
جريئة وقوية وتفيض بالأنوثة.. تارا عماد نجمة عدد مارس من "هي": قوّتك تبدأ من الداخل
التقيت هذه النجمة الشابة كثيرا خلال المناسبات التي تقيمها الدور العالمية، وخاصة "كارتييه" التي اختارتها سفيرة لها منذ سنوات عدة، وكنا نتحدث في العموميات، وخلال تصوير غلاف هذا العدد وإجراء الحوار أتيحت لي فرصة التعرف إليها عن قرب، واكتشفت كم هي رائعة وحساسة وقوية في الوقت نفسه.. لعل أصدق وأجمل وأصعب قصة لعبت فيها تارا عماد دور البطولة، هي قصّتها، قصّة امرأة تعثّرت وعانت كثيرا، خافت وقلقت، تألمت وتوجعت، حزنت وبكت، لكنها نهضت بقوة وعزم، واحتضنت كل أجزاء نفسها، وواصلت المواجهة وما زالت تنتقل من نجاح إلى آخر.
في حياة "تارا عماد" كانت السنة الماضية الأصعب، وعلى حد قولها "أبشع شيء كان من الممكن أن يحدث قد حدث"، فمع وفاة والدتها التي كانت الداعم الأكبر لها، ورفيقة دربها، وقدوتها، وجدت "تارا" قوة الوقوف من جديد داخل نفسها التي زرعتها فيها أمها، إضافة إلى الصفات الرائعة الأخرى.. عن القوة التي تشع من داخل المرأة وتنمو بتقديم الدعم للآخرين، ودور والدتها في حياتها حتى بعد رحيلها، ومسيرتها الفنية، واعتنائها الشامل بجسمها وعقلها، كان لي هذا الحوار الموسع معها في عاصمة الأناقة والفن باريس، حيث صوّرنا معها غلاف هذا العدد في ظروف قاسية بسبب درجة الحرارة التي كانت تحت الصفر أحيانا.

إطلالة من "سان لوران" Saint Laurent
بدأت مسيرة هذه الشابة المصرية-المونتينيغرية في مجال عرض الأزياء حين كانت مراهقة، ومن مواقع تصوير صفحات المجلات والحملات الإعلانية إلى منصات العرض، لم تنسَ يوما حلمها بأن تصبح ممثلة لامعة. شاركت في الكثير من تجارب الأداء، وصقلت موهبتها في ورش عمل لفن التمثيل، وفي النهاية أتت الفرصة الأولى، وبعدها فُتحت أبواب كثيرة أمام موهبتها وشغفها ومثابرتها.
وبعد تقديم عدد كبير من المسلسلات والأفلام، من بين أحدثها فيلم "المطاريد" الكوميدي ومسلسل "سوتس" بالعربي، تعمل الآن سفيرة دار "كارتييه" في الشرق الأوسط على فيلم أكشن جديد من بطولتها إلى جانب "ناصر القصبي" و"أحمد عز" و"كريم عبد العزيز". يحمل الفيلم، الذي يعدّ من أضخم إنتاجات السينما العربية، عنوان "الكلاب السبعة" The Seven Dogs، وهو من إخراج "عادل العربي" و"بلال فلاح" المعروفين بأعمالهما العالمية، وسيناريو وحوار "محمد الدباح" بناء على قصّة كتبها المستشار "تركي آل الشيخ" رئيس هيئة الترفيه في السعودية بالمشاركة مع فريق "استديوهات الحصن بيغ تايم"، حيث يتم تصويره. وتواصل تارا مناصرتها لقضايا اجتماعية مهمة، على رأسها التنمّر الذي كانت لها تجربة شخصية معه في المدرسة.

