تسهم في تعزيز السلام الداخلي وجودة الحياة.. اليوم العالمي لليوغا
للعام التاسع على التوالي، يتم الإحتفال باليوم الدولي لليوغا في 21 يونيو؛ وهو اليوم الذي قدمت الهند مشروع قرار لتعيين يوم عالمي لليوغا بشخص رئيس وزرائها ناريندرا مودي، ولقي مشروع القرار تأييد 175 دولة من الدول الأعضاء. وتحدث مودي عن اليوغا في كلمته خلال افتتاح الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة، قائلًا: "اليوغا هديةٌ لا تُقدَر بثمن، من تقاليدنا القديمة وتُجسد وحدة الجسد والعقل، والفكر والعمل... ونهجٌ شامل مهم لصحتنا ورفاهنا. فاليوغا ليست تمرينًا وحسب، وإنما وسيلةٌ لاكتشاف شعور الوحدة مع النفس ومع العالم ومع الطبيعة."
ومنذ ذلك اليوم، بات لليوغا يومها العالمي الذي يحتفل به كافة الأشخاص والمؤسسات المعنية بممارسة رياضة اليوغا، أو تحب هذا النوع من الرياضات.
وبحسب ما جاء على موقع "الأمم المتحدة" الإلكتروني، يشير القرار إلى أهمية اعتماد الأفراد، اختيارات صحية واتباعهم أنماط معيشية تُعزَز الصحة الجيدة. وتحث منظمة الصحة العالمية الدول الأعضاء، على مساعدة مواطنيها في العمل على الحد من الخمول البدني، الذي يُعتبر أحد الأسباب العشر للوفاة حول العالم؛ كما أنه عاملٌ خطير في الأمراض غير المُعدية، مثل أمراض القلب والسرطان والسكري.
إلا أن اليوغا ليست نشاطًا بدنيًا فحسب. فرئيس الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة سام كوتيسا أكد — في كلمته التي ألقاها قبل التصويت على القرار — على هذه النقطة، قائلًا: "لقرون عدة، يستمر الناس في ممارسة اليوغا لما يدركونه من تجسيدها الفريد لاتحاد العقل والجسد. فاليوغا تجمع الفكر والعمل معًا، جمعًا متناغمًا."
من جهته، أشار الأمين العام للأمم المتحدة — في كلمته بمناسبة الاحتفال الأول باليوم العالمي لليوغا— إلى الفوائد العالمية لليوغا قائلًا: "اليوغا رياضةٌ يمكن لها الإسهام في التنمية والسلام. كما أنه يمكن لهذه الرياضة أن تساعد الناس في حالات الطوارئ، لتُهدَئ من الضغوط التي يواجهونها."
وكما قال الراحل "بي كا أس أينجار" — أحد أشهر ممارسي اليوغا — : "اليوغا تُنمَي طرق الحفاظ على نمط متوازن في الحياة اليومية، وتُضفي مهارةً على أداء الفرد."
واحتفالًا بهذا اليوم المميز، الذي يحمل الكثير من الفائدة الصحية والنفسية نقدم لك عزيزتي بعضًا من أبرز الفوائد التي يجنيها كل فرد منا من ممارسة اليوغا؛ وذلك بناءً على تقرير منشور على موقع NCCIH وهو موقع المركز الوطني للصحة التكميليلة والتكاملية في الولايات المتحدة الأمريكية.
اليوغا من أجل الصحة والرفاهية
أُجري القدر الضئيل من الأبحاث التي بحثت في فوائد اليوغا من أجل الرفاهية العامة ، مثل تحسين النوم وتقليل التوتر، ولم تكن النتائج مُتسقةً تمامًا. ومع ذلك ، تشير بعض نتائج الأبحاث الأولية، إلى أن اليوغا قد يكون لها عدة أنواع مختلفة من الفوائد للصحة العامة.
ماذا يظهر البحث؟
- ادارة الاجهاد: تشير بعض الأبحاث إلى أن ممارسة اليوغا، يمكن أن تؤدي إلى تحسين الجوانب الجسدية أو النفسية للتوتر.
- تحقيق التوازن: خلصت دراسات عدة نظرت في تأثير اليوغا على التوازن لدى الأشخاص الأصحاء، دليلًا على التحسن وتحقيق التوازن.
