الفن والرسم والاستدامة.. جلسة تصوير أزياء محلية مستدامة مع الفنانة السعودية إيثار بالخير
حوار: Mashael Al Dakheel
فنون: Ethar Belkhair
كيف نحافظ على إبراز الفن والتباهي بإبداعات وابتكارات المصممين بطرق غير تقليدية؟ كيف نجسد زوايا الإبداع دون إلحاق الضرر بالبيئة؟ أجد نفسي دائما تائهة في شتات الأفكار عندما يتعلق الأمر بمفهوم الاستدامة، تخطينا مرحلة الاعتقاد بأن الاستدامة ظاهرة، واعتنقنا هذا النهج في أسلوب حياتنا. فكيف نخلق الفرص لنقدم كل ما هو جديد؟
في هذا العدد، استكشفنا بطريقة غير تقليدية تجسيد الفن والابتكار من خلال رسومات الفنانة إيثار بالخير التي عرفت بفنها الماكسيمالي في تصوير رسومات تعكس شخصيات من هويتنا وتراثنا نجدها تارة في قالب عصري، وتارة أخرى في قالب تقليدي.
وبمناسبة تدشين أول أسبوع للموضة في الرياض، تعاونّا مع الفنانة إيثار بالخير لإنتاج جلسة تصوير مستوحاة من مجموعة مختارة من المصممين السعوديين الذين شاركوا في العروض، وحرصنا على دمج قطعهم مع مصممين من المنطقة اتخذوا الاستدامة نهجا في تصميم أعمالهم. في حوار خاص مع الفنانة إيثار بالخير التي ألهمتنا بمسيرتها في عالم الفن والأزياء، شاركتنا بتفاصيل ابتكار هذا العمل الفريد الذي يحتفي بالاستدامة في عالم الموضة والفنون.
كيف بدأت حكايتك مع الفن والرسم التخطيطي؟
منذ طفولتي، جمعني رابط قوي بالقصص العربية المصورة، مثل "ماجد" و"باسم" ومجموعة قصص "ألمكتبة الخضراء للأطفال" التي غذّت مخيلتي، وساعدتني على فهم شخصيات القصة في ظروف مختلفة. ترعرعتُ في عائلة عاشقة للفن. وأمضيت أوقات فراغي في الرسم مع إخوتي. وكان للقصص التي روتها لنا والدتي قبل النوم تأثير كبير. فكانت ترسم لنا شخصيات، وتخبرنا قصصا عنها، وأتذكر شخصياتها المرسومة بضربات قلم أزرق على دفتر ذي تجليد حلزوني. كنت أصنع بيديّ كتب قصص، وأرسم شخصياتها وأماكنها الحالمة، لأعكس سيناريوهات ومشاهد نابعة من مخيلتي. معظم قصصي لم تعرف قواعد أو حدودا أو حتى خاتمة في بعض الأحيان. لم تكن مجرّد فن، بل كانت طريقة أعبّر بها عن نفسي من خلال الألوان الحيوية والأجسام المبالغ بها والعناصر الطبيعية. فكانت اتصالا عاطفيا ملأني بالأمل والسعادة.
كيف ميزتِ نفسك عن غيرك واخترت هذا النوع من الفن؟
أنا شغوفة بمجال الموضة، وملصقات السفر العائدة إلى حقبــــة العشـــرينـــيــات والثــلاثيــنيــــات، والفــــن عــمــومـــــا. وأعـــــــشق التنوع في الأساليب ووجهات النظر التي تمنحني إياها هذه الاهتمامات. منذ صغري، لطالما كان فنّي انعكاسا لتجاربي وقصصي. أستمتع بتجريد الشخصيات والعناصر الطبيعية والملامح المـــعمارية. ما أرسمه يبعث الحياة في البورتريهات المصورة، ومشاعري، وأسلوبي، وشغفي. وتشدد المبالغة في رسومي على القوة والمزاج والأحاسيس والجمال الخافت، فتصبح أقوى مما تكون عليه لو كانت ممثلة بشكل أقرب إلى الواقع.