فستان من "علية" ALAÏA
كيــف تعـــرّفـــيـــن "الـــقـــوة" من منـــظـــــورك الشخصي؟ ومَن المرأة القوية؟
تكون المرأة قوية عندما تكون عطوفة مع نفسها ومع الآخرين. حين يحترم الإنسان نفسه وطموحاته وجهوده التي بذلها ليصل، يصبح أكثر قدرة على رؤية هذه الصفات في الآخرين. المرأة القوية هي التي تحلم وتطمح وتتحلى بالصبر، وتحتوي مشاعرها وتحتوي غيرها. المهم أن ندرك أن هذه القوة تأتي حين تعلم المرأة كيف تعطي لنفسها أيضا وتكون صبورة وعطوفة مع نفسها وتعمل على تطوير نفسها. كل هذه الأمور تبدأ من الداخل.
هل كان هناك موقف معين في حياتك شعرت فيه بأنك قوية بشكل استثنائي؟ وكيف أثر ذلك فيك؟
أتذكر دائما تجربة أحدثت فرقا كبيرا في نظرتي إلى جسمي وعلاقتي به، وجعلتني أحبّه وأحترمه وأقدّره أكثر. وذلك كان حين ركبت دراجتي الهوائية من القاهرة إلى أسوان، وقطعت مسافة 1125 كيلومترا. قررت خوض هذا التحدي وقتها فقط لأنني أردت أن أجرّب شيئا مختلفا. وبعد هذا التحدي، صرت أقدّر جسمي أكثر، ولم أعد أريده أن يكون بشكل معيّن، بل أن يكون قويا. اختلف تماما منظوري لجسمي وقدراته التي تقف خلف كل ما أفعله من مشي ورياضة وسفر وعمل.. أعرف أن النساء يرغبن في إحداث تغييرات في أجسامهن، ولكن حين يكتشف الإنسان أن جسمه فعلا قوي ويدعمه على مدار الساعة في كل ما يفعله، سيقدّره كثيرا.

فستان من "علية" ALAÏA
ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها لكل امرأة تطمح إلى أن تصبح قوية ومستقلة؟
أولا، ثقي بنفسك. الثقة لم تأتِ إلي بسهولة، وعملتُ بشكل كبير حتى أبني ثقتي بنفسي وخطواتي.
ثانيا، لا تترددي في طلب المساعدة حين تحتاجين إليها، فالقوة تأتي حين نفهم أننا لسنا بحاجة إلى فعل كل شيء بمفردنا. كنت أؤمن بأنه يجب أن أفعل كل الأشياء بنفسي، لأنني ظننت أن لا أحد سيعرف كيف يفعلها مثلي، ولكنني اكتشفت أن ذلك ضعف، وأنه من القوة أن نطلب المساعدة ونقبل أنه من الطبيعي أن تكون هناك أشياء لا نعرفها. ما أجمل أن نتعلم دائما ونعمل على تحسين أنفسنا، ونطمح إلى تطوير الأدوات التي نملكها، في أي مجال عمل كان.
لو كان هناك شيء لا تعرفينه، قولي إنك لا تعرفينه، وكوني مستعدة للإصغاء إلى آراء الغير، ولقبول تعلم الجديد من الآخرين. يجب ألا نشعر يوما بأننا تعلمنا كل شيء، ولم يعد هناك شيء لنتعلمه. لا نهاية للتعلّم، وطالما أن الإنسان حيّ، يمكنه أن يتعلم ويفتح آفاق ذهنه على أشياء جديدة. وهذا في حد ذاته قوة!
كيف تتعاملين مع التحديات اليومية التي قد تشكل عائقا أمام تقدمك، سواء على المستوى المهني أو الشخصي؟
على كل إنسان أن يدرك أن التحديات هي جزء من الحياة، ولا مفر منها. أحيانا طبعا أشعر بالإحباط أمام تحديات معينة في حياتي الشخصية أو المهنية، ولكن أحاول أن أجتازها بسلاسة. أحاول أن أقول لنفسي إنها ليست نهاية العالم، وأن أفهم ما يحصل، وألا أتخذ قرارا سريعا أو مؤقتا. أسعى إلى فصل نفسي عن الموقف ورؤيته من منظور آخر، ولو كان هناك شخص أثق به، أستمع إلى رأيه، فقد لا أرى الصورة كاملة.
