خاص "هي"- فيلم "Back in Action".. تحديات الأمومة في عصر تيك توك وسط مطاردات نموذجية بين الجواسيس
وكأن "Mr. & Mrs. Smith" يستكملان مسيرتهما، فبعد نحو 20 عامًا من عرض فيلم أنجلينا جولي وبراد بيت الشهير الذي يحمل اسم عميلي الاستخبارات الأكثر جاذبية وشعبية بالنسبة للجيل الذي عاصرهما، يستحضرهما جيمي فوكس بدور مات وكاميرون دياز بدور إيميلي في فيلم الحركة الجديد على نتفليكس "Back in Action" من إخراج سيث غوردون، حيث خفة الظل والمناوشات اللطيفة، مع كثير من المعارك التي يخرج منها البطلان دون خدش، والتي تشبه في تنسيقها ومثاليتها الألعاب القتالية الافتراضية عبر الإنترنت.
لمحبي هذا النوع من الأعمال، فالفيلم ينجح بجدارة في أن يجعل متابعيه مشدوهين من أول لقطة، دونما ملل أبدًا، فالعمل يبدو جماهيريا نظرا لشعبية هذا النوع من الأفلام، حتى مشاهد المطاردات وتخريب الممتلكات الطويلة كانت مثيرة وتحمل مفاجآت بعضها مضحك وبعضها مشوق. إذًا، فالهدف الأول لسينما الأكشن والكوميديا قد تحقق. لكن الفيلم، الذي يشمل عودة لكاميرون دياز بعد غياب نحو 12 عاما عن الشاشة الكبيرة، يتواءم كثيرًا مع سبب ابتعادها وهو الأمومة، حيث إن القصة الموازية لحكاية الجاسوسين المتقاعدين اللذين يجدان أنفسهما فجأة في صراع جديد قديم يجبرهما على العودة لملاعب القتال مع المنظمات السرية، تدور حول صراع الأجيال، وعن العلاقات المرتبكة بين الآباء والأبناء من جيل تيك توك والأجهزة الذكية، حيث لم تعد التكنولوجيا المتقدمة حكرا فقط على محترفي التجسس ورجال الأمن، وإنما باتت مثل لعبة في متناول الصغار، كما أن الورطة التي قلبت الأحداث كان سببها بالأساس سهولة انتشار مقاطع الفيديو عبر السوشيال ميديا.
نتابع في حكاية مسلية كيف ورثت ابنة البطلة التمرد والرغبة في الاستقلالية بشكل مبكر، فالأم التي عاشت أحداثًا متوترة مع والدتها وخالفتها في أشياء كثيرة رغم أنها ورثت مهنتها كعميلة سرية تخوض المغامرات وتطلق النيران وتقوم بالمهام الخاصة وتحترف التنشين وحمل السلاح، كذلك، ابنة كيت ذات الأربعة عشر عامًا على النقيض تمامًا منها، حيث تحاول الأم حمايتها بكل الطرق بينما المراهقة تبتكر حيلًا للتهرب من المراقبة وتنظر إلى أبويها بعين الريبة دائمًا وكأنهما عجوزين من جيل عتيق، فيما شقيقها الأصغر أكثر هدوءًا في التعامل مع المشكلات العائلية. نحن أمام أزمة جيلي زد وألفا الأساسية، وهي الشعور بالاستقلالية والاستحقاق أيضًا، والرغبة في الحصول على ما يريدون وفق معاييرهم العالية جدًّا دون وضع أي اعتبارات جانبية حتى لو كانت متعلقة بالعائلة.
النقطة الأبرز هنا هي استعراض تحديات التربية المتشابكة في هذا العصر، ولكن المشاهد يكتشف أيضًا أن تعقيدات العلاقة بين الأجيال ليست فقط متعلقة بالتكنولوجيا. بل إن البطلة الخمسينية كانت قد مرت بأمور مشابهة تماما مع الأم، حيث حرصت طوال حياتها أن تبتعد عن نمطها في التربية، لتُفاجأ بأنها تحولت لنسخة عنها دون أن تشعر، لا سيما فيما يتعلق بالرغبة في التسلط والملاحقة، فيما لا تزال الغصة لديها بأنها تركتها تعيش في مدرسة داخلية كي تتفرغ لمهنتها القاسية كجاسوسة محترفة.
وإلى جانب سعي الأسرة مجتمعة لمنع الفريق الأكثر شرًا من المرتزقة أو الإرهابيين من امتلاك تكنولوجيا خطرة تهدد مستقبل البشرية، تسعى إيميلي بشكل خاص لمحاولة تدارك الأخطاء وتحسين علاقتها مع ابنتها المراهقة الغاضبة على الدوام. يساعدها في ذلك كونها حلقة وصل بين الجيلين، حيث تبدو وكأنها ترغب في التخلص من سمات شخصيتها الحادة لتعيش حياة طبيعية مع طفلين يرغبان في الدخول لعالم الناضجين أسرع مما ينبغي.
فيما أدت غلين كلوز دورها ببراعة وخفة ظل معتادة، كذلك كاميرون دياز وجيمي فوكس قدّما شخصياتهما دون مبالغة، وباتا متناغمين تمامًا، حيث يمكن بسهولة أن يُشكلا ثنائية ناجحة في هذا العالم السينمائي الذي لا تنضب شعبيته أبدًا. كما أن الفيلم في نهايته فتح الباب أمام احتمالية تقديم جزء ثانٍ، بالإشارة إلى شخصية والد البطلة التي تبحث عنه الاستخبارات، وكذلك بموهبة الابن الأصغر في عالم الجاسوسية