خاص "هي" - بطلة الإمارات في التجديف الاولمبي ريم الحساني: علمتني الرياضة دروساً ثمينة في حياتي
لم تكن المرأة يوماً دخيلة على شتى أنواع الرياضات، فقد عرفتها وزاولتها منذ القدم، وفي عالمنا العربي المعاصر، لمعت أسماءٌ عدّة في عالم الرياضة، وتألقت المرأة العربية في أصعبها وخاضت طرق مختلفة فيها الكثير من التحدّي والمثابرة والعزيمة لتمثّل المنطقة العربية في المحافل العالمية والدولية خير تمثيل، وتسابق الرجال في حصد الميداليات تلو الأخرى. ومن أسماء البطلات العربيات، اسمٌ تألّق في عالم الرياضة البحرية، ليكتسح المشهد العربي الرياضي بجدارة. إنها البطلة الإماراتية مبتكرة رياضة التجديف الجبلي وأول إماراتية مصنعة للقوارب ومؤسسة نادٍ متخصص في الرياضات البحرية، ريم الحساني.
في حوارها مع "هي"، تخبرنا ريم الحساني عن مسيرتها الملهمة والمزيد من خططها وطموحها في هذه الرياضة:
حدثينا عن رحلتك إلى عالم الرياضة، والقيم التي اكتسبتها في مشوارك الرياضي.
لعبة التجديف بالنسبة لي هي عشقي الأول، فمن صغري كنت أعشق الرياضة وأحلم أن أمارسها. الحلم تطور وبدأت التعمق في رياضة التجديف وممارستها. البداية الحقيقية كانت في العام 2017، عشقت اللعبة وكرّست وقتي كله لرياضة التجديف، ولم أكن أتوقع أنني بعد ذلك بفترة قصيرة، سأصبح السيدة الأولى للعبة في الإمارات بامتياز وأحصد لقب بطلة الإمارات في التجديف الأولمبي وميداليات ملونة يتجاوز عددها الستين. لم أتوقف هنا، بل أخذت القرار بالعمل مساعدة مدرب تجديف في نادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت، وخلال هذه الفترة حظيت بدعم النادي ويعود الفضل إلى مدربي كابتن مهدي لتسخير موهبتي وتطويرها وتدريب الفتيات وجيل جديد من اللاعبات الإماراتيات ونشر الوعي بأهمية الرياضات البحرية، وبعدها قررت الاستقالة من النادي والتخصص في مجال صناعة القوارب لتطوير هذه الصناعة المهمة.
ما أكثر ما يثيرك في مغامرة الرياضة البحرية؟
هناك الكثير من الأشياء التي تثيرني في المغامرة البحرية. أولاً، أحب أن أكون على متن القارب. إنه شعور رائع أن تكون محاطاً بالمياه بعيداً عن البر. ثانياً، أحب الاستكشاف. أحب رؤية أماكن جديدة ولقاء أشخاص جدد. ثالثًاً، أحب التحدي، مواجهة الصعاب والتغلب عليها. بالإضافة إلى ذلك، تفتح لك الرياضة البحرية آفاق وزيارة ثقافات جديدة. كل بلد له ثقافته الفريدة. من خلال السفر إلى بلدان أخرى، يمكنك تجربة طعامها وموسيقاها وتاريخها وقيمها. كما أشعر بالإنجاز من خلال المغامرة البحرية. عندما تشق طريقك عبر البحار، دائماً أقول: إذا كنت تبحث عن مغامرة لا تُنسى، فإن المغامرة البحرية هي خيار رائع. إنها فعلاً تجربة مليئة بالإثارة والاستكتشاف والتحدي.
هل من قصص أو تجارب أو لقاءات أو حتى أفكار واجهتها أثناء رياضة التجديف وغيرت وجهة نظرك في الحياة؟
من التجارب التي أثرّت بي، هي تجربة التجديف في ظروف صعبة. لقد تدرّبت في جميع أنواع الظروف الجوية، بما في ذلك البرد القارس والحرارة الشديدة والرياح العاتية. لقد تعلمت من هذه التجارب أن التحمل والعزيمة هما من أهم الصفات التي يجب أن يمتلكها الإنسان.