- الصحة النفسية الإيجابية: وجدت بعض الدراسات التي بحثت في تأثيرات اليوغا على الجوانب الإيجابية للصحة العقلية ، وليس كلها؛ دليلاً على فوائدها ، مثل تحسين المرونة أو الصحة العقلية العامة.
- العادات الصحية: أظهرت دراسةٌ استقصائية أُجريت على الشباب ، أن ممارسة اليوغا بانتظام ارتبطت بالعادات الغذائية والنشاط البدني الأفضل؛ مثل تناول المزيد من حصص الفواكه والخضروات، تناول وجبات أقل من المُشروبات المحلاة بالسكر، والمزيد من ساعات النشاط المعتدل إلى القوي. لكن لم يكن واضحًا من هذه الدراسة، ما إذا كانت اليوغا تُحفَز الناس على ممارسة عادات صحية أفضل، أو ما إذا كان الأشخاص الذين لديهم عاداتٌ صحية، هم أكثر ميلًا لممارسة اليوغا. ومع ذلك، وفي دراسة أخرى حيث تم تعيين أشخاص غير نشطين سابقًا بشكل عشوائي للمشاركة أو عدم المشاركة في 10 أسابيع من دروس اليوغا ؛ زاد أولئك الذين شاركوا في اليوغا من إجمالي نشاطهم البدني.
- الاقلاع عن التدخين: تمَ تقييم البرامج التي تتضمن اليوغا، لمعرفة ما إذا كانت تساعد الأشخاص في الإقلاع عن التدخين. وفي معظم الدراسات من هذا النوع ، قلَلت اليوغا من الرغبة الشديدة في التدخين وعدد السجائر التي يتم تدخينها. وتشير النتائج إلى أن اليوغا قد تكون إضافةً مفيدة لبرامج الإقلاع عن التدخين.
- التحكم في الوزن: في دراسات اليوغا على الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السُمنة، ارتبطت ممارسة اليوغا بانخفاض مؤشر كتلة الجسم. وأظهرت مقارنةً مدعومة من NCCIH بين البرامج المختلفة القائمة على اليوغا للتحكم في الوزن، أن البرامج الأكثر فائدةً كانت تحتوي على جلسات يوغا أطول وأكثر تكرارًا، ومدةً أطول للبرنامج الكلي، ومُكونًا غذائيًا قائمًا على اليوغا ، ومكونًا داخليًا (مثل عطلة نهاية أسبوع كاملة لبدء البرنامج) ، وإدراج عدد أكبر من عناصر اليوغا، إضافة إلى الممارسة المنزلية لهذا الرياضة.
فوائد اليوغا لصحة الأطفال
توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)، باستخدام اليوغا؛ كعلاج آمن وفعال للأطفال والمراهقين الذين يتعاملون مع الظروف الصحية العاطفية والعقلية والجسدية والسلوكية. ويمكن أن تساعد اليوغا الأطفال على تعلم مهارات عدة مثل التنظيم الذاتي، التركيز على المهمة التي يقومون بها ، والتعامل مع المشكلات بسلام.
قد تساعد اليوغا أيضًا على تحسين التوازن وتخفيف التوتر وزيادة القوة عند ممارستها بانتظام. لكن ونظرًا لأن بعض وضعيات اليوجا قد تكون أصعب من غيرها ، فإن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تحذر من أنه حتى الأطفال المرنين والذين يتمتعون بلياقة جيدة، يجب أن يبدأوا بممارسة هذه الرياضة بشكل تدريجي وببطء.
ماذا يظهر البحث العلمي حول فائدة اليوغا للصغار؟
في إحدى الدراسات التي أُجريت عام 2019 ، أظهر أطفال رياض الأطفال البالغون من العمر 5 سنوات، ممن يمارسون اليوغا مرتين في الأسبوع في المدرسة بدلًا من التربية البدنية القياسية؛ قدرًا أقل من قلة الانتباه وفرط النشاط، وأكملوا مهمة مُوكلة إليهم أسرع من باقي الأطفال في ذات السن، الذين يمارسون الرياضة أو لا يمارسون التمارين الرياضية.
كبار السن واليوغا
لا شيء يوقفنا عن التمتع بالصحة الجيدة، ولا حتى التقدم بالسن. هذا ما يجب أن يكون شعار الجميع، خاصةً أولئك المولعين بممارسة مختلف أنواع الرياضات والنشاطات البدنية؛ لتقوية أجسامهم وحمايتها من أمراض الشيخوخة .