ما العادات أو الممارسات التي تساعدك على البقاء قوية وإيجابية على الرغم من كل التحديات؟
العمل على تطوير ذاتي، والعلاج النفسي، والقراءة، والرياضة، وتقليص استخدام الهاتف الذكي، وكلها ممارسات تجعلني حاضرة في اللحظة، فلا أكون عالقة في الماضي أو المستقبل. أعـــمل لأجل المستـــقــبــــل، أحـــترم الماضي وأقــــــدّره، ودائما أحرص على أن أكون موجودة في الحاضر.

إطلالة من "جاكيموس" Jacquemus
حدثـــيــنــا عن عــلاقتــــك بوالدتك وكيف أثرت في شخصيتك ومسيرتك المهنية؟
دائما أقول إن والدتي هي سبب أي نجاح حققته، أو سوف أحققه في حياتي. كانت معي منذ اليوم الأول، منذ أول إعلان ظهرتُ فيه، ولولاها، ما كنت لأحقق أي شيء، ولربما كنت يئست منذ وقت طويل. في مواقف كثيرة، قلت لنفسي إنني سأستسلم وأتوقف، وإن هذا المجال غير مقدّر لي، لكن أمي كانت تشجعني دائما على أن أصبر وأعمل على نفسي وأسجل في ورش التمثيل وأشارك في تجارب الأداء. كانت تذكرني مرة بعد أخرى أن هذا هو حلمي، وأن عليّ أن أجرّب حتى النهاية.
هناك صفات في شخصيتي ما كانت لتكون موجودة لولا والدتي، التي كانت حريصة على تعليمي إياها وغرسها بداخلي، مثل أن أكون شخصا لا يستسلم ويستمر في المحاولة حتى النهاية، وأن أتحلى بالصبر. كما علمتني أن أتذكر الآخرين دائما؛ فعندما تشعرين بالسعادة أو تحققين إنجازا مهما، تذكري أنك وصلت بفضل فرصة منحك إياها شخص آخر. لذلك، ما دمت قادرة، فامنحي الفرص للآخرين، وقدّمي لمن حولك وقتك وجهدك.

كيف أثّرت وفاة والدتك في حياتك؟ وما الذي تعلمته من تلك التجربة المؤلمة؟
وفاة والدتي طبعا أثرت فيّ بشكل كبير. حتى الآن، لا أستطيع أن أتكلم عنها دون أن أبكي. أبشع شيء كان من الممكن أن يحدث لي، قد حدث. كانت أمي كل عائلتي، وحياتي كلها. أنا وهي كنا لا نفترق أبدا!
أثّرت وفاتها في نفسي كثيرا، وأشعر بأنني لن أعود يوما كما كنت. عندما يفقد الإنسان شخصا عزيزا، يحدث تغيير داخلي عميق، وكأن شيئا انكسر. مرّت سنة كاملة، ومررت بالكثير من المراحل، وتنتظرني مراحل أخرى. لكن منذ اليوم الأول لم أتساءل أبدا: "لماذا". فعلى الرغم من حزني الكبير، أنا مقتنعة بأن هذا كان جزءا من مسار حياتها وكان مكتوبا لها، وأن هذه هي قصتها ونهاية جسدها في هذا العالم. لكنني أعلم أن أمي ما زالت معي في كل لحظة، أشعر بها في الكثير من الأوقات، وما زالت تقدّم لي "هدايا"، سواء كانت فرص عمل أو دروبا جديدة تُفتح أمامي أو ناسا يدخلون حياتي وآخرين يخرجون منها. أشعر بأن كل ذلك هو بترتيبها وتدبيرها، وأنها ملاكي الحارس الذي يرعاني ويهتم بي حتى بعد رحيلها.
