
مختبر الأزياء 2025: حيث تتجذر الرؤية السعودية في عالم الموضة
من التراث إلى الابتكار: حكايات تُروى بخيوط الأناقة
في مشهد تتشابك فيه التقاليد بالحاضر، وتسير فيه الموضة السعودية نحو مستقبل عالمي، تتصدر مجموعة شلهوب الريادة بإطلاق الدفعة الثانية من مختبر الأزياء، وهي منصة مصممة خصيصًا لاحتضان المواهب الناشئة وتزويدها بالأدوات اللازمة لترجمة رؤيتها إلى علامات تجارية رائدة. عشر علامات تجارية سعودية صاعدة،منها "أبوا" و "أويكن" و "باكت بوكس" و منى الشبل و "نوبل آند فريش" و نورا الشيخ و "ريبيرث" و سمر نصر الدين و "ذا أنتايتلد بروجيكت" و "أوشيتا". اختيرت من بين أكثر من 70 طلبًا، تمثل جيلاً جديدًا من المصممين الذين يجمعون بين الإرث الثقافي والابتكار الحداثي، محولين الأزياء إلى رواية بصرية تستمد إلهامها من الجذور، لكنها لا تعرف حدودًا للإبداع.
رحلة تبدأ بفكر، وتنتهي بصناعة تحاكي العالمية
مع انطلاق الدفعة الثانية، حظي المصممون المشاركون بفرصة غوص عميقة في عالم الأزياء من خلال سلسلة من ورش العمل، وجلسات التصوير، وحوارات غنية مع خبراء الصناعة. جلسة “بناء علامة تجارية ناجحة”، على سبيل المثال، جمعت شخصيات بارزة مثل “آنا كنداس”، مديرة ابتكار الأزياء في مجموعة شلهوب، ورضا كداجي، رئيس قسم الشراء لدى “تريانو”، وحسين المهندس، المدير الإقليمي للبيع بالتجزئة في المملكة. ومن بين المواضيع التي أثارت اهتمام المصممين، كانت الجلسة المتميزة من “بولتيبل استديوز”، التي سلطت الضوء على صعود الموضة الرقمية وبيع الأزياء الافتراضية على منصة “روبلوكس”، ما يعكس تحولاً جديدًا في صناعة الموضة يتجاوز حدود العالم الملموس.
واختُتمت هذه الرحلة الافتتاحية بحفل مميز في مقهى “آيرس” بالرياض، حيث التقى عشاق الموضة والمبدعون مع المصممين المختارين، في احتفاء مهيب يعكس نبض الموضة السعودية المتصاعد.
حوار مع المبدعين: كيف تتجلى الهوية السعودية في التصميم؟
APOA: استلهام من الطبيعة، وترجمة للهوية
في لقاء مع “مشاعل خالد آل سعود” و”نورة عبد العزيز آل سعود” و”سارة نايف آل سعود”، مؤسسات علامة “APOA”، كان واضحًا أن الجذور الثقافية تلعب دورًا محوريًا في فلسفة العلامة، حيث أوضحن:
“تراثنا السعودي هو جوهر كل ما نبتكره في “APOA”. إنه أكثر من مجرد مصدر إلهام، بل هو ارتباط عميق بجذورنا وتقاليدنا والفن الذي يشكل هويتنا. منذ الصغر، كنا محاطين بجمال الثقافة السعودية الغنية، من العمارة المزخرفة والنقوش المتقنة إلى الخط العربي والأناقة الخالدة للمجوهرات التقليدية. هذه التأثيرات تنسج نفسها بطبيعة الحال في تصاميمنا، مما يضفي عمقًا ومعنى على كل قطعة.”


وحول رؤيتهم في مجموعتهم الجديدة، أضفن:
“مع Chapter 5 | SS25، نكرّم النسيج الزهري للمملكة العربية السعودية، وهو جزء أقل شهرة لكنه ذو أهمية عميقة في تراثنا. مستوحاة من الأزهار البرية الرقيقة التي تتفتح في مختلف أنحاء بلادنا، تعيد هذه المجموعة تفسير جمال الطبيعة من خلال الأشكال النحتية، والقوام العضوي، والتفاصيل المتقنة. إنها تحية للأناقة الهادئة التي تحيط بنا حيث يلتقي التراث بالحداثة، والتقاليد بالابتكار.”
وعن أهمية الابتكار في عالم الموضة، أكدن على أهمية التوازن بين التقنية والهوية، قائلين:
“الابتكار ضروري للحفاظ على حيوية APOA وصلة تصاميمها بالعصر، لكنه يظل دائمًا متوافقًا مع جوهر هويتنا—الفن، الحرفية، ورواية القصص. نستكشف باستمرار تقنيات ومواد وتكنولوجيا جديدة لدفع حدود تصميم المجوهرات، مع البقاء أوفياء لرؤيتنا الإبداعية. تصنع قطعنا في توسكانا، حيث نتعاون مع مشاغل متخصصة في مجوهرات bijoux، مما يتيح لنا تجربة أساليب طلاء متقدمة، وقوام فريد، وتقنيات نحت متقنة لتحقيق الجمالية الجريئة والراقية التي تميز APOA.”

