تشخيص مرض الملك تشارلز هل يعيد حسابات باكنغهام؟
لم يكن خبرًا عاديًا خبر إصابة الملك تشارلز الثالث بالسرطان وإلغائه لكل برامج عمله ومواعيده وإحالتها إلى ولي العهد الأمير وليام. ومازاد الأمور إرباكا هو حجم التقارير الصحفية والإعلامية التي تناولت الموضوع وسط شح خطير في المعلومات والتفاصيل.
حيث يرى مارك لاندلر، مدير مكتب صحيفة التايمز في لندن، أن الأخبار المتعلقة بتشخيص إصابة الملك تشارلز الثالث مؤخراً تعكس "علامة فارقة" في الطريقة التي يتواصل بها قصر باكنغهام مع عامة الشعب البريطاني.
عندما أعلن قصر باكنغهام الشهر الماضي أن الملك تشارلز الثالث قد دخل أحد مستشفيات لندن لإجراء عملية جراحية في البروستاتا، فوجئ مارك لاندلر، رئيس مكتب صحيفة نيويورك تايمز في لندن، مثل كل المتابعين بشفافية القصر.ويقوم لاندلر بتغطية شؤون العائلة المالكة البريطانية منذ عام 2019. وأوضح في تصريحات متلفزة حديثة أن العائلة المالكة عادة ما تكون متحفظة بشأن الكشف عن المعلومات الخاصة للجمهور.
قرار جريء
علاوة على ذلك أشار لاندلر إلى أنه "كان من المثير للاهتمام أن القصر اتخذ قرارًا متعمدًا، بناءً على طلب الملك تشارلز، لمشاركة معلومات أكثر قليلاً حول حالته الطبية وعلاجه مقارنة بالملكة إليزابيث طوال حياتها. كما إنها علامة فارقة في تواصل العائلة المالكة حيث قالوا الكثير علنًا".
وقد زادت مفاجأة لاندلر بعد أن أعلن قصر باكنغهام في الخامس من هذا الشهر أن الملك مصاب بالسرطان، رغم أنه لم يكشف عن نوع السرطان.
تغطيات متعارضة
وعلى الرغم من أن العديد من الصحفيين في صحيفة التايمز يكتبون عن جوانب من العائلة المالكة بصورة مغايرة للصحف العالمية.. إلا أن لاندلر سبق وناقش في إحدى المقابلات تجربته في تغطية شؤون الملكية البريطانية والأسئلة التي كان يأمل في الإجابة عليها في المستقبل والتي لا يجد أحد لها إجابات محددة ومعظم الأخبار عبارة عن تحليلات وتكهنات.
شفافية غير معهودة
وحول شفافية قصر باكنغهام بشأن صحة الملك يقول رئيس مكتب صحيفة نيويورك تايمز في لندن إن الملك تشارلز لديه الكثير ليفعله حيال ذلك. وفي الإعلانات المختلفة التي صدرت حول علاج البروستاتا وتشخيص السرطان، قال القصر إن الملك أراد تشجيع الرجال في عمره على إجراء فحص البروستاتا. كما أراد أيضًا وقف التكهنات الجامحة حول حالته. لا شك أنه عندما تتحدث شخصية بارزة مثل تشارلز بصراحة عن حالته الصحية وعلاجه الطبي، فإن ذلك يمكن أن يكون له تأثير إيجابي.
وعلى الرغم من أن الملك والقصر كانا أكثر انفتاحًا مما كانا عليه تاريخيًا، إلا أنهما لم يكونا منفتحين تمامًا. حيث لم يذكروا نوع السرطان الذي يعاني منه أو مدى تقدمه. لم يكن هناك مناقشة للتكهن. وحذروا من أنه لن يكون هناك تحديث مستمر لحالته. ما فعلوه تركنا في موقف وسط: نحن نعلم أن الملك يواجه مرضًا قد يهدد حياته، لكننا لا نعرف مدى تهديده لحياته. لقد خلق قدرا لا بأس به من القلق.