التغييرات التي حدثت كثيرة. أصبحت شخصا أكثر مسؤولية، لأنني كنت دائما معتمدة على أمي بشكل كبير في حياتي، وخلال العام الذي مضى، تعلمت الكثير. فهمت أيضا أن الحياة هشّة، وأننا قد نكون هنا في لحظة، وفي اللحظة التالية قد نغادر. وأدركت أن ما يبقى هو أعمالنا الصالحة، فأكثر ما يسعدني اليوم هو ما أسمعه عن أمّي من أصدقائها أو عائلتها أو حتى من عملوا معها، والذين يقولون دائما كم كانت إنسانة طيبة وعطوفة وساعية دائما إلى إسعاد من حولها. هذا هو ما يبقى، ولا شيء آخر! كل همومنا ومشكلاتنا والأشياء التي نحاول إصلاحها لا تهم؛ ما يهم حقا هو ما نتركه من أثر في العالم. حتى لو فعلنا شيئا بسيطا وأثّرنا تأثيرا صغيرا، يبقى ذلك الأهم. كانت أمي مثلا تشجعني على إطعام الكلاب في الشارع، وتذكّرني بفعل الخير في رمضان والعيد وكل أوقات السنة. واليوم، إن كل فعل أتذكر به غيري، هو بسبب ما علمتني إياه أمي.

كيف استـطــعـت أن تستـجمعي قواك بعد وفاة والدتك وتستمري في الحياة والعمل؟
أشعر بأنه لم تكن لدي المساحة لعدم امتلاك هذه القوة. كنت في صدد العمل على مسلسل، وكان علي أن أستأنف التصوير بعد أربعة أيام فقط من وفاة والدتي، وكان أمامي خياران: إما أن أترك المسلسل، أو أكمل التصوير في ذلك اليوم ثم آخذ إجازة لمدة أسبوعين أو ثلاثة. كان ذلك اليوم صعبا للغاية علي، ولم أكن في أفضل حالاتي خلال التصوير، لكنني كنت أعلم أن أمي تريدني أن أستمر وأكمل المسلسل، وكانت ستشعر بالحزن لو قلت إنني سأستسلم. لذلك، استكملت التصوير، وعلى مدى السنة الماضية سافرت وعملت وأنجزت الكثير.
ولكن لم أكن لأتمكن من تجاوز كل ذلك بمفردي، وهناك أشياء كثيرة أحدثت فرقا هائلا. أولها العلاج النفسي الذي بدأته بعد وفاة والدتي، وأسهم في فهمي لنفسي ولما أمر به. أعتقد أن الذهاب إلى طبيب نفسي، حتى لو لم نمر بأزمة، أمر مهم جدا لصحتنا النفسية وعقولنا وحياتنا. ثانيا، كان لأصدقائي ودائرتي الصغيرة دور كبير، ولولاهم، لا أعرف ماذا كنت سأفعل. رزقني الله بأصدقاء أتمنى أن يشعر كل شخص بمثل الحب الذي يعطونني إياه. أود أن أشكرهم لأنهم كانوا دائما إلى جانبي وساندوني منذ أول يوم. ولا أنسى أيضا فريق عملي بأكمله الذي دعمني وأصغى إلى حاجاتي وتفهّمني، وكانت أمّي بالفعل تثق بهم وتعرف أنني في أيدٍ أمينة معهم. كما حرصت على الاهتمام بذاتي، ولم ألجأ إلى الهروب من الألم أو الانغماس في العمل لدرجة أن أنسى الحزن وأغطّيه بستار. نصيحة الطبيب النفسي كانت أن أبكي حين احتجت إلى البكاء، حتى لو كنت في موقع التصوير! وبعد أن كنت أكبت مشاعري وأحبس دموعي، تصالحت مع فكرة أنه إذا كنت بحاجة للبكاء، فسأبكي، وإذا كنت بحاجة لمساحة، فسآخذها، وإذا كنت بحاجة إلى أصدقائي، فسأكلّمهم. وعلى فكرة، أحب كثيرا أن أتحدّث مع أصدقائي عن أمي ونسترجع معا ذكريات جميلة عنها، وحتى حين أقابل أشخاصا جددا، أحكي لهم عنها وعن مدى حبي لها وكيف أنها لا تزال في قلبي. كل هذه الأمور ساعدتني على أن أستيقظ كل يوم وأقول لنفسي: سأستمر!
