قطع الماركيز: حكاية غريبة و ابتسامة ملهمة
ما زال تصميم الماركيزحتى يومنا هذا من أكثر قصّات المجوهرات خصوصية وأعلاها تقديراً، وله تاريخمفاجئ ومشوّق. اسمه أتى من الكلمة الفرنسية“marquise” أي الماركيزة أو زوجة رجل نبيل ذي رتبة ماركيز. لكن الكلمة المقصودة لا تشير إلى أي امرأة تحمل هذا اللقب، بل إلى أكثر الماركيزات شهرة على الإطلاق: الماركيزة مدام دو بومبادور المولودة في باريس تحت اسم جان أنطوانيت بواسون (1721-1764).
قبل مئات السنين، استقت واحدة من أكثر قصات الماس تميّزاًوانتشاراً في عالم المجوهرات، اسمها تحديداً من تلك المرأة الجميلة والمثقّفة والذكية والأنيقة،التي اشتهرت بكونها عشيقة ملك فرنسا لويس الخامس عشر لأكثر من عشرين عاماً. ويُعرف قطع الماركيز أيضاً باسم "نافيت" لأنّ شكله يشبه هيكل قارب صغير مع طرفين مدبّبَينعلىشكل بيضاوي.ويُقال إنّ أصول هذه القصة تعود إلى القرن الثامن عشر، حين قام ملك فرنسا لويس الخامس عشر (1710-1774) بتكليف صائغ مجوهرات بتشكيل قطع للحجر الكريميذكّره بشفتي عشيقته اللتين تم وصفهما في بعض المصادر بالـ"لطيفتين" والـ"ناعمتين".
ومع مرور الزمن، تطوّرت قصة الماركيز لتصبح على الشكل المعروف اليوم، وأولئك الذين يستطيعون المطالبة بلقب "الماركيز" في المحاكم الفرنسية تبنّوا تقليد التباهي بجوهرة ذات تقطيعٍ ممدود. وبالتالي، اتّخذ قطع الماركيز قيمة "الرتبة الوراثية". وفي الواقع، اعتُبر الماس أيضاً عنصراً مميّزاً في ذاك الوقت ليرتبط اسمه برتبةٍ تفوق رتبة الكونت وتقلّ عن رتبة الدوق. ولإثبات ذلك، كان جميع أفراد الحاشية يعتمدون الماس بقطع الماركيز ليظهروا رتبتهم. وقد أطلق عليها أولئك الذين لم ينتموا إلى الطبقة النبيلة لكنهم كانوا يستطيعون شراء مثل هذه الجوهرة، اسم "نافيت" أي "السفينة الصغيرة" بالفرنسية.
تتألّف هذه القصّة عادةً من 58 وجهاً فائق اللمعان، وبفضل شكلها تبدو أكبر من الأحجار الأخرى ذات الوزن نفسه. وبالإضافة إلى خصائص الماس الأربع الكلاسيكية- أي اللون والقَصّة والوضوح والوزن- يحظىالتماثل بأهمية كبيرة بالنسبة للماسة ذات قطع الماركيز. فأي خطأ بسيطيُرتكب في هذا التصميم يكون واضحاً جداً. على سبيل المثال، يجب أن تكون حافتا الطرفَين محاذيتين بشكل مثالي.
يجب أن يكون لأفضل الماسات المقطوعة على شكل ماركيز لون جيّد. فقد يُظهر شكلها أحياناً لوناً أكثر بروزاً على الطرفين. لكن هناك أيضاً مَن يقدّر هذا الجانب فيختار الماسات الملوّنة أكثر. ويحذّر الخبراء من النقص المحتمل في الانعكاسات عند وسط الجوهرة، لكن لا يحدث ذلك سوى في بعض الحالات. والجدير بالذكر أيضاً ضرورة تفادي كسر الحجر عند اصطدامه، لا سيما عند الطرفين، فهما الأكثر عرضةً للكسر في الجوهرة.
ونادراً ما تُعتَمد قصة الماركيز في خاتم سوليتير – كما هو حال خاتم الخطوبة الذي قدّمه مايكل دوغلاس لكاثرين زيتا جونز في أواخر تسعينيات القرن الماضي.ويعتبر خاتم الخطوبة المرصّع بماسة بقطع الماركيز خياراً راقياً للغاية. ومع ذلك، غالباً ما يتمّ دمج هذه الجوهرة مع أحجار أخرى لإضفاء الحيوية على العقود والخواتم والأساور والأقراط والبروشات والساعات التي تستقي إلهامها من الطبيعة، مثل تجسيد الأزهار أو الأوراق أو تفاصيل الحيوانات. وفي حالاتأخرى، ترافق هذه الماسات الخاتم عند الجوانب مع ماسة دائرية أو وسادية أو زمردية القطع في الوسط. وتجدر الإشارة إلى أنّ قطع الماركيز ليسحكراً على الماس فحسب، بل قد يظهر أيضاً على أحجار كريمة أخرى مثل الياقوت والصفير.
وفي النهاية، إنّ الماسات بقطع الماركيز ليست الأكثر شيوعاً بين خواتم الخطوبة. وعلى الرغم من أنّها لا تتمتّع بالشعبيةنفسها التي يتمتّع بهاالماس بالقصّة الدائرية، إلاّ أنها موجودة منذ قرون لأنها لطالما اعتُبرت مثالية لصقل جمال البنصر الذي يحمل خاتم الخطوبة، وذلك بفضل شكلها الضيّق والطويل. وبالتالي، تتميّز هذه القصة بالشكل الممتدّ والنحيففعُرفت لذلك بأسماء أخرى، مثل قصة القارب وقصة العين. ومن الأمثلة الشهيرة على استعمال هذا التصميم، ابتكارات المجوهرات الراقية من أبرز دور المجوهرات، من "تيفاني أند كو" إلى "بياجيه"، ومن "هاري وينستون" إلى "دي بيرز"، وساعة "سربنتي" الأيقونية من "بولغري" التي اعتمدتها ليز تايلور عام 1962 في موقع تصوير فيلم"كليوباترا"،والتي تميّزت بشلالات من الماسات بقصة الماركيز بهدفتشكيلرأس وذيل أكثر الزواحف شهرةً في عالم صناعة المجوهرات!