باريس أرض الإلهام للمواهب السعودية الحالية.. "هي" تلتقي وتواكب المبدعين
الحب للموضة والمجوهرات، وكيف لا والموضة فن تعبيري يعكس شخصية كل من يهوى أو يمتهن هذا القطاع؟ وفي المجوهرات أسفار إلى بلاد الأحجار البراقة بألوانها وتدرجات انعكاساتها على المعادن الطبيعية الفاخرة. إنه إبداع، وتلاقي أفكار، وملاذ الرقي، وتضافر جهود ثقافات عبر تاريخ غناء بالصيحات والمحطات الأيقونية. ما أجمل أن تعبّري عن شخصيتك بفن لا حدود له، بأسلوب بعيد عن الكلمات، وبعالم تسوده التناقضات الجمالية.
كم أنا محظوظة، أشهد كل هذه الجماليات عند كل موسم في أكثر العواصم أهمية للموضة في العالم، في باريس. أتابع صيحات الموضة، وأحضر أهم معارض دور المجوهرات الفاخرة، من مجموعات المصممين العرب والعالميين، لأنقلها إلى متابعي مجلتنا "هي" أولا بأول.
في باريس العشق للأزياء، حيث تجتمع المواهب العالمية من متابعي الموضة إلى مؤثرين إلى صحفيين وخبراء تجزئة وإعلاميين ومنسقي أزياء وتكتظ شوارع المدينة في هذه الفترات بالأناقة والشياكة ومظاهر الترف والستريت ستايل.
ولكن ومنذ مواسم عدّة لمع بريق لفتني بشدة، وهو بروز مواهب من منطقتنا تستحق الإشادة، مواهب سعودية التي لا يمكن غض النظر عنها أو تجاهلها بتاتا. كان لـ"هي" زيارة خاصة لمعارض متنوعة ولقاءات مع مبدعين من المنطقة. كلها محطات تغييرية تعزز لدينا الحماس، وتزيد من توقعاتنا وتطلعاتنا إلى المزيد من الإبداع العربي السعودي الجميل.
المصمم السعودي يوسف أكبر لـ"هي": المواهب والإبداعات موجودة منذ زمن واليوم تأخذ حقّها في الصعود عالميا
في باريس إبداع سعودي واضح من المصمم اللامع يوسف أكبر، والذي يعرض مجموعته للمرّة الأولى في العاصمة الباريسية ضمن صالة عرض وسط شارع "ريفولي" الشهير، التقيت به وتعرفت إلى مجموعته الجديدة لربيع وصيف 2024 سحر عربي واضح، بلمسات عالمية أنيقة.
يوسف أكبر فنان في القلب منذ الصغر، يمتلك رغبة فطرية للتعبير عن نفسه ونسج الحكايات الآسرة من خلال إبداعاته. ومع ذلك، نشأ في أسرة سعودية محافظة خلال التسعينيات. وبدت فكرة أن يصبح فنانا أو مصمم ملابس نسائية أمرا لا يمكن تصوره تماما، بما يتجاوز عوالم أحلامه الجامحة. واليوم وعبر حديثنا معه التمسنا حماسته. وفي بريق عينيه وطاقته الإيجابية مشاريع واعدة كثيرة تنتظره.
حدثنا عن مجموعتك لربيع وصيف 2024 ومصدر الإلهام الأساسي وراءها.
عبر علامتي الخاصة، أعبر عن ذاتي وشخصيتي. ومن المهم بالنسبة لي أن أروي قصة أو أوصل رسالة من مشاعر وأحاسيس خاصة. في هذه المجموعة القريبة جدا إلى قلبي إلهامي الأول هو المرأة في حياتي، المرأة التي ألهمتني في حياتي كوالدتي وكل السيدات القويات اللواتي التقيتهن في حياتي. المجموعة تعبير واضح أيضا عن المرأة القوية اليوم التي أصبحت عنصرا قياديا ومهما وأساسيا في المجتمع.
تحتوي المجموعة على الكثير من الشعارات التابعة لهذا الإلهام، على سبيل المثال تعكس التصاميم كائنات العصافير والحمامات التي تمثل روحية هؤلاء السيدات عبر أشكال الريش المتنوعة.
نرى الكثير من الألوان الصاخبة، علام يدل هذا؟
نعم هناك الكثير من الألوان القوية، وهي دليل على الجرأة كما أنني شبّهت أنوثة المرأة عبر زهرة الأوركيد. فقط ابتكرنا كل زهور الأوركيد الذهبية لكي أؤكد على قدرة المرأة وقوتها عند اختيارها لأحد تصميماتي.
