لتجنب إسفكسيا الغرق في الصيف: اتبَعي هذه النصائح الذهبية
من لا يعرف السباحة، لا ينبغي له الذهاب إلى الشاطئ أو نزول الأماكن العميقة في المسابح.. هذا أمرٌ معروث ولا نقاش فيه، كون الجاهل بمبادئ السباحة، قد يُودي بحياته إلى التهلكة في حال فكر بالسباحة لوحده وفي بحر هائج أو بقعةٍ عميقة في المسبح.
لكن أن يغرق من هم سبَاحون بحق، أي أنهم خضعوا لتدريبٍ كبير لتعلَم السباحة، والذين يمارسون هواية السباحة منذ فترة، فهذا ما يُقلق الحقيقة. وليست الأسباب فقط كون "البحر غدّار" كما يُشاع، بل أن هناك مشكلةً معينة يعاني منها بعض السبَاحين، تُعدى "إسفكسيا الغرق" قد تؤدي بهم إلى الوفاة؛ كما حدث منذ عدة أيام في مصر مع محمد عمرو مصطفى، لاعب نادي الكهرباء المصري للتجديف الذي تُوفي بإسفكسيا الغرق أثناء التدريب في نهر النيل. وقبله منذ عدة سنوات، غرق عبدالله يوسف، نجل الممثلين المصريين حسن يوسف وشمس البارودي، في إحدى قرى الساحل الشمالي. ويومها تحدثت وسائل الإعلام عن تعرَضه أيضًا لإسفكسيا الغرق.
فما هي هذه الحالة، ما أعراضها؛ وكيف نحمي أنفسنا ومن نحب من خطر الغرق، خصوصًا في أيام الصيف الحالية حيث يُمضي معظمنا أكثر وقته في السباحة وارتياد الشاطئ؟
هذا ما نُسلَط الضوء عليه في موضوعنا اليوم، آملين بدوام الصحة والسلامة للجميع.
ما هي إسفكسيا الغرق؟
في حديث لها مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أشارت دينا شكري؛ أستاذة الطب الشرعي في جامعة القاهرة إلى أن"سفكسيا" هي كلمةٌ لاتينية تعني عدم وجود نبض، على اعتبار أن الإنسان عندما يفقد القدرة على التنفس،يتوقف القلب وتتوقف ضرباته. لكن في الحقيقة فإن هذا الأمر قد يحدث جراء منع الأكسجين أن يستمر القلب في النبض حتى يتوقف تمامًا.
وتضيف رئيس الرابطة العربية للطب الشرعي وعضو اللجنة الاستشارية للطب الشرعي بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي: "الأكسجين ضروري لعمل عضلة القلب والتي تضخ الدم لأنسجة الجسم وإيصال ما يحتاجه من الغذاء والأكسجين."
ويبدو أن إسفكسيا الغرق ليست المشكلة الوحيدة التي يواجهها البعض، إذ أن هناك أنواعًا أخرى منها، أبرزها:
- إسفكسيا الخنق.
- إسفكسيا الشنق.
- إسفكسيا كتم النفس، عند منع الهواء عن الأنف والفم حيث لا يصل الأكسجين للجسم، والتي قد تؤدي للوفاة.
- إسفكسيا الاختناق، عندما تقل نسبة الأكسجين في غرفة ويحل محلها غازٌ غير قابل للتنفس؛ مثل حالات الاختناق ببخار الماء في الحمام عند المكوث به لوقتٍ طويل، أو زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في جو الغرفة عوضًاعن الأكسجين.
بالإضافة إلى إسفكسيا الغرق، حيث تدخل المياه الرئة وتحل محل الأكسجين.ولفتت شكري إلى أن الرئة تشبه قطعة الإسفنج؛ حيث تقوم الحويصلات الهوائية من خلال الشعيرات الدموية على سطحها بامتصاص الأكسجين وإيصاله للدم، حتى يضخه القلب من خلال الشريان الأوروطي لباقي الجسم، ويُخرج ثاني أكسيد الكربون مع الزفير خلال عملية الأيض.
ما هي أعراض إسفكسيا الغرق؟
وفقًا لرئيس الرابطة العربية للطب الشرعي دينا شكري، فهناك حالاتٌ مختلفة لمن يتم العثور على جثثهم في المياه، ووحده الطب الشرعي يستطيع التمييز بين من توفي بإسفكسيا الغرق أو لأسبابٍ أخرى؛ كما يمكن للطبيب الشرعي معرفة ما إذا كانت حالة الغرق تمت بصورةٍ عارضة أم لأسبابٍ جنائية وفق معطياتٍ مختلفة، أهمها:
- يصارع الميت غرقًا من أجل الحصول على الأكسجين، لذا يجد الطبيب الشرعي بقايا من المياه دخلت جسده عن طريق الفم والأنف إلى القصبة الهوائية والجهاز التنفسي، مثل الطحالب وبعض الكائنات الحية الدقيقة.