كيف ساعدك الفن الرقمي في رسم مسيرتك في عالم الفن والموضة والثقافة؟
أعتقد أن الفن الرقمي هو المستقبل. إنه أداة قوية تسمح بتدفق إبداع لامحدود، مع أقل قدر ممكن من الهدر. أرى أنه يعكس الجانب المعاصر من الفن، ويتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تروّج لها وزارة الثقافة. لا شك في أن الفن الرقمي أتاح لي أن أجرّب أشياء جديدة، وأصل إلى جمهور أكبر، وأنقل بفاعلية رؤيتي في عوالم الفن والموضة والثـقـــافة. وتـأثــيره كبيــــر في مسيــــــرتي المهنـيــــة ورحــلــــــــتي في فن الرسم وفضاء الإبداع.
كيف تظهرين شخصيتك في رسمك؟ وما أهم العناصر الفنية التي تمثلك؟
أحب تصوير الشخصيات النسائية في شكل من أشكال القوة والأنوثة والجمال الرقيق. أُدخِل ألوانا حيوية وجريئة مع عناصر طبيعية مبالغ بها، من أجل إظهار القوة والعزيمة الموجودتين في المرأة والصلابة التي تجسّدها حين تواجه تحديـــات، مضيـفـــة طاقــــة ورؤيــــة فريـــــدة للمســتــقـــــبل. لثقافتي وهويتي وقع كبير على فنّي. وتشكّل بعض العناصر، مثل الأنماط المتكـــررة والطبيعة والأزياء والهندسة المعمارية، جزءا دائما من رسومي المكتلة الألوان.
أعكس شخصيتي من خلال أسلوبي الفنّي، فيكون لدي في كل مرة شيء أخبره وأعبّر عنه في عملي. ما يهمّني أيضا هو إظهار قصة "النمر الموجود في داخلي"، التي أكتبها وترمز إلى الصلابة والأنوثة والثقة والأصالة. "يجسّد النمر أحاسيس قوية موجودة في داخلي: القوة، والاستقلال، والأنوثة، والثقة، والــــذات، والجـــمـــال، والوحشــيــــة، والحــسـاســيــــة، والحـيـــويــــــة، والـرقــــــة. ويمثّل السماح للأصالة بالظهـــــور. القصة هي عن السماح لنمري الداخلي بأن يكون نفسه، دون أن أكون خجولة به بل واثقة للغاية حياله". القصة الكاملة موجودة على حسابي الفنّي .
كيف تصفين علاقتك بالفنانين السعوديين الآخرين؟
حرصتُ في الآونة الأخيرة على الاستكشاف أكثر، والتعرّف شخــصــيــــــا إلى أكبـــر عدد مــمكن من المــواهب الرائعة. قد تؤدي أحيانا مشاركة التجارب والقصص إلى مشاريع تعاونية تجمعنا، ومن التعاون ينبع السحر. أعتقد أن العمل مع مصممين سعوديين شغوفين ينطوي على إمكانيات كبيرة، وهناك الكثير مما يمكننا تحقيقه معا. نحن في زمن نمو ودعم في المشهد الفنّي السعودي، بفضل مبادرات وزارة الثقافة. وأنا ممتنة لأن هذه الفرصة أتيحت لي كي أكون جزءا من هذا التبادل الثقافي والفني، وإنني على ثقة بأننا يدا بيد نستطيع إحداث تأثير بارز في مشهد التصميم العالمي، في ظل إظهار هويتنا السعودية بكل فخر.
ما رسالتك إلى الفنانين الذين يدعمون قضية الاستدامة؟
أقدّر وأشكر الفنانين الذين تبنّوا قضية الاستدامة في هوياتهم، وأدرك قيمة هذا الالتزام. حين نتمسك بهذه القيمة، نرى كيف تسهم في صياغة مساراتنا الفنية، وجعلنا علامات أو مصممين أو فنانين معاصرين أصيلين. يدل هذا الدعم على اهتمام حقيقي صادق بصون البيئة وحمايتها، ويعكس جوهر معنى أن نكون مواطنين سعوديين مسؤولين. الاستدامة قيمة لا تفيد الأفراد فقط، بل تطال بتأثيرها الإيجابي محيطنا وبلدنا الغالي.