تاريخ الكوارتز الأبيض وقصصه
عند التحدّث عن الأحجار الكريمة الطبيعية، يعتبر الكوارتز الأبيض من أكثرها روعة. يُعرف أيضاً باسم "الكوارتز الحليبي" بسبب بياضه، وينتمي هذا المعدن إلى أكثر فئات العناصر الطبيعية انتشاراً على كوكب الأرض. يبدو أشبه بسحابة زائلة، ويمكن أن يكون له صلة بأنواع دقيقة من بلورات الكوارتز. ومن بين أسمائه الأخرى، يُعرف أيضاً باسم "الكوارتز العديم اللون" أو "الكوارتز الهياليني" أو "الكريستال الصخري". وبسبب صلابته، اعتقد الإغريق القدماء أنه كان نوعاً من الجليد البارد إلى درجة أنه لا يستطيع أن يذوب.
مرافقاً الإنسان منذ البداية، كان هذا الحجر الكريم جوهرة أو أداة بسبب عدم مرونته، وربما أخذ اسمه من كلمة "صلب" باللغة السلافية، ولكن لا تزال هناك تفسيرات كثيرة حول أصل التسمية. ليس من باب الصدفة أن يتم استخدام الكوارتز أيضاً في صناعة السكاكين أو النصال أو الصوان. وإلى جانب استعمالاته العملية، استُخدم الكوارتز منذ آلاف السنين في المجوهرات حيث ظهر بشكل أساسي في قصة كابوشون المحدّبة. وأهم ما يفسّر خصائصه المميزة التي أدّت إلى تعددية استعماله، هو أكسيد السيليكون الموجود فيه، وهو العنصر الثاني من حيث الوفرة بين العناصر التي تشكل قشرة الأرض. كما يجب أن نتذكر المفعول السحري "المزعوم" المنسوب إليه عبر التاريخ. فقد تم في العصر الحجري الحديث وضع تمائم من الكوارتز والكوارتز الأبيض تحديداً، إلى جانب استعماله التاريخي في كرات بلّورية.
تتميز أحجار الكوارتز البيضاء باحتوائها على عناصر صافية وسائلة مدمجة داخل البلورات، وهي ناتجة عن عملية امتصاص تحدث في وقت تكوينها مما يجعلها تبدو حليبية اللون. هذا هو بالضبط السبب في أن الكوارتز الأبيض هو حجر معروف أيضاً باسم الكوارتز الحليبي. بالإضافة إلى ذلك، ليس من المصادفة أن تبدو أحجار الكوارتز البيضاء كالغيوم لأنه من الممكن ملاحظة التأثيرات البصرية للظلال السريعة الزوال داخل البلورات. لو لم تظهر هذه الخدعة البصرية، لكان حجر الكوارتز الأبيض شفافاً أو كوارتز سيترين أو كوارتز مدخناً أو حتى حجر جمشت. يمكن أن تكون مراحل تكوين الحجر المعني اثنتين وتنتج الكوارتز الأبيض النموذجي مع التكوينات «الغائمة» المذكورة أعلاه التي تعطي المعدن اسم «الكوارتز الشبح». كما يمكن أن تتخذ البلورات أيضاً أشكالاً مشوهة، تسمّى بالشمعة أو الخرشوف، كما يمكن العثور عليها بين حبيبات الرمال.
هناك شيء واحد يجب الانتباه إليه على وجه الخصوص وهو عدم الخلط بين الكوارتز الأبيض والكوارتزيت الأبيض لأنهما مختلفان تماماً. يمكن أن يكون جذر الاسم، المتشابه جداً، مضللاً. ومع ذلك، فإن حجر الكوارتزيت الأبيض عنصر طبيعي يتكون عندما يتعرض الرمل لحرارة زائدة وينضغط في طبقات الأرض. حتى الكوارتزيت له اللون الأبيض الثلجي النموذجي، ولكن إذا استطعت العثور على كوارتزيت أبيض ساطع في بعض الأحيان، فمن النادر جداً إيجاده بظلال وردية أو رمادية. وعادةً ما يتم استخدام الكوارتزيت للتشطيبات الخارجية للمباني، مثل الأسطح والسلالم، ولكن يمكن أيضاً استخدامه لتغطية الجدران، على الرغم من أنه ليس من السهل إيجاده بكميات كبيرة. كما أنه من الممكن أيضاً استعمال الكوارتز للأرضيات وتغطية الجدران عند مزجه بالعناصر الاصطناعية مثل الراتنجات والبوليمرات. في حين أن المزايا التي يحملها الكوارتز مقارنةً بالكوارتزيت هي في الأساس لونية، بينما الكوارتزيت أكثر مقاومة لدرجات الحرارة المرتفعة.
بعيداً عن كل هذه المصطلحات التقنية وبالانتقال إلى موضوع مجوهرات الكوارتز الأبيض، فهي بالتأكيد تمثل التطبيق الأكثر إثارة للاهتمام لهذا المعدن. الأبيض هو بالفعل لون "غير لوني" متعدد الاستخدامات، ويبرز في أوج جماله لدى وضع أحجار الكوارتز الحليبية على إطارات فضية، من الخواتم إلى الأقراط إضافة إلى العقود والأساور. أعمال الصائغين المرصعة بالكوارتز الأبيض تضفي نوراً حيوياً على كل البشرات باللون الباطني الوردي، سواء كانت شاحبة أو أكثر حدّة، وخاصة عند وضع المجوهرات على مناطق قريبة من الوجه.
ويمكنك اعتماد المجوهرات المرصعة بالكوارتز الأبيض من الصباح حتى المساء، ومع كل شيء من الجينز والتي—شيرت إلى الفستان الضيّق. ومن الجميل اختيار المجوهرات التي يتم فيها وضع هذا الحجر جنباً إلى جنب مع أحجار القمر أو الهيماتيت أو الأونيكس، للتلاعب بألوان متشابهة أو متناقضة. إضافة إلى ذلك، يمكن أيضاً اعتبار الكوارتز الأبيض بديلاً رائعاً للّؤلؤ خاصةً عند صياغته بالطريقة الكلاسيكية.
ومن المتعارف عليه أن الحلي الصغيرة المصنوعة من الكوارتز الحليبي يمكن أن تتخذ أشكالاً مختلفة، فتتكيف مع جميع الأنماط والأذواق. على سبيل المثال، يمكنها أن تثري عقداً بكرات بيضاء ضخمة يكون منسقاً مع ملابس هندسية القصات ومينيمالية الأسلوب، بحيث يجتمع التفصيل المرح بالأشكال الخطّية المعاصرة. لكن الاحتمالات حقاً لا تنتهي.