الدكتورة فاطمة الزهراني ل "هي": لا تصدقوا هذه الإشاعات عن مرض التصلب المتعدد
مرض التصلب المتعدد هو أحد أبرز الأمراض العصبية الشائعة، وهو مرضٌ مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي ويؤثر على الدماغ والحبل الشوكي، ويسبب تلفًا في الغشاء المحيط بالخلايا العصبية والذي يدعى المايلين؛ مما يؤدي إلى تصلب في الخلايا وبالتالي بطء أو توقف سير السيالات العصبية المتنقلة بين الدماغ وأعضاء الجسم.
ويُعد هذ المرض من أكثر الأمراض التي يدور حولها الكثير من المعلومات المغلوطة، وذلك بسبب صعوبة تشخيصه واختلاف أعراضه من مريضة إلى أخرى. وللتركيز أكثر على ذلك، قابلنا رئيس مجلس إدارة جمعية وسم للتصلب المتعدد الدكتورة فاطمة بنت سيحان الزهراني، وهي مصابة بالتصلب المتعدد، وأجابتنا على الأسئلة التالية.
ماهي الأعراض التي تدل على الإصابة بالتصلب المتعدد قبل الكشف عند الطبيب المختص
تختلف الأعراض من مريضة إلى أخرى، فهناك مريضة تستيقظ في الصباح لتجد نفسها لا تستطيع المشي أو فاقدة للتوازن، أو لديها صعوبة في التبول، أو لا تستطيع مسك الأشياء وتسقط من يدها، وقد لا تستطيع صعود ونزول الدرج، وتشعر بتنميل في الأطراف، وثقل في اللسان وتشويش في الذاكرة.
أيضاً من الأعراض ضعف البصر حيث ترى المريضة تشويش في النظر أو بقع سوداء ورؤية الأشياء والأشخاص بتكرر مرتين.
والأعراض بشكل عام شبيهة بأعراض الجلطة وهي أعراض مفاجئة تكون قبل التشخيص.
هذا بالإضافة إلى الحالة النفسية، حيث أن أغلب المصابات بالتصلب المتعدد يصبن بالاكتئاب ويفقدن الرغبة في الحياة أو الأكل ويكون لديهن تقلب المزاج.
هل من إشاعات ومعلومات مغلوطة عن التصلب المتعدد
من أبرز الشائعات أن بعض الناس يظنون أن مرض التصلب المتعدد يؤدي إلى الوفاة، وهذا أمر مغلوط، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الأمور المغلوطة، مثل:
- يظن البعض أن المرض يؤدي إلى العقم وهذا غير صحيح، فالمرض ليس له علاقة بالإنجاب ومريضة التصلب تستطيع الزواج والإنجاب بشكل طبيعي جداً.
- من الشائعات أيضاً عندما يظن البعض أن الزواج من مريض التصلب المتعدد قد ينجم عنه أطفال مصابين بالتصلب وهذا أمرٌ غير صحيح، حيث أن التصلب لا ينتقل وراثياً.
- من الشائعات الأخرى كذلك حول التصلب المتعدد أن هذا المرض يعيق المريض عن العمل أو أن المصابين بالتصلب غير قادرين على العمل، وهذا غير صحيح بتاتاً. بل على العكس، فمرضى التصلب يتمتعون بذكاء وقدرات جداً عالية، وهم رائعون في العمل بطبيعتهم، مشكلتهم فقط عندما يأتيهم ضعف لحظي وقت الانتكاسة أو الهجمات. وحتى عند العودة بعد الانتكاسة وإذا كانت المريضة مهتمة بالدواء والغذاء والرياضة فإنها يمكن أن تعود للعمل وتعوض ما فاتها.
- أيضاً من الأشياء المغلوطة أن نهاية أي مريض تصلب هي الإعاقة، وهذا غير صحيح، فليس شرطاً أن كل مريض تصلب سيصبح معاقاً، ولكن التصلب من الأمراض التي قد تؤدي للإعاقة، وعن ذلك نوضح الآتي:
الإعاقة في التصلب المتعدد أنواع:
- النوع الأول هي من تأتيها "هجمة" أو "نوبة" وتصبح معاقة، وهؤلاء نسبتهن من المصابين تقريباً 5٪.
- النوع الثاني من تأتيها "هجمة" كل فترة، فتؤثر عليها بشكل تدريجي، ثم تحدث هجمة أخرى وتؤثر عليها أيضاً وهكذا دواليكـ حتى تتدهور الصحة وتصاب بإعاقات مختلفة.