أخبرنا أكثر عن القفازات التي نراها بكثرة في مجموعتك.
المجتمع الذي ولدت وترعرعت فيه مجتمع محافظ ولديه طابع خاص ومحتشم. من هنا أتت فكرة القفازات بكثرة وبأسلوب خاص ومبتكر. أصمم الكثير من التصاميم الجريئة الأخرى، لكنني أعتبر أن أنواع التصاميمات التي ابتكرها أكان مع قفازات أو قماش ضيق أو جوارب ضيقة لإظهار جمال المرأة بأسلوب مختلف.
ما رأيك بمشهد الموضة السعودي مؤخرا والإنجازات التي تحدث على هذا الصعيد؟
من المذهل أن نرى هذه التغييرات وهذه الخطوات المحفزة ومع الجهود الحثيثة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورؤية 2030. ومن الجميل جدا رؤية هذا المشهد. وأنا أؤمن بأنه دوما كان هناك إبداع منذ القدم والمواهب والإبداعات والفنون موجودة منذ زمن ومع هذه التغييرات أخيرا هذه المواهب تأخذ حقّها في الإشراق والصعود عالميا.
منسقة الأزياء السعودية روان كتوعه لـ"هي": فخورة بكوني جزءا من مشهد الموضة الديناميكي اليوم
ألتقي بها دائما عند دخول العروض والخروج منها، نتشارك آراءنا بالتصميمات والصيحات المقبلة، أشعر بالسعادة العارمة عند استماعي الى وجهات نظرها من موهبة سعودية عربية خبيرة بالأزياء وقريبة الى ثقافتي. إنها منسقة الأزياء اللامعة وصديقة مجلتنا "هي" روان كتوعه.
منذ متى تشاركين في أسابيع الموضة؟ وكيف كانت أول مشاركة لك؟
في سبتمبر 2021، حضرت أسبوع الموضة الأول لي في باريس منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، لقد كان مليئا بالعواطف والتجارب. بشكل عام، كانت بداية رائعة بالنسبة لي لبناء الشبكات، ومعرفة المزيد عن القطاع، وحضور صالات العرض، وإقامة اتصالات فعلية مع المصممين والعلامات التجارية.
ما أكثر اللحظات أناقة التي لن تنسيها أبدا من أسابيع الموضة؟
من الصعب اختيار لحظة مفضلة واحدة فقط، إذ إن لكل عرض ومجموعة قصة فريدة. ومع ذلك، هناك عدد قليل من اللحظات الفردية والبارزة، منها صالة عرض دار "هيرمس"Hermès لربيع وصيف 2023 كانت مدهشة حقا، ومليئة بالأنشطة الفنية والشخصية. ومن العروض المميزة عرض أزياء جورج حبيقة لربيع وصيف 2023، حيث سلط الضوء على أهمية العلاقات والتفاعلات بين العائلة والأصدقاء. أما إعادة مجموعة دار فالنتي للأزياء الراقية لربيع وصيف 2023، فكانت فريدة ومختلفة على المستوى الشخصي.
بصفتك موهبة سعودية، كيف تجدين مشهد الموضة السعودي اليوم؟
مشهد الموضة السعودي مزدهر ومليء بالإمكانيات اليوم. لقد نما بشكل ملحوظ على مر السنين، مع ظهور الكثير من المصممين الموهوبين وعشاق الموضة. تحتضن الصناعة الآن كلا من العناصر التقليدية والحديثة، وهو ما يجعلها أكثر تنوعا وشمولية.
يكتسب المصممون المحليون مزيدا من الاعتراف والدعم على المستوى الدولي، وذلك بفضل أحداث متعددة، كما لعبت التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي أيضا دورا كبيرا، إذ سمحت للمصممين والمؤثرين السعوديين بالوصول إلى جمهور أوسع.
بصفتي موهبة سعودية، أنا فخورة بأن أكون جزءا من مشهد الموضة الديناميكي هذا، ومتحمسة لرؤية النمو والنجاح في المستقبل.
الإعلامية وسيدة الأعمال السعودية ندى باعشن لـ"هي": انغمست في عالم الموضة بطريقة مختلفة وتعمقت به مع الوقت
سيّدة أعمال وإعلامية ومحبة للموضة ومؤثرة، لها جوانب ومواهب متعددة ملهمة ولافتة، التقيت بها للمرة الأولى في الرياض في احتفالية "هي" بعامها الثلاثين، وسرعان ما دخلت إلى قلبي، بروحها الإيجابية وابتسامتها الودودة. وها أنا هنا ألتقي بها في باريس من جديد، علمت أنها عاشقة للموضة وعشقها هذا غريزة فطرية مختلفة عن قصص كثيرة.
