وفق رؤية 2030 .. "قمة العلا العالمية للأثار" المملكة تلفت أنظار العالم بمجهوداتها في الآثار والتراث الثقافي
لفتت المملكة العربية السعودية أنظار العالم أجمع من خلال جهودها الحثيثة في مجال الآثار والتراث الثقافي، وذلك إنطلاقا من إيمانها بأهمية التراث بوصفه كنزاً حضارياً وإرثاً إنسانياً ومعرفياً، خاصة وأنها تعد موطنًا للتراث الغني والتنوع الثقافي ووجهة للعديد من المواقع التراثية العالمية والتي تمثل حضارات عريقة لا مثيل لها، ومن أبرز هذه الوجهات "محافظة العلا" لما تزخر به من ثراء ثقافي وإرث إنساني وأصول ثقافية صاغتها حضارات متعاقبة منذ أكثر من 200 ألف عام، وفي إطار هذه المجهودات وتأكيداً على مكانة المملكة كوجهةً مرموقة لاحتضان أهم الأحداث والمؤتمرات والاستضافات العالمية، استقبل قصر المربع التاريخي في الرياض حضور عالمي كثيف، في إطار استضافة المملكة للمرة الأولى لأعمال الدورة الموسعة الـ 45 للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، بصفتها الرئيس الحالي للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، وبالتزامن مع هذا الحدث انطلقت "قمة العلا العالمية للآثار" في دورتها الأولى التي تنظمها الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وذلك تحقيقًا لمستهدفات رؤية العلا المتماشية مع رؤية السعودية 2030.
انطلاق "قمة العلا العالمية للآثار" بالتزامن مع استضافة المملكة للجنة "اليونسكو"
تعكس استضافة المملكة لأعمال الدورة الموسعة الـ 45 للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، بصفتها الرئيس الحالي للجنة، مدى التزامها بالحفاظ على الثقافة والتراث للأجيال القادمة، كما توضح للعالم أجمع حجم الجهود الحثيثة بتحقيق رؤية المملكة 2030 من خلال تعزيز التنوع الثقافي والمحافظة عليه، والاستثمار في القطاعات الثقافية مع زيادة الإنفاق الوطني على القطاعات لتعزيز مكانة المملكة على الصعيد العالمي، وهي الدورة التي تحظى بحضور نحو 3000 شخص من 21 دولة عضو في لجنة التراث العالمي من أصل 194 حول العالم صادقت على اتفاقية التراث العالمي. كما تعكس هذه الاستضافة مكانة الرياض ودورها الرائد في دعم الجهود الدولية المنصبة على حماية التراث العالمي والحفاظ عليه والتزامها حيال العمل على التنوع الثقافي لما يمثله من إرث للأجيال القادمة، وهو ما ينسجم بشكل كامل مع أهداف رؤية 2030 وأهداف المنظمة الدولية.
وبالتزامن مع هذه الاستضافة انطلقت "قمة العلا العالمية للآثار" في دورتها الأولى التي تنظمها الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في قاعة مرايا، والتي تجمع أبرز روّاد علم الآثار والتراث الثقافي حول العالم، بحضور أكثر من 300 مشارك من المسؤولين الحكوميين ورؤساء المنظمات والجمعيات المعنية بالآثار والتراث الثقافي، وعشرات العلماء والمتخصصين في المجال من المملكة ومختلف دول العالم، وذلك تحقيقًا لمستهدفات رؤية العلا المتماشية مع رؤية السعودية 2030
.
قمة العلا العالمية للآثار: أهداف ومحاور
تهدف "قمة العلا العالمية للآثار" لأن تصبح منصة عالمية أولى في قطاع التراث الثقافي وعلوم الآثار، تجسيدًا لما تزخر به محافظة العلا من ثراء ثقافي وإرث إنساني وأصول ثقافية صاغتها حضارات متعاقبة منذ أكثر من 200 ألف عام، وكانت مقصدًا لرحلات الرحالة والمستكشفين، ولا تزال حتى اليوم أحد أهم مواقع الاستكشافات التاريخية نظير ما تختزنه من آثار .
وتسعى الهيئة الملكية لمحافظة العلا من خلال "قمة العلا العالمية للآثار" بأن تكون العلا محطة مهمة للباحثين والخبراء في مجال الآثار والتراث الثقافي والإنساني، وأيقونةٌ في عالم الدراسات الأثرية والتاريخية التي يعود جميعها لآلاف السنين، والعمل للحفاظ على الإرث التراثي الإنساني المشترك لتقديمه للأجيال القادمة.
