الهوس بالكمال على رأسها .. أمور تحول دون تحقيق احترام الذات
ليست أنانية أبداً أن يحب المرء نفسه أكثر، لأن حب الذات يعد أمراً طبيعياً، وهو أساس تقدير كل شخص لنفسه واحترامه لها، لذلك يجب عليكِ عزيزتي معرفة كيفية احترام الذات، وكيفية الارتقاء بها، وتجنب الأمور التي تحول دون ذلك، لتكوني المرأة التي يقدرها الجميع، المجتمع وأفراده وأقرب الأقربين إليكِ، واعلمي أن حبك لذات هو الحب الذي لا يغيب، وهو الحب الذي يعيش للأبد، لأنه يجعلك تحترمين ذاتك أولاً وقبل أي شيء، ولذلك تعتزين به بقدر ما يعود عليكِ من نفع كبير سواء مع علاقتك بنفسك أو علاقتك بالآخرين.
ولأهمية هذا الموضوع تقدم لكِ هي نصائح لتعزيز احترام الذات مع ذكر الأمور التي تحول دون تحقيق ذلك بافادة من الدكتورة ميرنا شوبح أخصائية في علم النفس العيادي والتحليل النفسي في مركز ثرايف للصحة النفسية.
والآن وبشكل أعمق ماذا يقصد باحترام الذات؟
احترام الذات هو مسألة توازن، هو أن يحب المرء نفسه بشكل كافٍ وبوضوح دون نرجسية مفرطة. إنه شعور بأنكِ تستحقين الاحترام من الآخر، والدفاع عن نفسِك ضد عدم الاحترام عند مواجهته.
كما أن امتلاك تقدير جيد لذاتك يعني أيضا الشعور بالرضا عن نفسك، والنظر إلى نفسك بشكل إيجابي دون سرد القصص الخيالية، أو التعالي على الآخرين إنها معرفة كيفية تسليط الضوء على شخصكِ كما أنتِ والرضا عن ما أنتِ عليه الآن دون مقارنة نفسكِ بالآخرين، ودون التقليل من قيمة أو سحق وازدراء الأخرين.
تقدير الذات
يعني تقدير الذات التصرف بثقة صحيحة، وعدم الخوف من تحويل إمكاناتكِ ومهاراتكِ إلى فعل، ويقصد به أيضاً إبراز الذات بطريقة جيدة واستغلال القدرات التي يرغب المرء في استعمالها والثقة بها.
وبالتالي فإن احترام الذات يجعلك قادرة على المبادرة بالفعل وتنفيذ ما ترينه مناسباً لكِ، وغير ذلك يحول دون القدرة على اتخاذ قرارات سليمة وسعيدة في نفس الوقت.
كيف يظهر تدنّي احترام الذات؟
يَميل الكثير من الناس إلى التقليلِ من قيمةِ أنفسِهم، ويعتقدون أنهم ليسوا جيدين بما يكفي مقارنة بالمثل الأعلى الذي غالباً ما يظل غامضاً بالنسبة لهم، ولذلك يكون تقديرهم لذاتهم منخفض ويعتمد بشكل كبير على نظرة الآخر لهم، وعلى حكمه عليهم، ولذلك عليكِ غاليتي بالانتباه جيداً لكل ما يؤدي إلى تدني الذات، واعلمي أن وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي هي فخ قوي لأنها تجعل الجميع يعتقدون أنها مراجع مطلقة وموثوق فيها، وهذا يقود إلى تدني احترام الذات.
كما أن احترام الذات الهش يؤدي إلى الحفاظ على الذات الزائفة، والاختباء وراء الأقنعة ولعب الأدوار، فمثلاً في العلاقات الرومانسية، يسود اعتقاد بأنه لا قيمة للشخص إلا من خلال ما يقدمه الطرف الآخر، وهو ما يعرف بالتبعية العاطفية التي هي أحد مظاهر عدم احترام الذات.
