الجراحات طفيفة التوغل.. هل تساعد في تحديد سير سرطان البنكرياس
أخطر الأورام وأكثرها شراسةً.. هو التعبير الذي يُطلق على سرطان البنكرياس، الذي نادرًا ما يُكتَشَف في مراحله المبكرة عندما يكون أكثر قابليةً للشفاء. والسبب في ذلك لأنه في كثير من الأحيان، لا يُسبَب الأعراض إلا بعد انتشاره إلى أعضاء أخرى.
وغالبًا ما يتم تحديد خيارات علاج سرطان الْبنكرياس على أساس حجم انتشاره؛ والتي قد تشمل الجراحة، والعلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، أو مزيجًا منها جميعها. لكن يبدو أن إجراءًا بسيطًا؛ قد يساعد في تحديد سير سرطان البنكرياس وربما علاجه، بحسب دراسة أجرتها "مايو كلينك" نتعرف على تفاصيلها في الآتي..
جراحة طفيفة تحدد سير سرطان البنكرياس
هو ما توصلت إليه دراسةٌ، نُشرت في مجلة الكلية الأمريكية للجراحين؛ وأفادتبأن إجراء جراحة بسيطة للمرضى الذين شُخصت إصابتهم حديثًا بمرض سرطان البنكرياس، قد يساعد في تحديد مدى انتشار السرطان مبكرًا ومعرفة مرحلته. لكن الباحثون يُفضَلون إجراء هذه الجراحة قبل أن يبدأ المريض العلاج الكيميائي.
ويقول مارك تورتي، دكتور في الطب، اختصاصي جراحة الأورام في مركز "مايو كلينك" الشامل لعلاج السرطان، ورائد هذا البحث: "هذه دراسةٌ مهمة، لأنها تدعم أسلوب تحديد مرحلة المرض باستخدام التنظير البطني للمساعدة في تحديد سير المرض ومعرفة العلاج المناسب حتى يتفادى المرضى العلاج الجراحي غير الفعّال أو الذي يحتمل أن يكون ضارًا." وأضاف: "إن نسبة النجاة من سرطان البنكرياس ضئيلةٌ للغاية مقارنةً بأنواع السرطان الأخرى، كما أنه ينتشر بسرعة. لذلك فإن الحصول على هذه المعلومات في حالة انتشار السرطان، سيفيد المرضى ويساعد الأطباء على تحديد العلاج الصحيح للمريض في أسرع وقت ممكن".
ما هو العلاج الجراحي طفيف التوغل
يُسمى أيضًا التنظير البطني المرحلي؛ حيث يُدخل الجراح مصدرًا ضوئيًا وكاميرا (منظار بطني) إلى داخل البطن عبر شقوق رفيعة وصغيرة، ليرى ما إذا كان السرطان قد انتشر داخل التجويف البطني. وقد يدمج الطبيب مع هذا الإجراء الغسيل البريتوني، حيث يُدخل سائل إلى داخل التجويف البطني، ثم يُخرجه ويفحصه تحت الميكروسكوب بحثًا عن خلايا سرطانية.
وخلال دراسة استمرت خمس سنوات، قام فريق الدراسة بتقييم بيانات أكثر من 1000 مريض؛ وأظهر البحث أن مريضًا واحدًا من كل 5 مرضى ممن خضعوا للتنظير البطني المرحلي لسرطان البنكرياس، كان مصابًا بسرطان منتشر في الكبد أو بطانة البطن (الصفاق).
عوامل تحدد المرضى الأكثر عرضة لسرطان البنكرياس
بالإضافة إلى ذلك، اكتشف الباحثون مجموعةً متنوعة من العوامل التي تُحدَد المرضى الأكثر عرضةً لانتشار السرطان. وشملت هذه العوامل، عمر المريض وموضع الورم والواسمات الورمية (CA 19-9) في الدم. ويقول الباحثون أنه كلما زادت عوامل الخطر الموجودة، زادت مخاطر انتشار السرطان.
وبحسبهالبيرا جودموندسدوتير، دكتور في الطب، طبيبة جراحة عامة مقيمة، وباحثة في مركز روبرت د. وباتريشيا إي. كيرن لتقديم الرعاية الطبية في مايو كلينك: "نوصي، بناءً على هذه النتائج، أن يُجرى التنظير البطني المرحلي قبل بدء العلاج الكيميائي لأغلبية المرضى المُصابين بسرطان البنكرياس والمُرشحين للخضوع للجراحة. يمكن أن تساعد نتائج التنظير البطني المرحلي في تحديد الخيار الأمثل لكل مريض، مثل الاستئصال الجراحي أو العلاج الكيميائي."
دواء للقلب.. هل يعالج سرطان البنكرياس؟
يُعدَ سرطان البنكرياس مرضًا نادراً؛ إذ يُصيب نحو 3% فقط من البشر. لكن معدّل الإصابة به ارتفع 3 مرات خلال العشرين سنة الماضية؛ ووفق التقديرات الأخيرة، فإن سرطان البنكرياس سوف يحتل المرتبة الثانية للوفيات في أوروبا حتى العام 2040.وتُفيد بيانات طبية بأن سرطان البنكرياس يحتل المرتبة 12 من بين أنواع السرطان الأكثر شيوعًا على مستوى العالم، وقد سُجّل أكثر من 495 ألف إصابة جديدة عام 2020 حول العالم.
