خاص "هي": الموسيقى سيمفونية العشق فلوكا.. والراب والحب ثالثهما

تختلف الطرق التي نُعبّر بها عن الحبّ باختلاف شخصياتنا وثقافاتنا وتربيتنا، لكن هناك لغة حبّ عالمية جعلت من الاختلاف جسرا، وهي الموسيقى. ضيفتنا لهذا العدد مثال على ذلك، لأنّها اختارت فنّ الراب للتعبير عن نفسها، فكانت الموسيقى وسيلة استخدمتها لترجمة مشاعر عدّة من بينها الحبّ. 

تنتمي المصرية سارة المسيري، المعروفة بــ"فلوكا"، لجيل الألفية، وتعيش حاليا في نيويورك. أسلوبها خاص كأبناء جيلها تصفه بـ "متعدد الاستخدامات، أنيق،soft punk ، عربي مستقبلي Arabfuturist. ستتعرفون عن قرب في هذه الجلسة التصويرية واللقاء الخاص إلى "فلوكا"، الفنانة والإنسانة ومغنيّة الراب والمدافعة عن حقوق المرأة. سنغوص في عالمها الخاص المليء بالحبّ والموسيقى والألحان والتحديات الجميلة التي جعلت اسم "فلوكا" يلمع عربيا وعالميا.

الموسيقى لغة أعمق من الكلمات، إنها لغة الحب. ما رأيك؟

أؤيد ما قلتِه تماما. الموسيقى هي وسيلة قوية للتعبير عن الحب، وأعتقد أنها ترافقنا في أكثر اللحظات القلبية في حياتنا. أشعر بأن الرقص يشعل الشعور بالحب بداخلي، وأريد مشاركة ذلك مع الجميع. الموسيقى والرقص والوقوع في الحب أيضا.

كيف تترجمين الحب في موسيقاكِ؟

سؤال جيد، لأنني أفكر في الأمر طوال الوقت. أريد فقط أن أطوّر أفضل نسخة من نفسي؛ الجانب المُحّب والحساس منيّ. وأعتقد أنه يتجلّى بشكل أفضل عندما أشعر بفرح خالص. عندما أبتكر موسيقى تثير حماستي، وربما تحكي قصة يمكن للناس أن يتعاطفوا معها، التحدّث عن قصتي يشبه إلى حد كبير الحب، مهما كانت هذه الحقيقة، عندما أغنيّ موسيقى الراب عن القاهرة أو التطوّر في الثقافة العربية الشرق أوسطية، عندما أغني عن الحزن أو الشوق، جميعها ترجمات للحب في الموسيقى.

أخبرينا القصة وراء اختيار اسمكِ الفنيّ؟ وماذا يعني؟

كان اسم "فلوكة" فكرة أمي. كنّا نجلس في شرفة منزلنا في القاهرة في بداية مسيرتي، وكنت أبحث عن اسم فني. خطرت في بالي عدّة أسماء مثل Nala Gold و"قاهرتي" Kahirati، لكنّها لم تعجبني بالفعل. وبمجرّد أن اقترحت أمي اسم "فلوكا" Felukah أعجبني. على الفور، رأيت نفسي أبني عالما حول فكرة المراكب الشراعية التي تنزلق بهدوء على الماء. سيأخذني النيل والبحر الأبيض المتوسط ونهر هدسون إلى حيث أريد، مسترشدة بالرياح. تاريخيا، استخدم الفراعنة الفلوكة، والمصريون يستخدمونها أيضا في أيامنا هذه.

يصف البعض موسيقى الراب بأنها "متمردة"، هل توافقين؟ وهل تعبر عن شخصيتكِ؟

أعتقد أن موسيقى الراب وُجدت لتحطيم الحواجز، إنها جزء لا يتجزأ من الثقافة، ولكن هذا لا يشكّل دائما الهدف النهائي لمغني الراب. بالنسبة لي، كانت موسيقى الراب وما زالت منفذا لمشاعري العميقة، فحتى لو لم أجد أحدا يستمع لي، الإيقاع موجود دائما. تغيرت هالتي، بمجرد أن ارتحت ذهنيا. الآن أريد أن أغني وأغني الراب وأتمايل بين الاثنين.

انتقلتِ إلى مدينة نيويورك لدراسة الكتابة الإبداعية. كيف أثرت هذه التجربة في موسيقاك؟

 لقد أثرت نيويورك بالتأكيد في رحلتي الإبداعية؛ فهي تضّم العديد من أنواع الفنون والموسيقى المختلفة. تُقدّم هذه المدينة لي مساحة للنموّ كمغنية مصرية.

هل واجهتِ صعوبة في الكتابة بحرية عن تجاربك ومشاعرك؟

هناك موضوعات محظورة في المجتمع العربي، ولا نتحدث عنها حقا. أعتقد أن هذه الموضوعات تقدم بعضا من أفضل عناصر الأغاني. بالطبع، يجب على الفنانين أن يخطوا بحذر، لأن المجتمع غير مستعد بنفس القدر للكشف عن بعض الحقائق القبيحة، وعلى الرغم من ذلك أعتقد أن الأمر ضروري. بدافع الحبّ الذي أكنّه لثقافتي، سوف أقف وأتحدث عما أؤمن به.