إذا استــطــعــت الــعـــودة إلى تلك الفتــــرة، ما النــصـيــــحـة التي كنت ستقدمينها لنفسك في أصعب الأوقات؟
لا أستطيع أن أنصح نفسي أو أي أحد يمر بوفاة شخص عزيز عليه. صحيح أن الموت هو الحقيقة الوحيدة لحياتنا على الأرض، وأنه سيحدث لكل إنسان، ولكنها تجربة تختلف كثيرا من شخص لآخر.

فستان من "كلويه" Chloé
تحدّثت كثيرا عن التنمر، وخصصت له برنامج بودكاست بعنوان Bullying Explained ما زال موجودا على المنصات الرقمية لغاية الآن.
ما أشدد عليه دائما هو مدى تأثير التنمر في الصغار والكبار، ووجوده في المدرسة، وفي البيت، وفي كل مكان في العالم بأشكال وطرق مختلفة. تعرضت للتنمر في المدرسة، وكان من المهم بالنسبة لي أن أتحدث عن هذا الموضوع، وأردت أن أناشد الأهالي والمدرسين للانتباه إلى ظاهرة التنمر التي تحدث في المدارس وفي المنازل. فترة المدرسة هي مرحلة مهمة في تكوين شخصية الفرد، واستكشاف نفسه ومحاولة فهم طباعه وسلوكياته. بالطبع، أثر ذلك فيّ بشكل سلبي في البداية، ولكن مع مرور الوقت، تخطيت ذلك التفكير السلبي، وبدلا من أن أراه ألما، حوّلته إلى نتيجة إيجابية واستخدمته محفزا لكي أتحدث عن هذا الموضوع، حتى لا يتكرر مع الآخرين.
كيف استطعت التغلب على الآثار السلبية للتنمر؟ وما الذي ساعدك في بناء ثقتك بنفسك؟
التغلب على التنمر كان من خلال أن أكون صوتا للآخرين الذين لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم. قررت أن أبدأ بودكاست للحديث عن هذا الموضوع وتأثيره العميق في نفسية الأطفال وسلوكهم، وكيف أن هذا التأثير يمتد إلى دراستهم وتقديرهم لذاتهم كان من المهم جدا بالنسبة لي أن أتحدث عن هذه التجربة من دون خوف أو خجل، لأشرك الآخرين في فهم مدى تأثير التنمر في الأفراد. ومع مرور الوقت، أدركت أن التنمر هو نتيجة لمشاعر شخص آخر يشعر بالتهديد، ويعاني من انعدام الثقة بنفسه. الشخص المتنمر يحاول أن يشعر بالقوة من خلال التنمر على الآخرين. وعندما فهمت هذه الأبعاد وأسباب التنمر، أصبح لدي منظور مختلف ولم أعد أتأثر به كما كنت في السابق.
ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها لكل فتاة تواجه التنمر، سواء في المدرسة أو في حياتها اليومية؟
التجاهل هو أحد أقوى أساليب مواجهة التنمر. عندما لا نقدم للمتنمرين رد فعل على تصرفاتهم، يفقدون القوة التي يستمدونها من تأثيرهم في الآخرين.
