مدرسة ليكول الشرق الأوسط، مدرسة فنون صياغة المجوهرات تقدم معرض الذهب والكنوز، 3000 سنة من الحلي الصينية في دبي
تأسست مدرسة ليكول الشرق الأوسط، مدرسة فنون صياغة المجوهرات L'ÉCOLE في عام 2012 بدعم من دار فان كليف أند آربلز، وخلال أكثر من عقد من الزمان قدمت الكثير لعشاق الفن والمعرفة عبر مساحات العرض، والمكتبات والاصدارات المكتبية، والدورات الدراسية، حيث وفرت فرصة الغوص في عالم المجوهرات الواسع، بدءًا من علم الأحجار الكريمة وحتى تاريخ المجوهرات والخبرة الخاصة بالصناعة، بما في ذلك تقنيات الترصيع والتصميم والطلاء وغيرها.
ترحب L'ÉCOLE بالجمهور العام في عالم المجوهرات سواء في باريس وهونج كونج وشانغهاي ودبي وبقية أنحاء العالم، من خلال فعاليات السفر، مما جعل عالم المجوهرات السّحري يبدو أقرب للجميع.
فقد كانت الأحجار الكريمة وعالم المجوهرات الفاخرة تبدو كما لو كانت تنتمي إلى عوالم ملكية نادرة، وكأنها عالم مخفيّ وسريّ يصعب الدخول إليه، لكن دار فان كليف أند آربلز استطاعت تغيير هذا التصور من خلال مشروعها التعليمي الفذ L'École ، عبر برنامج انتقائي من الدورات التدريبية ومقاطع الفيديو والكتب والمحادثات والمعارض، وترحب L'École بالجمهور لاكتشاف البراعة في تقنيات صناعة المجوهرات وعالم الأحجار الكريمة وتاريخ فن المجوهرات.
وفي دبي تقدم مدرسة ليكول الشرق الأوسط معرض "الذهب والكنوز، 3000 سنة من الحلي الصينية" Gold and Treasures. 3000 Years of Chinese Ornaments الفريد من نوعه، الذي يسلط الضوء على فنون وتقنيات وزخارف الذهب في الثقافة الصينية عبر آلاف السنين، وذلك في الفترة بين 26 إبريل الى 10 أغسطس 2024.
وتشمل المعروضات قطع تاريخية استثنائية تم جمعها على مدار 30 عاماً لصالح متحف القصر في هونج كونج، وهي تشهد على حقب فنية وتاريخية مذهلة وفصول إجتماعية فريدة من نوعها في الثقافة الصينية، كما يسلط المعرض الضوء على قوة الرموز في الفن الصيني، الذي يعرض أيقونات غنية ومتنوعة تجسد السعادة، وطول العمر، والرتبة، والرخاء.
ويتم تنظيم المعرض حول ثلاثة محاور رئيسية، فالجزء الأول يركز على مادة الذهب وخصائصه، بينما يقدم الفصل الثاني خبرة القطع المعروضة (القلائد، والأساور، والأقراط، ودبابيس الشعر، ودبابيس الزينة، وأبازيم الأحزمة) المصنوعة بتقنيات متنوعة مثل الطرق، والصب، والتحبيب، والأسلاك الذهبية، والتخريم، والترصيع.
وفي المعرض يتم شرح ماهية الذهب، ذلك المعدن الثمين الذي عشقه الإنسان منذ العصور القديمة، فقد تم استخدام الذهب منذ الأزل بسبب صفاته المميزة مثل سهولة تشكيله وليونته وعدم تأكسده، مما جعله يرتبط بمفهوم الخلود، وفي الماضي كان اليشم هو المعدن الأكثر قيمة في شمال الصين، ولم يتم استخدام الذهب بكثرة حتى فترة أسرة هان (206 قبل الميلاد - 220 م).
والعديد من القطع الزخرفية في المعرض هي مجوهرات للشعر، فقد كان من المهم جدًا بالنسبة لسيدات البلاط الصيني أن يكون لديهن تسريحات شعر معقدة ومزينة بزخارف ذهبية وأغطية الرأس، ودبابيس الشعر، والمشابك، والأمشاط ، وإلى جانب كونها عناصر زخرفية، كانت هذه الحلي مخصصة للتأكيد على بعض ملامح شخصية السيدة ومكانتها ورتبتها.
وأقدم القطع تعود إلى أسرة سوي (581-618)، بينما ذروة الزخرفة المتقنة كانت خلال عهد أسرة مينغ (1368-1644)، وقد تنوعت الزخارف بشكل كبير، كما حظي طائر الفينيق (الطائر الأسطوري المرتبط بالإمبراطورة)، أو التنين، أو الزهور بشعبية كبيرة.
وتتميز القطع في المعرض بالعديد من الأشكال والرموز المميزة في الثقافة الصينية، فعلى سبيل المثال هناك القرع المزدوج المرتبط بالخلود، فهو يرمز إلى طول العمر وقوة الشفاء من المرض، وتتخذ بعض الأقراط هذا الشكل لحماية مرتديها، ويستعرض المعرض مزيداً من الرموز التاريخية مثل قلادة من أسرة يوان (1271-1368) مزدانة بالرموز البوذية الثمانية، مثل العجلة والعقدة الأبدية وزوج من الأسماك والمحارة والمظلة وجرة الكنز وراية النصر وزهرة اللوتس.