ما مصدر إلهامكِ؟

غالبا ما أشعر بإلهام عميق من خلال الطبيعة. عندما أعاني حين أشعر بتباطؤ في تدفق طاقتي الإبداعية أو أجد نفسي أمام حائط إبداعي مسدود، أفهم أنني بحاجة إلى تمضية بعض الوقت بجانب جسم مائي مفتوح أو إلى زيارة الصحراء. وأعيش مثل الشمس بشروقها، فأستيقظ مع بداية النهار و"أرقص" في ساعات الصباح الأولى. يلهمني أيضا الفنانون ذوو الرؤية البصيرة الذين مهدوا الطريق أمام الآخرين، مثل "إيريكا بادو" Erykah Badu، و"ساد" Sade، و"فرانك أوشن" Frank Ocean.

في عالم لا تزال فيه النساء تواجه العديد من التحديات، كيف تعتقدين أن فنّكِ يمكّن المرأة العربية؟

أحب أن أفكر في أن الموسيقى التي أنتجها تستطيع أن تكون بمنزلة لحن تصويري يرافق مشاهد حياتي اليومية المتمردة بعض الشيء. المرأة العربية قوية ومرنة وساحرة وجميلة في آن. على الرغم مما قد تقودنا القوى القمعية إلى تصديقه، لطالما كنّا في مركز سلطة. وآمل أن نتمكن من دعم بعضنا البعض!

تنتمين إلى جيل الألفية، وأنت وغيرك من أبناء جيلك، كنتم الجسر الذي عبر من خلاله فن الراب إلى العالم العربي. ما التحديات التي واجهتِـها خلال مسيرتك المهنية؟

ما زلت أعمل بجد للتغلب على التحديات والكارهين والأشخاص الذين لا يفهمون ذلك. علينا أن نبقى على اتصال بمصدر الحب والإلهام، وأن نحيط أنفسنا بصانعي التغيير المتحمسين ورموز الأناقة إذا كانت هذه هي الطريقة التي نريد أن نتطوّر بها!

تتعرضين للنقد الإيجابي والسلبي لأنك امرأة مشهورة، كيف تتعاملين مع الأمر؟

لا أتوقف عنده أبدا، وأواصل المضي قدما. تابعت ذات مرة مقابلة مع "بيونسيه" Beyonce، التي كشفت أنها تفعل الأمر نفسه، فذلك مُهّم لصحتك العقلية. من المهّم أن يركز الإنسان على أهدافه، وعندها لا شيء يمكن أن يوقفه.

شارك الكثير من المشاهير معاركهم النفسية علنا، ما رأيك في ذلك؟ وما سرّك للبقاء بصحة نفسية جيدّة؟

أعتقد أن الفنانين، وربما الناس بوجه عام، كانوا دائما مستعدين للحديث عن قضايا الصحة النفسية. أشعر بالسعادة لأن مفهوم الوصمة حول الانفتاح على الصراعات التي نواجهها جميعا أصبح أقل بكثير، لكنها ما زالت موجودة في الثقافة العربية. إنه لمن الملهم أن نسمع قصص الآخرين؛ لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لي أيضا. لقد تعلمت أن البحث عن العلاج عندما نحتاجه هو خطوة في الاتجاه الصحيح. تعلم كيفية وضع الحدود هو أيضا أمر أساسي للغاية.

ما تعريفك لحب الذات؟

حب الذات هو مصدر السموّ. أنت بحاجة إلى أساس عميق في داخلك يسمح لك بفتح المستوى التالي. ولا أقصد ذلك بنرجسية؛ إنه حب روحي يركّز كيانك وينساب في كل لقاء لديك مع العالم من حولك.

من هم نظام الدعم المحيط بكِ؟

عائلتي هي كل شيء بالنسبة لي. أمي، وأبي، وحبيبي وأشقائي وكل من يحبني من المعجبين. لا يمكنني المضّي قدما من دونهم.

ماذا يوجد في قائمة الموسيقى الخاصة بك؟

ألبوم Dangerously in Love لـ"بيونسيه"، وألبومي الخاص The Love Serum بالطبع. كما أنني كنت أعود للغوص في أرشيف أم كلثوم، وأتأمل الألحان. إضافة إلى "لولو زواي" Lolo Zouaï و"زينة" Zeina.

ما أغنيتك المفضلة؟

I’d rather be with you لـ"بوتسي كولينز" Bootsy Collins.

من الفنان الذي ترغبين في التعاون معه؟

Tyler the Creator وKali Uchis وPeggy gou هم بعض الأسماء التي تتبادر إلى ذهني. يفتح التعاون العديد من النوافذ والأبواب.

ما وصفة السعادة الخاصة بك؟

اهتم بنفسك، وارقص عندما تستطيع. لا توجد طريقة أخرى سوى العيش من أجل الفرح، مشاركتها مع الآخرين تجعلها أكثر تميزا بمقدار 10 أضعاف.

مصر أو نيويورك؟

50/50.

كيف تصفين أسلوبك الخاص؟

متعدد الاستخدامات، أنيق، soft punk، عربي مستقبلي Arabfuturist.