خاص "هي"- مهرجان البحر الأحمر 2023: شماريخ .. أكشن كوميدي بنكهة أميركية
ضمن برنامج "روائع عربية" شهدت الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي العرض الأول للفيلم المصري "شماريخ" للمخرج والسينارست عمرو سلامة وبطولة نخبة من النجوم وسط حضور جماهيري كبير بقاعة الريتز كارليتون ليكون العرض بمثابة اختبار أولى للفيلم المنتظر طرحه في شباك التذاكر المصري الأربعاء المقبل.
"شماريخ" فيلم يجمع بين الأكشن والكوميديا والرومانسية في الوقت نفسه، يؤكد من خلاله المخرج عمرو سلامة قدرته على تقديم أنواع مغايرة من المحتوى السينمائي، فلو قورن بأخر أفلامه "برة المنهج" والذي عرض للمرة الأولى أيضا في مهرجان البحر الأحمر قبل عامين، لا يمكن رصد أي نقاط تشابه بين الشريطين، في إشارة لرغبة سلامة المستمرة في التجريب والتجديد ما يجعل قائمة أفلامه بل ومسلسلاته تتميز بالتنوع الدائم.
حرب عصابات تستخدم الألعاب النارية
الفيلم وهو من انتاج "سي سينما" وتصل مدته إلى 100 دقيقة ربما ينطلق من قصة ليست جديدة حيث "المافيا" متعددة الشبكات والأطراف، لكن الجديد هو العالم الذي اختاره سلامة متمثلا في مصانع الألعاب النارية التي يتخذها الأب "سليم العاهل" غطاء لأعماله غير الشرعية ما ساعد المخرج على تقديم مشاهد حركة وتفجير عديدة دون الحاجة لتبرير درامي كونه العالم الذي يعيش فيه الأبطال، وإن لم يغب المذاق الأمريكي عن الأحداث فمثلا لم تتدخل الشرطة ولا مرة واحدة في فض النزاعات المستمرة بين رجال نفس العصابة، فالبطل رءوف أو "بارود" ابن غير شرعي لسليم العاهل الذي يقرر الاعتراف به ما يثير غضب الأبن الشرعي "فارس" ( نفس مثلث الأب والابن الحرام والابن الشرعي في الملك لير) ويكون مقابل الإعتراف إجباره على قتل الفتاة التي أحبها وهو في مهمة قتل والدها المحامي، ويتدخل فارس لإبطال الوصية ومنع الاعتراف بشقيقه الأكبر فتتعقد الأحداث ويطارد الجميع الجميع عبر مشاهد حركة مستمرة تتولد خلالها قصة الحب بين "أمينة" و"رؤوف" دون أن تخلو من لمحات كوميدية تنجح في إثارة إعجاب الجمهور.
السرد يبدأ من المشهد قبل الأخير
يغازل إذن عمرو سلامة شباك التذاكر هذه المرة بعد سلسلة أفلام مالت للموضوعات الأكثر جدية مثل "شيخ جاكسون" و"برة المنهج" و"لا مؤاخذة"، واعتمد على وفرة انتاجية قدمت له ما يحتاج في مشاهد التفجير سواء من خلال الجرافيك أو تفجيرات حقيقية لم يشعر الجمهور بأنها نفذت باستسهال، بجانب أسلوب سرد جذاب لجمهور هذه النوعية من الأفلام، يبدأ الفيلم من المشهد قبل الأخير ثم يتم ربط الخطوط تدريجيا لنعرف متى بدأت أزمة البطل ومن دعمه ومن تخلى عنه وكيف تغيرت شخصية البطلة بعدما عرفت أن الإحساس وحده لا يكفي لاكتشاف الحقائق.
يعد اختيار الممثلين أحد أبرز عناصر قوة الفيلم وهو ما يظهر في ضيوف الشرف والأدوار الثانية، بداية من طه دسوقي ومحمد كلبظ حيث قدم كل منهما مشهد كوميدي مصنوع بعناية وأثار انتباه الجمهور، على العكس الستاند أب كوميدي محمد حلمي قدمه الفيلم في شخصية "زلط" أحد رجال العصابة دون الرهان على قدراته الكوميدية ما أكد اهتمام المخرج بامكانات كل ممثل دون تحميل الحوار ضحكات ليست في محلها، وأكدت الطفلة "لافيينا نادر" تمتعها بكاريزما كبيرة وضاعفت من خلال "شماريخ" الحضور الذي حققته في مسلسل "صوت صورة" مع حنان مطاوع والذي انتهت حلقات قبل أيام .
أفضل وداع للممثل الراحل مصطفى درويش
الممثل الراحل "مصطفي درويش" والذي تم اهداء الفيلم إلى روحه بعدما توفى فجأة مطلع مايو الماضي، قدم "دور وداع مميز" من خلال شخصية "شهاب" الذي تجمعه بالبطل "رءوف" علاقة متناقضة بين الصداقة والإضطرار لتنفيذ الأوامر، وجاءه أداءه مقنعا للغاية ما يؤكد الخسارة الكبيرة التي سببها رحيله المبكر، فيما ظهر سامي مغاوري في شخصية المحامي الفاسد الذي لا تعرف ابنته عنه شخصيا وجاء "مقتله أو انتحاره" بمثابة بداية تصاعد الأحداث، وقدم الممثل السوداني محمود السراج أداءه المميز كالعادة في شخصية "مهدي حارس المحجر"، بينما قدم خالد الصاوي شخصية "سليم العاهل" أحد زعماء عصابة الفساد والذي يحاول فرض كتالوجه على الجميع لكن الغدر جاء من أقرب المقربين، ولأول مرة تقدم هدى المفتي دورا يعتمد بشكل أكبر على الأداء التمثيلي وليست ملامحها الجميلة من خلال شخصية زوجة رءوف التي يتكرر معها ما حدث لوالدته، علما بأن المفتي قدمت دورا جيدا أيضا مع عمرو سلامة في مسلسله "بيمبو"، واضاف محمد ثروت من خلال 4 مشاهد لمحات كوميدية للفيلم حيث الجار الذي تلجأ له أمينة لاخفاء السر الأهم لكن الألعاب النارية تطاله هو وأسرته.
آسر ياسين وأمينة خليل ..ثنائي سينمائي متناغم
يتبق الثلاثي الرئيسي في "شماريخ"، بداية من فارس الذي جسده آدم الشرقاوي مؤكدا تطوره المستمر كممثل لا يعتمد فقط على لكنته الأمريكية التي كانت سببا في شهرته من خلال مسلسل "لعبة نيوتن"، فيما ميز التناغم شخصيتي "رءوف" و"أمينة"، آسر ياسين وأمينة خليل وقدما ثنائي يتمتع بجاذبية واضحة على الشاشة، أمينة خليل تعد حاليا من الممثلات الأكثر طلبا على شاشة السينما المصرية والفيلم هو الثاني لها هذا العام بعد فيلم "وش في وش" وسط تنوع واضح في الأدوار، أما آسر ياسين فيعيد التأكيد على إجادته لأدوار الحركة مع التمتع بخفة ظل نابعة من المواقف ومن التناقض في رسم الشخصيات بينه كقاتل محترف يعاني من عدم اعتراف الأب، وبين البطلة التي تضعها الحقيقة أمام مرآة ترى من خلالها قبح العالم لكنها تتمسك بالرجل الذي أنقذها من الموت خصوصا عندما تكتشف أنه لم يقتل أباها ويقرران الوصول للنهاية الرومانسية التي من المتوقع أن تعجب جمهور السينما كما نالت إعجاب جمهور المهرجان.