كيف ترين دور المجتمع في مواجهة ظاهرة التنمر؟ وما الخطوات التي يمكننا اتخاذها لمساعدة الضحايا؟
المجتمع له دور محوري في مواجهة التنمر. أولا، يجب أن ينشر الوعي حوله، ويتحدث عنه بشكل مستمر، سواء مع الأطفال الذين يتعرضون للتنمر أو مع من يمارسونه. يجب أن نعلم أطفالنا أن التنمر ليس سلوكا مقبولا، ومن الضروري أن يكون هذا الأمر جزءا من التربية، وألا يتجاهله الأهل أو المدرسون. إذا لاحظ المعلمون تصرفات غير لائقة، يجب عليهم التحدث مع الأهل والتعرف إلى الأسباب المحتملة لهذه السلوكيات. والتعامل مع التنمر بالعنف أو العقاب لن يحل المشكلة، بل قد يزيدها، فإن السبيل الأمثل لعلاج التنمر يكمن في الفهم والحوار والوعي.

إطلالة من "سان لوران" Saint Laurent
كيف تستخدمين منصاتك الاجتماعية للتوعية حول القضايا التي تؤمنين بها، مثل التنمر والتحرش وتمكين المرأة؟
لكل من يملك قاعدة متابعين كبيرة، دور اجتماعي، ودور في التكلم عن قضايا مهمة وملحة سيصنع فرقا كبيرا حين يتحدث عنها. ومن المهم أن يكون هذا التأثير قائما على تسليط الضوء على موضوعات قد لا تكون معروفة أو مسموعة للجميع. من يملك صوتا يجب أن يكون صوتا لمن لا صوت له، وأنا دائما أحب استخدام منصتي لأكون صوتا لمن صوته غير مسموع.
كيف كانت بداياتك في مجال التمثيل؟ وهل كان الأمر مخططا أم جاء بالصدفة؟
بدأت في مجال الإعلانات عندما كنت في الحادية عشرة من عمري تقريبا، وعملت فيه طوال سنين المراهقة. وفي تلك الفترة، كنت أشارك في الكثير من تجارب الأداء للمسلسلات والأفلام. فكنت شغوفة بفكرة التمثيل، وأستمتع بمشاهدة الأفلام والمسلسلات، وأعجب بأي شخص يظهر على المسرح. تجربتي الأولى في التمثيل كانت في مسلسل "الجامعة" من إخراج "هاني خليفة" في عام 2010، وانطلقت مسيرتي الفنية من هناك.
كيف تصفين نفسك باعتبارك ممثلة في هذه المرحلة من مسيرتك الفنية؟
لدي إصرار على الاستمتاع بالعمل الذي أقدّمه، ومواصلة التعلّم، وتجديد نفسي وأسلوبي في التمثيل والتعامل مع الأدوار المختلفة.
كيف تستعدين لأدوارك، ولا سيما تلك التي تتطلب شحنا عاطفيا كبيرا؟
لكل دور استعدادات مختلفة. أحب ورش التمثيل، وأجرّب ورش تمثيل من مدارس تمثيلية متنوعة، وأقرأ أيضا كتبا عن التمثيل والدراما والمسرح والأداء. ذلك يغذي فكري، ويساعدني في كل مرة حين أستعدّ لتقديم شخصية جديدة. إذا، ما من طريقة معينة أستعد بها للدور، بل أجرب أساليب جديدة ومختلفة دائما.
ما أصعب دور أدّيتِه وكنتِ راضية جدا عن أدائك؟
قد يكون دوري في مسلسل "موسى"، الذي مثّلت فيه دور امرأة صعيدية. كانت اللهجة مختلفة تماما عن لهجتي، وكانت معظم المشاهد في الهواء الطلق في مناخ بارد جدا. وأصعب ما في ذلك الدور كان أنه جاء من قصة حقيقية، وأن هناك شخصية مرّت فعلا بتلك المصاعب. كانت المرة الأولى التي أؤدّي فيها دور امرأة مرت بأشياء مؤلمة لهذه الدرجة، مع الفيضان والمعاناة وبعد ذلك الموت.

