حياة صحية لقلبكِ.. باتباع هذه الخطوات البسيطة
القلب تلك المُضغة، التي لو صلحت، صلح الجسم كله كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام.بدوره، تحدث كونفوشيوس عن أهمية القلب بقوله: " أينما ذهبت فاذهب بكل قلبك".
يُعدَ القلب العضو الأساسي في الجهاز الدوراني؛ حيث يقوم بضخ الدم إلى جميع أعضاء الجسم عن طريق الإنقباض بشكلٍ منتظم، لضخ الدم وتوزيعه في الجسم عبر الاوعية الدموية. ويتكون القلب من أربعة حجرات تعمل بتعاون فيما بينها:
- الحجرات التي تقع في الجهة اليمنى تحتوي على الدم الغير صافي والغير مؤكسج.
- الحجرات اليسرى تضم الدم النظيف والذي يحتوي على الأكسجين.
وكما غيره من أعضاء الجسم، فإن القلب عرضةٌ للكثير من المشاكل الصحية والأمراض التي يمكن أن تلمَ به وتجعله أضعف وأقل قدرةً على القيام بوظيفته الرئيسية والحيوية في جسم الإنسان. لذا فإن توفير "حياةٍ صحية" للقلب، لا بدَ أن ينعكس إيجابًا عليه ويجعله أقوى حتى مع التقدم بالسن والتعرض لأية ضغوطات.
والحياة الصحية للقلب، تحتاج للبدء من عمرٍ صغير ومن خلال بعض التغييرات الصغيرة التي يُحدثها كلٌ منا في حياته، والتي لها تأثير إيجابي كبير على صحة قلوبنا وجودتها. وهو ما ينصح به أحد خبراء "مايو كلينك"، مشيرًا إلى أن القيام ببعض التغييرات البسيطة في نمط حياتنا اليوم قد يُعزز صحة القلب بدرجةٍ كبيرة.
فما هي هذه التغييرات البسيطة كما يصفها الخبير، وما السبيل لإدخالها ضمن حياتنا اليومية، لتنعكس إيجابًا على صحة وقوة قلوبنا؟ تابعي القراءة معنا لمزيدٍ من التفاصيل..
تغييراتٌ حياتية بسيطة.. لقلبٍ أقوى
قد يكون الانتقال من اتباع نظامٍ غذائي غير صحي ونمط حياةٍ خامل (نمط حياة قليل الحركة)، إلى نمطٍ غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية، أمرًا شاقًا للبعض لكنه حتميٌ للكثيرين. هذا ما ينصح بهجوان كارديناس روسالز، طبيب باطني ومدير طبي لممارسة الطب الدولي في "مايو كلينك" في جاكسونفيل، فلوريدا، مشدَدًا على أن بعض الخطوات الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى حياةٍ صحية للقلب.
ويقول الدكتور كارديناس في هذا الصدد: "إن اتخاذ الخطوة الأولى قد يكون أمرًا صعبًا، سواء كنتِ تحاولين اتباع نظام غذائي مُغذٍ أو ممارسة المزيد من التمارين الرياضية أو كليهما." ويُرجع الخبير ذلك جزئيًا إلى أن الناس غالبًا ما يضعون توقعاتٍ عالية لأنفسهم، ويحاولون تحقيقها بشكلٍ فوري، ولا يتعاملون مع الأمر كعمليةٍ تتطلب إجراءاتٍ متتالية.
ويوضح الدكتور كارديناس هذه النقطة بالقول: "من الأفضل إجراء هذه التغييرات تدريجيًا والثبات عليها بدلًا من إجراء تغييرٍ مفاجئ يصعب الالتزام به. فعلى سبيل المثال، لا تبدأي بممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يوميًا خمس مرات في الأسبوع، ولكن ابدأي بمدة 10 دقائق كل ثلاثة أيام. أيضًا، اضبطي نظامكِ الغذائي، وقللس استهلاككِ اليومي للسكر قليلًا واستهلاككِ للدهون والملح وما إلى ذلك تدريجيًا. ابدأس بخطوات صغيرة ولكن استمر فيها."
