغطي أسابيع الموضة المحلية وفعاليات العرض المحلّية أمام الصحافة، وتتابع بشكل فعّال المواهب الناشئة في المنطقة.
كيف تـــأثــــر أسلـــــوب أزيـــــائك الشــخــصــــــي على مـــــر السنـيـــن بعملك لدى NET-A-PORTER؟
أنا ممتنة للغاية على كوني محاطة بمجموعة رائعة من الزميلات اللواتي تتمتع كل منهن بأسلوب فردي مذهل وشغف حقيقي بالموضة، وأعتقد أننا جميعا يؤثر بعضنا في بعض بطريقة ما. كان أسلوبي ثابتا عموما على مر السنين، وأنا اليوم أكثر انفتاحا لتجربة مصممين جدد، لأن لدي إمـــكانيـــة وصــــول رائـعــــــة إلى كل هذه الـعــــلامـــــات التـــجــاريـــــة الجديدة.
أحب عملية "الاكتشاف" بأكملها. ومن وجهة نظري، تبقى "إنستغرام" منصة رائعة للعثور على علامات تجارية جديدة ومنتجات جديدة، ومعروف عني أنني أغوص في أعمق أعماقها للعثور على الجديد. وأحب أن ألقي الضوء على هذه القطع وأدمجها فيما أرتديه، وطبعا أن أقدّمها إلى جمهورنا العالمي، إنه أمر مُرضٍ للغاية.