- النوع الثالث وأنا واحدة منهم وتقريبا 70٪ من مرضى التصلب المتعدد منهن، وهن الانتكاسييات، حيث يصبن بهجمة تصيبهن بانتكاسة وبإعاقة تؤثر على حركتهن لمدة شهر أو شهرين في السنة أو أكثر، ثم يتعافين ويرجعن للمشي. مثل ما حدث معي في الإعاقة الأخيرة لم أكن قادرة على المشي لمدة سنة وتسعة أشهر، وحدثت إعاقة حركية وذهنية ثم عدتُ بعدها للحركة. والانتكاسين بشكل عام مختلفين، فبعضهم في الآخر يصبح معاقاً كلياً إذا لم يهتم بنمط حياته من حيث التغذية والالتزام بالغذاء المناسب والعلاج الطبيعي والعلاج النفسي وممارسة الرياضة.
كيف يمكن السيطرة على مرض التصلب المتعدد
لا بد من الإشارة إلى أن مرض التصلب المتعدد هو مرضُ مزمن ويصيب فئة الشباب، وليس له أسباب أو علاج مباشر. وهذا المرض بألف وجه ووجه، والسيطرة عليه تختلف من مريضة إلى أخرى، وليس هنالك مريضتين بالعالم متشابهتين في هذا المرض. وهذه مشكلة واجهت الأطباء، فهم لا يستطيعون أن يعاملوا كل المرضى بنمط طبي معين. فكل مريض ومريضة حالته الصحية خاصة.
لذلك نحن بحاجة لتوعية المرضى حتى لا يتطور المرض معهم، ودائماً نشدد على "شمس التوازن"، ومن واقع خبرتي كمريضة لأكثر من عشرين سنة، حتى لا يتطور المرض مع المرضى، فهذا الأمر هو الفاصل.
وشمس التوازن هو 5 أشياء ضرورية لكل مريضة بالتصلب المتعدد:
- العلاج الطبيعي، ولا أقصد بالضرورة الذهاب إلى مركز علاج طبيعي، فالمريضة تستطيع تعلم تقنيات منزلية من خلال حضور دورات وورش علاج طبيعي أو مشاهدتها عن طريق اليوتيوب والتي يتم نشرها من خلال مراكز متخصصة بمجال الإعاقة سواء كانت محلية أو دولية، والهدف من هذا العلاج هو المحافظة على قوة العضلات.
- التغذية العلاجية، لكن للأسف في الدول العربية هناك إهمال لجانب التغذية العلاجية، ولازال هناك إهمال للطب التكميلي، ولا يوجد لدينا مراكز متخصصة في ذلك. وهنا على المريضة أن تعمل على ذلك بنفسها واتباع التغذية المناسبة لها من خلال الابتعاد عن الدهون والكربوهيدرات، واللحوم الحمراء، والألبان، ومشتقاتها. مع ضرورة التركيز على اللحوم البيضاء والخضروات والفواكه، وكذلك الابتعاد عن كل ما هو أحمر حتى الخضروات الحمراء كالطماطم وغيرها. والحرص على تناول الموز واستبدال الحلويات بأخرى صحية، واعتبار الموز وجبة أساسية وأخذ ثلاث وجبات منه باليوم بالتمر والعسل الطبيعي.
- العلاج النفسي، خاصة أنه من الأخطاء الشائعة حول هذا المرض هي الاعتقاد بأن مرض التصلب المتعدد ليس له علاقة بالحالة النفسية وهذا الاعتقاد خاطئ، لأن له ارتباط من الدرجة الأولى. فالمصابة إذا تعرضت للتوتر والضغوطات فهي تأتي على شكل أعراض أو هجمات، لذلك من الضروري الاهتمام بالعلاج النفسي، وكذلك الحرص على تهدئة النفس إما بالمساج أو الاستماع إلى الموسيقى. وفي كثير من الحالات هناك ضرورة جداً للذهاب إلى الطبيب وليس هنالك عيبا في ذلك، فالعلاج السلوكي المعرفي ضروري، وعلى المريضة البحث عن الأشياء التي تساعدها في تخطي المرض، والعيب والإجرام هو إهمال النفس.
- الرياضة العلاجية حيث أثبتت الدراسات أن الرياضة المائية على سبيل المثال تحسن من صحة مريضة التصلب المتعدد بنسبة %95 وهذا يبين أهميتها، ويمكن المتابعة مع مختص في ذلك.
- الأدوية، وهي من أهم الأمور التي يجب الالتزام بها، وعادة تختلف الأدوية من مريضة إلى أخرى تبعاً لتشخيص الطبيب.
بكل الأحول على مريضة التصلب المتعدد استشارة الطبيب المختص في كل الأمور التي تتعرض لها، والحديث معه عن طرق العلاج المختلفة، والمتابعة معه طوال فترة العلاج وعدم إهمال أي من النصائح أو الأدوية حتى لا تتفاقم الحالة الصحية وتحدث انتكاسه في المرض تؤثر عليها.