تعلمت أيضاً أن التجديف هو رياضة جماعية، وأن النجاح يعتمد على العمل الجماعي. لقد تعلمت أن التعاون والاحترام هما من أهم القيم التي يجب أن نتبعها في حياتنا.
ومن الأفكار التي غيرت وجهة نظري في الحياة بسبب رياضة التجديف:
• النجاح يأتي من العمل الجاد والتضحية: لا يوجد نجاح بدون جهد. إذا أردنا تحقيق أحلامنا، يجب أن نكون مستعدين للتضحية بالوقت والجهد والراحة.
• الحياة قصيرة: يجب أن نعيش كل لحظة على أكمل وجه. يجب أن نستغل وقتنا الثمين لنفعل الأشياء التي نحبها، وأن نكون مع الأشخاص الذين نحبهم.
لذا أنا ممتنة جداً لرياضة التجديف لأنها منحتني هذه الدروس الثمينة في الحياة.
كيف خططت لمشروعك في تصنيع القوارب الأولمبية وابتكار نادي رياضي عائم، وما الصعوبات التي واجهتك في بداياتك؟
البداية هي تأسيس شركة "أم أر للرياضات والاستثمار الرياضي" في أبو ظبي، وأنا مؤمنة بأن المشاريع تحظى بفرصة نجاح أكبر حين تدار منفردة، حيث لا يحدث تضارباً في المصالح والأفكار والتوجهات، لذلك أنا فضلت أن أؤسس شركة فردية تحت إدارتي، وتسير وفق خططي التي رسمتها لها؛ تماشياً مع رؤية قيادتنا الرشيدة.
واجهت صعوبة بداية في تأمين التمويل اللازم لابتكار أول نادٍ بحري عائم، ولكن حظيت بفرصة الحصول من خلال صندوق خليفة والموانئ البحرية على تخصيص مسطح مائي لها، وحصلت علي رقم عضوية. أنا أؤمن أن في نهاية كل طريق صعب دائماً هناك فرج. صعوبة التمويل لم تمنعني من متابعة حلمي، واتجهت إلى صناعة القوارب، لأننا في الإمارات نشتري القوارب من خارج الدولة. اتخذت قراري وفقاً لمبادرة "صنع في الإمارات"، لتكون صناعة الرياضات البحرية نشطة في دولة الإمارات. الاستراتيجية والهدف الكبير أن أدير النادي بطريقة جديدة ومبتكرة، حيث أن نادي ريم الحساني هو أول نادي بحري عائم صديق للبيئة يعمل بالطاقة المتجددة والمستدامة.
العمل الجاد والالتزام هو الذي جعلني أتغلب على كافة الصعوبات التي وضعت في طريقي. لقد قضيت سنوات في تعلمّ كل ما يمكنني معرفته عن صناعة القوارب الأولمبية. وعملت بجد لإثبات نفسي وإثبات أنني قادرة على القيام بالعمل بنفس جودة الرجل وتصنيع قوارب تجديف حديثة بمواصفات عالمية وأجهزة حديثة. والفضل في هذا يرجع لمعلمي المبتكر محمد الختال صاحب مصنع الختال لصناعة القوارب.
ما شعورك كسيدّة أعمال إمارتية وعربية، وكونك أول رائدة أعمال في مجال الرياضات البحرية؟
بالطبع أنا فخورة للغاية لكوني أول سيدة أعمال إماراتية في مجال الرياضات البحرية. أشعر أنني أمثل بلدي وثقافتي في هذا المجال، وأريد أن أكون مصدر إلهام للمرأة العربية الطموحة.
أعتقد أن هناك فرصاً كبيرة للمرأة في مجال الرياضات البحرية. إنها صناعة سريعة النمو، وهناك طلب متزايد على المواهب النسائية. أريد أن أساعد في تغيير الصورة النمطية للمرأة في هذا المجال من خلال شركتي "أم أر للرياضات" وأن أظهر للآخرين أن المرأة يمكن أن تكون ناجحة في أي مجال تختاره.
