المخرجة السعودية هناء العمير لـ "هي": النهضة الفنية في المملكة تفتح المجال للجميع وأفضل السينما الأوروبية عن الأمريكية
تعد المخرجة والكاتبة السعودية هناء العمير واحدة من أبرز الأسماء التي تشارك حاليا في صياغة حاضر ومستقبل السينما السعودية، ليس فقط لكونها أول رئيس لجمعية السينما التي تأسست قبل عامين، ولكن لاسهاماتها المتعددة في الإخراج السينمائي أو التلفزيوني عبر القنوات والمنصات المختلفة، وأيضا اسهاماتها كناقدة سينمائية حتى قبل احتراف الإخراج، العمير ترأست مؤخرا لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بالدورة الرابعة لمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، "هي" التقت المخرجة البارزة في كواليس المهرجان للتعرف على رؤيتها لواقع صناعة السينما في المملكة والجديد الذي ينتظره الجمهور سواء من هناء العمير أو من تلك الصناعة بشكل عام سواء على مستوى شباك التذاكر أو المهرجانات التخصصية.
كثيرون ممن يتابعون نهضة السينما السعودية حاليا ربما يتساءلون عن الفارق في الاختصاصات بين الجهات المختلفة، فلنبدأ بالدور المنوط به جمعية السينما، وهل كان اختيارك لرئاستها انحيازا مسبقا للمرأة؟
جمعية السينما هي مختصة بالنشاط السينمائي والشئون الثقافية والفعاليات، والغرض منها نشر الثقافة السينمائية، وإقامة فعاليات خاصة بالسينما، وهو دور نسعى لتعظيمه بكل الوسائل والإمكانات المتاحة حاليا، وظهر ذلك بوضوح في التطور الملحوظ الذي شهده مهرجان أفلام السعودية في دورته الأخيرة بعدما انتقلت إدارته للجمعية، أما اختياري للرئاسة فجاء بالتصويت، القانون ينص على أن من شروط تأسيس أي جمعية أن يكون عدد المؤسسين 21 شخصا من المهتمين بمجال نشاطها، وكنا 23 سينمائيا انتخبنا مجلس إدارة أولا ثم انتخب المجلس الرئيس وشرفت بهذه المهمة وكوني إمرأة أمر أعتقد يسأل فيه من انتخبوني لكن ماج أؤكد عليه أن جميعنا محبون للسينما ونسعى لنهضتها في المملكة دون النظر لأي اعتبارات أخرى.
نلاحظ أن هناك توازنا في الفرص حاليا بالنسبة للمخرجين والمخرجات... كيف ترين هذا الأمر؟
بالفعل هناك توازن كبير في فرص العمل في السعودية، لأن السعودية الآن في حالة تكثيف جهودها من أجل إنشاء صناعة، لا يوجد شيء اسمه مخرج ومخرجة ولكن المهم أن هذه الصناعة يتم تأسيسها، وكلنا ندعم بعضنا لأننا ندرك أن نجاح فيلم يعني نجاح الآخر، وهذا المطلوب، بالتالي حضور المخرجات ليس لأنهن سيدات ولكن لأنهن سينمائيات ولديهن ما يقدمنه للجمهور.
من وجهة نظرك ما الذي ينقص السينما السعودية؟
الخبرة هي التي تنقصنا فقط، وهذا يلقي بظلاله على الإنتاج بشكل عام، لأنه لا يوجد شخص نتعلم منه، حتى إذا تم الاستعانة بخبرات خارجية، لا تعرف هذه الخبرات طبيعة البلد والقصص واحتياجاتها، وذلك سيحتاج مننا وقتا للوصول له ولكننا نخطو خطوات جيدة، لهذا نعتبر نفسنا في مرحلة تجريب لا أعتقد أنها ستطول، لدينا مواهب واعدة للغاية وتتعلم بسرعة ونلاحظ تطور كبير في ثاني أو ثالث مشروع لنفس المخرج، والكل يعمل وقد استفاد من حجم التسهيلات والدعم الذي تقدمه المملكة لكل الجيل الحالي من السينمائيين .
أشرفتي من قبل على مجموعة من دارسات السينما السعوديات في فرنسا، متى نجد معهدا لتدريس السينما في المملكة أم سيتم الاكتفاء بالبعثات الخارحية؟
نعم في فترة سابقة رافقت مجموعة كانت مرسلة من هيئة الأفلام لبرنامج خاص بصناع الأفلام السينمائية السعودية بباريس، وحاليا يتم تدشين المجمع الملكي للفنون بالرياض، من ضمن مكوناته الرئيسية أكاديمية للفنون التي ستضم معهدا للسينما، ونتطلع لأن يبدأ من حيث وصلت مناهج السينما المعاصرة في العالم.
لاحظت في الأفلام السعودية التي شاهدتها مؤخرا أن بعض المخرجين متأثر بالمدارس السينمائية الغربية خصوصا الأمريكية، كيف ترين هذا الأمر؟
أتفق معك لكنها ليست ظاهرة، و عن نفسي أنا لا أحب السينما الأمريكية، أميل أكثر للسينما الأوروبية، لأن طبيعة القصة كانت تقود لهذا النوع من الإخراج، الجميل في السعودية هو وجود مدارس مختلفة، ومخرجون يصنعون أعمالا مغايرة وقصصا متنوعة.