الغموض المثير للقلق
لتبقى الأسئلة مطروحة في ذهن المتابعين عن نوع السرطان الذي تم اكتشافه عند الملك. مع سؤال واحد كبير هو مدى خطورة هذا السرطان. حيث إنه إذا أصبح الملك عاجزًا في مرحلة ما، فسيتم تفعيل بعض الأشياء. هناك مؤسسة تسمى مستشاري الدولة، وهي تتألف من أعضاء كبار آخرين في العائلة المالكة يمكنهم القيام ببعض الواجبات نيابة عن الملك إذا لم يتمكن من ذلك. لكن حتى هذه المؤسسة ينتابها الغموض، إذ أن الورثة الثلاثة التاليين للأمير وليام في وراثة العرش لا زالوا قصرا، وكذلك صاحبي الترتيب السادس والسابع، فيما صاحب الترتيب الخامس، والثامن اعتزلوا الحياة الملكية، ما يجعل الخلفية القادر على تزلي زمام الأمور ومساعدة الأمير وليام هو صاحب الترتيب التاسع في ولاية العهد، وهي في هذه الحالة الأميرة بياترس ابنة الأمير أندرو، والتي تم استدعائها لرؤية الملك فور إعلان إصابته بالسرطان، لكنها لم تظهر على الساحة العامة حتى الآن بالشكل المتوقع، ومع هذا هناك بعض الأشياء التي لا يستطيع القيام بها إلا العاهل الحالي من الناحية الدستورية، لذا فهو لا يسد كل الفجوات.
وعلى سبيل المثال، لا يمكن إلا للملك الحالي الموافقة على طلب رئيس الوزراء بحل البرلمان أو دعوة زعيم الحزب السياسي الذي فاز للتو بالأغلبية في الانتخابات لتشكيل حكومة جديدة. ستجرى انتخابات عامة في المملكة المتحدة في وقت ما من العام المقبل، مما يعني أنه سيتم دعوة الملك للقيام بذلك، بغض النظر عن حالته الصحية، فهل يعيد قصر باكنغهام حساباته مع هذه التطورات.
مازلنا بحاجة لمزيد من الشفافية
ومع ذلك، فإن الإشارات العامة من القصر تشير إلى أن سرطان تشارلز يمكن التحكم فيه، وأنه يحصل على العلاج المناسب وسيكون قادرًا على القيام بهذه الواجبات. لكن لا شيء من هذا يمكن اعتباره أمرا مفروغا منه. إذا كان عاجزًا حقًا، فسيثير ذلك بعض الأسئلة الدستورية الجوهرية.
وتؤكد التقارير أن لندن في وضع الانتظار والترقب إلى حد كبير. فعندما ماتت الملكة إليزابيث، والتي ظلت ملكة لمدة 70 عامًا. معظم الناس في بريطانيا لم يعرفوا قط ملكًا آخر. لذا فقد كان حدثًا تاريخيًا وعاطفيًا هائلاً، خاصة بالنسبة لكبار السن. وبدا الأمر وكأنه موت في كل عائلة بريطانية.
الخبر مازال صادمًا
لم يمض على تنصيب تشارلز ملكًا مدة 18 شهرًا. لقد شاهده الناس وهو يكبر وهو ولي للعهد؛ لقد شاهدوا زواجه الأول غير الناجح من الأميرة ديانا. لقد شاهدوه وهو يتقدم في السن ليصبح العاهل البريطاني. وعلى الرغم من أنه ليس محبوبًا مثل والدته، إلا أنه من العدل أن نقول إن الناس "يعتادون عليه" على العرش أخيرا. وقد كان خبر إصابته بالسرطان صادمًا للشعب البريطاني ومثيرًا لحزنهم.
ومع ذلك، لا نعرف كيف ستنتهي هذه القصة. الكثير من الرجال البالغين من العمر 75 عامًا الذين يخضعون لعلاج السرطان في حالة جيدة ويعيشون لسنوات عديدة أخرى، وآخرون لا يسعفهم القدر.