حكاية ديفيد موريس... "صائغ لندن"
بدأ من الصفر وصار صائغ الملوك والملكات... هذه هي حكاية ديفيد موريس، الرجل الذي أعطى المجوهرات حياة جديدة بأسلوبه الفنّي الحديث وأعاد صياغة حدود التصميم التقليدي.
ديفيد موريس، صاحب الموهبة الفطرية في تصميم المجوهرات، بدأ مسيرته المهنية وهو بعمر 16 سنة، عندما تم توظيفه كحرفي شاب لصياغة وإصلاح المجوهرات في حي "هاتون غاردن" المرموق في لندن. ثم افتتح في عام 1962 متجره الخاص الذي سرعان ما احتل الصدارة بفضل جودة الأحجار التي كانت نادرة للغاية، والنهج المتفوق في التصميم. اليوم، إن دار "ديفيد موريس" من دور المجوهرات العائلية القليلة الباقية في شارع بوند ستريت اللندني. هناك، تصاغ كل جوهرة باليد، في تحية إلى التقنيات التقليدية التي توارثتها الأجيال لأكثر من ثلاثين سنة. على رأس الشركة اليوم، جيريمي موريس نجل ديفيد موريس، وهو يتولى اليوم منصب الرئيس التنفيذي والمدير الإبداعي للدار. مع جيريمي تحتضن مقاربة الدار العصرية أحدث أشكال التكنولوجيا من أجل توسيع حدود هذا الفن الراقي.
تشتهر الدار خصوصاً بقدرتها على إيجاد أندر الماسات في العالم. وخلف تصميم قطع مجوهراتها الراقية، درس وبحث دقيقان، كما أنها تلجأ بشكل كبير إلى الطباعة الثلاثية الأبعاد والعمل الرقمي على كل تفصيل في الجوهرة (لإلقاء نظرة عامة على القطعة النهائية) قبل تحويل المشروع أو الفكرة إلى فريق الحرفيين في المشغل. هي مقاربة مبتكرة في التصميم تتيح ابتكار المزيد من المجوهرات المؤثرة والملهمة والمبتدعة.
ولا ننسى حرفية "ديفيد موريس" التي تكاد لا تضاهى! عملية اختيار الأحجار النفيسة ومطابقتها مع الخواتم والأقراط والعقود طويلة للغاية وقد تطلب عدّة أشهر. صنع المجوهرات نفسها يستغرق ثلاثة إلى أربعة أشهر، ولكن قد تصل هذه المدّة أحياناً إلى سنوات. الأهم هو الحصول على نتيجة مدهشة. ولا ترتبط القدرة الفنية الاستثنائية للدار بجودة المواد المستخدمة فقط، بل إن كل تصميم يهدف في الواقع إلى تعزيز جمال البشرة بحركاته. حرفيو "ديفيد موريس" يأخذون في عين الاعتبار عناصر كثيرة في تطوير كل قطعة من مجوهراتها الفاخرة. الأشكال الناعمة والتموجات الحسية مصممة لترافق الجسم طبيعياً، وتتحول إلى أساور وخواتم وعقود نفيسة. وهذه الرؤية المميزة هي ما يجعل حتى أغرب التصاميم وأندرها وأكثرها ابتكاراً قابلة للاعتماد.
من بين أحدث مجموعاتها، تشكيلة "سكايلاينز"Skylines التي تتألف من سلسلة مجوهرات مستوحاة من مصر القديمة مع ماسات بيضاء وملونة. العنصر الذي يعيدنا إلى عصر الأهرام هو اللازورد، وهو حجر عزيز على قلب الفراعنة، إلى جانب أحجار أخرى مميزة مثل الأوبال الأسود النادر. أسلوب القطع الجديدة يضفي أيضاً هندسة صارمة، مع خطوط مستقيمة ومتماثلة. لكن المدير الإبداعي جيريمي موريس ذهب إلى أبعد من ذلك حتى، دون أن يتخلى عن انحياز الدار اللندنية إلى الماسات والأحجار الكريمة الضخمة. في عقد "كابولا"، نمط هندسي مؤلّف من بلور صخري وماس يتوسطه حجر صفير محدّب القطع بعيار يتخطى 48 قيراط. وفي عقد "أورورا ميلستروم"، ماسة زرقاء بقطع الإجاص وعيار 4.28 قيراط تحيط بها ماسات بيضاء ووردية.
قطع "ديفيد موريس" المشغولة بحرفية تامّة في مشغلها اللندني تقوم على تصاميم مبدعة وغنية الألوان، وتركّز اليوم أيضاً على الزمرد والياقوت والذهب الأبيض، وكلها مواد راقية تندمج في أشكال عصرية مثل أقراط نحتية مطوقة للأذن أو عقود تشوكر فاخرة. مكرّماً تقاليد والده، يحب جيريمي موريس بشكل خاص أن يجد أحجاراً كريمة قديمة لأنها تتمتع بلون غني للغاية لا نجده بسهولة في معظم الأحجار المعاصرة. كما يقول بنفسه، يكفي أن نضع ياقوتة قديمة إلى جانب واحدة مستخرجة حديثاً، أو زمردة كولومبية عتيقة إلى جانب واحدة جديدة، لنلاحظ فوراً أيهما اللون الأنظف والأكثر إشراقاً وحيوية.
أخيراً، بفضل تقنيات الصياغة الحديثة وخيار التركيز على التصميم المتكيف مع لحظات نمط العيش العصري، شاهدنا في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في مجوهرات "ديفيد موريس". لم تعد المجوهرات الراقية محصورة بالمناسبات المميزة مثل الأعراس والفعاليات الرسمية. وقطع "ديفيد موريس" الفريدة تضع أروع ابتكارات المجوهرات الراقية في بيئات وإطارات جديدة