فستان من "علية" ALAÏA
هل تتأثرين في حياتك الواقعية بقصص الشخصيات التي تؤدينها؟
نعم غصبا عنّي. هذا جزء من مهنة التمثيل، ولكن من المهم أن يأخذ الإنسان فترة نقاهة بعد ذلك، ليعود إلى حالته الطبيعية.
ما الذي تطمحين إلى تحقيقه من خلال أدوارك المقبلة؟
أحب تقديم أدوار أرى أنها تستطيع أن تحدث فرقا حقيقيا في حياة النساء اللواتي يشاهدنها، فتتكلم عن الواقع، وتجسد حياة النساء، وتغير منظور الشابات بحيث تشجّعهن مثلا على السعي وراء طموحاتهن وأحلامهن. أتمنى تجسيد أدوار تلهم البنات.
كيف تستجــيــبـيـن لـــردود فــعـــل الجــمـهـــور والنــقــــاد على أعمالك؟
أقرؤها كلها بصراحة، ولكنني أضع مسافة بيني وبين الأشياء التي قد تضايقني، ولا أحب أن أتأثر بها بشكل كبير. لكنني أُكنّ احتراما كبيرا لآراء الناس، مهما كانت، وأحب بالطبع أن أسمع آراء الآخرين. من الطبيعي ألا يتفق الجميع على كل شيء، لأن أذواقنا وآراءنا مختلفة، وما يعجبنا ويؤثر فينا يختلف من شخص لآخر. لكنني دائما أشجع أن يكون الانتقاد غير جارح أو مهين للشخص، بل أن يكون مبنيا على رأي في الفيلم أو الدور أو الشكل الذي قدم فيه العمل.
غالبا ما تتميز خياراتك في الموضة بجرأتها وأناقتها. كيف تصفين أسلوبك الشخصي؟
أحب أن أكون دائما مرتاحة في أزيائي. ولا أحب ارتداء ملابس قد تبدو جميلة، ولكنها لا تريحني ولا أستطيع أن أجلس فيها أو أمشي أو أتنقل بسهولة. وفي الوقت نفسه، أحب تجريب أشياء جديدة. معظم الوقت، يعتمد أسلوب أزيائي على قطع رياضية الروح، ونمط "كاجوال شيك". ومن حيث الألوان، أميل دائما في أزيائي نحو البيج والكريم والرمادي والبنّي، على الرغم من أن لوني المفضل هو الأخضر، ولكنني لا أملك أي ملابس خضراء على الإطلاق.
تعاونت مع الكثير من العلامات التجارية الفاخرة. ما هو تعاونك المفضل؟ ولماذا؟
"شانيل" و"كارتييه" قريبتان جدا إلى قلبي. قيم هاتين العلامتين هي قيمي، وهي قيم أحترمها وأقدرها وأتبعها في حياتي. هما علامتان مفعمتان بالأناقة، وتقدمان قطعا مستوحاة من الطبيعة ومن تحف تاريخية لم تعد موجودة اليوم. خلف إبداعاتهما حرفية وبراعة وتاريخ وإرث، وتحمل كلّ منها تفاصيل مهمة قد لا نلاحظها للوهلة الأولى وتروي قصصا ملهمة بكل خيط وحجر.
كيف تنسّقين إطلالاتك للسجادة الحمراء؟
بالتعاون مع منسق أزيائي ومدير أعمالي. قد أقترح فكرة معينة تعجبني وأناقشها مع منسق الأزياء، وهو بدوره يقترح عليّ أفكاره. أحيانا أرى قطعة وأظن أنها لن تليق بي، ولكن يشجعني المنسق على تجريبها، وبالفعل تكون رائعة، والعكس صحيح. لمنسق الأزياء دور كبير، لأنه يملك الوعي بما هو "على الموضة"، وما يليق بكل جسم من ألوان وقصات.
