نايلة الخاجة أول مخرجة ومنتجة إماراتية لـ "هي": لا نزال في البدايات وفرص المخرجات الإماراتيات كبيرة
هي أول مخرجة ومنتجة إماراتية حاربت الخوفَ لتسعى وراء أحلامها، هي نايلة الخاجة المستشارة الثقافية في مشاريع الأفلام والتلفزيون بجميع أنحاء الخليج العربي ومؤسسة "استوديو نايلة" الذي يصنع الأفلام إلى جانب تشجيع وتوجيه المواهب الشابة.
تعرّفي إلى جوانب أُخرى من شخصيّة نايلة، وتجارب مُثمِرة مرّت بها في هذه المقابلة:
حققت المرأة الإماراتية إنجازات متتالية وكبيرة في جميع المجالات، ما الإنجازات التي تفخرين بها على الصعيد الشخصي والوطني؟
إنني فخورة جدا بالإرادة القوية التي تمتلكها المرأة الإماراتية، ولا ننسى الطّموح الذي تتمتعُ به، والذي تكاد تتفوق بهما على الذكور، ولعل ذلك نابع من البيئة الدّاعمة في بلادنا، وما فيه من تمكين وتعزيز لدور المرأة.
وعلى الصّعيد الشخصي أنا فخورة لأن المرأة تمكنت من اقتحام المجالات التي يغلب عليها الرجال، ففي جُعبتنا نماذج وأمثلة لسيدات هي بحقّ مدعاة للفخر، فمن الرائع أن تبرز المرأة الاماراتية بكفاءتها وجدارتها رغم قلّة العدد.
ما الذي دفعك نحو الدخول في العالم الإبداعي السينمائي؟
دخلت عالم الأفلام في سّن صغيرة، فقد كان لدى والدي خزانة يضع فيها أشرطة الفيديو القديمة VHS، حيث واظبت منذ طفولتي على مشاهدة تلك الأفلام وبشكل يوميّ إلى أن صار الموضوع هوَسا، واستحال شغَفا لسرد القصص.
كان والدي يجلب وقتئذٍ أفلاما مستقلة من حُقبة السبعينيات والثمانينيات، أي ليست بالتجارية البحتة، الأمر الذي نَمّى بداخلي الثقافة السينمائية أثناء طفولتي.
اقتنيتُ أول كاميرا في الثانية عشرة من عمري، وكانت من نوع MM 8، تلك الكاميرا علّمتني تقنيّات التصوير الاحترافي والصبر، إذ كنا نصوّر ونعتمد على أسلوب تحميض الأفلام.
وهكذا بدأ حبّ السينما منذ عمرٍ صغير جدا، وعندما كبُرتُ، كبُرَ شغفي معي إلى أن دخلت مجال الفن السّابع، ووظفت شغفي لدراسة المجال دراسة احترافية، والآن أمضيت في هذا المجال خمسة عشر عاما.
كونك أول إماراتية تخوض مجال صناعة الأفلام، ما الصعوبات والتحديات التي واجهتك على الصعيدين الشخصي والعملي؟
التحديات كثيرة، وإلى اليوم في 2022 نواجه الكثير من التحديات، لأننا لا نمتلك صناعة سينمائية بحتة، بل هي حركة سينمائية، فما بالك عندما بدأنا في الثمانينيات وكان الموضوع شبه معدوم؟! ولأني أول امرأة تخوض مجال السينما، كان الأمر غريبا على مسامع الأهل، وهناك تخوف من انعدام فرص العمل، إضافة إلى سمعة المجال السينمائي.
كان هناك نوع من الحرب النفسية تجاه هذا المجال، لدرجة أن عائلتي حاولت اقناعي بإعطائي راتبا شهريا مقابل التخلي عن العمل بهذا المجال، المهمّ في الأمر أنني تجاوزت الموضوع، وصنعتُ أفلاما اجتماعية تلامس البيئة الإماراتية، وفيها من خصوصيتّها الكثير. وبعد أن شاهدتها عائلتي تمكنْتُ من إقناعهم، واعتلت الراحة نفوسهم، وهدأت قلوبهم تجاه مهنتي الجديدة.
