خاص بـ"هي".. هيفاء عبدالوهاب الشامسي: نساء صنعن الفارق
هيفاء عبدالوهاب الشامسي
أخصائي نفسي- عيادي
عضو مؤسس وعضو مجلس إدارة جمعية زهرة للتوعية بسرطان الثدي
نساء صنعن الفارق
بعد رحلة علاج طويلة وشاقة، وقفن في منتصف الطريق يتأملن الطريق ورحلة العلاج السابقة، متطلعات إلى العودة لحياتهن المعتادة. سنتان مرتا على التشخيص والاستشارات والعلاجات. سنتان من التحمل، من الصبر والقوة والإصرار والرغبة. تلك الرغبة في محاربة الألم وتخطي هذه المرحلة بأقل الخسائر.
أثناء هذه الفترة توقف لديهن الشعور، ولم يدركن مشاعرهن الحقيقية، وبعد أن مرت هذه المرحلة كثيرات منهن عبرن عنها فقلن: كانت ك "الحلم أو الكابوس". كنا نحاول أن نصنع الابتسامة، ونخفي الألم عن أحبتنا، ونهتم بمشاعر كل من حولنا حتى نسينا أنفسنا، وفسرن هذا التصرف بأنهن لا يستطعن تحمل المرض، ومعه نظرات الحزن والخوف تعتلي ملامح الآخرين، لذا أخفين حقيقة إصابتهن والتعب الذي كنَّ يعانينه حتى لا يلمحن أي نظرات شفقة أو عطف من الآخرين. والغريب أن الكثيرات منهن خلال هذه المرحلة مارسن حياتهن بشكل طبيعي على الرغم من الألم الجسدي والجرح العاطفي الذي سببه لهن هذا المرض، خوفا على أم أو أب من الألم..
هناك مثلا من لم تشارك زوجها بكل ما يدور في داخلها من مخاوف حول التغييرات الجسدية وآثار العلاج الكيميائي، حملت الوجع بصمت خوفا على مشاعر الطرف الآخر. وهناك أخرى تصنعت الابتسامة، ومارست دور الأمومة من دون أن تبلغ أطفالها بالمرض حتى لا يخافوا ويقلقوا، وهناك أيضا من اعتزلت المجتمع حتى لا ترى منه نظرات الشفقة والألم. الكثير والكثير من القصص التي لا تنتهي خلف هذا المرض وحول رحلة علاجه، لذا كان دعم المريضات والمتعافيات من أهم أهداف جمعية زهرة للتوعية بسرطان الثدي، حيث وضعت على عاتقها جانب التمكين لهؤلاء النساء، ومساعدتهن لتخطي هذه المرحلة، والعودة إلى حياة صحية جسديا ونفسيا. وفي عام ٢٠١٤ م أطلقت برنامج بلوسم لدعم المتعافيات، وأصبح من أهم مشاريعها المقدمة، فبهذا البرنامج ركزت الجمعية على أن دورها ممتد لكل النساء وفي كل مراحل العلاج، والرسالة كانت واضحة: "نحن معكن ولن نتخلى عنكن".
فمن خلال الدعم تفتحن مرة أخرى، وازدهرن مثل زهرة البلوسم، فتحت سقف الجمعية تحدثت المتعافيات عن مخاوفهن وقلقهن بمعاودة المرض، ودموعهن كانت مصدر دعم لهن اكتشفن من خلالها أنفسهن وأنهن أقوى، لديهن الصبر والإصرار وتحمل المسؤولية والتحدي، اكتشفن أن بدعمهن لبعضهن البعض والحديث عن تجربتهن زدن بالقوة أكثر، وأن هذه التجربة على الرغم من قسوتها صنعت منهن الفرق، وكن يرددن: هي نقطة تحول للأفضل، لم نضعف بل صنعنا الفارق بأنفسنا، والآن قد حان دورنا لننشر رسالة الوعي لكل من هن حولنا.
بالفعل على الرغم من الصعاب والتحديات والألم بعد الانتهاء من العلاج عدن مثل زهرة البلوسم المتألقة والمزدهرة، والآن هن صوت جمعية زهرة لنشر رسالة الأمل والتمكين والتوعية.