ما يُغذي احترام الذات
احترام الذات ليس شيئا متجانساً أو ثابتاً يمكن للراشد تقييم نفسه بشكل إيجابي، وتقليل قيمة نفسه في جوانب أخرى، ولكنه يتحقق من خلال الشعور بالرضا مع الذات، ووجود تفاعلات اجتماعية صحية والنظر إلى الحياة بوضوح وقبول، وكذلك مع جميع المخاطر والتجارب التي يمُر بها الفرد. وبذلك يتضح أن الحاجة إلى الرضا عن الذات، والشعور بالفعالية والكفاءة لما هو عليه المرء أو ما فعله هو أحد مكونات احترام الذات، وبمعنى آخر أن يكون الفرد موضع تقدير في العمل والأنشطة والهوايات والعلاقات وما إلى ذلك.
وكل هذه الأمور لا يمكن الحصول عليها مرة واحدة فقط، وهذا هو السبب في أن الحفاظ على هذه العوامل المختلفة يساعد في الحفاظ على قاعدة داخلية جيدة وصلبة بما يكفي لمواجهة الواقع وصعوباته، والتغلب على خيبات الأمل والخيانات والخسائر والفشل وأي من الأحداث الصعبة التي ممن الممكن أن تتعرضين لها خلال مسيرة حياتك.
نصائح هامة لتعزيز احترام الذات
- حاوِلي غاليتي سماع أصواتَ الطفولة التي كانت لطيفة معكِ في الصغر، وإذا لم تتمكني من ذلك، حاولي تحقيق احترام الذات من خلال إحاطة نفسِك بأشخاص محترمين ويَقظين يشاركونك نفس القِيم.
- أنظري إلى النِعَم الخفية التي لديك، والتي غالبا ما تترك دون استغلالها، وتذكري أنها أجزاء حية من الذات، وأن كل شخص له قيمة حقيقية في ذاته عليه التعرف عليها وتقويتها
- يبقى القيام بما هو عزيز علينا أولوية قدر الإمكان دون الوقوع في الشعور بالذنب، فما يهم أن يكون لديكِ رؤية واضحة للذات وأجزاء من الذات التي يقدرها المرء مع التسليم بأنه لا يمكن تحقيق الكمال، وأنه لا يمكن أن يؤدي التغيير إلا إلى قبول الذات مع التساهل والتعاطف.
- العمل محرك قوي لاحترام الذات، فعليكِ بالحفاظ عليه، والاهتمام به جيداً، كما عليكِ بتعزيز ثقتك بنفسك لأنها تمنحك الشعور بالقدرة على الالتزام بالعهود وحفظ الوعود، والجرأة، والانطلاق والنجاح من دون الاستسلام.
- إن الرفاه العاطفي والاستقرار يعزز احترام الذات ويوفر هذا الشعور الداخلي بالتماسك مع الذات.
وبحسب دكتورة ميرنا وإضافة إلى ما سبق، عليكِ إدراك حقيقة أنه لا شيء يمكن أن يتغير دون ترسيخ الواقع ومواجهته، كما أنه يمكننا دائما اللجوء إلى الخيال وإخبار أنفسِنا أنه سيكون من الممكن لاحقاً، هذه الآلية الدفاعية واستراتيجية التجنب هي أحد العوامل التي تساهم في الحفاظ على الصورة السيئة للذات من خلال العمل حيث بناء الثقة، كما يجب مواجهة المخاوف، وملاحظة الحد الأدنى من الإنجازات.
وأخيراً، اعلمي غاليتي أن طريق بناء احترام الذات طريقاً طويلاً وصعباً ومليئاً بالمزالق والعثرات، وأنه لا يوجد شيئاً مستحيلاً، وأن المسألة لا تتعلق بالنجاح بأي ثمن، ولكن قبول النظر إلى كل خطوة على أنها انتصار وعدم التباهي يحقق لكِ العديد من المكاسب، ولذلك يجب أن يكون لديكِ رؤية أوسع بكثير لنفسكِ من خلال التركيز على ما يمضي به قُدُما. وإذا كان هذا الطريق شاقاً للغاية، فلا تترددي أبداً في اللجوء إلى اختصاصي نفسي يُرافقك في رحلتك مع احترام وتقدير الذات.
والآن .. يُسعدنا أن تشاركينا الرأي .. برأيك ما هي الأمور التي لها أن تحول دون احترام المرأة لذاتها، وكيف يمكنها التخلص منها؟