أما على الصّعيد العملي، فما أرهقني وأتعبني هو عدم امتلاكنا لأيدٍ عاملة، إذ إن هناك نواقص كثيرة من ناحية البنية التأسيسية، فكيف للمرء أن يبتدئ من الصّفر؟
ذلك كان التحدي الأكبر، ألا وهو التأسيس لبيئة سينمائية صحيّة، لذا أمضيت وقتا طويلا للوصول إلى هذه المرحلة، ولو وجدت البنية التحتية من مُنتجين وكُتّاب وأناس مؤهلين وعلى درايةٍ واطلاع لكانت مسيرتي أسرع بكثير، لكن، وللهِ الحمد، كانت هذه المسيرة مثمرة وأسهمت في بناء شخصيتي، وزادت من معرفتي.
هل لك أن تخبرينا عن دورك في حدث الصحة النفسية What She Said؟ وما الرسالة التي تودين إيصالها للسيدات؟
الصحة النفسية مسألة جوهرية ومهمّة جدا في بيئتنا، ولاسيّما أنه تمّ تسليط الضوء عليها مؤخرا.
حينما يتعب الجسم نعالجه، فكيف لا نعالج النفس؟! لكن مع الأسف ثمة أشخاص وأمثلة ذهبت ضحية الجهل بالصحة النفسية، فهم لا يدركون أن الشخص سويّ، لكنّه يمرّ بأزمة أو حالة نفسيّة، وكأن هذا الأمر غيرُ موجود في الحياة.
في هذا المؤتمر تحدثنا علنا، وشعرتُ بتأثّر الحضور، إلا أنني استغربت من عدم وجود الرجال على الرغم من أن المؤتمر للرجال والنساء، لكن في نهاية المطاف وصلت الرسالة، ولله الحمد.
الآن أعملُ على فيلمي الأول الطويل، والذي يتمحور بشكل أساسي حول طفل بحالة نفسية، وكيف تتعامل الأسرة مع هذا الطّفل.
نحن اليوم في عصر الصورة والسوشال ميديا، كيف نوظفها إيجابيا ونخفف من أثرها النفسي السلبي؟
على الرغم من إيجابيات السوشال ميديا، إلا أنها كالإعلام سلاحٌ ذو حدّين، ولكنّ تأثيرها أقوى لأن الناس باتت تُمضي وقتا أطول عليها.
على المرء أن يكون ذكيا وفطنا في استخدامها، لئلا تسيطر على حياته ونفسيته بشكل كليٍّ، أو يتعب نفسيا من خلال مقارنة حياته بحياة الآخرين، الأمر الذي يؤدي إلى أزماتٍ فردية ومجتمعية.
ينبغي أن نتفهم أنها ليست واقعيّة تماما، بل هي اجتزاء من يوميات الأفراد، كما أنه من المفيد أن يبتعد الإنسان عنها فترة ومن ثم يعود إليها، لما فيها من مزايا للتواصل.
مسيرتك المهنية حافلة بالجوائز والإنجازات، ما النصائح التي يمكنك مشاركتها مع الفتيات الإماراتيات اللواتي يفكرن في دخول مجال الإخراج؟
النصيحة التي أحب أن أشاركها مع الفتيات هي أهمية التّطوُع الذي أفادني كثيرا. فالتطوعُ أمر مهم جدا في مجالنا، والذي يعني أن تتبرعي بوقتك، وتذهبي للميادين الفنيّة أو المشاريعٍ السينمائية الضخمة التي يجري تصويرها في الإمارات، لتبادل الخبرات وبناء العلاقات. فأنا شخصيا حتى في هذه السّن أتواصل أحيانا مع منتجين عالميّين، وأستأذنهم للحضور معهم في موقع التصوير من دون أي أجر.