وفي الحلي الصينية تعتبر الأشكال البشرية نادرة نسبيًا، ولكن يمكن العثور على صور للأطفال والآلهة، فمثلاً هناك غطاء الرأس المميز بزخارف تصور مشاهد الاحتفالات التقليدية مثل "الفرسان الأربعة يذهبون إلى تانغ"، وكانت يتم ارتدائها في الجزء الخلفي من تسريحة الشعر، فوق مؤخرة العنق.
كما تعد الحشرات والطيور جزءًا من موروث الزخارف الصينية وتظهر في الحلي بشكل مميز، فمثلاً هناك جوهرة من فترة مينغ على شكل حشرة الزيز، تجمع بين الذهب والزجاج الملون الذي يشبه التورمالين، ويوجد أيضًا دبوس شعر من نفس الفترة بشكل يعسوب مصنوع من الذهب والمرجان.
وللطيور أيضًا دور رمزي مهم في الزخارف الصينية، ففي فترة سونغ الشمالية (960-1127) وفترة مينغ، تظهر الطيور على الملابس للدلالة على رتبة الموظفين المدنيين، وهناك زخرفة للملابس تصور طائري الدراج في وسط الفاوانيا، وتوجد أيضًا مجموعة مكونة من قطعتين تصور طائرين وزخارف نباتية، وقد تم استخراجها من مملكة توبو في التبت وتعود الى القرون السابع إلى التاسع.
وتحتل الزهور وعالم النباتات أيضًا مكانة مهمة في الزخرفة والفنون الصينية، حيث تحمل الزهور رسائل رمزية وتعكس المعاني المختلفة، فمثلاً تمثل زهرة الفاوانيا الرتبة والثروة، وزهرة اللوتس تنقل النقاء والتناغم وتنتمي إلى الثقافة البوذية، وزهرة البرقوق ترمز للجمال، وترتبط أربع زهور مختلفة بالفصول: الفاوانيا بالربيع، واللوتس بالصيف، والأقحوان بالخريف، والبرقوق بالشتاء، وغالباً ما يتم تزيين دبابيس الشعر والأقراط بأزهار مختلفة بشكل واقعي.
كما تلفت الأنظار الحيوانات الحقيقية والأسطورية كجزء من زخارف الموروث الصيني، فغالبًا ما يتم تزيين أبازيم الحزام بتصاميم حيوانية رائعة، مثل "الخطاف" الذي يأخذ شكل رأس قطة أو رأس كبش، وتعود معظم هذه القطع إلى فترة الممالك المتحاربة (475-221 قبل الميلاد) وتصنع من البرونز المذهب.
كما يعد التنين والمكارا حيوانين أسطوريين مهمين في الفن الصيني، فالتنين هو الأكثر شهرة من بينهما، ويتم تصويره عادةً بجسم متعرج مغطى بالقشور، وله فم مفتوح ويحمل قرونًا ملتصقة باللهب أو السحب أو الأمواج، ويرمز التنين إلى القوة وغالبًا ما يكون مخصصًا للإمبراطور أو العائلة الإمبراطورية، خاصة إذا كان لديه خمسة مخالب.
وهناك أشكال أخرى من التنانين أيضًا، مثل التنين الذي يستلقي ويكون أصغر حجمًا، والمكارا وهو تنين يجمع بين جزء سفلي يشبه السمكة وجزء علوي مأخوذ من التمساح والفيل، ويعود أصل المكارا إلى الثقافة الهندية وتم تبادله مع الصين عندما انتشرت البوذية.
كما توجد أيضًا زخارف تصور تنينين متعارضين يطاردان اللؤلؤة الملتهبة، وهذا يظهر في زخارف نهاية فترة سونغ أو في بداية فترة مينغ، بالاضافة الى زخارف النمور والأيائل والأسود والطيور الجارحة.
أما العنقاء (Fenghuang) فهي حيوان أسطوري مرتبط بالأنوثة وغالبًا ما يكون مخصصًا للإمبراطورة أو الأميرات. وتتكون العنقاء من مجموعة متنوعة من عناصر الطيور، بما في ذلك رأس طائر الدراج الذهبي، وجسم بطة، وذيل الطاووس، وأرجل الكركي، ومنقار الببغاء، وأجنحة السنونو، وعلى الرغم من أن العنقاء مرتبطة بالأنوثة والتنين بالذكورة، إلا أنه يمكن العثور على الرمزين مجتمعين على نفس الزخرفة سواء كانت للرجال أو النساء.
وتحتوي القطع التي تعود لفترة تشينغ (1644-1911) على زخارف نباتية، بما في ذلك "أصدقاء الشتاء الثلاثة" مثل الخيزران والصنوبر والخوخ، وبالنسبة لزخارف حلي الرأس في فترة أسرة سونغ (960-1279)، فيتم تزيينها بثلاث فراشات، وتتواجد أيضًا دبابيس مزينة بأشكال بوذية، وهي مصنوعة من الذهب واليشم النفريت واللؤلؤ والأحجار الكريمة الخضراء.
وهذه الزخارف والصور تمثل تراثًا فنيًا غنيًا في الثقافة الصينية وتعكس التطورات التاريخية والاجتماعية في الفن والتصميم على مر العصور، كما أن التقنيات المتعددة تعبر عن تنوع الحرفية والابتكار في استخدام الذهب في الثقافة الصينية، حيث إن استخدام الذهب في الأعمال الفنية والحرفية يعكس قيمته الثقافية والجمالية في المجتمع الصيني.
و المعرض لا يكشف فقط استخدام الذهب في الصين عبر العصور، ولكنه يستعرض أيضًا جميع التقنيات المختلفة المرتبطة باستخدامه، مثل التشكيل والتزيين والنحت والنقش والتذويب والصب والتطعيم والترصيع.