أما عن رؤيتهم لمستقبل الموضة في المملكة مع “رؤية 2030”، فكان تعليقهم:
“استجابة لتأثير رؤية 2030 على القطاعات الثقافية والإبداعية في المملكة العربية السعودية، أصبحت الموضة مهيأة للعب دور محوري كوسيلة للتعبير والابتكار. يمكن للمصممين المحليين أن يكونوا عنصرًا أساسيًا في هذا التحول من خلال دمج العناصر التقليدية بالجماليات العصرية، مما يخلق سردًا فريدًا يتردد صداه لدى الجماهير المحلية والعالمية. علاوة على ذلك، يمكن للمصممين المحليين تعزيز الاستدامة والممارسات الأخلاقية في صناعة الأزياء، بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية. من خلال التعاون مع الحرفيين واستخدام المواد المحلية، يمكنهم ترسيخ الهوية وتعزيز الشعور بالفخر، وهو أمر أساسي للحفاظ على الثقافة.”
منى الشبل: حين يصبح التراث منصة للإبداع
من جهتها، عبرت “منى الشبل” عن تأثير التراث السعودي على تصاميمها بقولها:
“يلعب تراثي السعودي دورًا كبيرًا في عملية تصميمي. أسعى إلى دمج عناصر من ثقافتي في ابتكاراتي، خاصة في أيام التراث. أحب استخدام الأشكال الهندسية من مختلف مناطق المملكة العربية السعودية واستلهام الألوان الغنية التي تمثل بلادنا. هذه العناصر أساسية لهويتي كمصممة وتساعدني في التعبير عن حبي لتراثي من خلال أعمالي.”

وعن دور “مختبر الأزياء” في رحلتها، أضافت:
“لقد كانت “Fashion Lab” داعمة للغاية منذ اليوم الأول. في فترة قصيرة، اكتسبت الكثير من المعرفة من الدروس التي قدمها كبار الخبراء. هذه التجربة لم تعمق فقط فهمي للجانب التجاري من الموضة، بل ساعدتني أيضًا في تحديد نقاط ضعفي. كنت مفتونة بشكل خاص بالقسم المتعلق بأزياء “روبلوكس”، فقد أدهشني حقًا! كشخص فضولي يحب التعلم، يمكنني القول بثقة إن “Fashion Lab” كانت حاسمة في مساعدتي على تنمية شغفي وتحويل إبداعي إلى عمل تجاري قابل للتنفيذ.”
أما عن نصيحتها للمصممين السعوديين الشباب، فتقول:
“سأقول للمصممين الشباب الطموحين في المملكة العربية السعودية أن يؤمنوا بأنفسهم. هذه هي أفضل فترة لمتابعة مهنة في الموضة، حيث تحصلون على دعم هيئة الأزياء وبلادنا الحبيبة. هناك العديد من البرامج المتاحة لتوجيهكم ومساعدتكم على النمو. الناس والعملاء أصبحوا يثقون أكثر فأكثر في المصممين السعوديين. ابدأوا الآن، لا تنتظروا! تعلموا من أخطائكم، ولا تتوقفوا عن التعلم؛ فهو مفتاح النجاح.”
مختبر الأزياء: مستقبل تُرسم ملامحه الآن
ما يقدمه “مختبر الأزياء” ليس مجرد دعم للمصممين الناشئين، بل هو إعادة تشكيل لهوية الموضة في المملكة، حيث يلتقي الحرفيون المحليون بالتقنيات الحديثة، ويندمج التراث مع الحداثة لخلق رؤية أزياء جديدة متجذرة في الثقافة، لكنها تتطلع إلى المستقبل. مع هذه الدفعة الجديدة، يبدو أن الموضة السعودية ليست فقط في طريقها إلى العالمية، بل تصنع مسارها الخاص، بحكايات تنسجها الأقمشة، وترويها التصاميم، وتنقلها أجيال جديدة من المبدعين.