تغييرات غذائية لحياةٍ صحية للقلب
يوصي الدكتور كارديناس باستبدال خيارات الطعام اليومية، بخياراتٍ صحية تدريجيًا في نظامكِ الغذائي؛ مثل الأسماك والدجاج والفواكه والخضروات والبقوليات والحبوب الكاملة.ويضيف: "إن شرب الماء مهمٌ أيضًا بما لا يقلَ عن لترين من الماء يوميًا، مع الابتعاد عن الأطعمة المُصنعة (الأطعمة المُعالَجة) التي تحتوي على نسبةٍ عالية جدًا من أنواعٍ معينة من الدهون الضارة مثل الدهون المتحولة."
ويتابع قائلًا: "أن إحدى أصعب الخطوات التي يتحتم القيام بها، هي تخطي الأطعمة المُفضلة التي تُعرف الآن أنها غير صحية، ولكنها كانت جزءًا من الوجبات العائلية على مدى أجيال عديدة."
ويُعلَق الدكتور كارديناس على هذه الأطعمة قائلًا: "في كثيرٍ من الأحيان، تمَ اتباع هذا النوع من النظام الغذائي لسنواتٍ عديدة في ثقافتنا وتقاليدنا، وهذا ما نتعلمه دائمًا من أقاربنا وجداتنا وآبائنا. ولكن في كثيرٍ من الأحيان، لا يعني هذا أنه مفيد لصحتنا. إذا علمنا أنه أمرٌ ضار لصحتنا، فيجب علينا دائمًا محاولة اختيار الخيار الصحي."
أهمية النوم للقلب الصحي
ليس بالغذاء والرياضة وحدها نُقوَي قلوبنا ونجعلها أكثر متانةً وصحة: من المهم أيضًا لصحة القلب محاولة الحصول على قسط كافٍ من النوم لمدة سبع ساعات على الأقل، يقول الدكتور كارديناس، ويضيف: "إن ذلك يُقلَل من خطر الإصابة بمرض القلب والأوعية الدموية والحالات الخطيرة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع الكوليسترول، والتي تُعدَ أيضًا عوامل خطرٍ للإصابة بمرض القلب".
ويوضح هذه المسألة بالقول: "من خلال النوم الجيد، نسمح لجسمنا بالتعافي والاستعداد لمواصلة نشاطنا في اليوم التالي. وقد ثبت أيضًا في كثيرٍ من الأحيان، أن عدم النوم جيدًا يمكن أن يؤدي إلى الإجهاد المزمن."
هناك تغييرٌ آخر كبير يُوصي الدكتور كارديناس بإجرائه فورًا؛ ألا وهو التوقف عن التدخين وتجنب التدخين السلبي والتعرض لدخان الآخرين.
ويقول: "في اللحظة التي يتوقف فيها الشخص عن التدخين، ينخفض خطر الإصابة بمرض القلب والأوعية الدموية. فقد أظهرت الأبحاث أنه بعد عامٍ واحد من الإقلاع عن التدخين، ينخفض خطر الإصابة بمرض القلب والأوعية الدموية إلى النصف مقارنةً بالمدخنين".
في الختام، ينصح الدكتور كارديناس بالتحدث مع فريق الرعاية الصحية قبل البدء بخطة ممارسة التمارين الرياضية، لضمان اتباع نهجٍ آمن. ويضيف: "من الممارسات الجيدة أيضًا وضع مواعيد للفحوصات السنوية حتى يتمكن فريق رعايتكِ الصحية من فحص مرض القلب وعوامل الخطر، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول."
وعليه، لا يسعنا سوى ضم صوتنا إلى خبير "مايو كلينك" ودعوة جميع القارئات، لإيلاء صحة قلوبهنَ العناية القصوى بغية الحفاظ على صحتها. ويبدأ ذلك من خلال بعض التغييرات الحياتية والغذائية البسيطة، لكنها في الجوهر عميقةٌ وبعيدة الأثر كونها تجعل قلوبنا أقوى وأكثر صحة على مدار السنوات وفي مواجهة مصاعب الحياة ومشقاتها.