حافظي على صحة وقوة السمع.. بتجنب هذه الأمراض
أن نرى ونسمع ونستطيع لمس الأشياء وشمها وتذوقها، هي بالفعل نعمٌ رائعة ينبغي لنا شكر الله تعالى وحمده عليها كل يوم، بل وكل ثانية.
فهذه الحواس الخمس التي يتمتع بها الإنسان السليم والمعافى، منذ اللحظة الأولى لولادته وحتى عمر متقدم؛ هي مزايا خصنَا الخالق بها، لنتمكن من الاستمتاع بأصغر وأدق الأشياء، وهي تحول دون تعرَضنا للأذى كما تُنعم علينا بالتنعم بالعديد من الأشياء الجميلة.
السمع على سبيل المثال، يتيح لنا الإنصات للآخرين وفهم ما يقولون وما يحتاجون توصيله إلينا من معلومات؛ كما أن السمع يساعد في تجنب العديد من الحوادث، ويحمينا من العديد من المخاطر التي يمكن أن تُحدق بنا، فقط بمجرد أن نسمعها.
لذا يسعى الكثيرون للحفاظ على صحة السمع منذ نعومة أظفارهم وحتى تقدمهم بالسن؛ فيما يهمل للأسف، كثرٌ هذا الأمر وقليلًا ما يزورون الطبيب لتنظيف الأذن والتأكد من صحة السمع وعدم ضعفه. إلا أن تحدث المشكلة، ويبدأون بالمعاناة من صعوبات في السمع، قد يكون بعضها ناتجٌ عن أمراض داخل الأذن تتسبب في فقدان السمع وتراجعه.
فماذا الذي نعرفه عن هذه الأمراض، وما هي الحلول والعلاجات لها؟ والأهم، هل يمكن الوقاية من هذه الأمراض، وكيف؟ هذا ما يطلعنا عليه الدكتور هاشم جمال، استشاري جراحة الأذن والأنف والحنجرة، رئيس قسم الأذن والأنف والحنجرة في مستشفى هيلث بوينت.
أمراض الأذن وفقدان السمع
بحسب الدكتور جمال، يُعتبر فقدان السمع من المشكلات الصحية التي يصعب التعايش معها بالنسبة لأي إنسان في أي عمر من الأعمار؛ ومن الممكن أن يحدث فقدان السمع أو الصمم بشكل طبيعي مع التقدم بالعمر، كما بالإمكانأن يكون الصمم ملازمًا للطفل منذ ولادته.
للتعرف أكثر على أمراض الأذن والتهاباتها وتأثيرها على جودة السمع، أفادنا الدكتور جمال بالتالي:
- يمكن لأمراض الأذن التسبب بعدوى للآخرين أو حتى لنفس الشخص، كانتقال المرض من أذن لأخرى؛ وذلك عندما تتواجد إفرازاتٌ مصاحبة لالتهاب الأذن، والتي من الممكن أن تحمل في تركيبها البكتيريا المُسبَبة للالتهاب، وبالتالي تتسبب بانتقال المرض.
- هنالك العديد من الأمراض التي قد تُسبَب فقدان السمع، وترتبط في بعض الحالات بالدوار أو طنين الأذن. وفي حال كان ضعف السمع ناتجًا عن حالة حسية عصبية مرتبطة بالترددات العالية، فقد يعاني المريض من صعوبة في تمييز الكلام ومشاكل في وضوحه.
- تؤثر تشوهات الأذن على السمع، لاسيما عند وجود شذوذ كبير يؤثر على حجم الأذن نفسها، أو يُسبَب اضطرابات في زوايا السمع.
- يمكن لفقدان السمع أن يكون مؤقتًا؛كما هي الحال في تراكم شمع الأذن في القناة السمعية، أو تجمَع السوائل في الأذن الوسطى بعد الإصابة بالزكام، أو بسبب رحلة طويلة على متن طائرة، أو نتيجة إصابة في الأذن. كما قد يحدث فقدان السمع المؤقتبسبب أمراض الأذن الوسطى أو بعض المتلازمات مثل داء مينيير.
علاجات مشاكل السمع المعتمدة
يؤكد استشاري جراحة الأذن والأنف والحنجرة من "هيلث بوينت"، وجود العديد من علاجات مشاكل السمع وضعفه وحتى فقدانه بشكل تام في بعض الحالات.