من أين ولدت فكرة بطولة التجديف الجبلي؟ ما خططك التالية لدعم الرياضة النسائية في الإمارات؟
ولدت فكرة بطولة التجديف الجبلي إيماناً مني بأن استدامة التطور الرياضي والسياحي من أهم أهداف السنوات المقبلة، لتعزيز مكانة الإمارات كأفضل هوية سياحية حول العالم، وترسيخ مكانتها كوجهة سياحية رائدة، مبنية على التنوع السياحي من خلال الاستفادة من المميزات والخصائص الفريدة لإمارات الدولة السبع، ومنها الجبال ذات الطبيعة الخلابة فكانت اختيارها للترويج للسياحة الجبلية من خلال ممارسة رياضة التجديف.
وضمن جهودنا كوننا أبناء هذا الوطن المعطاء ابتكرت فكرة "التجديف الجبلي" لإبراز معالم السياحة في الإمارات والتي تدعم النمو الاقتصادي للسياحة المستدامة في الدولة كون التجديف يعد من الرياضات التراثية في الدولة وعلى إطار العمل المشترك بين مختلف شرائح الرياضيين، والتي تهدف إلى:
- تحقيق أهداف التنمية المجتمعية والمستدامة من خلال الرياضة.
- تحقيق التنمية السياحية المستدامة.
- بناء مجتمع رياضي مستدام.
- إبراز معالم السياحة الجبلية في دولة الإمارات.
- تعزيز روح المنافسة وخلق روح التحدي.
ويمكن تلخيص رؤيتنا في هذا المجال، بالتالي:
- ترسيخ استدامة التطور الرياضي من خلال رياضة التجديف الجبلي وفقاً لرؤية قيادتنا الرشيدة.
- إعداد أجيال متمكنة من الشباب لتمثيل الدولة بأفضل صورة في بطولة التجديف الجبلي المحلية، تمهيداً لإقامة البطولات الإقليمية والعالمية.
- رفع شعار التعاون مع الاتحادات الخارجية، على مستوى الخليج والشرق الأوسط وكذلك الاتحادات الدولية، لتبادل الخبرات من أجل نشر وتطوير رياضة التجديف الجبلي والترويج لها عالمياً.
وأود الإشارة إلى أن بطولة التجديف الجبلي حققت نجاحات مبهرة في نسختها الأولى بمشاركة 24 رياضياً ورياضية، في وادي نقب بإمارة رأس الخيمة. وكذلك النسخة الثانية من البطولة والتي كانت بطولة نسائية لدعم وتمكين رياضة المرأة الإماراتية، وحظت بنجاح كبير لما لها من دور إيجابي وفعال في الترويج لأهمية الرياضة والتحدي بين السيدات.
أما عن خططي القادمة بمجال الرياضة النسائية، أطلقت مؤخراً أول فريق مغامرات إماراتي للسيدات وأول فريق لكرة الطائرة الشاطئية للسيدات، ونعمل حالياً على إعدادهم وتدريبهم لخوض البطولات والمسابقات المحلية والعالمية.
برأيك، ما السمات المطلوبة لتكوني رائدة أعمال ناجحة؟
لكي تكوني رائدة أعمال ناجحة، يجب أن تتمتعي بمجموعة من الصفات والمهارات، منها:
القيادة: يجب أن تكوني قادرة على قيادة فريقك وتحفيزهم لتحقيق الأهداف.
الرؤية: يجب أن تكوني قادرة على رؤية الفرص وابتكار حلول جديدة للمشاكل.
المخاطرة: يجب أن تكوني مستعدة لاتخاذ المخاطر وتحمل الفشل.
المثابرة: يجب أن تكوني قادرة على الاستمرار في العمل حتى تحقيق النجاح.
القدرة على التكيف: يجب أن تكوني قادرة على التكيّف مع التغييرات في السوق والصناعة.
مهارات التواصل: يجب أن تكوني قادرة على التواصل بفعالية مع فريقك وعملائك.
بالإضافة إلى هذه الصفات والمهارات، يجب أن تكوني أيضاً قادرة على تحمل المسؤولية وتحمل الضغوط. فإدارة الأعمال يمكن أن تكون صعبة في بعض الأحيان، وقد تواجهين بعض التحديات. ولكن إذا كنت مستعدة لهذه التحديات، فيمكنك أن تكوني رائدة أعمال ناجحة.