من هو أول ملكي إنجليزي يطلق عليه صاحب الجلالة؟
الملك هنري الثامن Henry VIII، هو بدون شك، واحد من أكثر ملوك بريطانيا إثارة للجدل، لأسباب عديدة، وربما يكون أكثرها شهرة هو زيجاته المتعددة والتي انتهى معظمها بنهايات مأساوية أو مثيرة للجدل، ولذلك فإن غالبية الأعمال الفنية التي تناولت حياة هنري الثامن، كانت تركز بشكل خاص على حياته الشخصية المثيرة للجدل إلا أن حياة هنري الثامن والذي حكم إنجلترا لأكثر من ثلاثين عام (حكم الملك هنري الثامن إنجلترا خلال الفترة من 1491-1547 لمدة 36 عام)، تتضمن جوانب عديدة أخرى، وحقائق أخرى لا تقل إثارة للدهشة والاهتمام عن قصص زيجاته المثيرة للجدل.
وفي ما يلي مجموعة من أكثر الحقائق المثيرة للاهتمام عن حياة هنري الثامن، والتي يعرفها الكثيرون:
-
كان هنري الثامن في شبابه أحد أقوى المؤيدين للكنيسة الكاثوليكية قبل تمرده عليها لاحقا
عندما كان هنري الثامن لا يزال شابا، كان أحد أكثر الداعمين والمؤيدين والمخلصين للكنيسة الكاثوليكية، وكان يحرص على إظهار ذلك في كل مناسبة، حتى أنه قام في عام 1521، بنشر كتاب طويل ينتقد فيه المصلح البروتستانتي الألماني مارتن لوثر Martin Luther، ووصف لوثر في كتابه بأنه "ثعبانا ساما، وطاعونا خبيثا، وذئبا جهنميا، وروحا معدية، وعازف بوق بغيض للادعاءات والافتراءات والانقسام"، وتقديرا لإخلاص وإيمان هنري الثامن القوي بالكنيسية الكاثولوكية، منحه البابا ليو العاشر Pope Leo X لقب "المدافع عن الإيمان"، ولكن بعد مرور عقد من الزمان، قاد هنري الثامن انقساما خاصا به، مثل الذي حذر منه في كتابه، حيث حيث قام بفصل كنيسة إنجلترا عن الكنيسة الكاثوليكية، بعد أن رفض البابا كليمنت السابع Pope Clement VII إلغاء زواج هنري الذي دام 16 عام من كاثرين أراغون Catherine of Aragon.
2. استمرت معاملة هنري القاسية لزوجته الأولى حتى بعد وفاتها
حتى بعد أن منحت كنيسة إنجلترا المشكلة حديثا على يد هنري الثامن، بمنحه الطلاق الذي كان يسعى إليه من زوجته الأولى كاثرين من أراغون، ظلت كاثرين أراغون مخلصة لزوجها السابق (وإن كان جزء كبير من ذلك كان بهدف تأمين مصالح ابنتهما، ماري الأولى Queen Marry I)، وفي رسالتها الأخيرة إلى هنري الثامن، والذي كان بحلول ذلك الوقت قد تزوج من زوجته الثانية، آن بولين Anne Boleyn، كتبت له وهي على فراش الموت تقول: "أخيرا، أقسم أن عيني ترغبان بك قبل كل شيء. وداعا".
بعد إعلان أنباء وفاة كاثرين أراغون في يناير 1536، ظهر هنري وملكته الجديدة آن بولين علنيا بملابس صفراء زاهية، وعلى الرغم من أن بعض المؤرخين يجادلون بأن اللون الأصفر ربما كان لونا للحداد في البلاط الملكي الإسباني والذي تنتمي إليه كاثرين بحكم الميلاد، ولكن بدا وكأن الزوجين الملكيين قد اختارا الظهور بملابس بألوان زاهية للتعبير ضمنيا عن بهجتهما بوفاة كاثرين، والتي كان غالبية البريطانيين وقتها يعتبرونها الزوجة الشرعية الوحيدة لهنري الثامن، وملكتهم الحقيقية، على العكس من آن بولين.
3. هنري الثامن كتب أغنية شعبية محبوبة
بعد وقت قصير من تتويجه ملكا لبريطانيا، كتب هنري الثامن كلمات وموسيقى لأغنية "Pastime with Good Company"والتي اشتهرت على نطاق واسع في البلاط الملكي البريطاني، قبل أن تصبح مشهورة في جميع أنحاء إنجلترا وخارجها، هنري تحدث فيه هذه الأغنية عن حياة البلاط، بما تحمله من بهجة وسعادة، وقام لاحقا بكتابة العديد من الأغنيات الأخرى، ولكن ليس الأغنية الشعبية الإنجليزية "Greensleeves"، والتي تردد كثيرا أن هنري الثامن قام بكتابتها في حين أن الأغنية ذات أصول إيطالية، وجاءت كلماتها في شكل شعري إيطالي لم يصل إلى إنجلترا إلا بعد وفاة هنري الثامن.
4. كان هنري الثامن أول ملك إنجليزي يطلق عليه لقب "صاحب الجلالة".