"تأتي الحلول العلاجية لمشاكل السمع بأشكال مختلفة. ويعتمد كل علاج على سبب فقدان السمع، حيث يمكن إدارة الحالات العصبية المُسبَبة لفقدان السمع بالأدوات التقليدية المُساعدة على السمع. وعند الإصابة بضعف السمع الشديد وعجز هذه الأدوات المساعدة عن تقديم الفائدة المرجوة، فقد نلجأ لخيار غرس القوقعة الصناعية، لاسيما عندما يكون ضعف السمع في كلا الأذنين" يقول الدكتور جمال.
ويضيف: "يمكن إدارة فقدان السمع الناجم عن الأذن الوسطى أو فقدان السمع التوصيلي عبر الخيار الجراحي، أو الأدوات المُساعدة، أو أداة عظمية للمساعدة على السمع والتي تتطلب إجراءً جراحيًا؛ ليكون الجزء المزروع في عظام الجمجمة خلف الأذن، ملائمًا للمريض.
ماذا بشأن ضعف التوازن بسبب مشاكل السمع؟
يؤكد الدكتور جمال أنه ليس بالضرورة أن تؤثر مشاكل السمع على توازن الجسم؛ إلا أن هناك بعض الأمراض مثل داء مينيير والتهاب الأذن الداخلية الحاد، التي قد تؤثر على السمع وتُسبَب الدوار. لكن فقدان السمع بحد ذاته لا يؤثر على التوازن.
علاجات الحالات الشديدة لضعف السمع
يُعتبر المرضى من الأطفال أو البالغين الذين يعانون من ضعف السمع الحسي العصبي الشديد إلى المزمن، والذين لا يستجيبون للأدوات المُساعدة على السمع التقليدية؛ مؤهلون لإجراء عملية زراعة قوقعة الأذن. وكحال جميع العمليات الجراحية، قد تظهر مضاعفاتٌ معينة عند إجراء زراعة قوقعة الأذن، مثل الالتهاب أو النزيف أو عدم الاستجابة للقوقعة المزروعة. إلا أننا نقوم دائمًا بإجراء فحوصات ودراسات مُكثفة على المريض قبل العملية للتحقق من أهليته لعملية الزراعة. كما يكون المرضى مؤهلون للحصول على أجهزة المساعدة على السمع، عندما تكون المشكلة في أحد أذنيهم، والقدرة على السمع طبيعيةً في الأذن الأخرى، يقول الدكتور جمال.
مشيراً إلى أن مرضى زراعة قوقعة الأذن، بحاجة إلى إعادة تأهيل على المدى الطويل عن طريق علاج النطق والمراقبة بواسطة البرمجة السمعية.
فيما يخص فقدان السمع الوراثي، ليس هناك أي علاج فعال لهذه المشكلة، يشرح الدكتور جمال؛ إلا أن هناك العديد من الدراسات الواعدة على ابتكارات قد يتم استخدامها مستقبلًا لعلاج مثل هذه المشاكل؛ أبرزها العلاج الجيني وباستخدام الخلايا الجذعية.
نصائح للوقاية من ضعف السمع
بعض الأمراض لا يمكن تجنب حدوثها، خاصةً إذا ما كان لها سببٌ وراثي؛ لكن تعزيز صحة السمع وحمايته من الضعف والفقدان على المدى الطويل، أمرٌ في متناول الجميع ويجب الالتزام به بحسب ما نصحنا الدكتور جمال.
وأشار إلى عدة نصائح يمكن اتباعها في هذه الحالة، منها ممارسة الرياضة التي تُعتبر مفيدةً لصحة الجسم عمومًا وصحة السمع بشكل خاص. كما أن تجنب الأصوات العالية وإجراء الفحوصات الدورية واختبارات السمع، قد تكشف عن مشكلة خفية مبكرًا، ليكون علاجها أكثر كفاءة.
لذلك لابد دوما من استشارة الطبيب حول أي مشكلة تطرأ على الأذن، حتى وإن اعتقدنا أنها بسيطة؛ فالوقاية خيرٌ من العلاج في الكثير من الحالات، يختم الدكتور جمال.
ونحن بدورنا، نشجعك عزيزتي القارئة على وجوب إيلاء صحة السمع لديك ولدى أفراد أسرتك وأحبتك، العناية القصوى؛ وجعل الزيارة الدورية لطبيب الأذن مسألةً هامة كما هي الحال مع فحوصات العينين والأسنان وغيرها. فالسمع نعمةٌ لن ندرك أهميتها، إلا عندما تبدأ بالتلاشي شيئًا فشيئًا..