بعد عرض فيلم "شوجر دادي" بالسعودية وتحقيقه إيرادات أعلى مقارنة بمصر في ظاهرة متكررة، ما هي رؤيتك لتفاوت أسعار التذاكر بين مصر والسعودية؟
تفاوت مداخيل الأفلام مرتبط بتنوع متطلبات الجمهور، ونحن الآن في مرحلة اكتشاف وبالتأكيد ستتغير الصورة كل فترة والموزعون يدرسون ذلك، ولهذا هناك مرونة في سعر التذكرة من أجل التشجيع على المشاهدة، والأفلام المصرية لها رصيد كبير لدى الجمهور السعودي ولا ننسى الجاليات العربية المقيمة في كل أنحاء المملكة، ويضاف لذلك أن الفيلم يصل تزامنا مع عرضه في القاهرة بالتالي كلها أفلام جديدة تصل في نفس التوقيت وهو عنصر فارق لم يكن متوفرا من قبل، ولاحظنا في الأونة الأخيرة وجود أفلام سعودية حققت إيرادات قياسية في شباك التذاكر لأن الجمهور شعر أنها قريبة منه، في النهاية الصورة لاتزال تتشكل .
نترك أفلام شباك التذاكر ونعود للمهرجانات، ما طبيعة الإضافة التي قدمتها جمعية السينما لأقدم مهرجان سعودي، مهرجان الأفلام السعودية بالمنطقة الشرقية؟
نحن المنظم للمهرجان، أصبحنا كجمعية السينما نملكه قانونا، لأنه في بداياته كان بمبادرة من النادي الأدبي بالشراكة مع جمعية الثقافة والفنون ثم تلقى دعما من مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء" ، وبعد ذلك تأسست هيئة الأفلام وأصبحت داعم، ثم منذ عامين عندما تأسست جمعية السينما تمت إتفاقية ما بين جمعية السينما وجمعية الثقافة والفنون لانتقال ملكية مهرجان أفلام السعودية بالكامل إلى جمعية السينما بما فيها الأرشيف، وبناء عليه وضعت خطة لتطوير المهرجان مع الحفاظ على هويته الأساسية وهي كونه المنصة التي يقاس من خلالها مدى تطور السينما السعودية عاما تلو الأخر، هذا من جهة ومن جهة أخرى يفتح المجال أمام السينمائيين الصاعدين للالتقاء بالخبراء حول العالم.
ما تقييمك لتجربة مسلسل "وساوس"، وماذا عن تكرار التعاون مع "نتفلكس"؟
سعدت جدا بالتجربة، لأنها فتحت لي باب مشاهدات لم أكن أتوقعها، حيث كان يوجد تواصل مع جمهور من البرازيل وإيطاليا وغيرهم وأسعدني كل كلامهم، لأنني كنت أعمل على القصة فقط ولكن أن يكون لها أبعاد أخرى هو شيء جميل ورائع وهذا الشيء لم يكن له وجود إذا لم يكن هذا العمل في منصة عالمية، ومن المهم تكرار التجربة، لأن الدراما علمتني الاحتكاك والقرب من الجمهور بشكل أكبر على عكس السينما لذلك اختلفت نسبة وعيِّ بالجمهور والمتلقي.
قدمتي أفلاما عدة وثلاثة مسلسلات، لكن ماذا عن التصنيف الذي تحبينه، مخرجة سينمائية أم تلفزيونية، وإذا عُرض عليك فيلم ومسلسل ستعملين على أيهما؟
يظل الفيلم أولوية بالنسبة لي، لكن تجربة الفيلم الطويل لا أريد أن أخوضها إلا في شكلها الصحيح، لهذا قد تطول بعض التجارب في التحضير لأن المهم بالنسبة لي دخول "اللوكيشن" وأنا مطمئنة لكل التفاصيل.
ماذا عن مشروع فيلمك "الرقص على حافة السيل" المأخوذ عن رواية "غواصو الأحقاف" لأمل الفاران؟
الفيلم ما زال في مرحلة التحضير، فالقصة والتفاصيل الفنية تحتاج للمزيد من الوقت، ومن الممكن أن يعرض لي فيلم آخر قبله حيث أنشغل أيضا بقصة تدور عن ثلاثة نساء من 3 أعمار مختلفة ورغم أنه فيلم عائلي ولكن شعرت أنه يمثلني بشكل ما وهي تجربة مختلفة وأحب أن أخوضها بالإضافة إلى أنني شاركت في كتابته.
ترأستي لجنة تحكيم مسابقة الفيلم القصير بمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، كيف ترين التجربة؟
دائما أسعد بالحضور ومشاهدة الأفلام والمناقشة مع لجنة التحكيم والتفكير كمتلقي وتفكيك الفيلم، وهذه أول زيارة لي للمغرب وكانت جميلة ومريحة للغاية وأتطلع لتكرارها .