قصتك مع الموضة مختلفة ومثيرة، كيف بدأت وتطورت؟
خلال أعوامي الدراسية في بوسطن كنت أهوى متجرا للموضة يدعى "إنترميكس" Intermix في شارع "نيوبري" Newbury، وحلمت دوما بأن يكون لي بوتيك خاص في السعودية، وخلال السنوات الـ12 التي مضت وبعد دراستي في مجال البنوك، افتتحت متجرا خاصا بي في جدة يدعى "نيوبري" Newbury عام 2006، ومن هنا بدأت قصتي مع الموضة، ثم بعد إغلاقه افتتحت متجرا آخر هو "ذا هانترس" The Huntress، وما زال مفتوحا حتى اليوم منذ 10 سنوات تقريبا. واليوم أنا في قطاع التجزئة منذ نحو 19 عاما.
كنت أستفيد من إجازاتي وعطلات نهاية الأسبوع الخاصة بي، لأتوجه إلى باريس لشراء السلع. وهمت بين نيويورك وباريس وإيطاليا ما بين صالات العرض. وقد انغمست في هذا العالم وعشقته وتعمقت به مع الوقت من خلال تعاملي مع العملاء وفهم السوق ومتطلبات المجتمع السعودي. وحاولت أن أخلق مفهوما جديدا عبر البوتيك الخاص بي، والذي يتماشى مع الجيل الذي أرى نفسي أنتمي إليه.
نلتقي دائما خلال أسابيع الموضة، ما مدى أهمية حضورها بالنسبة لك؟
أستمتع كثيرا، وبالنسبة لي شيء مهم جدا أن أكون جزءا من أسبوع الموضة ومتواجدة في كل موسم لمتابعة الصيحات وما ينتظرنا في السوق، فالموضة فن بحد ذاته عبر التصاميم والعروض ككل.
ما أفضل موسم حضرتِه في أسابيع الموضة الباريسية؟
شخصيا أحب أسابيع الهوت كوتور، لأن الألبسة الفاخرة عالم مختلف. إنه بمنزلة الفن، نوع من أنواع الإبداعات الفنية الجلية، إنه حصري وفريد.
ما رأيك بالمشهد السعودي اليوم على صعيد الموضة والأزياء؟
المشهد السعودي اليوم مهم جدا ومختلف، نملك أسلوبنا الخاص، كما أن المرأة السعودية تعمل اليوم ما تريد، وتنتقي أسلوبها الخاص. أسلوبها محتشم في الكثير من الأحيان، ولكنه في الوقت ذاته مواكب لأبرز الصيحات. المرأة السعودية عاشقة للموضة، وتمتلك دوما حس الأناقة بطريقة مختلفة وفريدة، واليوم نشهد اهتماما كبيرا على هذا الصعيد، سواء أكان من خلال المصممين أم من خلال السيدات المحبات للموضة. ومن جهة أخرى الدعم الكبير الذي يتلقاه هذ القطاع من المملكة والمؤسسات الداعمة لنقل هذه المشهدية الى أوروبا والعالم عنصر مهم جدا.. إنها فقط البداية.
علامة "أوباري" OBARI للمجوهرات السعودية
ضمن صالة عرض "أمانكي" Amanqi خلال أسبوع الموضة للألبسة الجاهزة في باريس لربيع وصيف 2023 في سبتمبر الماضي، التقيت بالكثير من العلامات المحلية الملهمة من المنطقة. منها دار "أوباري" OBARI السعودية للمجوهرات، لفتتني تصميماتها الأنيقة وتداخل الأحجار والأشكال الهندسية التي تقدّمها. تقول مؤسستها دانا الفايز: "كنت أرغب دائما في عرض عملي خارج الشرق الأوسط. وكانت هذه فرصة رائعة لذلك. كمصممة، من المفيد دائما الاستماع إلى وجهات النظر من جماهير متنوعة وعبر ثقافات متعددة. فهذا يسمح لي بالتفكير في تصاميمي، والتأكد من أنها تلبي مجموعة واسعة من الأذواق، كما تستمر في مواكبة الاتجاهات العالمية".
وعن مشاركتها في أسابيع الموضة تشيد بهذا الحدث معلّقة: "بصراحة، الحدث برمته لا يُنسى، مجرد الحضور في عاصمة الموضة والالتقاء بمشترين ونقاد مختلفين هو تجربة جديدة ومثرية. وأتطلع بشدة إلى المشاركة في أسابيع الموضة القادمة في المستقبل القريب".