وتتضمن القمة عددًا من الجلسات الحوارية والمعرفية، والتي ستركز على مجال تطوير علم الآثار، ومناقشة التحديات للتوصل إلى رؤى مشتركة، بمشاركة عدد من الخبراء وفتح آفاق التعاون والشراكات وخلق مساحة للحوار في مجالات علم الآثار والتراث الثقافي، فيما تركز "قمة العلا العالمية للآثار" على أربعة محاور، هي "الهوية، ومشهد الآثار، والمرونة، وإمكانية الوصول"، حيث تركز الجلسات على تطوير علم الآثار، بما يسهم في زيادة الاكتشافات الأثرية وتفعيلها عالميا.
وتناقش القمة من خلال 30 جلسة عمل متنوعة، بناء الهوية في العصر الحالي وتعظيم الاكتشافات الأثرية، وحفظ وتوثيق القطع الأثرية، وآليات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتحدياته، وكيف يمكن تعزيز النمو الاقتصادي ونقل المهارات في قطاع الآثار، إضافة إلى حفظ الآثار المرتبطة بقيم المجتمع، ودور وسائل الإعلام في دعم التراث الثقافي وعلم الآثار، وسيشارك أكثر من 300 خبير ومهتم في مجال قطاع الآثار والتراث، من ضمنهم 80 متحدثا يشاركون ضمن جلسات وحوارات القمة، إلى جانب المعنين بالقطاع من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام.
مجهودات الهيئة لتمكين الشباب والشابات ليرسموا مستقبل المجال بالمملكة
يُذكر بأن الهيئة الملكية لمحافظة العلا تعمل على تطوير شراكاتها لتحقيق منافع للعلا وسكانها وزوارها، ومجتمع علم الآثار في السعودية ككل، وتسعى من خلال مبادراتها واتفاقياتها المتنوعة لتمكين الشباب والشابات ليرسموا مستقبل المجال بالمملكة.
ومن أحدث هذه الاتفاقيات التي تمت على هامش قمة العلا العالمية للآثار، إبرام الهيئة لاتفاقية تعاون مع جمعية الآثار السعودية، لتعزيز البحث والمشاركة المجتمعية، وتحقيق التحول الرقمي في مجال الآثار والتراث الثقافي، حيث وقع الاتفاقية الدكتور "عبدالرحمن السحيباني" المدير التنفيذي لقسم الآثار والحفظ والمقتنيات في الهيئة، و"حصة بنت مروان السديري" الرئيسة التنفيذية للجمعية، وتتضمن الاتفاقية تقديم التدريب لطلاب الآثار السعوديين، وتبادل الدعم في مجال الأبحاث، وتشجيع المشاركة المجتمعية للسكان والزوار، ومع هذه الاتفاقية تُعد الهيئة الشريك الرسمي الأول للجمعية، الواقعة تحت إشراف وزارة الثقافة السعودية، كما ترسخ مكانة العلا الريادية في مجال علم الآثار والتراث الثقافي ويتيح تعاونها مع الجمعية تمكين الشباب والشابات ليرسموا مستقبل المجال بالمملكة.
وكانت الهيئة الملكية لمحافظة العلا قد وقعت اتفاقية تعاون مع مركز الحفظ والترميم الإيطالي "لا فيناريا ريالي"، خلال شهر يوليو 2023 بهدف تعزيز الخبرات في مجال ترميم وحفظ التراث الثقافي، وفقًا لما نصت عليه رؤية العلا المتماشية مع رؤية المملكة 2030، ويهدف البرنامج إلى زيادة الوعي بقيمة الإرث الثقافي، وتمكين جيل من أبناء وبنات المملكة في العلا حول آخر التقنيات في حفظ التراث ومجالي الحفظ والترميم، وتتضمن اتفاقية التعاون برنامجًا لتبادل المعارف والخبرات في تخصصات وعلوم حفظ التراث، يتضمن مشاركة فريق مكون من 12 من المتخصصين السعوديين في ورش العمل التي من المقرر إقامتها في مدينة فيناريا الإيطالية وكذلك محافظة العلا، وتهدف الدورات إلى تزويد المشاركين في تخصصات الكيمياء والبيولوجيا والحفاظ على الآثار من مختلف أنحاء المملكة، بمجموعة من الرؤى والأفكار حول أهم المسائل المتعلقة بإدارة عمليات الحفظ من جوانب تقنية وعلمية وتاريخية، بما في ذلك التدريب على بعض الجوانب العملية مثل التخطيط للمواقع الأثرية وإدارتها والحفاظ عليها.