قبل هنري الثامن، كان الملوك الإنجليز يخاطبون بلقب "صاحب المعالي" أو "صاحب السمو"، ولكن عندما أصبح الإمبراطور الروماني المقدس تشارلز الخامس Holy Roman Emperor Charles V يلقب بـ "صاحب الجلالة" في عام 1519، تبنى هنري الثامن هذا اللقب لنفسه أيضا.
5. تعرض هنري الثامن للسخرية بين أفراد شعبه بعد أن أصدر عملة نحاسية رخيصة
أثناء حملة هنري الثامن على الطائفة الكاثوليكية في إنجلترا، والتي أطلق عليها حملة الإصلاح الإنجليزي، جمعت مملكة هنري ثروة طائلة وممتلكات عديدة من خلال مصادرة الأديرة الكاثوليكية، ومع ذلك، نفدت أموال هنري في السنوات الأخيرة من حكمه، واضطر إلى خفض نسبة الفضة في العملات البريطانية، لدرجة أنها أصبحت تصنع بالكامل تقريبا من النحاس مع وجود طلاء فضي خفيف، ولذلك فإنه يتآكل بمرور الوقت، ولأن العملات المعدنية البريطانية كانت تحمل وقتها صور الملك هنري الثامن، أصبح هنري الثامن والعملات المعدنية الرخيصة التي تحمل صورته، هدفا للنكات والسخرية بين عموم الشعب وقتها.
6. هنري الثامن عانى من السمنة فقط خلال السنوات الأخيرة من حياته
في حين أن هنري الثامن، يصور في الكثير من الأعمال الفنية على أنه كان ثقيل الوزن، ويعاني من السمنة، إلا أنه لم يعاني من السمنة سوى في السنوات الأخيرة من حياته، بل واشتهر في شبابه بوسامته، ووصف بأنه من بين أكثر الحكام وسامة في عصره، وكان أيضا طويل القامة، ويزيد طوله عن 6 أقدام، ولكنه عانى من زيادة وزن ملحوظة، خاصة في منطقة البطن، بعد تعرضه لحادث مبارزة عام 1536، جعله أقل قدرة على ممارسة الرياضة، ووفقا للمؤرخين فإن وزن هنري الثامن قد وصل بحلول عام 1540 تقريبا، إلى أكثر من 300 رطل.
7. أمر هنري الثامن بتنفيذ ما لا يقل عن 72 ألف عملية إعدام خلال عهده
قد يظن البعض أن ابنة هنري الثامن الكبرى، وهي الملكة ماري الأولى، أكثر ملوك عائلة تيودور الملكية (والتي ينتمي إليها هنري الثامن وأبنائه)، هي الأكثر دموية بين ملوك عائلة تيودور بسبب لقب "ماري الدموية"، والذي أطلق على ماري الأولى والتي كانت كاثوليكية متعصبة، في إشارة إلى إعدامها لأكثر من ثلاثمائة من البروتستانت، خلال فترة حكمها التي دامت خمس سنوات، لكن الحقيقة، أن هنري الثامن كان أكثر حكام تيودور دموية على الإطلاق، حيث أمر بتنفيذ عشرات الآلاف من عمليات الإعدام خلال فترة اضطرابات حقبة الإصلاح الإنجليزي، ومن بين ضحايا هنري الأكثر شهرة كبير مستشاريه السابق سير توماس مور Sir Thomas More، بالإضافة إلى اثنتين من زوجات هنري الست، آن بولين وكاثرين هوارد Catherine Howard.
8. القبر الذي أعده هنري الثامن ليكون مرقده الأخير أصبح قبر شخصية بريطانية شهيرة
قبل سنوات من وفاته، وضع هنري الثامن خططا لبناء قبر ضخم لنفسه ولزوجته جين سيمور Jane Seymour، وهي زوجته الثالثة والمفضلة لديه من بين زوجاته، ووالدة وريثه الذكر الوحيد الذي بقي على قيد الحياة بعد مولده، هنري صادر تابوتا من الرخام الأسود (كان مخصصا في الأصل لرجل الكنيسة القوي الكاردينال وولسي Cardinal Wolsey) لاستخدامه كتابوت له في مقبرة ملكية خاصة، بدأ في بنائها في السنوات الأخيرة من حياته، وكان يخطط لأن ينقل إليها جثمان زوجته الراحلة جين سيمور (والتي توفيت بعد أيام قليلة من إنجابها لوريث عرشه)، ليدفن بجواره بعد وفاته، ولكن خلال السنوات المضطربة التي أعقبت وفاته عام 1547، لم تكتمل المقربة التي خطط لها، وبدلا من ذلك، ترك جثماني، هنري وجين ليرقدا بسلام في ما كان من المفترض أن يكون مقبرة مؤقتة لهما، في سرداب في قلعة وندسور، وبعد قرنين ونصف القرن، أصبح التابوت الحجري الذي صممه هنري، وكان يرغب في أن يكون مرقده الأخير، جزء من نصب تذكاري وطني مزخرف، عندما أصبح المثوى الأخير لهوراتيو نيلسون Horatio Nelson، بطل البحرية البريطانية الشهير في الحروب النابليونية.