لهذا ينصح الخبراء، كبار السن، بوجوب إدخال رياضة اليوغا ضمن قائمة نشاطانهم الجسدية. وقد ازداد أعداد المتابعين لهذه الرياضة بين كبار السن الأمريكيين في الآونة الأخيرة؛ وتُظهر بيانات المسح الوطني أن 6.7٪ من البالغين الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا وأكثر، مارسوا اليوغا في عام 2017 ، مقارنة بـ 3.3٪ في عام 2012 ، و 2.0٪ في عام 2007 ، و 1.3٪ في عام 2002.
وكما غيرها من الرياضات، يُنصح كبار السن الذين يمارسون اليوغا، بوضع السلامة أولًا. إنها لفكرةٌ جيدة أن يبدأ والداك بفصل يوغا مناسب - مثل حصة اليوغا اللطيفة أو يوغا كبار السن - للحصول على مشورة فردية وتعلَم الطريقة الصحيحة لهذا التمرين؛ وتُعتبر "يوغا الكرسي" خيارًا ألطف حتى لكبار السن الذين يعانون من محدودية الحركة. ومن المهم أيضًا لكبار السن، الذين يعانون من مشاكل طبية، التحدث إلى كل من مقدمي الرعاية الصحية ومعلم اليوغا قبل البدء بممارستها.
ماذا يظهر البحث العلمي حول فائدة اليوغا لكبار السن؟
قارنت دراسة أُجريت عام 2015 بتمويل من NCCIH، بين 14 من ممارسي اليوغا ذوي الخبرة و 14 مشاركًا نشطًا بدنيًا من نفس الفئة العمرية. في المجموعة الضابطة، كانت كمية المادة الرمادية أقل لدى المشاركين الأكبر سنًا من الأصغر سنًا. وفي فئة ممارسة اليوغا ، لم تكن هناك علاقة بين المادة الرمادية والعمر. فيما زاد بين ممارسي اليوغا ، حجم مناطق معينة من الدماغ مع عدد سنوات الخبرة في اليوغا والمقدار الأسبوعي لممارستها.
اليوغا والأمراض
تجدر الإشارة إلى أن اليوغا فعالةٌ في التخلص أو التقليل من العديد من الأمراض، مثل آلام الظهر والرقبة، الصداع، التهاب المفاصل، الفيبرومياليجيا (أو الألم العضلي الليفي، وهو من الأمراض المؤلمة التي تصيب النساء بشكل أكبر، ويتمثل بألم العضلات المترافق مع التعب ومشكلات في النوم والمزاجية والذاكرة) والتوتر الشديد. كما أنها مفيدةٌ لمن يعانون من ارتفاع ضغط الدم والمشاكل القلبية.
وفيما يخص أصحاب الأمراض المزمنة مثل السرطان والسكري والتصلب المتعدد والربو وغيرها من الأمراض؛ تُعد اليوغا أحد أفضل الوسائل للتخفيف من حدة وأعراض هذه الأمراض، وتسهيل التعايش معها بنسبة كبيرة.
دليلك لممارسة اليوغا
في كل ما تقدم، نعود وننصح بوجوب استشارة الطبيب المختص وأخصائي تدريب اليوغا؛ لتبيان القدر والوضعيات المناسبة من اليوغا لكل حالة صحية.
وإن كنت عزيزتي تنوين البدء بممارسة اليوغا وإدخالها ضمن نشاطك البدني، لا بد من الإشارة لوجود أنماط عديدة لليوغا، مثل "أشتانغا" و"إينغار" و"سيفانادا"، وبعضها أكثر شدةً من الآخر. كما قد يُركز بعض هذه الأنماط على أمر معين، مثل الوضعية أو التنفس. لذا ينبغي عليك التحدث إلى مدرب اليوغا أولًا، لمعرفة ما تحبين ممارسته من هذه الرياضة وما تحتاجين إليه.
والجيد أن العديد من مُدرَبي اليوغا، يقومون بتطوير مُمارستهم الخاصة لهذه الرياضة؛ من خلال دراسة أكثر من نمط واحد. لا يوجد بالضرورة نمطٌ أفضل أو أكثر موثوقيةً من نمط آخر، إلا أن المُهم هنا هو اختيار التمرين المُلائم لمستوى لياقة المرء وتحت إشراف مدرب خاص.