كيف تختارين المجوهرات لحضور الفعاليات الكبرى؟
الخيار يعتمد بشكل كبير على الأزياء التي أرتديها، فيجب أن تليق المجوهرات بها. والاختيار يتم بالتنسيق بين فريقي وفريق علامة المجوهرات.
ما أكثر ما يلفتك في المجوهرات؟ وأي فئة مجوهرات هي الأحب إلى قلبك؟
أكثر ما أحبه في المجوهرات أنها تعبّر عن شخصيتك بطريقة جميلة ولافتة. أحب الخواتم كثيرا، وفي حياتي العادية أتزين بخواتم كثيرة. ولكل خاتم أملكه قصة وسبب لوجوده في مجموعتي، وأشعر بأن الخواتم تعكس شخصية من يعتمدها.
أنت قدوة للكثير من النساء الشابات. من كان مصدر إلهامك الأكبر في حياتك؟ ولماذا؟
والدتي بكل تأكيد، كانت وما زالت وستبقى دائما. علّمتني الكثيــــر، وزرعت في شخصـيـــــتي صـــفــات ما كنت لأكتــســبــــها لولاها.
إذا لم تكـوني ممثلة أو عارضة أزياء، ما المجال الذي كنت ستتجهين إليه؟
كنت أحب أكون كاتبة أو باليرينا أو الاثنتين معا.
كيــف يبـدو يومــك العــــادي عنــــدما لا تكـونــيـــن منـشــغــلـــــــة بالعمل؟
أكون مع كلبي وقططي الثلاث أو مع أصدقائي، وحين أستطيع، أسافر إلى عائلتي في مونتينيغرو. وحين أكون وحدي في المنزل، أقرأ كتابا. أحب القراءة وتؤثر في راحتي النفسية وتشعرني بالسكينة، وقد عوّدتني أمي على حبها منذ أن كنت صغيرة. أحاول قراءة 4 أو 5 كتب في الشهر، عن موضوعات مختلفة.
كيف تعتنين بصحّتك وعافيتك؟
الصحة مهمّة جدا، والاعتناء بها ضروري، فمن دونها لا نستطيع أن نفيد أنفسنا أو غيرنا. للمدى الطويل، يجب الاستثمار في صحتنا، وأن ننتبه إلى الطعام الذي نتناوله ونومنا لأن الجسم يرمم نفسه أثناء النوم. أنا أتناول كل أنواع الطعام وأحب تجريب أطعمة جديدة وفي مطاعم مختلفة، وألجأ إلى الكثير من الوجبات السريعة في أيام التصوير. ولكن على المدى الطويل، أركّز على تناول طعام مطبوخ في البيت مع خضار ونشويات وبروتين وما يحتاجه جسمي من غذاء.
كيف تواجهين التوتر وتتخلصين منه؟
بالرياضة! الرياضة أكثر ما يفيدني في التخلص من الطاقة المفرطة والتوتر والتشتت. أركّز من خلالها على جسمي وحركته، وهذه الحركة تفيد الجسم والعقل. فإضافة إلى أنها تقوي الجسم، تغذي العقل أيضا، وتؤثر في مزاجك وراحتك وهرمونات السعادة. ويمكن أن تكون الرياضة مجرد مشي، ومن غير الضروري أن تكون شيئا معقدا.
أخيرا، ما نصيحتك إلى قارئات مجلة "هي" حول الاهتمام بأنفسهن؟
ركّزي على صحّتك ونومك وغذائك. أما النصيحة الكبرى، فهي الانتباه إلى اللغة التي تخاطبين بها نفسك حين تكونين وحدك، فالكلام الداخلي مهم جدا، ويؤثر في الجسم والعقل وقدرتك في الوصول إلى ما تريدينه. تحدّثي مع نفسك بطيبة ولطف!