وفي فرنسا، يُصاب نحو 16 ألف فرنسي سنويًا بسرطان البنكرياس؛ أغلبهم من الأفراد الذين تجاوزا سنّ الخمسين، وتمّ تشخيص الإصابة لديهم في مراحل متقدّمة من المرض بعد خروج السرطان من البنكرياس وانتشاره لأعضاء الجسم الأخرى، وحينهايصبح هذا النوع النادر من السرطانات مميتًا.
إلا أن دراسةً جديدةقد تُغَير من هذا الواقع، وهي تتحدث عن دواء للقلب قد يساعد في علاج سرطان البنكرياس.
تفاصيل الدراسة
نُشرت الدراسة في مايو الماضي فيiScience، وأفادت بأن استخدام دواء يُستعمل حاليًا لعلاج أمراض القلب؛ يمكن أن يعطي نتائج واعدة في مجال معالجة سرطان البنكرياس.
ووفقًا لنتائج الدراسة، فإن دواءperhexilineالمُستخدم بشكل أساسي في أستراليا ونيوزيلاندا لعلاج الذبحة الصدرية الناجمة عن أمراض القلب التاجية؛ وفي حال دمجه مع العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس، يمكن أن يساعد في علاج هذا المرض بحسب ما نقل موقع صحيفة "النهار" اللبنانية عن موقع Topsante.
أحماض الميتوكوندريا وعلاقتها بسرطان البنكرياس
في العام 2020، خلص باحثون إلى أن تحييد جزيئات ATP التي تنتجها الميتوكوندريا؛تزيد من فاعلية العلاج الكيميائي تجاه خلايا سرطان البنكرياس. في حين كان الهدف من هذه الدراسة الحديثة، منع إنتاج الميتوكوندريا للأحماض الدهنية، باستخدام دواءperhexiline. فقد تبيَن للباحثين أن خلايا سرطان البنكرياس لديها حساسية خاصة تجاه هذا الدواء.
وخلال التجارب قبل السريرية، نجح المزج بين دواءperhexilineوالعلاج الكيميائي في القضاء على سرطان البنكرياس عند الفئران. وتُظهر فرضية الجمع بين هذين العلاجين، أنه يؤدي إلى الإجهاد التأكسديّ الذي من شأنه أن يقضي على الخلايا السرطانية. ومع ذلك، يحتاج الباحثون لإجراء المزيد من الأبحاث لفهم هذه العملية وتأكيد ما توصلوا إليه.
عادات خاطئة تزيد من خطر إصابتك بسرطان البنكرياس
لا شك في أن منع الإصابة بالمرض، مسألةٌ ليست باليد تمامًا؛ لكن تفادي بعض العادات الحياتية الخاطئة، التي تزيد من خطر إصابتنا بهذه الأمراض، يساهم بشكل كبير وفعال في حمايتنا ومن نحب.
وللأسف، يُعدَ سرطان البنكرياس من أكثر أنواع السرطان فتكًا؛ لأنه في كثير من الأحيان لا توجد علامات إنذار مبكر، ولا يتم تشخيصه حتى مرحلة لاحقة. ويأتي التدخين في طليعة الأسباب وراء الإصابة بهذا النوع من السرطان، بنسبة تتراوح بين 20-30% من حالات سرطان البنكرياس.
إضافة إلى عادات أخرى خاطئة تقوم بها النساء عادةً، ويمكن أن تجعلها أكثر عرضةً لمرض سرطان البنكرياس. وهذه العادات كما وردها موقع Times of India تتلخص في التالي:
-
السُمنة
أحد عوامل الخطر لزيادة الإصابة بسرطان البنكرياس عند النساء، هي السُمنة؛ بنسبة تصل إلى 20%. وتؤكد أبحاث ودراسات عدة، أن النساء اللاتي يُعانيَن من زيادة الوزن المفرطة؛ هنَ أكثر عرضةً للإصابة بسرطان البنكرياس.
-
السكري
النساء المصابات بمرض السكري، يأتيَنَ في مقدمة الأفرادالأكثر عرضةً للإصابة بسرطان البنكرياس.
-
شرب الكحول
الاستهلاك المفرط للكحول، قد يتسبب أيضًا في زيادة خطر الإصابة بسرطان البنكرياس. فالأشخاص الذين يستهلكون الكحول أكثر عرضةً للإصابة بهذا المرض، مقارنةًبالأشخاص الذين لا يشربون الكحول.
-
اللحوم المُصنَعة
أظهرت دراساتٌ عدة أُجريت حول العلاقة بين اللحوم المُصنَعة وسرطان البنكرياس؛ أناستهلاكهذا النوع اللحوم ولوقت طويل، يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس.
خلاصة القول، فإن سرطان البنكرياس بالمرصاد لكل من يهمل صحته ويتَبع عادات حياتية وغذائية خاطئة؛ كما هي الحال مع غيره من الأمراض. لذا نصيحة الخبراء لك، ونصيحتنا لك أيضًا: اتبَعي نظامًا صحيًا فيما يخص الأكل والنشاط البدني، حاربي السُمنة وتخلصي منها، وبادري لإجراء الفحوصات الطبية دوريًا حتى وإن لم تكون تعانين من أية مشاكل أو أعراض. فهذه الفحوصات تساعد في الكشف المبكر عن علامات سرطان البنكرياس وأمراض خطيرة أخرى يمكن التعافي منها في حال البدء بالعلاج في مرحلة مبكرة.