ماذا يعني لك وجود يوم خاص للمرأة الإماراتية، وما رسالتك للجيل الجديد من السيّدات الإماراتيات؟
إن وجود يوم خاص للمرأة الإماراتية أمر جميل لنتذكر رسالتنا تجاه الدّولة، ونعيد جزءا، ولو صغيرا، من هذا الجميل لدولتنا الحبيبة. فلولا الإمارات لما تمكنت من السفر والدراسة في كندا، فالبعثة التي منحتني إياها الدّولة، وأمر بها الشيخ زايد، رحمه الله، كانت هبة وهدية لن أنساها ما حييت، إذ أثّرت في مسيرتي المهنيّة والنّفسية على حدٍّ سواء، وأعطتني دافعا إيجابيا قويا لكي أكون أكثر من طموحةٍ ومن الرائدات في مجال السّينما.
أيضا هذا اليوم مهم، لأنه يعطي حافزا للإماراتيات الصّغيرات في السن واليافعات من صاحبات الرسالة والحلم، إذ يرَيْن فيه تقديرا لجهودهن.
كيف تجدين واقع صناعة السينما الإماراتية عموما، وفرص المخرجات الإماراتيات خصوصا؟
سؤال مهم، في الواقعِ لا تزال السينما الإماراتية في البداية، ومنذ عشرين عاما وأنا أقول الكلام نفسه: ما زلنا في البدايات، فهذه الصناعة تأخذ وقتا. التّجاربُ السّينمائية الأميركيةُ والهنديةُ تأخذ نحو مئة عام، فاستديو مصر مثلا بدأ عام 1923، وعقْبَ عامَيْن فقط ستُنهي مِصر قرنا زمنيّا كاملا في هذا المجال!
إنّنا في البدايات لكن بعد عشرة أعوام ستريْنَ صعودا كبيرا، ولأننا لا نمتلك عددا كبيرا من السينمائيّين، والساحة غير مزدحمة سيكون بوسع كل منا الخروج بعملهِ وصوتهِ وإثبات بصمتهِ.
هل هناك توجه نحو إخراج فيلم سينمائي طويل يعرض على منصات عالمية؟
أتمنى أن يتوفر لدينا دعم حكومي مادي للأفلام الطويلة، لأن السينمائي هو بمثابةِ سفيرٍ لبلده في المهرجانات العالميّة المرموقة.
كما يتناهى إلى مسامعي أنه سيكون هنالك تعزيز للحركة السينمائية في الإمارات، لأننا نحتاج أفلاما طويلة. أنا أؤمن بأنّ "الفيلم الطّويل عمرُه طويل، والقصير عمره قصير".
كذلك نطْمحُ بشكلٍ كبير إلى تواجد هذه الأفلام في دور السينما، وعلى منصّات عالميّة مثل Netflix أو "شاهِدْ".
ما مشاريعك المستقبلة؟
لديّ مشروعان اثنان، أحدهما مشروعُ فيلم طويل سيبدأ تصويره في شهر مارس 2022، وأجمل ما في المشروع النّساء اللواتي دعمنَني وهنّ سيّدات إماراتيات مستثمرات، من هنا أحب أن أتوجه إليهنّ بالشكر والتقدير لمساهمتهنّ في إنتاج فيلمي، إذ إنهن غيّرْنَ حياتي بهذه المبادرة، فأنا بنظرتي الفنية مع قوتهن المادية نستطيع أن نأتي بعمل إماراتي ضخم إن شاء الله.
أودّ أن أردّ الجميل لبلادي بعمل إماراتيٍّ فخم لا يدخل فقط المهرجانات العالمية، بل أيضا يتمتعُ بصدى على المدى البعيد يعاصرُ الأجيال القادمة أيضا