- بمجرد إخراج الشخص من المياه، تظهر عليه رغاوي تخرج من الأنف والفم ذات لونٍ أبيض وليست لها رائحة؛ وعند الضغط على الصدر تخرج بشكلٍ أكبر من الفم والأنف ما يشير إلى موت الشخص غرقًا.
- قد يجد الطبيب الشرعي في يد الغريق، أشياء من المكان الذي غرق فيه مثل تمسكَه بالرمل مثلًا أو شيءٍ آخر.
يمكن للبعض اللجوء إلى فكرة الإنتحار من خلال رمي أنفسهم في البحر، بسبب الإضطرابات النفسية التي يعانون منها. وفي هذه الحالة وحالات الغرق الأخرى غير المتعمدة، تنصح دينا شكري، أستاذة الطب الشرعي بكلية الطب جامعة القاهرة باتباع الإرشادات وعدم النزول للمياه في المناطق عالية الخطورة، والوعي بضرورة الالتزام بنصائح المختصين في هذا الشأن، وضرورة وجود المنقذين والمسعفين قرب المسطحات المائية والاستماع لنصائحهم، مع أهمية وجود متخصصين في الإنعاش الأولي السريع لإنقاذ الحالات التي تستدعي ذلك.
ما هي أفضل النصائح لتجنب إسفسكيا الغرق؟
يؤكد الخبراء ومنهم الدكتور هشام ربيع رئيس لجنة الإنقاذ بالاتحاد المصري للغوص والإنقاذ، على أن حمامات السباحة أو المسابح تُعدَ أكثر خطورةً لجهة إسفكسيا الغرق من شواطئ البحر؛ كون حالات الغرق في المياه العذبة الموجودة في تلك المسابح تكون أشد صعوبةً بسبب قوة الجذب.
ونصح الدكتور ربيع الجميع من خلال مداخلة على برنامج "8 الصبح" على قناةdmc المصرية، الجميع بوجوب توخي الحيطة والحذر عند الذهاب للسباحة؛ وذلك باتباع النصائح الآتية:
- التواجد في المسابح المُنظَمة والتي يتواجد فيها موظفو الإنقاذ.
- اتبَاع تعليمات المنقذ كافةًوالتي تُقلَل احتمالات الغرق، مثل ارتداء طوقٍ مطاطي عند نزول الأطفال للمسبح.
- الحرص على السباحة بالمنطقة الآمنة دائمًا، وهي التي يتواجد فيها أشخاصٌ كثر، والتحقق من وسائل السلامة في حمامات السباحة بصورةٍ عامة.
- تجنب الأماكن ذات السحب العالي أو الدواماتعند السباحة في البحر.
- عدم نزول البحر إذا كانت الراية حمراء أو سوداء، والنزول فقط في حال كانت خضراء، ما يعني أنّ السباحة آمنة.
وإضافةً إلى هذه النصائح، توصي الهيئات الحكومية والخاصة في معظم الدول، بوجوب اتباع إرشادات السلامة العامة والتي تتمثل في الآتي:
- التنبه لحالة البحر وعدم المجازفة.
- عدم السباحة في الأماكن غير المسموح السباحة فيها أو التّي تُعدّ خطيرة من حيث موقعها.
- عدم القفز في الماء من أماكن مرتفعة.
- عدم ترك الأطفال يسبحون أو يلعبون في الماء بمفردهم ومن دون مراقبة.
- ارتداء السترة الخاصة بالسباحة، ولاسيما سترة النجاة الخاصة للأطفال الذين لا يُحسنون السباحة، وعدم السباحة باللباس الكامل.
- منع الأولاد من الركض حول أحواض السباحة والقفز في الجهة العميقة منها.
- تجنّب السباحة بعد تناول الطعام بشكل مباشر وعدم تناول المشروبات الكحولية.
- توخّي الحذر عند الاقتراب من ضفاف الأنهار والبرك الطبيعية.
- تجنّب السباحة في الأنهر والبرك الزراعية.
في الختام؛ فإن السلامة من الغرق والموت المحتم، أمرٌ يمكن تحقيقه من خلال اتباع إرشادات ونصائح السلامة العامة. وتذكري عزيزتي أن إسفكسيا الغرق هي مشكلةٌ قد لا يمكن توقعها أو منعها حتى للسباحين المهرة، لكن الالتزام بأدنى مقومات السلامة خلال السباحة في الصيف، سواء في المسابح الخاصة أو العامة أو في البحر، قد يحميكِ ويحمي أحبتكِ من خطر الغرق.